شبكة النبأ: لا شك بأن مساحة الذكرى
السادسة لرحيل الامام الشيرازي(قده) تتسع لابعد من مسافة الموت
والحياة، كما أنها تتعدى نظرية الدين والتدين المألوف منذ مئات السنين،
لتعدو تجربة تتسع للعلم والمعرفة ولتغفو عند ذاكرة المبدعين والمجتهدين
في كافة مناحي الحياة.
ولتلجم حين ذاك أنساق التواتر في فهم الدليل، ولربما هي ابعد ما
تكون عن انتهاج إستراتيجية محددة لتقف على شواطئ التسليم بما كان او
يكون، أذن نحن اليوم أمام فلسفة قوامها بأن الدين هو الحياة والحياة هي
الدين.
ومن أجل الوقف عند أبعاد تلك الثقافة الجديدة على واقعنا المعاصر
كانت لـ شبكة النبأ هذه الوقفة مع بعض اهل الفكر للاطلاع على مضامين
هذا الوعي الديني لصاحب تلك الذكرى ألا وهو الإمام الشيرازي(قده).
اول من تحدثنا اليه الشيخ(عبد الحسن الفراتي)عضو مجلس محافظة كربلاء
ومسؤول السياحة الدينية في المحافظة، حيث قال لـ شبكة النبأ:
يقينا بأن الامام الرحيل كانت له صولات وجولات في شتى صنوف العلم
والمعرفة وما تزخر به المكتبة لهو دليل وشاهد على قولنا هذا، وها هي
المكتبة تفصح عن تلك الموسوعة الفقهيه التي تقع في مائة وخمسة وعشرين
مجلداً ويتجاوز عدد صفحاتها الستين ألف صفحة من القطع الكبير،
والمطبوع منها حتى الآن مائة وخمسة عشر مجلداً، أما عن مكانته العلمية
حيث تتميز بكثرة التفريعات وكثرة المسائل المستحدثة مقرونة باطلاع كبير
على الأشباه والنظائر واستنباطات جديدة مبتكرة إضافة إلى استيعاب كبير
للأدلة من كل الجوانب، كما يفصح كتابا (الأصول مباحث الألفاظ) و(البيع)
عن عمقه العلمي.
وقد بدأ جمع من الطلبة بدراسة الكتابين (البيع والأصول) بعد أن
أتموا مرحلة (السطوح)عند بعض أفاضل الأساتذة المعروفين بالنضج العلمي
في الحوزة العلمية منذ سنوات. ومن جهة أخرى ونتيجة لكفائته العلمية
والإدارية فإن آية الله العظمى السيد محسن الحكيم وآية الله العظمى
السيد عبد الهادي الشيرازي وآية الله العظمى السيد أحمد الخوانساري
(قدس الله أسرارهم) كانوا قد وكلوه في إدارة الحوزة العلمية في كربلاء
عام 1380 هجرية بعد وفاة آية الله العظمى السيد ميرزا مهدي الشيرازي
(وعمره آنذاك 33 سنة)، كما ان آية الله العظمى السيد محمد هادي
الميلاني صرح باجتهاده للعديد من الأفاضل، كما وأن آية الله العظمى
السيد ميرزا مهدي الشيرازي وآية الله العظمى السيد علي بهبهاني
الرامهرمزي أجازوا السيد الشيرازي باجازات اجتهاد بين الأعوام 1379 إلى
1392 هـ ق .
كما أشاد به العديد من الأعاظم منهم الشيخ آغا بزرك الطهراني في
الذريعة والعلامة الأميني في الغدير.
ومن ثم حط بنا الرحال عند الاديب (عبد الحسين خلف) ليحدثنا هو الاخر
عن عطاء فقيدنا الراحل الفكر الامام الشيرازي(قده)، حيث قال لـ شبكة
النبأ:
لقد خصّص آية الله العظمى السيد محمد الشيرازي (دام ظله) قسماً
كبيراً من وقته: ـ
أ- التدريس، فقد كان أحد الأعمدة الرئيسية في حوزة كربلاء أثناء
والده وبعده، حيث كان يدرس في البداية السطوح ويكفي أن نعرف انه بدأ
بتدريس كفاية الأصول وعمره ثمانية عشر عاماً وكان يدّرس يومياً ـ ولمدة
عدة سنوات- ستة الى ثمانية دروس، ثم شرع في تدريس الخارج ولمّا بلغ
الثلاثين.
ب- التأليف، حيث ألف أكثر من خمسة وعشرين مجلداّ من دورة الفقه في
العراق، كما قام بتأليف (الوصول إلى كفاية الأصول) ، في خمسة مجلدات،
والقسم الأكبر من موسوعة (إيصال الطالب إلى المكاسب)الواقعة في
16مجلداً إضافة إلى تأليف (دورة تقريب القرآن إلى الأذهان) في ثلاثين
جزءاً، هذا إلى جانب العشرات من الكتب التوعوية والتربوية والتي سنذكر
أسماءها في هذا الكتاب إن شاء الله تعالى.
أما الحاج(عطية الناصري) فهو يقول: لا ينبغي أن نمر مرور الكرام على
ركن مهم من أركان حياة فقيدنا الامام المجاهد محمد الشيرازي(قده) من
دون ان نشير اليه الا وهو ميدان الجهاد في سبيل الله والوطن حيث لم
تثنيه كل مشاغله الدينية والعلمية من ان يترك هذا الواجب المقدس، بل
ربما كان للتربية العلمية والدينية التي تلقاها السيد الشيرازي على يد
والده آية الله العظمى الميرزا مهدي الشيرازي وآية الله العظمى السيد
حسين القمي (قدس سرهما) الأثر الأكبر في حياة السيد والذي جعله يواصل
جهاد أبيه ، كما كانت أسرة الشيرازي ككل تتوارث الروح الجهادية
والعلمية حتى صارت سمة بارزة في وجودها سواء في البعد المرجعي أو البعد
الجهادي أو البعد الاجتماعي كما لا يخفى على من راجع التاريخ.
وجهاد السيد الشيرازي في العراق يعتبر تجربة عظيمة أمدّت الساحة
الإسلامية بالعطاء المتواصل في سبيل الإسلام ومن أجل إعلاء كلمة الله،
وذلك لطول هذه التجربة وتنوعها،إذ امتدت حوالي 44 عاماً كما أن جهاده
بعد الهجرة من العراق يشكل رصيداً ضخماً في التاريخ المعاصر، حيناك
تتجلى صورة واضحة كون الامام الشيرازي(قده)لم يدع منحى من مناحي الحياة
الا وكان له الباع الاطول فيه.
أما الشيخ (نجاح الحسناوي) وهو أحد وكلاء السيد السيستاني في حي
الغدير، حيث قال لـ شبكة النبأ: ربما كان لفقيدنا الراحل الامام
المجاهد السيد محمد الشيرازي(قده) السبق في طرح الكثير من الافكار
والقراءات الواعية من خلال ما جسدته مسيرته الحافلة بالكثير من
الانجازات على الصعد كافة ومنها مجال إصدار الصحف والمجلات والتي تعتبر
في عالم اليوم أبعد الأدوار في إيقاظ الأمم، وإيقافها على معالم
مبادئها واتجاهاتها. وقد تأخر في بعض الأحايين زمام قيادة الشعوب.
وانطلاقاً من هذا الموضوع بادر السيد الشيرازي وبالتعاون مع جمع من
علماء ومفكري وطلاب الحوزة العلمية بإصدار مجموعة من المجلات نذكر
منها:
الأول- الأخلاق والآداب.
الثاني- القرآن يهدي.
الثالث- نداء الإسلام.
الرابع- صوت المبلغين.
الخامس- أعلام الشيعة.
السادس- مبادئ الإسلام باللغة الإنكليزية.
السابع- صوت العترة.
الثامن- ذكريات المعصومين.
التاسع- صوت الإسلام.
العاشر- أجوبة.
الحادي عشر- منابع الثقافة الإسلامية.
مضافاً إلى مجلات ومنشورات أخرى.
أما الاستاذ(فاهم عزيز) وهو أستاذ في جامعة كربلاء، فقد تطرق الى
جانب مهم وحيوي في حياة الامام الشيرازي(قده) الا وهو جانب الاقراض
الخيري ليوجد حالة من التكافل الاجتماعي، من خلال أيجاد ذلك المشروع
الدعم للجهد الانساني والاسلامي على حد واحد:
صندوق سيد الشهداء (عليه السلام) للإقراض الخيري في طهران.
صندوق سيد الشهداء (عليه السلام) للإقراض الخيري في أصفهان.
صندوق سيد الشهداء (عليه السلام) للإقراض الخيري في تبريز.
صندوق سيد الشهداء(عليه السلام) للإقراض الخيري في رهنان أصفهان.
صندوق سيد الشهداء (عليه السلام) للإقراض الخيري في مشهد.
صندوق سيد الشهداء (عليه السلام) للإقراض الخيري في يزد.
صندوق سيد الشهداء (عليه السلام) للإقراض الخيري في قرجك ورامين.
صندوق سيد الشهداء( عليه السلام) للإقراض الخيري في آدريان أصفهان.
صندوق جواد الأئمة (عليه السلام) للإقراض الخيري في قم.
صندوق جواد الأئمة (عليه السلام) للإقراض الخيري فى كهك قم.
صندوق سيد الشهداء (عليه السلام ) للإقراض الخيري في مشهد.
أما محطتنا التالية فكانت مع السيد(يحيى الموسوي) حيث قال شبكة
النبأ: يقينا بان حياة فقيدنا الراحل زاخرة بالكثير من المعطيات
والاسهامات المهمة التي كانت رافد حيوي ومهم في صفحات حياته المشرقة
والتي ربما لا نستطيع ان نحصيها بهذه العجالة، ولكن هناك جانب مهم يجب
التعرض اليه في حياة فقيدنا الغالي، حيث أسس مستوصف لغرض إسعاف المرضى
بأحدث الأدوات الطبية ووسائل التضميد، يعالج فيه المراجعون من المرضى
لقاء أجر رمزي زهيد... فكان يقع مبنى هذا المستوصف في شارع الإمام علي
(عليه السلام)، مقابل المكتبة المركزية.
ومن خلال تلك الاضاءات البسيطة التي تعرض اليها ضيوفنا الكرام نستشف
بأن رمزية الحياة والموت لا تحسب بالايام والسنين بل تعد على اساس كمية
العطاء في هذه او تلك من سيرة العظماء. |