الصفحة الرئيسية

مجلة النبأ

ملف عاشوراء

 
 عاشوراء الحسين 1429هـ

  عاشوراء الحسين 1428هـ

  عاشوراء الحسين 1427هـ

  عاشوراء الحسين 1426هـ

  من نبض عاشوراء 1425هـ

  من نبض عاشوراء 1424هـ

  عاشوراء في ذاكرة النبأ

 مجالس عاشوراء

 صور عاشوراء

 مواقع عاشوراء

اتصل بنا

 

 

المِنْبَرُ الخِطَابيّ الإسْلامِيّ... إلى أيّنْ ؟؟؟.

(الحلقة الثانية)

محمّد جواد سنبه

 إن الامتداد التاريخي للمنبر الاسلامي، ووجوده في ماضي وحاضر الأمّة ومستقبلها أيضاً، يجعله ليس منظومة اعلامية فحسب، وانما مؤسسة مدنية كبيرة و فاعلة في حياة المجتـمع. تعمل على انضاج الوعي المجتمعي، و تقوم بتحريك المجالات الفكرية والثقافية والسلوكية باتجاهين :

 الأوّل : طرح الافكار والمفاهيم الاسلامية وتناولها بشكل مبسط ومركز، بحيث تغني المستمع لحد ما، عن قراءة الكتب التخصصيّة في شتى الميادين، فيتم تحقيق مقولة (المجالس مدارس).

الثاني : استثارة روح مناقشة ما يتم طرحه من قضايا ومواضيع، والبحث عن مطاليبها سواءاً على مستوى البحث التخصصي، أو البحث الاثرائي (النقاشي). وبذلك يتحرك        النشاط الفكري والثقافي، فيتركان اثرهما الواضح في المجتمع. إضافة لذلك سيجد التشريع الاسلامي والقيم السلوكية، طريقهما للوصول الى المستمع، بأقل زمن وأقصر طريق وأعم فائدة، وبكل  بساطة ويسر، الى جميع شرائح المجتمع، بمختلف تنوعاته الثقافية والفكرية والقومية وحتى الدينية، (في زمن الشيخ الوائلي رحمه الله، كنا نحضر مجالسه ويحضر معنا اصدقاؤنا المسيحيون أيضاً). وجدير بالذكر ان المنبر الاسلامي اعطى حرية حركة للخطباء، قد لا تتاح لغيرهم من عناصر الاتصال بالجماهير. فمثلا يستطيع خطيب الجامع، أنْ يتصل بافراد المجتع وتوعيتهم ؛ وفي أيّ وقت يشاء. كون عمل الخطيب يقع ضمن الرقعة الجغرافية، التي يقع فيها المسجد المسؤول عنه. و يتواجد الخطيب بين الجماهير التي يخاطبها بصورة مباشرة، فضلا عن وجود وشائج شخصيّة، تربط الخطيب بالمجتمع الذي يعيش فيه، فهو من جهة خطيب مسجد المنطقة، ومن جهة ثانية فهو قدوة المجتمع الذي يعيش فيه.

إذن وسائل الاتصال بالجماهير، متاحة للاسلاميين أكثر من غيرهم. لكن مع الأسف تأثيرها في الاصلاح ضعيف. فالمطلوب من المنابر الخطابيّة الإسلاميّة، أنْ تنفتح على المجتمع بكلّ شرائحه، وتخاطب جميع الاتجاهات، وجميع المستويات معاً، بفاعلية وكفاءة عالية.  ويجب أنْ لا نفهم بأنّ الانفتاح، هو ارتقاء المنبر أمام الجماهير (بالعمامة والجبة والعباءة)، فيكون هذا الظهور، ظهوراً صورياً يملأ فراغ المنبر الخطابي، لسد (شاغر) المناسبة فقط.

 إنّ الانفتاح الذي نقصده، أنْ يكون بمثابة الانعكاس المُنْتَج، من عملية تغييرية فاعلة تحصل في المجتمع. تبلورها شبكة من الطروحات والافكار والمشاعر، التي يمكن من خلال إلقائها من قبل الخطباء، إيجاد أرضيات تفاعليّة بينها وبين المتلقين. أو على أقل تقدير التأثيرفي الساحة المحليّة. الأمر الذي سيغيّر سلوكيات المجتمع السلبية، بميولها الجاهلية والهمجية في بعض الاحيان.

ملاحظة مؤلمة : (سألت قبل أيام، أحد اليافعين من اهالي مدينة الكاظمية المقدسة، يتراوح عمره (ما بين 15- 16 سنه)، من هو الامام السجاد (عليه السلام)  ؟، فاجاب انه لا يعرف الامام السجاد، بينما يوجد تسجيل فديو، متوفر في أجهزة الموبايل يتداوله الشباب. ويظهر في هذا التسجيل، جندي امريكي يعددّ الأئمة المعصومين (عليهم السلام)، حتى يصل إلى الإمام الحجة (عج). فيضع الجندي الأمريكي يده على خوذته، تعبيراً عن الإحترام، كما يفعل محبو أهل البيت (عليهم السلام)).

أنا أؤكد هذه ليست حالة شاذة، وإنّما حالة يمكن تشخيصها بوضوح وبساطة، فلينتبه أولو المنابر لهذه الحالة. فإنّ هناك الكثير من أبناء الشعب العراقي، على مستوى من السطحية المتداعية، والجهل المخيف، بحيث لا يعرفون من أين تبدأ واجباته وحقوقه، وإلى أين تنتهي. إنّهم يفهمون الحياة، على أنّها ساحة من المباحات مفتوحة لهم، وأنّ لهم حقوقاً، ولا واجبات عليهم. وإذا كانت الحالة المشار إليها بهذا الوضع من التردي، إذن متى سيفهم أولئك الناس، أنّ أعراض ودماء وأموال الاخرين معصومة ؟. وأنّ للدولة أموالاً عامّة يجب المحافظة عليها ؟. وأنّ النظام والقانون هما الوسيلتان الأساسيتان، لحفظ كيان المجتمع وتقدمه وازدهاره ؟. فهم لا يعرفون أو لا يحترمون (جرّاء الجهل، أو الاستخفاف وعدم المبالاة) ؛ أنّ للطريق وللمارة وللرصيف وللاخرين، حقوقاً يجب احترامها. وأنّ احترام الآخر، وعدم التجاوز على حدوده، (معنوية كانت أو مادية)، هي جزء من منظومة ترابط اجتماعي. إلاّ إذا تمّ تبادل الاحترام بين الجميع. فعن طريق احترام الحقوق والواجبات، يتمّ بناء علاقات واسعة مع جميع الأطراف، وإنْ تباينت أو اختلفت وجهات نظرهم، بشأن توجهاتهم من القضية الإسلاميّة. فالمهم توجد أرضية مشتركة بين الأطـراف، لا تصل لحد القطيعة أو التناحر.

إنّ المنبر الاسلاميّ عامّة (بحاجة الآن)، إلى إعادة صياغة خطابه، الذي ابتعد في نبرته (في فترة سابقة)، عن نغمة الخطاب الإسلامي الوحدوي المعتدل. ليكون أكثر حيادية، وأخف تشنجاً، وأعظم انسجاماً مما مضى، وهذه امانة شرعيّة واخلاقيّة وتاريخيّة، يتحملها خطباء المنبر الاسلاميّ.

أمّا المنبر الحسيني خاصة، فهو بحاجة إلى إعادة نظر، ابتداءاً من خطابه الذي يطرح على المجتمع، ووصولاً إلى ثقافة وعلميّة وموسوعيّة الخطباء. فضلاً عن انضاج وعيهم، وتوسيع مداركهم بالحكمة والتعقل والاتزان. وكذلك تبنيهم لخطاب إسلامي، يلبّي احتياج المرحلة الراهنة، التي تشهد حالة شديدة من الإهمال، وأبسط شاهد على تداعياتها، ما حصل في العراق في السنوات المنصرمة. كلّ ذلك لغرض التصدي لمرحلة التحديات الكبيرة، التي تتبنى رسم سياستها، دول لها اليد الطولى في الساحة العراقيّة. راصدة هذه الدول الأموال الطائلة، ومخصصة الرجال المجندة، من أجل تغيير بنية الشعب العراقي وتطويعها، بما يتماشى لخدمة مصالحها الاقتصادية، ورؤيتها العقائدية. إنّها محاولة دول معيّنة، لاحتواء الانسان العراقي، ومصادرته لصالحها، على المستوى العقائدي والفكري والثقافي والسلوكي والنفسي. فيجب على جميع العراقيين، تحمّل مسؤوليّة العمل التوعوي للمجتمع العراقي، كلّ من موقعه، وكلّ حسب اختصاصه، وكلّ في عمله، والله من وراء القصد.  

وللحديث صلة ان شاء الله تعالى.

* كاتب وباحث عراقي

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الاحد 24 شباط/2008 - 16/صفر/1429

 

أفضل مشاهدة 600 × 800 مع اكسبلورر 5

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م

[email protected]