الشيعة في البحرين حضور كبير في عاشوراء وتأكيد على الوحدة الوطنية

 يبدو الشيعة في البحرين مصممين على ألا يدعوا المتاعب الطائفية في اماكن اخرى من الشرق الاوسط تفسد احتفالاتهم بمناسبة عاشوراء هذا العام التي لم يسبقها توتر كبير بالمقارنة باعوام سابقة كما تنقل رويترز ذلك.

وشارك الاف من الرجال والنساء المتشحين بالسواد في مواكب تسبق عاشوراء يوم الاثنين في الشوارع الضيقة للسوق القديم بالمنامة حيث عاشت اجيال من الاغلبية الشيعية في الجزيرة جنبا الى جنب مع مواطنيهم السنة.

قال محمد علي وهو يراقب احد المواكب التي يتذكر فيها الشيعة مقتل الامام الحسين "لن نسمح اطلاقا لما حدث في العراق ولبنان بالحدوث هنا. البحرين صغيرة جدا ومثقفة وتتمتع بعقل متفتح."

وتتمتع البحرين حليف الولايات المتحدة التي يقودها السنة بسمعة طيبة كأكثر الدول تحررا في منطقة الخليج المحافظة.

وسارت مواكب من الشبان وسط الحشود وهو يضربون صدورهم بقبضاتهم ويضربون انفسهم بالسلاسل لتمثيل معاناة الحسين.

وظهر اخرون في ثياب الحسين مكتملة بالجروح المزيفة مثل سيف يمر عبر الرأس وسهم يخترق العين يسيرون وسط الحشد محمولين فوق جياد مغطاة باقمشة زاهية.

وقتل الامام الحسين واتباعه في عام 680 الميلادي على ايدي جيش الخليفة المقيم في دمشق. ويعتبر المذهب الشيعي الامام الحسين وعائلته زعماء شرعيين للمسلمين من خلال صلة النسب بالنبي محمد.

وهذا ما جعلهم على خلاف على مدى القرون مع السنة الذين يهيمنون على العالم العربي.

وقال متفرج آخر على المواكب هو ميرزا عبد الرسول ان تخفيفا نسبيا لقبضة اجهزة الامن ساعد في ازالة التوتر.

وقال "الشكوى في المساجد من نقص الوظائف لو قلت ذلك قبل بضعة اعوام لوضعت في السجن. الان يمكن التحدث مع رجال الشرطة عن ذلك."

وكانت الشرطة غير مرئية تقريبا خلال مرور المواكب.

وشهدت البحرين قلاقل سياسية في الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي معظمها نتيجة مطالبة الشيعة بالمزيد من الحقوق من الحكام السنة للبلاد. وفي عام 1999 ادخل الملك حمد بن عيسى ال خليفة اصلاحات سياسية من بينها العفو عن المسجونين السياسيين.

وفي اواخر العام الماضي خاضت جمعية الوفاق الوطني الاسلامية اكبر جماعة شيعية في البحرين الانتخابات البرلمانية للمرة الاولى وفازت بسبعة عشر مقعدا من مقاعد البرلمان الاربعين.

وحضر بعض السنة مواكب ما قبل عاشوراء ليقابلوا اصدقاءهم الشيعة.

قال وليد خالد السني وهو يشاهد المواكب "نشأت في هذه المنطقة هذا هو الحي الذي اعيش فيه المنازل سنية شيعية سنية شيعية. حجمنا صغير جدا ونعيش متلاصقين لدرجة تستبعد الصراع الطائفي وهو ما لن يسمح به ابدا."

وفي احتفالات مآتم المنامة بهذه المناسبة تم إعادة الطقوس الدينية مثل القراءة التي استعرضت الواقعة وتصويرها شعرا ونثرا وبالهجاء والمديح وذلك حسب الموقف الذي يقتضيه تصوير المعركة وما جرى فيها من تسامح وصبر وبطولة وتحمل المشاق والدعوة إلى الصلاح والإصلاح حيث قال الحسين في هذا الصدد: (إنما خرجت لأقيم الإصلاح في أمة جدي) أي بمعنى أن الحسين كان يهدف بالمقاومة عدم الخنوع لمطالب المعسكر المضاد وعدم الموافقة على ان يكون يزيد بن معاوية الذي ورث الخلافة عن أبيه مباشرة خليفة وقائدا للأمة الإسلامية التي تجاوزت حدودها الشام والعراق والجزيرة العربية.

 ومن جهة ثانية كما تنقل صحيفة اخبار الخليج رافقت القراءة الحسينية بالمنامة مواكب العزاء الهادئة والمعروفة بضرب الصدر مع بعض الإضافات الإبداعية هنا وهناك تجلت في التمثيل والتصوير والتسجيلات والضيافة في المخيمات وتقديم الماء والأكل والشراب بالمجان مما يكرس العمل التطوعي ونشر الثقافة التطوعية لخدمة الدين والمجتمع. كما لاح في أفق نهاية شارع الشيخ عبدالله حيث يوجد مآتم الصفافير والعريض وبن رجب لافتات لا تمانع التطبير ويقصد به (ضرب الرأس بأداة حادة) مشفوعا هذا العمل بمقولات للشيخ علي الكوراني يقول فيها (التطبير في أيام عاشوراء هو حالة استنفارية لعاطفة شباب الطائفة الشيعية حزنا على الحسين سيد الشهداء).. كما ان سماحة الشيخ عبدالعظيم المهتدي أيدها فقهيا يليها لافتة أخرى كتب عليها حديث للغمام الصادق: (إن البكاء والجزع مكروه للعبد في كل فرع ما خلا البكاء على الحسين) تليها لا فتة أخرى تبين الى أي مدى كان الإمام الحسين صابرا ومسالما حيث قال: (أكره ان ابدأهم بالقتال).

زيارة ميدانية وفي زيارة ميدانية صباح أمس إلى مآتم بن زبر سمعنا أحد القراء البحرينيين يتناول عدة أمور منها: العلاقة بين الزوج والزوجة وتربية الأولاد وحق الوالد على الولد وحق الولد على الوالد وخاصة فيما يتعلق بالتربية الإسلامية الصحيحة وضبط النفس والحلم والتحكم فيها وقت الغضب من مكارم الأخلاق وآدابها، هذا بالإضافة إلى أهمية تعليم الابن الكتابة والقراءة والسباحة والرماية وركوب الخيل أي تنشئة الأبناء تنشئة رياضية سليمة هذا بالإضافة إلى أهمية تأكيد التضحية من أجل الحق والدين والوطن. وقد عرفنا من أحد المواطنين القادمين من أرض الاحساء بالمملكة العربية السعودية وشاركه في الرأي بحرينيون ان الأيام الأخيرة من احتفالات محرم لا يجب التركيز فيها على تقديم النصائح وتوجيه الإرشادات للمستمعين الذين قدموا من مختلف المناطق في البحرين ومن خارجها خاصة من المنطقة الشرقية بالسعودية ، جاءوا للاستفادة من المعاني العظيمة للواقعة والدروس المستفيضة من استشهاد الإمام الحسين وصبره وجهاده وذلك على أساس ان معظم الحاضرين يعون أهمية التربية ويعرف كيف يربون النشء جيدا. إلا ان هناك رأي آخر يعتقد أن من الضرورة أن يتطرق المتحدث الذي يصعد المنبر الحسيني في هذه المناسبة العظيمة الى العلاقات بين الناس سواء بين الأب وابنه أو بين الزوج والزوجة وبين الحاكم والمحكوم ويجب الا تهمل هذه الجوانب، فسألناه: لماذا هذا التصور لديك؟ فقال: لان المناسبة عظيمة وكبيرة وتجمع هذا العدد الهائل من الناس، فيجب ان يستفيد الناس القادمون للاستماع إلى ما يقوله رجل الدين سواء من خلال استعراض تاريخ القضية وأسبابها والمعركة وكيف بدأت والى أين انتهت وما هي نتائجها؟ بالإضافة إلى النصائح والتعاليم العامة في الحياة سواء التي تحدد العلاقات بين أفراد المجتمع على اختلاف مستوياتهم ومواقعهم.

شبكة النبأ المعلوماتية / ملف عاشوراء 1428هـ