بمناسبة الذكرى الثالثة لرحيل المرجع آية الله
العظمى الامام السيد محمد الحسيني الشيرازي قدس سره أقيمت ليلة الأربعاء
المصادفة للثالث من شهر شوال المكرم مراسم تأبينية خاصة في مسجد الإمام
زين العابدين عليه السلام في مدينة قم المقدسة.
وقد تصدر حضور هذه المراسم سماحة آية الله العظمى
السيد صادق الحسيني الشيرازي و سماحة آية الله السيد محمد رضا الشيرازي
وسائر أفراد الأسرة المرجعية الرشيدة إضافة إلى الجموع الغفيرة من
العلماء و الفضلاء أساتذة الحوزة العلمية والمؤمنين في إيران والعراق
ودول الخليج وأفغانستان.
وفي البدء ؛ تلا الأستاذ القارئ السيد جعفر الشامي
آيات من الذكر الحكيم .
ثم ألقى الأستاذ إلهي (أحد أساتذة الجامعة) كلمة
قيمة في هذه الذكرى الأليمة جاء فيها:
إن الحديث عن عالم عظيم كالمرحوم الشيرازي قدس سره
حديث شاق وبحاجة إلى المزيد من التفصيل والدقة.
وأضاف : إن المرحوم المجاهد الشيرازي كان سليل بيت
مرجعي عظيم.
وقال الأستاذ إلهي: إن المرجعية الدينية عبارة عن
حكومة شرعية مقارنةً بالحكومة الزمانية والعرفية ذات المميزات الخاصة بها
والمهمات الكفيلة بها؛ من قبيل حفظ الأمن الاجتماعي وتوفير الحريات
الوطنية.
ولكن الكيان المرجعي موظف ومسؤول عن حل مشاكل
المجتمع ومواجهة الأزمات التاريخية ليقتفي سيرة الإمام أمير المؤمنين
صلوات الله عليه بهذا الشأن إذ كان يؤكد على عمّاله وولاته في مختلف بقاع
الدولة الإسلامية في عهده المبارك بضرورة الاهتمام بالتواصل مع الرعية.
وأكد الأستاذ إلهي أن الحكومات الشرعية (المرجعية)
لها وظائفها ومسؤولياتها.. وأن المرجع الديني الحق هو من يرجع إليه الناس
في أمورهم ليحل مشاكلهم الفكرية والمعنوية كما صدق ذلك على فقيدنا
المرحوم السيد الشيرازي قدس الله نفسه الزكية والذي حقق للمرجعية محتواها
القيادي للأمة.
وأضاف: إن أول مسؤوليات الأنبياء هي إبلاغ
الرسالات الإلهية للناس...
وقد كان آية الله العظمى السيد محمد الشيرازي قدس
سره في مقدمة المبادرين إلى تحقيق هذه المهمة المقدسة في العصر الراهن ،
إذ لم يتوان عن تقديم ما بوسعه للتقدّم بالأمة.
واستطرد مشيراً إلى عظمة الجهود العلمية والفكرية
التي بذلها فقيدنا الراحل فقال: إن تأليف مايربو على ألف كتاب من قبل هذا
المرجع العظيم - مع مالاقاه من مصاعب ومشاكل طيلة حياته _ يعدّ معجزة
لعصرنا الحالي وهو - التأليف - يأتي في سياق مواصلة الجهود الجبارة التي
بذلها الأنبياء عليهم السلام في إبلاغ الرسالات الإلهية المقدسة.
ثم تقدم سماحة الشيخ الصادقي إلى منصة الخطابة حيث
قال: طبقاً للآيات القرآنية الكريمة ، فإن أكبر الذنوب إضلال الناس و
الانحراف بهم عن جادة الحق ؛ ومن هنا تتضح عظمة وأهمية إرشاد الإنسان
الواحد وإنقاذه من الضلال إلى حد عدّه القرآن الكريم مساهمة مباشرة في
إحياء الناس جميعاً وذلك في قوله سبحانه وتعالى: (ومن أحياها فكأنما أحيى
الناس جميعاً).
فأعظِم
بإنسان - كالمرحوم المرجع الشيرازي - يفني عمره الشريف الذي ناهز السبعين
عاماً في تحمل مسؤولية إرشاد وهداية الأمة..
وأضاف الشيخ الصادقي قائلاً : لعلنا قلّما نصادف
في مراجعنا الأعلام كالمرحوم الشيرازي حيث أخرج للناس ما يزيد على ألف
كتاب وشيّد مئات المؤسسات الثقافية والخيرية والمساجد والحسينيات التي
تمارس الأدوار الفعالة والمهمة في الحياة العامة .. وذلك ضمن اهتماماته
الواسعة بأمور المرجعية الدينية واستقبال الناس وحل مشاكلهم والإجابة عن
أسئلتهم ، فضلاً عن مهمة تربية وتعليم مئات الطلاب طيلة حياته الشريفة .
وأشار الشيخ الصادقي إلى أن المرحوم الشيرازي قدس
سره قد اقتدى بنهج جده أميرالمؤمنين عليه الصلاة والسلام في الورع والزهد
رغم ما كان يتحمل من أعباء الأمانة الشرعية والمالية العظيمة ، بالإضافة
إلى التزامه الرائع بالأخلاق العلوية التي تقضي بالتواضع للناس والمبادرة
لحلّ مشاكلهم واستقبالهم دونما موانع وأعذار ..
وانتهى الشيخ الصادقي إلى القول : إن من بواعث
الأسف أن نبخل على عظمائنا بالتجليل والتعظيم خلال حياتهم ثم نتذكر ضرورة
إجلالهم بعد رحيلهم!
|