من يقرأ التأريخ ويمعن
النظر فيه يجد أن الأحداث والمنعطفات قدصنعها الرجال الذين يحملون على عاتقهم
مسؤولية كبرى وهؤلاء هم الذين بدأوا في تغيير الواقع المغلف بالزيف وكانت
لهم كلمة الحق أمام الجور والظلم وهذا العمل هو الموقف الشجاع والجهادي بوجه
الطغاة والظلمة.. حين يكون الاستبداد شرعة الحاكم الظالم والطبقية ميزة
الحكم الديكتاتوري والفساد الإداري وتبديل السنن والأحكام الإلهية
وفق هوى
الحاكم تنعدم أوجه الحياة والتأريخ يكون زيفاً.. من هنا كانت الانطلاقة
المباركة لسيد الشهداء الإمام الحسين عليه السلام.
وحديثي يدور حول الأهداف أولاً وإعلام
الثورة ثانياً
- أولاً الأهداف
الاستراتيجية
لثورة الإمام الحسين جانبان
الجانب العسكري
والجانب السياسي,
فمن الناحية العسكرية ربما لم يكن اختيار الإمام الحسين لأرض كربلاء المفتوحة
موقعاُ للمعارك الموفقة ولكن.. لاشك أن الإمام الحسين لم يكن يريد احراز
نصر عسكري أو استلام سلطة وإن كان خطط لهذا لأمر ... وإذا راجعنا وقائع
المعركة وعدد الجيشين المتحاربين نجد أن عدد جيش الإمام الحسين كان في أحسن
حال يصل إلى قرابة التسعين شخصاً بينما جيش ابن سعد ومعسكره الأموي على أقل تقدير
يصل ثلاثين ألف مقاتل فأين التكافؤ بين المعسكرين؟
ومن الناحية السياسية فإن غير كربلاء لم يكن يستطيع أن يعطي الإمام النتائج
التي توخاها من ثورته.
فلم يكن هناك تكافؤ, والمكان لم يكن موفقاً للحرب ومن يريد تغيير
الحكم ولو بالسيف لابد أن يذهب إلى مركز السلطة وليس في مكان بعيد عنها
فكربلاء والشام بينهما مسافة طويلة فكيف يريد الإمام تغيير السلطة وهو في
العراق بكربلاء؟
وما الهدف من اصطحاب الإمام الحسين للنساء والأطفال؟
ولماذا لم يستغل الوضع عندما أرسل لأهل الكوفة سفيره مسلماً ومن بعده قيس بن
مصهر الصيداوي وعبد الله بن يقطر؟
ألا يعمل هؤلاء السفراء دعاية إعلامية للحسين ولو للدنيا.. هل يريد الحسين
الدنيا وحطامها ؟
إذن ما الفرق بين الحسين ويزيد كلاهما يريد الدنيا ..فأين القيم والمبادئ
....؟
الإمام الحسين لم يكن يريد الدنيا فهو الذي بكى على عدوه يوم عاشوراء وقال
هؤلاء يدخلون النار بسببي
ومن يراجع الفترة التاريخية التي حكم فيها معاوية بن أبي سفيان يجد أنها فترة
مسخ القيم وانقلاب الموازين فالأرضية كانت مهيأة ليزيد أن يمضي في خلافة أبيه
ويجعل الحكم حكراًعلى آل أمية بقيمهم الجاهلية.. وجاء يزيد العهر وزاد على
أبيه معاوية حتى في شعره الماجن وعلانيته في محاربة الإسلام ليقتل الحسين ولو
كان متعلقاً بأستار الكعبة المشرفة!! أوليس هو القائل :
لعبت هاشم بالملك فلا خبر جاء ولاوحي نزل؟
إذن تلك الفترة كانت فترة تخدير القيم الإسلامية والدين في خطر. من هنا بدأ الإمام
الحسين مشروعه النهضوي وبين للناس أن الخلافة عن رسول الله صارت بيد رجل يشرب
الخمرة ويقتل النفس المحترمة و و... فالناس صاروا في سبات عميق عن الدين
واتجهوا للدنيا أكثر من ذي قبل واغراءات الأمويين تنهال على من يعادي علياً
وحسيناًوما هذا إلا بداية الزوال.
قام الإمام الحسين (ع) ليكشف الظلم ويعلم أنه يقتل هو واهل بيته وأصحابه ولكن
الإمام يحضى بالشرعية في الخروج على أمثال يزيد والطغاة ومزيفي التأريخ
والحقيقة, ومن هنا بدأت الثورات تقوم على آل أمية وبهذا فتح الإمام الحيسن
الطريق أمام المستضعفين في ردالحق الشرعي لأهله من الظالمين
من هذه الثورات
-
ثورة التوابين
-
ثورة المختار الثقفي
-
ثورة زيد بن علي بن الحسين
-
ثورة يحيى بن زيد بن علي
-
ثورة العلويين.. وهلم جرا
وبعد هذه الثورات المتتالية سقط الحكم الأموي الظالم وتبين للناس أن الحق كان
مع الحسين ولهذا عرفوا لماذا جاء كربلاء ولماذا أخذ معه النساء والأطفال
ولماذا ..ولماذا؟
وبهذا العمل أظهر الإمام الحسين للناس وحشية النظام الأموي الدموي وتعسفه
وإراقته للدماء واستخدامه العنف المسلح ضد من يفكر ولو مجرد فكرة في مواجهة
الحكم القائم.
- ثانياً إعلام الثورة
الحسينية
من خلال أهداف الإمام الحسين
(ع) نلاحظ أن اصطحابه النساء والأطفال لم يكن جانباً يريد
منه التركيز على الجانب المأساوي وإن كان مطلباً من المطالب وإنما أراد
كذلك أن تستمر القضية لما بعد الاستشهاد ولولا السيدة الجليلة زينب الكبرى
والإمام زين العابدين وفاطمة الصغرى وسكينة ورقية لمابقي لنهضة الحسين أي ذكر
يذكر فماهو دور هؤلاء الأبطال ؟
من يتتبع تأريخ واقعة الطف يلاحظ أن السبايا كان لهم دور بارز ومهم في كشف
الحقيقة سواء في الكوفة أو الشام لقد طيف بهؤلاء السبايا البلدان والأمويون
عاشوا نشوة الانتصار العسكري وهم في فرح وسرور ولكن لايعلمون أن هذا النصر
العسكري انهزام لقيمهم الجاهلية0
ففي الكوفة وقفت السيدة زينب وخطبت في الناس وبينت لهم أن الظلم ظلم والحق
حق وأنهم لايهنأون في حياتهم ولسوف يدركون عظم الذنب الذي اقترفوه.. أو عجبتم أن
بكت السماء دما !! وكذا عرت الحكم الأموي الفاسد الذي يدعي خلافة الرسول
الأمين ويقتل فلذة كبده الحسين الذي قال فيه الرسول ( حسين مني وأنا من حسين
أحب الله من أحب حسيناً ) إذن ماهذا الزيف الكاذب ؟
وكذا وضحت لهم أن النظام القائم لايمت للإسلام بصلة فكيف يدعون أنهم قتلوا
الخارجين عن الدين ومن هم هؤلاء الخارجون الحسين سبط النبي وريحانته أم أولاد
النبي وذريته؟!! فيزيد أولى وأبوه وجده حينما حاربوا الرسول ولم يدخلوا في
الدين إلا خوفاً من السيف وقد أطلقهم الرسول في فتح مكة حين قال اذهبوا
فأنتم الطلقاء.
وكذلك عندما وقفت السيدة زينب (ع) أمام الطاغية يزيد في الشام وقالت له بقلب
محمدي علوي حسيني:( يايزيد فكد كيدك واسع سعيك وناصب جهدك فوالله لاتمحو ذكرنا ولاتميت
وحينافهل أيامك إلا عدد وجمعك إلا بدد ) وبدأت تخبر الناس بالحقيقة وأنهم
أبناء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وبعدها قام الإمام زين العابدين
وخطب في الناس واوضح لهم أن يزيد قتل ريحانة الرسول الأعظم وانقلب الرأي
العام على يزيد وأراد اخماد الفتنة فأمر المؤذن أن يؤذن للصلاة ولم يكن وقت
صلاة أذن المؤذن إلى أن وصل أشهد أن محمداً رسول الله قال الأمام زين
العابدين يايزيد محمد هذا جدك أم جدي ؟!!! وبعدها بدأ الناس يعتذرون
للإمام زين العبدين هكذا كانت الحقيقة وكان للأطفال أدوار
أخرى.
والآن ما هو الدور الإعلامي والوسائل التي نستطيع من خلالها إيصال صوت
الحسين للعالمين ؟
أولاً ـ المنبر الحسيني التقليدي ولابد لنا أن نطور هذا المنبر ضمن النقاط
التالية
ـ وجود معاهد متخصصة لتخريج الخطباء وتعتمد على تجارب الخطباء الأولين0
ـ مشاركة أوسع من قبل الجماهير في الأحاديث التي يطرحها الخطيب عبر الأسئلةالتي
يطرحونها وعبر المشاركة الفعلية في الحوار قبل أو بعد أو حتى أثناء الخطابة
لو كانت الظروف تسمح 0
ـ مشاركة الطبقة المثقفة الواعية المؤمنة في تطوير المنبر عبر المؤتمرات
والندوات والحوارات 0
ـ أن يكون الخطيب الذي يتخصص مرهف الحس لما تعانيه الجماهير من مشاكل
وأزمات ولما تحتاج إليه الأمة من أفكار ونصائح ووصايا.
ثانياً ـ الكتب والنشرات الدورية والمجلات التي توضح الأهداف والقيم التي قام
من أجلها الإمام الحسين عليه السلام0
ثالثاًـ الإعلام المسموع والمرئي فلا بد أن تكون عندنا هذه الوسائل المؤهلة
لنشر قضية الحسين مثل المسرحيات واشرطة الفيديو والكاسيت0
رابعاً ـ وعن طريق الشبكة العنكبوتية العالمية (الانترنت) يكمن لنا أن نطرح
موضوع الطف ونتناول فيه الجوانب المشرقة عبر الحوار الهادف والمفيد0
وعبر هذه الأدوار والوسائل يتسنى لنا تقديم رؤية جديدة وواضحة لنشر مذهب أهل
البيت عليهم السلام والتمسك به والدعوة إليه0
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المراجع
الشهيد والثورة للعلامة السيدهادي المدرسي
رسالة الحسين عليه السلام لعام 1416هـ
وقام الحسين بثورة.. عبدالله الضمين. مخطوط |