الصفحة الرئيسية

مجلة النبأ

ملف عاشوراء

 

  عاشوراء الحسين 1428هـ

  عاشوراء الحسين 1427هـ

  عاشوراء الحسين 1426هـ

  من نبض عاشوراء 1425هـ

  من نبض عاشوراء 1424هـ

  عاشوراء في ذاكرة النبأ

 مجالس عاشوراء

 صور عاشوراء

 مواقع عاشوراء

اتصل بنا

 

 

عاشوراء بين مفهومين متناقضين

رفعت الواسطي

هل نحن أمام مفترق خطير بين اللاعودة الى نقطة البداية وبين الانحطاط الى حد المسخ ؟.

سؤال يبدو استفزازيا مع عنوان المقال(عاشوراء) والذي يفترض ان يكون لهذا الرمز معنى معنويا دافعا لتحقيق قفزات عظيمة للشخصية الاسلامية.

مالمقصود في اللاعودة؟ الى أية عودة اطالب بها وأي مسخ اخشى منه؟.

 المتتبع لقصة عاشوراء وملحمتها العظيمة في مواقف رموزها الابطال ممن آثروا مصارع الكرام وأعلنوها صراحة (هيهات منا الذلة) ندرك جملة من المعطيات الهامة في مسيرة الانسان وفي هويته الانتمائية للعنصر البشري عموما وواجباته ومسؤولياته التكليفية كمسلمين خصوصا. اود الوقوف عند أهمها وحسب منظوري المتواضع:

1-    خروج الامام الحسين عليه السلام من مكة والمدينة الى العراق هو صعود اختياري لنهاية مشخصة من قبله (عليه السلام) [ من هوان الدنيا] هو لايسعى الى حتفه بل الى اقامة الحجة من حيث امامته وقيادته الروحية، فالامام لايفر كما اشير اليه الى اليمن او الحجاز انما يستمر في صعوده في المواجهة مع الطغاة لان المرحلة تحتاج الى تصعيد،بعد ان تهيأة أسباب الحجة  المقامة عليه من خلال المكاتبات. والوضع السياسي والاجتماعي للأمة في زمن الامام الشهيد ليس كزمن ألائمة من بعده.

2-    حركة الامام حركة اصلاحية متفق عليها ( جئت لآمر بالمعروف وأنهى عن المنكر)

( ألاترون أن الحق لايعمل به؟). وكل حركة اصلاحية تحتاج الى مواقف مبدأية لاتهاون او مجاملة فيها لأي طرف كان. وأول المواقف هي معارضته لتولي يزيد الخلافة وقد صرح الامام الشهيد نصا[ يزيد قاتل النفس المحترمة شارب للخمر ومثلي لايبايع مثله].

3-    حجم الانتهاك في التمادي بالغطرسة والغرور من قبل يزيد بن معاوية أوجد رد فعل لايمكن التهاون او التأخير عن اعلانه، لذلك خروج الامام الحسين الشهيد في موسم الحج متوجها الى المدينة لزيارة قبر جده المصطفى ويجدد له عهد التمسك بالثوابت الاسلامية التي تعد خطا أحمر ومن جملتها ( ماخرجت أشرا ولابطرا ولاظالما أو مفسدا انما خرجت لطلب الاصلاح في امة جدي رسول الله، جئت لآمر بالمعروف وأنهى عن المنكر وأسير بسيرة جدي ). هنا لنا وقفة مع زيارة الحسين الشهيد لقبر جده المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم) حيث ان الامام هو الاقرب من حيث الفهم القرآني والسنة النبوية المطهرة قطع الامام حج بيت الله الحرام لمواجهة طغيان يزيد بين معاوية والانحراف الخطير الذي أصاب الأمة  ليبدأ رحلته من زيارة قبر جده في المدينة فربط الامام بين المواجهة والزيارة، فلو كان القبر لايشكل شيئا من الناحية العقائدية او يعد امرا غير مهم باعتبار ان النبي قد مات وأصبح جسده ترابا فالاولى مواصلة المهم في واجباته بالتوجه المباشر الى العراق لازيارة قبر جده المصطفى وقبر امه الزهراء.

 وفي هذا الامر نجد ان الامام عليه السلام زار قبر جده ورآه في عالم الرؤيا بعد ان أخذته الغفوة هناك ليبشره الحبيب المصطفى [ يابني ان لك مقاما عند الله لن تناله الابالشهادة].

 هذه اشارة مهمة لنا لمعرفة اهمية زيارة القبور وأي قبور؟ حبيب الله وأهل بيته الاطهار صلوات الله  وسلامه عليهم اجمعين.

4-    من خلال المحاورة بين الامام الحسين الشهيد عليه السلام وبين محمد بين الحنفية طلب منه ان كان مصرا على الخروج الى العراق ان يترك أهله فكان الجواب واضحا ( شاء الله ان يراهن سبايا). نفهم من ذلك ان دورا مهما لدور الامام ينتظر النساء والاطفال أكبر قوة من حيث النتائج للفعل المنتظر وهو استشهاد الامام الحسين عليه السلام. قوة الفعل في حجم الخسة والوضاعة من عصبة تدعي الاسلام وتقيم الاركان الخمسة من خلال الاعتداء بالضرب واهانة النساء والاطفال وسبيهم جميعا لتكون  شاهدا على بطلان كل الادعاءات وفضح الشعاررات الاسلامية الكاذبة سواء في زمن يزيد ام بعده لأن الصور المأساوية لمابعد الجريمة تلتها أبشع الجرائم( قطع الرؤوس ورفعها على أسنة الرماح، وسبي أطفال ونساء آ ل بيت رسول الله يطاف بهم من بلد الى بلد) كان الدور عظيما لتعرية مايلي بعد استشهاد الحسين وهذا ماحدث بل ونتائجه واضحة الى يومنا هذا.

5- الأبعاد التربوية لعاشوراء والتي هي جزء من الامر بالمعروف والنهي عن المنكر أتت اكلها كل حين بشكل متواصل ولن يتوقف الابظهور المصلح الخاتم وهو الامام المهدي المنتظر عجل الله ظهوره الشريف. فكل الحركات والثورات الاجتماعية والسياسية في عالمنا الاسلامي التي كان وراءها علماء الامة الربانيين كانوا يصرحون ان كل مالديهم هو من عاشوراء. ( وهيهات منا الذلة) شعار خالد يؤرق الطغاة ويشحن الهمم لكل الثائرين. فمن كان مذنبا يتعظ من سيرة الحر بن يزيد الرياحي الذي انقلب الى مناصر للحسين الشهيد واستشهد بين يدي ابي عبد الله الحسين وفيه قال الامام قولته الخالدة ( انت حر كما سمتك امك). ومن كان شابا تحلوا الدنيا في نظره ولم يتذوق طعم الزواج ونعيمه حين يجد الجد في الامة مع الامام العادل فان لموقف القاسم بن الامام الحسن المجتبى عليهما السلام موعظة الذي آثر الاستشهاد بين يدي امامه العادل. كذلك موقف علي الاكبر واخوته وابناء عمومته طلقوا الدنيا استجابة لنداء الامام أما من ناصر ينصر دين رسول الله؟ أما من ذاب يذب عن حرم رسول الله؟. أبناء النطف الطاهرة والاباة هم من يستجيب لهذا فقد سطرت لنا كربلاء ملاحم لاتوصف بصورة او صورتين ولابقصيدة أو قصيدتين، من تراها تقدم على حمل عمود خيمة وهي عجوز تريد الهجوم على جيش عمر بن سعد بن أبي وقاص دفاعا عن حرمة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟. وأمراة اخرى كان لها نفس الموقف بعد ان ردها شاكرا موقفها هذا الامام الحسين عليه السلام تقول له ماذا سأقول لامك فاطمة الزهراء؟.

 صور عظيمة كلها مواقف تربوية لنا كان فيها الحسين يرسم لنا صورة طيبة من المجتمع الاسلامي برحمته  وثبات مواقفه تجاه نصرة الله ورسوله.

6-    بعد اخلاقي مهم لنا هو الرزق الحلال الذي تتبعه نطفة حلال وابناء شرعيين يعرفون قيمة الاخلاق والمثل الاسلامية العليا وقد لخص فلسفة الاسلام الامام الحسين عليه السلام يوم عاشوراء حينما وجد ان الجيش الذي جاء لقتاله وانتهاك حرمته لايفقهون من كلامه وحججه لهم من هو وماهو موقعه من رسول الله والرسالة الاسلامية فكان ملخص كلامه ( امتلأت بطونكم من المال الحرام).

7-    حركة الامام الحسين عليه السلام قوة فعلية في المجتمع الاسلامي الذي انحرف وتخدرت من خلال ذلك الانحراف ضمائر الكثير ممن يحسبون على العلماء، تلك القوة الفعلية لابد منها كحركة النبي الاكرم عند البعثة الشريفة في مكة حيث أصبح امر التبليغ حتمي رغم انه بلا مناصر له سوى فتى لم يبلغ الحلم كما هي الروايات وزوجته واعني بهما علي وخديجة صلوات الله عليهما وسلامه. والتأريخ يشهد بقول النبي الاكرم ( مااوذي نبي قط بمثل ماأوذيت) الى ان اذن الله تبارك وتعالى بنصرته للدعوة المحمدية وعاد النبي فاتحا مكة بعد ثلاثة وعشرين عاما من الجهاد في سبيل الله.

8-    هنا حركة الامام الحسين عليه السلام بدأت بعاشوراء واستشهد صلوات الله وسلامه عليه صابرا محتسبا معلنا في المدينة انه ذاهب للفتح ( كفتح مكة) حيث كسرت اصنام قريش وفي فتح كربلاء كسرت أصنام الخنوع والتضليل والتزييف لخليفة غير شرعي ليمهد في ذلك الامام عليه السلام لولده الخليفة الشرعي الامام الحجة عجل الله ظهوره الشريف باعتبار ان الدعوة هي الامر بالمعروف والنهي عن المنكر واحياء سنة النبي المصطفى فيكون فتح ثالث هو التتويج للعدل الالهي على هذه الارض ( ليقيم الارض قسطا وعدلا بعدما ملئت ظلما وجورا). هذه الثلاثية التي جاء بها الخاتم المصطفى ومرت في مرحلتها الثانية (كربلاء) بعد ان استشهد الامام العادل والقرآن الناطق علي المرتضى عليه السلام لابد لها من نهاية قوية ومؤثرة في العالم بأسره ليس على مستوى العالمين العربي والاسلامي.

الآن وبعد هذا الطرح والربط بين ثلاث مفاهيم نحن جزء من منظومة الحركة الثالثة التي هي في علم الله تبارك وتعالى من حيث التوقيت الزمني لاندري ان كنا سندرك حدوثها ام لا يكون السؤال عن اللاعودة والمسخ في بداية المقال أين موقعنا من الادانة وفق سؤالي هذا ؟.

هل هناك مؤشرات ايجابية تتوافق والنقاط المشار اليها أعلاه ؟ سواء كحكام ومحكومين في العراق الجديد كما يحلو للبعض اطلاق الوصف مثلا؟. للاسف اجد ان هناك بعدا شاسعا بين ما أشرت اليه من تألق عاشوراء في ضمير من لبوا النداء ( لبيك داعي الله ) وعلى مر التأريخ بدءا من أنصار الحسين الشهيد ومرورا بمن ثأر لكربلاء بما سميت بحركة التوابين وماتلتها.

 نحن اليوم نعيش عصرا من المسخ في انسانيتنا وازدواجية الفعل في تشيعنا، نتحدث عن الحق ونصرة الدين ونعيش التشرذم والتفرقة وخذلان المظلومين تحت عناوين ومسميات كاذبة كالوحدة الوطنية والمصالحة والوحدة الاسلامية.

فعلى سبيل المثال من أجل ان تبقى الجمهورية الاسلامية الفلانية صاحبة القرار والنفوذ هنا وهناك لابد للجميع ان يرضخ لنظريتها في الحكم وان كانوا لايقلدون هذا المجتهد أو ذاك ويجب ان يدفع الشعب العراقي المبتلى مزيدا من ضريبة الدم من خلال التدخل في شؤونه الداخلية والتحريض على العنف الدموي بالجملة وعشرات الشهداء والجرحى المهم ان تبقى النظرية هي التي تسود وتدفع الملايين من الدولارات كمساعدات الى من ينصبون مجالس العزاء لفقد بطلهم القومي صدام العوجة وفي موروثهم العقائدي ان الشيعة الامامية هم روافض وان الحسين قتل بسيف جده وانه شق عصا الطاعة لامير المؤمنين، بل ان اقامة أعراسهم يكون توقيتها يوم عاشوراء. ناهيكم عن فتاوى تكفير الشيعة من علماء الامة الفسقة وهدر دماءهم.

حري بنا ان ننتبه الى مخاطر الفتن التي يراد بنا شرا ونوحد شملنا الممزق، نعيش الحالة الاسلامية في منظورها الاسلامي العام ومن فهم واقعي لما حملته نهضة الامام الحسين عليه السلام من معطيات انسانية قبل كل شيء. نسخر طاقاتنا لخدمة الاهداف التربوية كي نعد اجيالا من الناطقين باللغة الحسينية بعد ان نعد انفسنا أولا ونفهم قبل هذا وذاك الاثار المترتبة للسكوت عن نصرة الحق وأكل المال الحرام.

شبكة النبأ المعلوماتية / ملف عاشوراء 1428هـ