تمثل قضية الديمقراطية اهم قضية معاصرة تعرضت للجدل واشكالية المفهوم
خصوصا عندما يتعارض مفهومها الغربي مع المفهوم الاسلامي لها. لكن
الامام الشيرازي طرح قضية الاستشارية الديمقراطية من خلال مفهوم الشورى
في الاسلام حيث يرى ان الديمقراطية هي آلية للتعبير عن رأي الامة
ورضاها عن الحاكم، واعتبر ان الاستشارية هي عقد قابل للفسخ بين الامة
والحاكم.
هذه
بعض الآراء التي طرحها المجدد الامام الشيرازي حول الشورى
والديمقراطية:
-
إذا كان القرآن الكريم يوجِّهنا إلى أن نُشاور في أدنى أعمال تربية
الولد وهو الفصل في الرضاع، فبشكل أولى يوجهنا نحو الاستشارة في الحكم،
فلا يبيح الإسلام لرجل واحد أن يستبد في الأمة. فقـد أمرنا الله سبحانه
رحمـة بالطفل أن تتشاور الأم مع الأب قبل أن يقررا فصله عن الرضاعة،
فكيف وأمر الحكومة وفيها مصير الأمة بأسرها، فرحمة بالأمة أمَر اللهُ
سبحانه وتعالى الحكام بأن يتشاوروا.
-
إنّ الشورى مبدأ إسلامي عام لا يختصّ فقط في المجال السياسي بل حتى في
الحياة الأسرية والاجتماعية.
-
إنّ للشورى مجالان، الأول: مشورة الحاكم المسلم للمسلمين في الأمور
المتعلقة بهم، والثاني: مشورة المسلمين فيما بينهم على إدارة شؤونهم،
فهي دعوة الطرفين إلى الشورى، طرف الحاكم وطرف الرعية.
- كل
شيء يرتبط بشؤون الأمـة لابـدّ مـن الاستشـارة فيه، سواء في أصل الجعل
أو تابعه، مثل: المدارس، والجامعات، والمستشفيات، والمطارات، والمعامل
الكبيرة، وما أشبه ذلك، فإنّها تفتح وتعمل بمال الأمة ومقدراتها، وكذلك
حال الوظائف من الرئاسة، إلى الوزارة، إلى المجلسين، إلى المحافظين،
إلى مدراء النواحي، وهكذا، وذلك لجهتين:
1:
أنّها تصرُّف بمال الأمة، سواء أموال الخمس والزكاة، أو المعادن، أو ما
أشبه، ولا يحق لأحدٍ أن يتصرف في مال غيره إلاّ بإذنه.
2:
أنّها تصرّف في الأمة، ولا يحق لأحد أن يتصرّف في غيره إلاّ بأذنه، ومن
الواضح أنّ رضى الأمة وإجازتهم، فـي طول رضى الله سبحانه وإجازته؛
فاللازم أن يكون التصرّف حسب الرضائين.
-
إذا طبِّقت الاستشارة في كل هذه الشؤون، من القرية إلى المدينة، ومن
اتحاد الطلبة إلى أكبر إدارة للشؤون الاجتماعية، تظهر الكفاءات، وتتقدم
عجلة الحياة إلى الأمام بسرعة كبيرة.
الشورى: عبارة عن استطلاع الآراء ليظهر الرأي الأصوب، وهو في باب الحكم
واجب.
- إن
الأَخذ برأي الأقلية كـان جرحاً لرأي الأكثرية، وذلك ممّا لا يليق
عقلاً ولا شرعاً.
- ان
الشورى في أي أمر مرتبط بقطاع من الأَمة صغيراً وكبيراً، فالاستبداد في
الأمة بالحكم محرم، حراماً بحجم الأمة..إذ معنى الاستـبداد هو
الاستئثار بحق الآخـرين حقاً مالياً أو حقاً جسدياً أو حقاً اعتبارياً،
ف (الناس مسلطون على أموالهم وأنفسهم).
-
أمّا وجوب المشورة في مجيء الحاكم إلى الحكم، فلأنه نوع تسلط على
الناس، والناس لا يصح التسلط عليهم إلاّ برضاهم، أمّا وجوب المشورة فـي
أمور الناس بعد مجيئه إلى الحكم، لأنّ للحاكم الصلاحية بقدر تخويل
الناس لـه، ففي غيره يحتاج إلى إذنهم.
-
الاستشارية سواء في الحكومات الزمنية ـ مما تسمى بالديمقراطية ـ أو في
الحكومة الإسلامية هي صمام الأمان.
- لا
يكفي للحاكم الإسلامي أن يُطبّق مبادئ الإسلام وقوانينه، بدون تطبيق
مبدأ الشورى الذي هو ركن من أركان الحكم في الإسلام.
- في
ذات الوقت الذي يتكلمون فيه حول الديمقراطية والشورى نجدهم يلفّون حول
أنفسهم ـ بأموال الأمة ـ المصفقين والمهرجين والمُرتزقة والامعّات
ليسبّحوا بحمدهم في الإعلام، ونجدهم يفتحون أبواب السجون لأصحاب الفكر
والـرأي، وينصبون المشانق لكل حرّ، والويل لمن فتح فمه بكلمة واحدة،
ظناً منهم أن السجون والمشانق ستقمع الصوت الحر والإرادة النبيلة.
لذا
تراهم أكثر إمعاناً في سلب الأموال، وقتل الناس الأبرياء، وتكثير
السجون، وتخريب البـلاد، وإذلال العباد، ممن سبقهم الذين ما كانوا
يسمون أنفسهم بالإسلاميين.
-
لقد زالت الخلافة الأمـوية ولم تعد، لأنها مارست الإرهاب والاستبداد،
كذلك جاء العباسيون وحكموا بالحديد والنار ثم سقطوا، ولم يعودوا من
جديد. الشيء نفسه بالنسبة إلى الخلافة العثمانية التي سقطت واندثرت بل
لم يترحم عليها أحد.
- أن
الديمقراطية (الاستشارية) في نظم الحكم تعتمد وبشكل أساسٍي على نظام
(تعدد الأحزاب) باعـتباره الضمانة العملية للحفاظ على الديمقراطية
والحيلولة دون الاستبداد في تاريخ الشعوب، ولقد كانت ولا تزال المصلحة
المشتركة لجمعٍ من الأفراد تشكل عامل تكتلٍ وتجمّعٍ بين هؤلاء الأفراد.
- من
لوازم النظام القائم بحزبٍ واحد هي العقيدة الواحدة وممارسة سياسة
الإرهاب والعنف واحتكار السلطة. ولذا فالنظام الفاشي شأنه كالنظام
الشيوعي، يتبنى حزباً واحداً ينفرد بالنشاطات السياسية في البلاد.
-
الأحزاب السياسية توجد عادةً من أجل النشاطات السياسية، وأما مجموعات
النفوذ والضغط فهي منظماتٌ سياسية تفرض نفوذها عَبْرَ نشاطات تتم خلف
الستار من أجل تحقيق أغراض نقابية أو مهنية أو تجارية، وتصل هذه
النشاطات الخفية إلى ذروتها أحياناً، مثل مراكز الضغط (اللوبي) التي
تتدخل في المضاربات والصراعات بين أعضاء مجلس الأمة أو مجلس الأعيان
والوزراء وكبار الموظفين في الحكومة.
-
يستطيع النظام الحزبي أن يحدد مسؤولية الحكومة تجاه الشعب، والحكومة
الديمقراطية تتيحُ للأحزاب المعارضـة حرية التعبير وتأسيس منظماتها
وتدعيم قدراتها، بل إنّها تسهِّل لها مثل هذه الأمور.
- في
البلدان التي تعتبر اليوم من دول العالم الحر، استحدث البرلمان في
البداية من أجل تحديد وتحجيم السلطة الديكتاتورية المطلقة للحاكم،
ولغرض تحديد نفقات ومصروفات المؤسسات الحكومية والـتي يتم تأمينها من
الضرائب المستوفاة من الناس.
- في
الأنظمة الحرة تجري الانتخابات بعيداً عن التزوير وبصور قانونية إلى
حدٍّ ما، وفي الأنظمة نصف الحرة يتم ترشيد المعركة الانتخابية بواسطة
ضوابط.
أما
في الأنظمة الديكتاتورية فليست هناك انتخابات، وإذا ما جرت انتخابات
فإنّهـا تكون عادة انتخابات مزورة وغير حقيقية، يقودها الحاكم
الديكتاتور بسبب الإرهاب والسجون والإعدام.
|