بسم الله الرحمن الرحيم
الأمام الشيرازي
ذكرى الرحيل والملاذ الآمن
إن الحديث عن الامام السيد محمد الشيرازي - ونحن
نمر بذكرى رحيله الثالثة-هو حديث عن الفكرة الحية التي ظلت تعيش في ضمير
المجتمع الانساني، وتقوده نحو السلام والامن والامان، فترة عقود من
الزمن. وعزائنا في هذه الذكرى، هو التراث الفكري الذي تركه بين ايدينا.
ووفاءنا له ان نحرص على الاستزادة منه، والتذكير به لحل الكثير من
المشكلات الانسانية التي تحيط بنا سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وفكريا. لا
سيما ونحن نعيش اليوم مشكلات معقدة تقود المجتمعات الانسانية الى التنافر
والصراع والصدام بمختلف اشكاله الديني والطائفي والعرقي والحضاري...
فافكار الامام الشيرازي (قدس) تمثل لنا اليوم ملاذا آمنا للتعامل مع هذه
المشكلات والحد من مضاعفاتها، وذلك عبر الاعتماد على القيم الانسانية
المشتركة.
فهذا الشيرازي رحمه الله، يؤكد مرارا وتكرارا على
ثقافة التعددية القائمة على اسس التنافس السليم، وقاية من السقوط في بؤرة
الصراع الاعمى ، وخشية من تكفير الآخر. حيث أن الضرورة الانسانية تستدعي-
حسب الامام (قدس)- اتخاذ اسلوب التعددية والتنوع للتنافس على البناء
والتقدم ، لا استخدام وسائل الالغاء والعنف والقسوة. كما تعارف عند
البعض.
أما بشأن مشكلة الارهاب والارهاب العالمي، فكانت
فكرة اللاعنف والتسامح بين كافة الطوائف والملل والاجناس من اهم افكار
الامام (قدس ). فهنا للامام التفاتة هامة في رؤيته حول دور الانسان في
ترسيخ اللاعنف، فيقول: ((حين تقمع وتقهر الاراء بواسطة ادوات القمع من
اجل الغاء وتغييب بعض الافكار ، تزدهر اساليب العنف في المجتمعات)).
كما أوضح الأمام الراحل أن اسس البناء التنموي
والاقتصادي للمجتمعات الانسانية، والقضاء على البطالة بمختلف أنواعها،
إنما تتمثل في منح الحريات ، واباحة اعمار الارض وتملكها ، وسائر ما خلق
الله سبحانه لنفع البشر ـ مما ليس ملكا لاحد ـ هذا فضلا عن ايجاد فرص
العمل عبر تشجيع الاغنياء لاستثمار اموالهم في القطاع المنتج لتشغيل
هؤلاء العاطلين.
وفي عالم اصبح اكثر ضيقا يرى الامام الشيرازي، أن
العولمة بالمعنى الاسلامي، هي اعادة الاعتبار للانسان والانسانية، كما
امر به الاسلام. وان نحيي الخُلق الانساني، ومفاهيم الحوار الحر بين كل
الاطراف. كما كان جاريا مع كل الاديان والمذاهب على طول التاريخ
الاسلامي. وذلك انطلاقا من مبدأ الاخوة الانسانية العامة والشاملة ، غير
المنحصرة في ضيق القوميات والعرقيات ، ولا محدودة بالحدود الجغرافية
والاقليمية.
ولم ينس الأمام الشيرازي ، ظاهرة صراع الحضارات
وتاثيراتها المتراكمة ، ولا سيما العلاقة بين الاسلام والغرب. فهو يرى
وجوب ترسيخ مبدأ الحوار بين الاسلام والغرب ، على اسس الايمان بوحدة
النسيج الانساني، وتكامله في مواجهة من يعتقد بمبدأ التسلط الثقافي
والفكري لدرجة نفي الاخرين وتهميش وجودهم.
هذه الافكار والمبادئ الانسانية التي أصّل لها
الإمام الشيرازي تنبع أهميتها من كونها تعبر عن تأطير مرجعي أساسي للقيم
الإسلامية، التي هي بلا شك افكار تحتاج الى قدر كبير من التأمل والوقوف
عندها، واستيعابها فكريا وتطبيقها، ممارسةً وسلوكاً، لما تتضمنه من حلول
وافية، لكثير من المشكلات التي يعج بها المجتمع الانساني.
ومن هنا فان المؤسسات الثقافية والعلمية، مدعوة
اليوم إلى دراسة حياة وافكار الامام الراحل(قدس) ونشرها وتعميمها بين
الاوساط الاجتماعية المختلفة ، كي تعم الفائدة الامة العربية والاسلامية
والعالم كله، من اجل مجتمع إنساني، تسوده قيم العدل والاحسان، وتعم فيه
الإخوة والمودة والسلم، فالناس صنفان( إما أخ لك في الدين، أو نظير لك في
الخلق).
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مركز الامام الشيرازي للدراسات
والبحوث
مؤسسة الامام الشيرازي العالمية
info@shrsc.com
http://www.shrsc.com |