اتصبو بنا

ملف المناسبة

الصفحة الرئيسية

 

 

معاول ودموع

عدنان عباس سلطان

 شبكة النبأ: الحرب هذا الكائن المدلهم يسير بلا قدمين حاملا متاعه من الظلمات والدخان ما يكفي لخنق الارواح البشرية وغير البشرية ويزرع الغام التقاتل والتناحر في كل بقاع الارض.

واعجب ما في الامر اننا نرحب بهذا الكائن الرهيب ونمهد له ونجند انفسنا كي نخدمه باخلاص وتفان عجيبين!!!.

وانه ورد في سفر الخروج في العهد القديم ذكر للاوبئة العشرة التي انزلها الرب بفرعون وقومه عقابا لهم على رفضهم للسماح لبني اسرائيل بمغادرة ارض مصر، وهذه الاوبئة هي الدم والضفادع والذباب والقمل والدمامل والبرد والجراد والظلمات وطاعون الماشية وذبح اول مولود.

واذا كانت هذه اول الاوبئة والبلايا تعكس ابشع مخاوف الانسان انذاك من غضب الآلهة بسبب المعاصي يرجع تاثيرها المدمر للكوكب الارضي باسره وهي بلايا جرى تصنيفها داخل مختبرات تكنولوجية الى ان انتجت نماذج من البلايا التي لا تقهر!!.

فاننا اذا نستجيب بطواعية منقطعة النظير الى استخدام تلك البلايا ونجند انفسنا وندخل في غمارها متنكرين لعقائدنا والمبادئ التي نؤمن بها والتي نجادل بها في نوادينا، وعلى حين غرة نكتشف اننا كنا مزيفون كاذبون متحفزون لكل فرصة سانحة لنسقط فيها وان كان مائها آسنا من كثرة الجيف.

واشتغلنا بلا اسف في لعبة التصنيفات .. هذا شرقي ..هذا غربي.. ابيض.. اسود.. مسيحي.. مسلم.. سني.. شيعي.. خدمة طيعة من لدنا لمنطق الرعب ذاته ونغذي احساسنا السادي.

لقد كنا نذهب الى الحرب من اجل الوطن لكننا اليوم نخترع الاعداء من اجل الحرب!!!.

قال الله سبحانه وتعالى:... تعالوا الى كلمة سواء... اي اتفقوا على المشتركات التي تجمعكم في اطار عام ودعوا خصوصياتكم مصانة لا يعتدي احدكم عليها، القرآن.. القبلة.. الحج.. رمضان.. الشهادة.. الزكاة.. الزواج.. الوطن.. الدم.. الانسانية..

الله الله ما هذا الكم الهائل من المشتركات انها لو نسجت كالغربيل لما سقط في زادكم عدو!!.

يقول الامام الشيرازي (قده):

لو ان الناس ادركوا معنى المحبة عند الله لادركوا ان المحبة هي الدين.

فدينكم محبة قصوى...  احب لأخيك ما تحبه لنفسك فليتامل كل ذي بصيرة في واحدة من بين ملايين الجمل النورانية الموغلة في الحب والمودة والتقارب والتواصل.

عملية تقسيم الوطن من المحتمل جدا ان تحصل وبنجاح كبير .. الشمال.. الجنوب .. اقليم سنة.. اقليم شيعة.. ضفة سنية.. ضفة شيعية.. وربما نحن فرحون!! ونعده منجزا.. ومن المحتمل ايضا ان يبكي آخرون.. لكنه بعد حين يغير الحب دارا..ثم تبدأ الانتقادات.. فريق يتهم الدول الغربية.. وفريق يتهم دول الجوار.. ومن يرى ان السياسيون ظالعين في مؤامرة مقيتة اودت بالجسد العراقي الى آلة التقطيع.. وهناك دائما شماعة جاهزة لمن اضل السبيل وخانته البصيرة ومن قاده حظه العاثر ومن ساء التصرف او تخلف طوعا عن القطار.

لكننا بالمقابل لا نتحدث عن اخطاؤنا واننا بانفسنا مهدنا لهذا التقسيم بعدم اتفاقنا على المشتركات ورضينا بهذا التشظي والتشتت، ومارسنا قتل بعضنا البعض حتى في اطار الطائفة الواحدة وكاننا نبحث عن اصغر تكوين للذرة وانقساماتها اللا متناهية. وربما سرى ذلك حتى في العائلة الواحدة بحيث افقدها التماسك والخذلان.

ويقول الامام الشيرازي (قده) في احدى محاضراته عن الجد والعمل:

ان تفويت الفرص والمشاركة في ضياعها انما هو فعل على تعضيدها ومشاركة بدرجة ما في تفعيل السيئ.

ويقول الامام علي بن ابي طالب عليه السلام، بما معناه الفرصة لمحة والفوت ندم.

دخلنا الغابة وكنا عرضة للتهديد الجديد او البلايا العشر الجديدة طالما اصبح العالم المعاصر متداخلا بقوة التقنية وروح الاعتماد المتبادل فقد اصبح واضحا ان مستويات الامن اضحت متداخلة بمعنى ان الامن على المستوى الشخصي الفردي والجماعي والدولي اخذت تؤثر وتتاثر ببعضها البعض فالحروب تعبر عن جبهات قتال تطال المدنيين وتكسر شاشات التلفاز لتنسكب صور خرابها في غرف المعيشة وزراعة الرعب تحاصرنا بصور تصل عبر البريد الالكتروني ورسائل الهاتف الخلوي، كما يقول الكاتب سعد الامارة.

ستة سنوات من الزمن، وقت هائل وكبير جدا لا يخنع فيه عن العمل الا الابله، والزمن لا يزال بمساره الحثيث المستمر يتدارك في الليل النهار وكل يوم تضحك فيه الشمس على بلاهتنا ونحن واقفون تحت الشمس نترصد بعضنا البعض مكفنين وجوهنا متخندقين والنار يصل سعيرها الى ظهورنا لتحرقنا جميعا.. ستة سنوات يمكن ان تحصل خلالها اكبر خطة شاملة للتنمية تاتي اكلها للشعب المحروم. ستة سنوات كم تداول الحديث فيها القمر او الشمس وكم تنفست النجوم على ارض العراق؟.

وما مقدار المشاريع المحتمل حدوثها في هذه الفترة الطويلة، من بناء او صناعة او زراعة ايكون من المعقول قد زهدنا بها كلها ورضينا التراب والدماء والتصحر بديلا؟.

اهذه اذن الهوية التي نبحث عنها هوية الموات والنكوص والتردي والدمار ؟.

وهل حقا نحن خلفاء الارض ومن سجدت لهم الملائكة إلا ابليس غوى؟.

- ان الدمار في حقيقته عندما يحصل انما نحن مشاركون فيه بدرجة كبيرة ليصبح اكثر تاثيرا في واقع الحياة فالظلمة الذين يتقابلون مع الطاعة والتجنيد والمعاضدة والانخراط في قوتهم فانهم يلقون النجاح المطرد في استعباد القوم برمتهم وعندما يتشظى المجتمع فان العدو الذي يحسبونه عدوا انما يتوسطهم ويقوم بتكبيلهم واحدا تلو الآخر وبكل برود وثقة.

- ان امرا مثل هذا في واقع الحال لا يضيرنا كثيرا طالما اننا نمتلك دموعا غزيرة يمكننا ان نذرفها عند الطلب وحتى في المناسبات السخيفة.

- وأخيرا، لدينا كذلك شماعات ليس من صنع الصين، وانما من صنعنا فنحن بارعون فيها كونها صناعة قديمة نعلق عليها ما شئنا من الاخفاقات، ولو كانت الصين تستورد الدموع لكنا ملأنا اسواقها بقنان ودنان وزجاجات، كما ملئت اسواقنا بحاجاتها ذات الاستخدام لمرة واحدة!!.

شبكة النبأ المعلوماتية- الجمعة 19 تشرين الاول/2007 -7/شوال/1428

اتصبو بنا

ملف المناسبة

الصفحة الرئيسية

 

 أفضل مشاهدة 600 × 800 مع اكسبلورر 6

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1428هـ  /  1999- 2007م

annabaa@annabaa.org