شبكة النبأ: من المؤسف حقا انعدام
الرؤية المستقبلية في الاعلام العراقي الا ما قل اذ تخلو التوجهات
الاعلامية من هذا التطلع الى اليوم القادم كذلك انعدام التحرزات التي
يجب ان تكون حاضرة في الذهن الجمعي بنتيجة التماس والتفاعل مع الوسائل
الاعلامية لكننا نرى بان مهمة الاعلام مقتصرة غالبا مع اللحظة الراهنة
وتحت وطأة السياسي كهاجس يثير الريبة وعدم الاطمئنان والحاجات الضاغطة
فيجري التلاعب بها تحت رغبات واهداف متضاربة في كثير من الاحيان يضاف
الى ذلك عدم وجود اعلام حر حيث ان اغلب المؤسسات الاعلامية تابعة الى
جهات حزبية متنوعة او مؤسسات دينية مستقلة عن بعضها البعض فرجل الاعلام
العراقي قد لا تكون له رؤية حرة طالما هو خاضع بسبب الظروف المحيطة
والمحبطة ويعد نفسه مثل آلة انتاجية شانه شان رسامي القرن التاسع عشر
حيث يكلفون برسم الموضوع المقترح بتقنية فنية رائعة دون ان يتطرقوا الى
الحال الجماهيري او الذاتي ليكون رسمهم معبرا عن شئ مهم كمرآة لتلك
المرحلة الزمنية.
يقول الإمام الشيرازي:
ان الاعلام يجب ان يعد المستقبل من بين الرسائل المهمة وهو ان سار
وفق العقلانية الاخلاقية انما له الكسب لذلك المستقبل والتحوط له
والاحتراز من نتائجه الغالبة شرا كانت او خيّرة.
وهذا القول يمكن البرهنة عليه من خلال التنبؤات المناخية والبراكين
والزلازل التي لم تقع في اللحظة الراهنة وانما هي تقع بعد فترة من
الزمن.
كذلك الجوانب المالية وارتفاع او انخفاض سعر العملة المتداولة قبل
حدوثها.
والتنبؤات المستقبلية المتعلقة بالمال في اكثر الاحيان تزيد في
المال في المستقبل المتنبأ فيه زيادة كبيرة.
ذكرت بعض الصحف الغربية ان عددا من الشركات قد زادت ارباحها نتيجة
استخدامها الفعال للمعلومات التي وصلت اليها بالتنبؤ.
وقد كثرت التنبؤات المستقبلية في العصر الحديث حول استخدام بعض
اجزاء من الصحارى والمناطق الدائمة الانجماد والغابات والاحراش
والمستنقعات والاقاليم والمرتفعات وقاع البحر. كذلك تشمل التنبؤات
المستقبلية المشكلات القديمة المرتبطة بالحد من تلوث الهواء والماء
وتآكل التربة وتنظيم فيضانات الانهار وموارد المياه العذبة وتنظيم حياة
النبات والحيوان في البراري والبحار والسيطرة على السحب وتطويعها
والتنبؤ بالانفجار السكاني وقلة السكان في مناطق اخرى ونضوب المياه عن
مناطق محددة ونقص او زيادة الاراضي الزراعية.
حدوث الحرب بين الاطراف المحتقنة سياسيا او عسكريا ويحدث التنبؤ من
خلال دراسة ظروف الاحتقان والمصالح المتضاربة وعمق المشكلة بين طرفي
النزاع.
التنبؤ بسقوط الدول وانهزامها او تغيير انظمتها وهو الامر الذي حدث
للنازية او الاتحاد السوفيتي مثلا.
ويرى الامام الشيرازي ان الاعلام مهمة لا تقتصر على ايصال المعلومات
في العصر الحديث او تصحيحها او ملئ الفراغ والترفيه بل يتعداها الى
التاثير على الافكار والآراء وتشكيل تصورات الشعوب والثقافات والتحكم
بالسوق صناعة وتسويقا والتحكم بالتقنية إنتاجا وبالتنبؤ المستقبلي.
اننا في الاعلام نواجه مشكلة حقيقية يجب ان نجد اساليب جديدة اكثر
فاعلية وكفاءة لجمع المعلومات وتحليلها وتخزينها وترديدها لاستقطاب
الراي العام باتجاه ما هو صالح العمل وعاقل الاحتراز واجراء الضروري
لتنمية الخير او لدرء الشر الذي ياتي به التنبؤ المعتدل العقلاني
الاخلاقي الصادق.
ان المصداقية ليس شيئا يمكن ان نفتحه مثل زر الكهرباء فان لكل شئ
مستلزمات فان للناس بطون وعيون فمتى استقرت عن تنبيهنا اعطتنا هامش
كبير للتفكير وهذه مهمة قد توكل الى المؤسسات الاجتماعية والسياسية على
السواء فلو لم يكن الاعلامي مساق بظروف معيشية قاسية قطعا لا يجند نفسه
في اي امر لا يجده صالحا بالدرجة الكبيرة التي تخدم الناس وانما هو
متوحد لرؤية مشاكل الآخرين بموضوعية وبرأّي مجرد وطبيعي لكن رغم هذا
العذر الا ان الانسان ملزم اخلاقيا ودينيا في ان لا يجاتري الظلم او
ارتكاب ومساعدة السوء وانما ان يكون المناضل من اجل الروح الانسانية
ومدافعا عن الحق رغم الحيف الذي يلاقيه والعنت الذي يجابهه.
وهي ذي المسؤولية الاعلامية كساحة شمولية التاثير والتاثر فان لها
العين المدققة في الحاضر لكي تستشف المستقبل وتعالج الحاضر ومستندة الى
الماضي بكونه المنهج الديني والعقيدة الاخلاقية ووفق هذا الثلاثي فان
المبر الاعلامي يكون فاعلا في الصالح من الاعمال.
فهناك تنبؤات حول اخذ البشرية بقانون الارض لله ولمن عمرها.. وقانون
من سبق الى ما لا يسبق اليه فهو احق به.. وهذه من متطلبات الانسان
الفطرية وفي الغالب انها محتملة والمسالة مسالة وقت يرتبط بزوال
الانظمة الاستبدادية والشمولية والمنطق العسكري الذي يكون مآله الى
النضوب والخفوب والاضمحلال كلما تنورت البشرية وادركت لزوم الرجوع الى
الاخلاق والروح الشفافة وكرامة الانسان.
وقد يرتبط ذلك من خلال توازن القوى فالاسلحة قد تكون الآن بيد دولة
واحدة لكنها في الوقت الحاضر تجتاح العالم فالمفاعلات الذرية ستكون بعد
فترة وجيزة في قلب الدول النامية ايضا كذلك التقنية الصناعية والعلوم
وستصل الى الحالة المتوازنة فلا يكون هناك طرف يتفوق على طرف آخر الا
من خلال النظام الاقتصادي الملائم وذلك لا يتم الا بنسق من الاقتصاد
الذي يلبي حاجات الانسان بصفة عامة وان تسود العدالة وهذ لا يوجد باي
قانون اقتصادي من القوانين المجربة فينزع العالم الى القانون الاقتصاد
الاسلامي واعطاءه فرصة التجربة في الحياة العملية وبكونه قانون رباني
في اصله فان لا شك سيكون صالحا للحياة.
.............................................
المصادر/
الرأي العام والإعلام- الإمام الشيرازي |