يوم عاشوراء.. اليوم الذي
بكت السماء والارض فيه دما، وافجع المسلمين والانسانية قاطبة،
باستشهاد ابا الاحرار وسيد الابرار ابي عبد الله الحسين(ع).
وهو اليوم الذي وعد به رسول الله(ص)
سبطه باستشهاده على ثرى ارض كربلاء، ليكون مفترق الطرق الصعب الذي
بين حقيقة الرسالة المحمدية ويكشف عن مسارها القويم ويعري انحراف
السلطة وزيفها.
ولتتجسد اعظم ملحمة عرفها التاريخ
بين الحق والباطل، بين الظلمة والنور، بين ال الرسول(ص) وال
الشيطان المتمثل بال امية ومن لف لفيفهم، وتبزغ حقيقة الايمان على
الكفر والارادة على الجبن والتضحية على التردد والانكفاء، وتخلد
قضية الحسين(ع) على مر الازمنة والعصور، نبراسا للتحرر ومنطلقا
للتصدي لكل شكل من اشكال العبودية والتسلط، ويدخل مزبلة التاريخ كل
من شارك او ايد او رضى بمادار على بيت النبوة في ارض الطفوف.
وفي كل عام يحيي محبو ال البيت(ع)
وشيعتهم ذكرى استشهاد الامام الحسين (ع) في العاشر من محرم الحرام،
يوم عاشوراء، فقبل ان يؤذن لصلاة الظهر تنصب عدد من الخيام المهيئة
للحرق كتشبيه بمخيم الامام الحسين (ع) في اثناء المعركة، وتقوم
المواكب بتجسيد فرس الحسين وهو عائد الى المخيم وقد اثخنته السهام.
وينطلق بعدها موكب شبيه لزبانية جيش
ابن زياد وعلى راسهم الشمر لعنهم الله اجمعين لحرق المخيم الحسيني
بعد اذان الظهر مباشرة، وهم يحملون المشاعل والسلاسل والقضبان،
يطلقون الضحكات والصيحات على اطفال المخيم، في مشهد مؤلم وحزين تضج
به صرخات وبكاءالمتجمهرين حول المخيم، ليختموا المشهد بحرق هذه
الخيام كما احرقها جيش ابن زياد لعنه الله على رؤوس نساء واطفال
الحسين عليهم السلام.
وفي تلك الاثناء تنطلق افواج الناس
لاطمه باكية لما حل بالامام(ع) الى الروضة الحسينة المطهرة قبل
مرورها بالروضة العباسية مختتمة في صحن مقام المخيم الحسيني في
عزاء خص بيوم عاشوراء، سمي بعزاء طويريج، كتعبير لفاجعتهم
ومواساتهم لما حل بالامام الحسين (ع) واهل بيته في كربلاء، معلنين
ولائهم ونصرتهم لال الرسول (ص)، وهو تقليد متبع منذ زمن بعيد.
وقد تعددت الروايات لمغزى هذا
التقليد، فمنهم من عزاه كتقليد للعشائر التي كانت تستوطن اطراف
كربلاء انذاك والتي اتت مسرعة لنصرة الحسين(ع)، ومن المؤرخين يعزوه
الى السيدة زينب عليها السلام حين تركة المخيم مهرولة صوب جسد
الحسين(ع) ثم الجسد اخيها ابا الفضل العباس، لتعود الى الاطفال
والنسوة في المخيم بعد ان انقض عليهم جيش ابن زياد.
ولكن انطلاق عزاء طويريج هذه الايام
يكون من قنطرة السلام الواقعة شمال مدينة كربلاء بعد في الطريق
المؤدي الى قضاء طويريج والذي قرن به اسم العزاء، بعد ان تتجمهر
هناك الافواج القادمة من مختلف مناطق ومدن العراق وخارجة، لتنطلق
بعد صلاة الظهر صوب المدينة المقدسة.
وتظهر التقديرات ان اعداد المشاركين
كل عام يتجاوز المليون زائر، حيث يقطع العزاء مسافة ثلاثة
كيلومترات دون انقطاع، ويستمر لما يقرب ثلاثة ساعات متواصلة
لانتهائه، سير العزاء يكون جريا وليس مشيا ليتماشا مع الموروش،
لذايطلق عليه ايضا اسم (الركضة).
وقد جرت المراسيم هذا العام دون ان
تسجل اي حالة خرق امني او عمل ارهابي، كون الشعائر والمدينة تستهدف
كل عام في هذا الوقت من قبل ارهابي القاعدة وازلام النظام السابق.
|