يا صاحبي صارَ سكبُ الدمع تلحيني =
وضيقُ صدري مع الآهات تلويني
يا صاحبي ما بقى للعين من وجعي =
بعضُ الدموع ولا نامت فترويني
الأفق بؤسٌ وقلبُ الكون منكسرٌ =
والبحرُ نارٌ بحزن الماء والطين
الصخرُ والقللُ الصمّاء هاوية =
والكائناتُ كحبّ في طواحين
الحزنُ أسمى من الأقلام توصفه =
والعسرُ جمٌ فلم يجمعْ بتدوين
هذا ليوم بكت افلاكنا عجبا = واحمرت
الأرضُ من نحر القرابين
يومٌ به ذبحت للمصطفى مهج = وأنهزت
الزهراءُ من فعل الشياطين
يومٌ جيادُ شرار الخلق واطئة = صدرَ
الحفيد وغصنا من رياحين
يومٌ وحقك يُسقي الخلقَ في كرم =
عذبَ الينابيع من خلق ومن دين
الظلمُ منه مع التمكين منهزمٌ =
والجرحُ صوتٌ علا صوتَ السكاكين
هم علية بزغت بالنور فالقة = عتمَ
الظلام كفجر في بساتين
قادوا بعزّ جيادَ الموت تصحبهم =
كالعرس أبوابُ فتح للمجيبين
هدوا المظالم والتيجان واقتطعوا =
رأسَ النفاق وخدامَ الفراعين
جمعٌ يضمُ من الأصحاب خيرتهم = من
أهل بدر ومن فتح وصفين
لم يبقوا للجور ليلا يرتوي نغما = أو
يقضي العمرَ في الديباج والعين
ماذا أقول وهل في القول من وسع = في
وصف كرب على ذبح الميامين
حزنٌ يخففه الأيمان أنّهمو = بالنصر
فازوا وفازوا بالموازين
أبكى الرسولَ حسينٌ قبل مصرعه =
فالحزن من سنن المبعوث ياسين
العينُ تدمعُ يا سبطَ الرسول فلا =
عيني تجفُ ولا حزني يواسيني
ما ذنب جثته بالرمل عارية = من دون
قبر وحال كالمباحين
هبّتْ بسنـّته الأحزانُ تعصرني=
والحزنُ فرضٌ على صدق المحبين
يا كربلاءُ اليك الشوق يورقني =
والبعدُ عنك سقاني ماءَ غسلين
فيك الشهيدُ وفيك البدرُ منتصبا =
كالنار تعلو بجمر من براكين
فيك القبابُ لها في الأفق سارية =
تحي الزمانَ بأنوار المناجين
يا كربلاءُ خذيني من لضى ألمي =
فالقلبُ ينزفُ من لهب الشرايين
ياكربلاءُ اليك الخلقُ لاهفة = من
تؤمين هما سينٌ اخو الشين
في كل عصر بك الأحرارُ اقتبسوا =
صدقَ العزائم في رفض الطواعين
أرض وحقك للدنيا منارتها = للتائهين
ملاذا دون تلقين
اسألْ لمن شأتَ من بدو ومن عجم = عن
كربلاءَ وعن قتل لميمون
الكلُ يعرف إن السبط مأذنة =
والقاتلونَ لهم سوءُ العناوين
يا صاحبَ الفتح قد أشرقت في زمن =
فيه النفاقُ بنا حكمَ السلاطين
قد قدّت وثبا الى الأصلاح غايته =
كالسيف تحمله أيدي المهابين
يأتي اليك على السيقان في ولع = من
كل فج وفودٌ من ملايين
مالي بقبر كأن الشمس طلعته = يحوي
الحياة ويحوي خيرَ مدفون
قبران شمسٌ وبدرٌ كان نورهما =
بالحشد ضموا برغم من زنازين
يا قبة المجد والأصلاح خالدة = طولَ
الدهور بنهج للموالين
منك الشموخُ الى الدنيا يوجهها = فكر
وسيف على صدر المرابين
تحت القباب عيون من دم وهج = يروي
الحياة ويهدي من قرائين
هذا القتيل يعيش الخلد منتصرا =
والقاتلونَ ضياع رغم تمكين
هذا القتيلُ قلوبُ الخلق مسكنه =
والقاتلون تراب في درابين
ما كنت تخرج للأصلاح في كفن = لولا
الفساد ولولا سطو مفتون
فتحا بدأت فيا مرحى لمن تبعوا = صوت
النداء وصاروا من منادين
تمشي وروحك للأيتام حاضنة = هذا ذبيح
وهذي أم مطعون
من بعد ما قتل الأحباب في عطش =
واحمرت الأرض من قتلى الميادين
الأخت تجلب للأيمان في فزع = خيلَ
المنايا ودمع العين بالعين
قبل الظهيرة والميدانُ في لهب =
الطفلُ يُذبحُ والأعناقُ من سبعين
بين الذبائح والأوصال مرتجلا = فردا
وقفت بلا وزر ولا عون
تبكي على قاتليك الدهر في وجع =
والرافضين لسبط بعد تبين
هذه الصفات لأهل البيت زينتهم =
والكارهون لهم خلق المعابين
طفلٌ بلا لبن قد جفّ من عطش = بالسهم
يرمى , فذبح دون تأبين
العرق ينزف والعينان في فزع = كالطير
مرتعشا في حضن شاهين
يابنت فاطمة الزهراء صبركموا = قد
فاق وصفا بكتب أو دواوين
جأتي بركب وأهل البيت زينته = والفضل
فيه كبدر للمباهين
بعد المصاب رجعت البيت خالية = من
خير حشد ومن فضل وتمكين
الركب أصبح يا بنت الرسول كمن = في
العش بات جريحا دون تحصين
الطف في الأرض بستان وساقية = ملء
الثمار , لها أشدو فتحيني
يا نهضة السبط قد غيرت من عرف =
السيف يعلو على جرح وتدوين
الجرح فيك خلود ما له سكن = والسيف
بال كخرق ساء تكوين
هذا المصاب لنا هدي ومدرسة = أن لا
نوالي طغاة ً من فراعين
حزنٌ وحبٌ وأيمانٌ ومنزلة = فيها
الجنانُ فيا ربحَ المواسين |