شبكة النبأ: تمر علينا هذه الايام
الذكرى السادسة لرحيل الامام الشيرازي(قدس سره) وهي محمله بالكثير من
القيم الروحية والانسانية كما يفترض أزاء هذه الذكرى جملة من
المسؤوليات في التعاطي مع ما تحمله من خصائص ، تؤكد على رفض حالة
السكون من أجل أن تنصب تلك الامال في بوتقة العمل والا تمسي كالسراب.
ولسبر أغوار تلك الذكرى العطرة على قلوب المؤمنين كانت لـ(شبكة
النبأ المعلوماتية) هذه الوقفة مع بعض الشخصيات وذلك لإستلهام الدروس
والعبر من صاحب هذه الذكرى العظيمة.
وقد كانت محطتنا الاولى عند اية الله (عبد الكريم الحائري) للاطلاع
عن كثب على ابعاد تلك الشخصية واهم المحطات المهمة في حياتها الكريمة،
حيث حدثنا قائلا: الإمام محمد بن المهدي الحسيني الشيرازي ولد في مدينة
النجف الأشرف في الخامس عشر من ربيع الأول عام (1347هـ).
هاجر مع والده إلى كربلاء المقدسة عام 1356. وتسلّم فيها قيادة
الحوزة العلمية بعد رحيل والده عام 1380 وعمره في الثالثة والثلاثين.
هاجر من مدينة كربلاء عام 1390هـ إلى الكويت وعاش بها تسع سنين ثم
هاجر إلى إيران عام 1399 حيث استقر في مدينة قم المقدسة وذلك بإصرار من
العلماء والمراجع الكبار، حتى قبض فيها يوم الاثنين 2 شوال عام 1422هـ
(17 ديسمبر عام 2001م)، وعمره في الخامسة والسبعين وخمسة أشهر ونصف شهر
(رضوان الله عليه).
ترك أكثر من ألف ومائتين وخمسين كتاباً، وآلافاً من المؤسسات
الخيرية والهيئات الدينية، وربّى أجيالاً من العلماء العاملين، وخلف
نهجاً فكرياً متميزاً، وسيرة طيبة، وذكريات لا تنسى من الأخلاق
الرفيعة.
يتحدّر من أسرة الشيرازي العريقة التي سكنت العراق قبل قرن ونصف،
والمعروفة بالعلم والجهاد والمرجعية فجده المرجع الأعلى للطائفة قبل
قرن الميرزا محمد حسن الشيرازي صاحب نهضة التبغ الشهيرة ضدّ الاستعمار
البريطاني في إيران، وخاله المرجع الأعلى للطائفة أبان الحرب العالمية
الأولى الشيخ محمد تقي الشيرازي قائد (ثورة العشرين) العراقية.
وابن عمّ والده المرجع الأعلى للطائفة بعد الحرب العالمية الثانية
الميرزا عبد الهادي الشيرازي.
والده آية الله العظمى السيد ميرزا مهدي الشيرازي زعيم الحوزة
العلمية بكربلاء المقدسة.
أخوه الشهيد السعيد: آية الله السيد حسن الشيرازي ـ مؤسس الحوزة
العلمية الزينبية.
إطلالة عامة
ويضيف الشيخ الحائري، آية الله العظمى السيد محمد الحسيني الشيرازي
نادرة من نوادر التاريخ الشيعي، في شخصيته، وسيرته، وفكره، وآثاره..
ومع مرور الأيام سوف تتجلى جوانب العظمة في هذه الشخصية الفريدة..
وينمو الأثر الذي تركه على الناس عاماً بعد عام، فهو في الدرجة الأولى
مؤمن شديد الإيمان بالله واليوم الآخر.. متدين شديد المحبة لأهل البيت
(عليهم السلام)، وكان زاهداً في زخارف الدنيا ومباهجها.. ثم هو مرجع
للفتوى، وزعيم ديني، من الطراز الأول.
ويضيف الحائري، لكنه لم يكن ذلك فقط، بل كان زعيماً جماهيرياً يحرك
الناس باتجاه ما يؤمن به من أهداف. وله كل صفات الزعماء من الشجاعة
والإقدام والعبقرية.. الخ.
والى جانب ذلك كان كاتباً ومؤلفاً ـ ترك من الآثار ما تعجز عن
تصديقه الأذهان: أكثر من ألف كتاب!
وكان ـ الإمام الشيرازي ـ مفكراً صاحب رأي وتحليل ونظرية في شتى
جوانب الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، وقد صدرت عدة كتب عن
منهجه الفكري في الآونة الأخيرة[1].
وكان الإمام الشيرازي ـ مثالاً للأخلاق، وصانعاً لأمة حتى كان يقول
أعداؤه وخصومه: لا تزوروه فإنه يسحر الناس بأخلاقه!.
وأخيراً كان الإمام الشيرازي أباً نموذجياً لأولاده وجداً لا يُنسى
لأحفاده. يحتفظ كل واحد منهم معه بعشرات المواقف والقصص الجميلة.
محبوباً لديهم إلى درجة أنهم لا يتركون مزاره ليلاً إلا لكي يأتوه
نهاراً ولا نهاراً إلا لكي يأتوه ليلاً.. يكادون لا يصدقون موته حتى
بعد مرور أربعين يوماً على وفاته.
كل من عاشر الإمام الشيرازي فترة من الزمن، كانت تتجمع لديه قصص لا
تنسى من كريم أخلاقه، وحسن سيرته، وجميل صفاته.. حتى أنه ما زاره أحد
إلا وأحبه، ولا عاشره أحد إلا وصادقه ولا عرفه أحد من قريب إلا وأكبر
فيه الروح العالية، والأخلاق العظيمة.
شخصية نادرة، ذات أبعاد متعددة، من يطّلع على موسوعته الفقهية التي
جاوزت المائة والخمسين مجلداً قد يتصور أن صاحبها مجرد (فقيه) ولا غير.
ومن ينظر إلى كتبه ومؤلفاته يراه صاحب نظرية فكرية للنهوض بالأمة،
وبناء مجتمع سعيد. ليس إلا.
ويختتم الشيخ الحائري بالقول، من ينظر إلى مشاريعه ومؤسساته الدينية
والاجتماعية التي تنتشر من كربلاء.. إلى واشنطن يتصور انه كان باني
(المؤسسات الخيرية)، فقط.
وأما من يدرس سيرته مع الحكام فيراه، مجاهداً صلباً في سبيل الله،
يقارع الظالمين ويؤلب الأمة عليهم صابراً محتسباً على ما يلاقيه في هذا
الطريق.
ولقد كان هذا كله والمزيد، فقد ربّى جيلاً من العلماء العاملين
المجاهدين وكان قدوة في أسرته، وقدوة في مجتمعه. وقدوة لأمته. وسيبقى
مثلاً يحتذى لفترة طويلة.
وكانت محطتنا الثانية مع السيد (عبد الامير ابراهيم ال سيد عكله
الموسوي) وهو يقول: في البدأ لا يسعني إلا ان اعزي صاحب العصر والزمان
الامام المهدي(عج) والمراجع العظام وعائلة الفقيد على هذا المصاب الجلل
الا وهو الذكرى السادسة لرحيل الامام الشيرازي(قدس سره الشريف) والتي
قد تلألأ نورها واصبحت نورا وهّاجا يضيىء الدرب لكل الاجيال في طريق
الحرية وضد الظلم والطغيان، وما هذا الحشد الاعلامي الذي ترفل به
الساحة الثقافية اليوم الا مساهمة متواضعة تؤكد دوما على صدق هذا
التوجه ونضج تلك التجربة السامية بالمعاني الانسانية الثره.
اما السيد(محمد الميالي) وهو من مؤسسة شهيد المحراب، قال لـ(شبكة
النبأ): لاشك بان التعرض لتلك الذكرى في ظل الظروف العصيبة التي يمر
بها بلدنا العزيز ما هي الا دلالة اكيدة على شراسة تلك الهجمة التي
حاولت وتحاول دائما النيل من ارادة وصمود هذه الامة، من خلال التعرض
لمفكريها واخص بالذكر فقيدنا الراحل الامام الشيرازي(قدس سره)، وهو
الذين ال على نفسه الا ان يضع الامور في نصابها الحقيقي من خلال
الشروع ببناء الوعي الانساني والاسلامي ومحاولة التصدي لكل الوان الظلم
والحيف عبر الدعوات المستمرة لنبذ العنف والانصياع الى منطق الحكمة
والعقل، لذا أمسى صاحب الذكرى العطرة قبسا وهاجا يشع بالكثير من العلوم
والمعارف من اجل تفويت الفرصة على الذين يحاولون النيل من مصادر
الاشعاع الفكري.
أما(حسن عداي)، صحفي، فيقول، بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة
والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين محمد(ص)، في هذه المناسبة العظيمة
وبهذا المصاب الجلل الا وهو ذكر مرور السنة السادسة على رحيل المفكر
الاسلامي الامام الشيرازي(قده) اقدم احر التعازي الى الامام القائد(عج)
والى علمائنا الاعلام وعلى رأسهم السيد علي السيستاني (دام ظله) وبهذه
المناسبة نحن نجدد العهد بان نكون جنود في هذه المسيره الحافلة
بالعطاء، كما اننا نسأل من الله(سبحانه وتعالى) ان يديم علينا نعمة
العلم والعلماء ليكونوا لنا زادا في الدنيا والاخرة، ويقينا بان صاحب
الذكرى قد لاقى من الظلم والاضطهاد الشىء الكثير وجاهد في الله خير
جهاد، وقد أصابه اذى شديد من النظام البائد لمواقفة المشرفه في نصرة
المذهب والوطن وهذه المواقف هي التي جعلته مستهدفا طيلة حياته الزاخره
بالعلم والمعرفة فتغمد الله الفقيد برحمته واسكنه فسيح جناته وافاد
الله سبحانه وتعالى بعلمه القاصي والداني.
السيد( علي البطاط) رجل دين، قال، بداية ونحن نستذكر تلك الذكرى
تتشح قلوب المؤمنين في كافة اصقاع الارض بالكثير من الحزن والاسى
لفقد امامنا ونحن احوج ما نكون في تلك الظروف الحالكة لوجوده بيننا،
وقد التفت علينا الفتن من كل حدب وصوب ولكن مشيئة الله هي فوق كل شيىء،
لذا يجب على كل المحبين والمخلصين ان يتخذو من تلك الذكرى منهاج عمل من
خلال استلهام العظة والعبرة من ذلك النبع الزاخر بالكثير من العلوم
والمعارف وعدم الانصياع لهوى النفس واستنطاق الحقيقة التي افنى فقيدنا
الراحل حياته من اجل التزود منها من خلال تعرضة لمختلف العلوم الفقيه
والمعرفية لان العلم والمعرفة هما صمام الامان لكل الاطماع الانسانية
ومحاولة تكريس مبدء نبذ حالة الفرقة والبغضاء وزرع بدلا عنها المحبة
والسلام والامتثال الى تعاليم دينا الحنيف، والا تمسي تلك القرءات التي
افاض بها علينا فقيدنا الراحل(قده) مجرد تكنهات لا ترتقي ومستوى
التطبيق ما لم نحرص كل الحرص على تطبيق حيثياتها.
ومن ثم انتقلنا الى السيد(علي الطالقاني) حيث قال لـ(شبكة النبأ):
لا يمكن المرور بسيرة المفكر الامام الشيرازي(قده) مرور الكرام او
اعتباره ظاهرة عابرة او مرحلة استطاعت ان تفرض نفسها في زمن ما، بل يجب
ان نتزود من عناوين الصبر الشىء الكثير، ولنقف عند هذا النبع الزاخر
ولننهل منه الشىء الكثير، فهو لم يكن يجسد معطى واحد فقط، بل يكاد ان
يتشظى بعوالم العلم والمعرفة، ولم يقتصر الامر عن هذا الحد بل ابلى
بلاء حسنا في ساحة الجهاد ومقارعة الطغاة، وما تلك المساحات الضئيلة
في صفحات الاعلام الا فيض من غيض مواقفه الشجاعة التي حاولت ان تزلزل
عروش الظلم، وهي تستهدف أماطة اللثام عن ذلك التعتيم الاعلامي تجاه
الرموز التي أبت الا ان تسجل موقفا مشرفا في ميدان الجهاد والمعرفة،
فرحم الله شهيدنا الفقيد فكان عنوانا ونبراسا افاض على الدنيا الخلود.
ومن هنا نستشرق بأن كل الآراء تنصب في وجوب التزود من أفكار وقراءات
فقيدنا الراحل من اجل ان نستلهم الدروس والعبر وكذلك لنجدد العهد
للامام الشيرازي (قده) باننا ماضون على نهج الرسالة المحمدية التي من
اجلها ضحى بالغالي والنفيس، اذن ما أستذكارنا للذكرى السادسة لرحيل
الامام الشيرازي(قده) الا بمثابة القبس الذي يضيئ للناس درب الهدايه
وعنوان النجاة. |