في الاسابيع الاخيرة أصدر رجال دين
سعوديون من المذهب الوهابي مرتبطين بالسلطات فتاوى تهاجم الشيعة
بوصفهم كفارا، كما دعى عبدالله بن جبرين في موقعه على الانترنت في
الى طرد الشيعة من الأراضي السنية. كما دعى ملك السعودية الى
مواجهة الامتداد الشيعي. فما هو موقع الشيعة بالسعودية وماهي
اوضاعهم وكيف يمارسون حرياتهم الدينية والشخصية؟
هذا التقرير يلقي الضوء على القمع
الديني والسياسي والاضطهاد الطائفي الذي يتعرض له الشيعة في
السعودية خصوصا من ناحية حرياتهم الدينية.
فقد استدعت سلطات البحث الجنائي
بسيهات في محافظة القطيف الأسبوع الماضي القائمين على أحد المواكب
الحسينية للاشتباه بوقوف الموكب خلف تأسيس قناة فضائية شيعية برزت
مؤخرا.
واستدعت السلطات القائم على حسينية
وموكب الإمام الحسين الحاج معتوق المسكين واثنين من مساعديه
للاشتباه بوقوفهم خلف تأسيس فضائية «فورتين CH14».
وتخصصت القناة المذكورة ببث مقاطع
اللطميات الشيعية والانشاد الديني والنعي الحسيني.
ويقول مهتمون بالشأن العام لشبكة
راصد الأخبارية أن القناة المذكورة كويتية المنشأ وأن تكرر بث
الانتاجات الحسينية الخاصة بموكب الامام الحسين ومواكب محلية أخرى
دفع السلطات على ما يبدو للاشتباه في انطلاق بث القناة من المنطقة.
وتناقل العديدون في المنطقة مع مطلع
عاشوراء تردد القناة عبر رسائل الجوال باعتبارها قناة قطيفية.
ويسخر مقربون من موكب الإمام الحسين
من الاستدعاء الأمني بالقول أنه «جاء لمجرد ظهور أسماء بعض رواد
الموكب ضمن الكليبات العزائية التي بثتها القناة..»
واستنتجوا بأن «ذلك ما دفع السلطات
لمسائلتهم عن مركز بث القناة في سيهات والاجهزة ومعدات الإرسال
الفضائي المستخدمة.»
وفي نفس السياق ومع مطلع عاشوراء
المصادف للثلث الاخير من يناير فوجيء "صادق" وهو أحد سكان حي
الفيصلية بمدينة الهفوف باستدعاء السلطات الأمنية له، دون أن يعلم
أي سبب وجيه لهذا الاستدعاء، وعندما راجع ادارة المباحث أجبر هناك
على توقيع تعهد خطي بأن يلتزم بإنزال علم أسود كان قد رفعه على باب
داره تعبيرا عن الحزن على مقتل الامام الحسين.
وتعكس قصة هذا الشاب الثلاثيني مستوى
الرقابة والضغط الأمني الذي تتعرض له الواحة الزراعية الواقعة شرق
المملكة والتي يشكل المسلمون الشيعة غالبية سكانها.
فعلى النقيض تماما مما تشهده المجالس
والمسيرات العزائية الشيعية العلنية في مختلف أقطار العالم بمناسبة
عاشوراء تمنع السلطات السعودية على الأحسائيين ابداء أي مظاهر عامة
تعبر عن هذه المناسبة.
ويقول أبو محمد المشرف على أحدى
الحسينيات الكبيرة في الأحساء «نحن ممنوعون من تعليق مكبرات الصوت
خارج الحسينية..»
وفي مدينة المبرز أُنذرت العام
الماضي احدى الحسينيات التي تشهد عادة اكتظاظا بالمستمعين
للمحاضرات العاشورائية انذرت بالاغلاق ان هي سمحت بجلوس أي من
روادها المستمعين خارج الحسينية.
ويكتفي عشرات الآلاف من السكان بحضور
المجالس الحسينية التي تكون منعقدة على مدار اليوم تقريبا دون
ابداء أي أنشطة علنية خارج تلك الحسينيات.
ويضيف أبو محمد «في القرى ربما يكون
الوضع أفضل نسبيا من المدينة» في اشارة إلى اقامة العشرات من القرى
الأحسائية لمراسم دينية أكثر حرية من تلك الموجودة بالمدن الكبيرة
كالهفوف والمبرز.
ويوضح «قد لا تتعدى تلك الحرية أكثر
من استعمال الساحات الخارجية لجلوس المستمعين أو اقامة بعض الأنشطة
المحدودة..»
لوحة مشاركة في المعرض الملغى «وحي
عاشوراء» بالهفوف وتقتصر العديد من الحسينيات على اقامة المحاضرات
الدينية والعزاء الحسيني وانشاد اللطميات داخل أسوار تلك
الحسينيات.
ويصاحب ذكرى عاشوراء عادة اقامة
العديد من الأنشطة الثقافية والدينية والاجتماعية.. التي تقف
السلطات لبعضها بالمرصاد.
فقد الغت السلطات هذا العام الحملة
السنوية للتبرع بالدم والتي تقام تزامنا مع أيام عاشوراء وتشهد
عادة اقبالا كبيرا من الأهالي فيما يذّكر ذلك بحظر مماثل أمر به
محافظ الأحساء في العام الماضي يمنع اقامة معرض للرسوم التشكيلية
كان قد اقيم لذات المناسبة كما تنقل ذلك شبكة راصد.
وصودرت في ذلك الوقت العشرات من
اللوحات المشاركة في المعرض.
ويقول رجل دين يرتدي الغترة الخليجية
البيضاء بخلاف العمامة المعروفة لدى العلماء الشيعة أن «الوضع أفضل
نسبيا مما كان عليه قبل سنوات لكنه لم يرق للمستوى المطلوب.. فسوط
الملاحقة الأمنية لا زال مسلطا.»
ويضيف «قبل عدة سنوات اعتدى احد
الاجهزة الحكومية بالضرب على مؤذن مسن أدى لوفاته لتلفظه بعبارة
«أشهد أن عليا ولي الله» أثناء الأذان وقد طويت القضية ولم يقدم
الفاعلون للمحاكمة.»
وكان يشير إلى من عرف بـ "شهيد لا
اله إلا الله" المؤذن الحاج أحمد الملبلب والذي اعتدى عليه أفراد
من هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ووردت قضيته ضمن تقارير
حقوقية دولية.
ويعلق أحد المثقفين في الأحساء على
استدعاء "صادق" بالقول «أن يستدعى أحد لتعليقه مجرد قطعة قماش
سوداء على سطح بيته فهذا يذكر بممارسات الأنظمة الشمولية بحق
الناس..»
ويضيف «أعتقد بأن الأمر عائد في جزء
منه على الأقل لتصرفات شخصية لدى بعض المنتسبين للهيئات الدينية
والسلطات الأمنية».
إلا انه يستطرد بالقول «ذلك لا ينفي
وجود سياسة اقصاء رسمية معتمدة.. فبرغم الثقل السكاني للشيعة في
المحافظة إلا انه لا يوجد لدينا مدير مدرسة شيعي واحد، فضلا عن
ادارة أي قطاع حكومي آخر».
وفي وقت سابق عمدت ادارة احدى
المدارس الثانوية بداية العام الدراسي الجاري الى ابعاد العديد من
الطلبة الشيعة إلى مدارس بعيدة عن أحيائهم كعقوبة لابدائهم مظاهر
الفرح في المولد النبوي الشريف.
كما حظرت السلطات الأمنية في الأحساء
الشهر الماضي (12) منتدى ثقافيا دونما اعتبار للهوية المذهبية
للقائمين عليها.
وتوجد في الأحساء حوزة علمية على
غرار الحوزات العلمية في العراق وايران ويدرس بها العشرات من طلبة
العلوم الشرعية ورجال الدين.
كما أن بها محكمة شيعية رسمية
للأوقاف والمواريث لا تتمتع سوى بصلاحيات محدودة.
ويمثل الشيعة غالبية السكان في
الأحساء وقد حققوا نتيجة ساحقة في انتخابات المجلس البلدي التي جرت
مطلع 2005 بنيل مرشحيهم خمسة من أصل ستة مقاعد منتخبة.
وتنقل شبكة راصد ان إمارة المنطقة
الشرقية حظرت أواخر عاشوراء إقامة مجلس حسيني يحضره المئات من
الشيعة أقيم بمدينة حفر الباطن بعد شكاوى تقدم بها سلفيون بهيئة
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
ويقول شاهد عيان أن المئات من
العاملين الشيعة الذين ينتمي العديد منهم لمناطق الأحساء والدمام
والقطيف اعتادوا سنويا على إقامة المجالس الحسينية بعاشوراء علنا
وبمعرفة من جيرانهم في المدينة.
ويضيف بأن سلفيون تابعون «للهيئة»
عملوا على تخريب المجلس تقدموا بشكوى لدى شرطة المدينة التي كانت
على علم مسبق بإقامة المجلس.
ويشير شاهد العيان وهو أحد مرتادي
المجلس المحظور والمقام بإحدى الاستراحات العامة إلى أن السلفيين
تقدموا بشكوى ممثالة لدى إمارة المنطقة الشرقية.
وأصدرت الإمارة إثر ذلك أمرا فوريا
بحظر إقامة المجلس.
واستدعت إدارة البحث الجنائي بحفر
الباطن ثلاثة من القائمين على المجلس وأخذت عليهم التعهدات الخطية
بذلك.
ويقيم الآلاف من العاملين الشيعة في
القطاعات الحكومية والعامة بمدن سعودية مختلفة المجالس الحسينية
بمناسبة عاشوراء التي تعد إحدى أكثر المناسبات الدينية المشحونة
بالعواطف لدى الشيعة عبر العالم.
ويقول مراقبون بأن تصرف الإمارة يأتي
بعد أسبوع مشحون بالأجواء الطائفية التي استغل فيها متطرفون
تصريحات الملك عبد الله حول مزاعم بجهود على «تشييع» أبناء السنة.
وتحولت العديد من خطب الجمعة في
الدمام ومدن سعودية أخرى إلى مناسبة للهجوم على الشيعة والعقائد
الشيعية بأقذع الألفاظ غير اللائقة على خلفية الأوضاع في العراق
ومناسبة عاشوراء.
هذا ونشرت صحيفة الهيرالد تريبيون
الدولية الصادرة بتاريخ 29 يناير 2007، مقالا تحت عنوان بـ«الغطاء
الطائفي يلقي بظلاله على استعدادات الشيعة في احياء ذكرى عاشوراء».
وأبرز المقال مخاوف الشيعة من
استمرار الفتاوي المضادة للشيعة.
ففي استطلاع للرأي أبدى عبدالله عبد
الحسين قلقه من صمت الحكومة إزاء دعوات التكفير ضد الشيعة من قبل
كبار رجال الدين السنة وكذلك من تزايد وتيرة العنف الطائفي في
العراق والتي قد تهدد لبنان أيضا وقد تصل إلى بلده.
وأضاف عبدالحسين أن هذه الدعوات تحرض
على المشاكل في اشارة لفتوى صدرت مؤخرا من أحد رجال الدين والتي
يدعو فيها أهل السنة في العالم طرد الشيعة من أراضيهم.
ويتابع عبد الحسين القول «كلنا
مواطنون في دولة واحدة والحكومة يجب أن لا تسمح بمثل هذا التطرف».
وتتابع الصحيفة القول أن المخاوف من
الشد الطائفي تذهب في مداها لأبعد من الواحة الهادئة في شرق
السعودية والتي تتركز فيها الأقلية من شيعة المملكة.
فسفك الدماء في العراق والاحتقان في
لبنان ألهب الانقسام الشيعي السني في الشرق الأوسط وفي أماكن عدة
من العالم الاسلامي حتى وصل لنقطة يحذر الكثير من أنها قد تنفجر.
ففي القطيف بالمملكة العربية
السعودية غطت الأعلام السوداء بعض الشوارع في اشارة لحالة الحزن
على الامام الحسين.
وتنتشر أدعية عاشوراء من المساجد كما
تنتشر قطع من السجاد في ساحة ضخمة استعدادا لإحياء مشاهد مقتل
الحسين.
وتواصل الصحيفة تغطيتها بالقول: تم
السماح للشيعة السعوديين بممارسة شعائرهم الدينية واحياء ذكرى
عاشوراء في السنتين الأخيرتين مثل الضرب على الصدور في مسيرات
حاشدة حزنا على مقتل الحسين.
ولكن لا زال هناك أنواع اخرى من
التمييز الطائفي فالشيعة يقولون أنهم ممنوعون من المراكز الحكومية
الوطنية والمحلية الحساسة مثل الجيش والمدارس والمستشفيات.
كما أن رجال الدين المتطرفين
والمحسوبين على الحكومة يتكلمون علنا ضد الشيعة. فهاهو احد رجال
الدين الكبار، عبدالرحمن البراك، صرح مؤخرا بقوله أن الشيعة أسوأ
من اليهود والنصارى.
وعالم آخر دعى لطرد الشيعة. والتفسير
الوهابي المتشدد للإسلام السني والذي تنتهجه المملكة يرى أن الشيعة
كفار.
صحيفة الواشنطون بوست في عددها
الصادر بتاريخ 31 يناير 2007، نشرت مقالا تحت عنوان «شيعة السعودية
يستلهمون دعما من تراث الشهيد المبجل». بقولها: الشيعة لم يسمح لهم
بممارسة مراسم عاشوراء إلا في الأونة الأخيرة. ولكن الخوف في
العالم العربي من تنامي النفوذ الشيعي أثار قلقا في أوساط الشيعة
محليا من خسارة بعض التقدم جراء الاحتقان الطائفي.
وتتابع الصحيفة القول: أن الشيعة
والذين يمثلون 15 بالمائة من الـ 16 مليون مواطن بالمملكة، يعتبرون
كفارا في فكر الوهابية السني المتبع في السعودية.
عبدالله بن جبرين وهو أحد رموز رجال
الدين السعوديين كتب في موقعه على الانترنت في الاسبوع المنصرم أنه
يتوجب طرد الشيعة من الأراضي السنية.
كما تطرقت الصحيفة للمقابلة التي
اجريت مع الملك عبدالله مع صحيفة السياسة الكويتية والتي قال فيها
الملك أن السنة محصنون من التحول وأنهم سيحتفظون بغالبيتهم
التاريخية. |