في زيارة تاريخية هي الاضخم في تاريخ العراق بل وفي تاريخ
الاسلام والعالم انطلقت ملايين الزوار الى كربلاء الشهادة كربلاء
الحسين عليه السلام.
دوائر الاحصاء الرسمية في محافظة
كربلاء قالت ان تسعة ملايين زائر توافدوا الى المدينة المقدسة ارض
الطف في زيارة الاربعين.
وهي من الزيارات التي ورد ت في
الاثر الكريم حتى انها اعتبرت من علامات الايمان الخمسة.
لقد اثبتت تلك الملايين في توجهها
الصادق صدق المقولة الشهيرة.. الإسلام محمدي الوجود حسيني البقاء،
فيا ترى هل ما يعتقده المؤمنون من أنه لولا الإمام الحسين عليه
السلام، ولولا مواقفه وشهادته في كربلاء لما بقي من الإسلام إلاّ
اسمه ومن الدين إلاّ رسمه، ولكان الإسلام اليوم كبقية الأديان
السماوية الأخرى – اليهودية والمسيحية – ليس لها تطابق مع دين
الكليم موسى والمسيح عيسى عليهمـا السلام إلاّ في الإسم ودعوى
الإنتساب إليهما.
فهل هذه الكلمة (( الإسلام محمدي
الوجود، وحسيني البقاء )) كلمة حبّ وعاطفة أطلقها عشاق ومحبي
الإمام الحسين عليه السلام، أم أنّها كلمة لها واقعُ حقيقي ؟
فقد كانت المسيرة الاسلامية بعد
استشهاد امير المؤنيين عليه السلام اخذت طابعا وراثيا وانحرفت عن
مبادءها التي اراد لها الله سبحانه تعالى وتوالى على رقاب
المسلمين اراذل الخلق واشرارهم الا ان الامام الحسين عليه السلام
بخروجه وثورته المباركة اثبت حيوية الاسلام وتصديه للظلم ورفضه
للطاغوت ولعل خروج الامام عليه السلام في الثامن من ذي الحجة وخلعه
ثياب الاحرام للتوجه الى الجهاد ونصرة الحق ابلغ دلالة على اهمية
النهج الحسيني.
الحسين في ثورته اصر على القيم
المحمدية بينما اصر اعداء الاسلام على النهج الطاغوتي. الامام
الحسين لم يكن بدعا بل هو مفسر لسنة جده رسول الله صلى الله عليه
واله في رفض المنهج الطاغوتي.
اخرج الترمذي بسنده عن ثوبان قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إنّما أخاف على أمّتي الأئمة
المضلين( سنن الترمذي: 4/504، كتاب الفتن، قال: حديث حسن صحيح،
المستدرك: 4/449، وصححه على شرط الشيخين ووافقه الذهبي، وقد روى
الحيث عن ثوبان وعمر وأبي ذر وأبي الدرداء كل من: أبو داود في
السنن: 4/97، أحمد بن حنبل في المسند: 1/42، 5/145، 278، 284،
6/441، ابن ماجه في السنن: 2/1304، والدارمي في السنن: 1/70، وصحح
الحديث الألباني في صحيح سنن أبي داود: 3/801، وصحيح سنن ابن ماجه
2/352.)
فالخطر الذي يخاف منه على
الإسلام هو: أن يصبح كل من تسلم زمام الأمور السياسية للمسليمن
قوله وفعله وتقريره حجة، كحجية قول وفعل وتقرير الرسول الأكرم صلى
الله عليه وآله، فيصبع مصدراً من مصادر التشريع، وهذا ما حصل
بالفعل لدى المسلمين بالنسبة لبعض الخلفاء من الصحابة.
قال الإمام الصادق عليه السلام في
تفسير الآية: أما والله ما دعوهم إلى عبادة أنفسهم ولو دعوهم إلى
عبادة أنفسهم ما أجابوهم، ولكن أحلّوا لهم حراما وحرموا عليهم
حلالاً فعبدوهم من حيث لا يشعرون.( الكافي: 1/543، المحاسن:
246.)
قال الرازي: الأكثرون من المفسرين
قالوا: ليس المراد من الأرباب أنهم اعتقدوا فيهم أنهم آلهة العالم،
بل المراد أنهم أطاعوهم في أوامرهم ونواهيهم، نُقل أن عدي بن حاتم
كان نصرانياًّ، فانتهى إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وهو يقرأ
سورة براءة، فوصل إلى هذه الآية، قال: فقلت: لسنا نعبدهم، فقال صلى
الله عليه وآله: أليس يحرّمون ما أحل الله فتحرّمونه، ويحلّون ما
حرّمه الله فتستحلّونه ؟!! فقلت: بلى، قال: فتلك عبادتهم. أخرجه
ابن سعد، وعبد حميد، والترمذي وحسنه، وابن المنذر وابن أبي حاتم
والطبراني وأبو الشيخ وابن مردويه، والبيهقي في سننه، راجع الدر
المنثور: 4/174)
من اجل هذا كانت ثورة الحسين الاصل
فيها تذكير الامة على مسؤوليتها الكبرى في الخاتمية فدين الاسلام
هو الدين الالهي الذي ارتضاه الله للبشرية ( اليوم اكملت لكم
نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا) فكان لابد من منقذ نصبه الله تعالى
للقيام بالحق والنهوض واستنهاض الامة. من اجل هذه المبادئ السامية
تحي الامة ثورة الامام السبط الشهيد ومن اجل ابقاء بذرة النعمة
والخاتمية ليوم ياذن الله تعظم هذه الامة شعائرها( ومن يعظم شعائر
الله فانها من تقوى القلوب).
اذن ياتي المسير الى كربلاء منسجما
مع اصل الشريعة المحمدية. فمسير الحسين من مكة الى الكوفة
واستشهادة في كربلاء هو مسير نحو لقاء الله لابمعناه الصوفي بل
بمعناه الاعم الثوري والجهادي لتصحيح مسيرة الامة التي غفلت عن
خاتميتها. وبعد ذلك التاريخ الطويل من استشهاده خرجت الامة في
السنة التالية للاستشهاد لتمارس دور الخاتمية ولتحافظ على ذلك
التاريخ المحمدي الذي صنعه الحسين عليه السلام.
التاريخ يحدثنا عن محاولات خلفاء
الجور والطواغيت من منع هذه المسيرة المقدسة اتجاه الله. يذكر
الطبري ان المتوكل حرث كربلاء وفتح المياه عليها وقال انى لهم
اليوم بزيارة الحسين؟؟
الا انه فوجئ باعداد غفيرة تاتي
لزيارة ضريح الامام. وعلى مر التاريخ ياتي الطواغيت ويمنعون هذه
الزيارة الا ان المشيئة الالهية ( الاسلام محمدي الوجود حسيني
البقاء) تابى لهذه الامة الخنوع.
وفي العصر الحديث وتحديد في زمن
الطاغوت البعثي وفي عام 1977 منعت السلطات البعثية زيارة الامام
الحسين في العشرين من صفر ؟ لكن ماذا حدث رغم ان البعثيين استخدموا
الطائرات والمدفعية والاسلحة المحرمة لقصف الزوار. لم يتغير
شيئا.في العام التالي خرجت الامة لزيارة الامام الحسين عليه
السلام. وفي الاثر الادبي لواقعة الطف نجد كثير من القصائد
الحسينية تذكر هذه المصائب ( منع الطواغيت لزيارة الحسين عليه
السلام وكيف ان الامة تتحدى ذلك الظلم وتلك القوانيين الجائرة
وربما تكون قصيدة المرحوم ياسين الرميثي نموذجا لهذه المطالب
_تقطيع الايادي فرض الاتاوات على الزوار الاعتقالات واخيرا الموت _
وتستمر المسيرة الحسينية وليس بعيدا اليوم نجد التكفريين يمارسون
ذات الدور الطاغوتي وهذا استمرارا للمنهج؟ وتعمل الفرق الطائفية في
منطقة السيدية والدورة واللطيفية والحلة بعملية قتل الزوار منهج
يزيدي متاصل بين الكفر والايمان بل نجدهم يستهدفون الزوار وهم في
طريق عودتهم (تفجير موكب الزوار في منطقة الكرادة اثناء عودتهم)
هذا العمل الطاغوتي يراد منه منع المسيرة الالهية. الاسلام محمدي
الوجود حسيني البقاء.هذه هي المقولة التي تفسر لنا ورود تسعة
ملايين زائر الى كربلاء المقدسة. الاسلام محمدي الوجود حسيني
البقاء. |