الصفحة الرئيسية

مجلة النبأ

ملف عاشوراء

 

 

الحسينيات في الكويت تواصل احياء الشعائر الحسينية

 

استقبلت الحسينيات والمساجد في الكويت المعزين باستشهاد الامام الحسين عليه السلام، حيث غصت تلك الدور والساحات الخارجية بالمواطنين والمقيمين لساعات، وهم يعيشون في رحاب الخطب والكلمات عن الاهداف النبيلة التي خرج من اجلها الحسين لمواجهة الظلم، وللمحافظة على بيضة الاسلام من الانحراف.

وكانت الدعوات المنطلقة من قبل الخطباء تتمثل الصورة الحقيقية للاسلام المحمدي الاصيل في احترامه للانسانية جمعاء، فتركزت محاضرة الخطيب الديني الشيخ فاضل الحيدري في حسينية الامام الحسين في سلوى على دعوة المسلمين الى تطبيق نظرية السلم والسلام المنبثقة من القرآن الكريم في سائر نواحي الحياة، مضيفا ان اول من جسد هذه النظرية هم محمد واهل بيته الاطهار، حيث وصل الرسول الى اطراف مكة من اجل الفتح، فكانت رايته اليوم يوم المرحمة، اليوم تحفظ الحرمة، وقابل عليه السلام اعداءه بمحبة، حيث قال جملته الشهيرة من دخل بيت ابي سفيان فهو آمن، رغم الافعال المشينة من قبل الاخير ضد الرسول والاسلام.

وقال الحيدري ان الاحداث التي تجري اليوم على الساحة الاسلامية يندى لها الجبين، فنشاهد الدور الارهابي الوحشي من قبل الزرقاوي وجماعته من التكفيريين ضد المسلمين وغير المسلمين في العراق، حيث تنتهك الحرمات باسم الاسلام، فيضع السكين على رقبة الناس ويسمي باسم الله. واشار الى ان العراق حكم بالحديد والنار لاكثر من 3 عقود ولم نر تلك الشجاعة المزيفة من قبل هؤلاء الذين يسمون بالمقاومة، فأين كانوا عندما قتل مئات الآلاف من الشعب العراقي على يد البعث المجرم هناك؟

من جهة اخرى تعاونت حسينية دار الزهراء والحسينية الكاظمية «البكاي» في اعداد حسينية عامة باللغة الانكليزية دعي اليها عموم الناس الناطقين بغير اللغة العربية رجالا ونساء، وبغض النظر عن انتماءاتهم الدينية والعرقية وذلك تحت شعار «كونوا احرارا في دنياكم»، وقد ابتدأ انعقاد مجلس هذه الحسينية منذ مطلع الشهر الجاري، وقد حضره لفيف من النساء والرجال الاجانب ويستمر مجلس هذه الحسينية حتى يوم عاشوراء المحرم المصادف 9 فبراير الجاري، وذلك في صالة حسينية دار الزهراء(ع)، الدسمة، ق4، ش43، م13.

وتأخذ هذه الحسينية الطابع التقليدي نفسه للمجلس الحسيني المعتاد من طرح مواضيع قرآنية واخلاقية واجتماعية وفلسفية ثم ربط معالجتها بكفاح الامام الحسين عليه السلام، وتضحياته، وختام ذلك بنعي ورثاء من الشعر والقصائد الحزينة الشجية، فقد استضافت الحسينيتان اثنين من ذوي الخبرة والاختصاص وهما سماحة الشيخ د. ميثم السلمان، وسماحة الشيخ حسين شمس الدين من مملكة البحرين الشقيقة.

وابدت اوساط الحسينيات في الكويت فخرها بأن يتم اعداد مثل هذه الفعاليات الدينية في دولة الكويت بلد الحريات المسؤولة وفي اجواء حماية الشعائر الدينية، والتي كرسها دستورها.

ورحبت الحسينيات بالجميع من مختلف الديانات والجنسيات لحضور هذا المجلس ليتذوقوا ثقافة جديدة وفريدة لكنها بالتأكيد تتفاعل دائما مع روح انسانيتهم المنسجمة مع فطرة الله التي فطر الناس بها جميعا.

من جهته دعا الشيخ فاضل المالكي المؤمنين الى معرفة الحق والتمسك به وتشخيص الباطل ونبذه, جاء ذلك في محاضرة ألقاها الشيخ المالكي في الحسينية العباسية في منطقة المنصورية بمناسبة احياء ذكرى عاشوراء بعنوان «الحق باق ما بقي الدهر».

وبين الشيخ المالكي «أنه يجب على كل مكلف ان يبحث عن الحق ويستدل عليه وهو واجب شرعي علينا، وانه بعد الاستدلال عليه يجب اظهاره بين افراد المجتمع لتوعيتهم وحمايتهم من الخطوط والتيارات الفكرية المنحرفة».

واشار المالكي الى أن الحق والباطل متضادان منذ بدء الخليقة، فأينما وجد الباطل ترى الحق يدحضه، وكما للحق اهل، فللباطل اهل، فأهل الحق يؤجرون ويثابون على تمسكهم بالحق، ويعيشون اطمئنانا نفسيا، واهل الباطل تراهم يؤثمون وليسوا اصحاب ثبات عند مواقفهم».

وبين الشيخ المالكي «ان الانسان يستقبل من الحق والحقيقة بقوة استعداده واستيعابه، فاستيعاب الانسان على قدر استعداده، ومن هنا لا نستطيع تحميل البشر اكثر مما يحتملون، وان حملتهم اكثر من طاقتهم الاستيعابية قد تنقلب عليهم الامورعكسا، فالرسول الاكرم صلى الله عليه وسلم يقول: «كلموا الناس على قدر عقولهم».

واوضح الشيخ المالكي انه توجد نسبة من المعارف يعبر عنها بأسرار دينية او اسرار اهل البيت، والدليل على ذلك قولهم «لا تذيعوا أسرارنا»، وهذا لا يدل على أن لاهل البيت اشياء مخفية، فهم لا توجد لديهم غير علوم النبي الاكرم الذي علمه الله جل جلاله، ولكن معناه ان بعض المعارف لا يستوعبها اي انسان والاستيعاب على قدر الاستعداد، وبعض المعارف قد لا يحسنون فهمها او ان فضيلة قد لا يستوعبونها، قد يعتبرها البعض كرامة والبعض قد يغالي فيها، فأهل البيت حرصوا على اعطاء المعارف على قدر حاجة المجتمع واستيعابهم، والمعارف تارة تكون علمية او فقهية او عقائدية ومن مختلف العلوم».

واشار الشيخ المالكي الى أن اهل البيت كانوا اناسا واقعيين ومن واقعيتهم انهم كانوا يبينون الحقائق للناس بطريقة سهلة وسلسة لكي لا يشكل عليهم شيء، ومن هنا لابد ان نشير الى أن بعض العلوم لا تكشف ومن غير الصحيح اظهارها لانه قد تؤثر على بعض الناس سلبا».

وطلب المالكي «أن نفرق في المسائل بين الاحكام الالهية المؤكدة والتي تكون بحضور النبي الاكرم صلى الله عليه وسلم او الامام المعصوم، وبين الاحكام الاستنباطية التي تكون في زمان الغيبة والتي أوكلت الى المجتهد الجامع للشرائط والتي قد تصيب او لا سمح الله تخطئ، وهذا يؤكد لنا انه عند ظهور الامام المهدي (عليه السلام) والذي تجمع على خروجه في اخر الزمان جميع الطوائف الاسلامية والديانات السماوية ولكن كل حسب عقيدته يقال انه «جاء بدين جديد» وذلك لشرحه الاسلام كما هو».

وأكد الشيخ المالكي انه عند ظهور الحق ستنقلب كثير من الموازين الوضعية وتلغى الاعراف الفاسدة، وفي الوقت الحالي يوجد رفع ووضع بلا ميزان لاسباب فئوية وطائفية ومصلحية، وهناك اناس ليسوا على جدارة وكفاءة اخذوا حق غيرهم سيعودون الى وضعهم الصحيح، «كم من رفيع يوضع وكم من وضيع يرفع».

واشار الشيخ المالكي الى أن «الحق كلمة لذيذة على اللسان وثقيلة في الميزان»، ولا يتحمل الحق الا من تربى تربية صحيحة ونور الله قلبه، لانه بقولك الحق او القبول به، قد تخسر من الناحية الدنيوية الكثير من المكاسب الشخصية، ولكن تنال رضى الرب، ويبقى التاريخ يذكر قولك او قبولك الاصطفاف مع أهل الحق، وما الدليل على أن الحق وقوله صعب مستصعب، إلا قول امير المؤمنين علي بن ابي طالب سلام الله عليه «ما ترك الحق لي من صديق»، وايضا قوله عليه السلام «ان هنا علما جما لو أحبت له حمله» اي ان الامام لديه علوم وحقائق لم يكن الا القلة لهم القدرة على استيعابها والقبول بها».

ودلل الشيخ المالكي على «وجوب قول الحق والاصطفاف مع اهله بمخاطبة النبي الاكرم صلى الله عليه وسلم الى أمير المؤمنين علي بن ابي طالب (عليه السلام) «قل الحق ولا تخشى لومة لائم»، ونبه الشيخ المالكي الى أن «وظيفة علماء الامة ومفكريها ان يتحملوا المسؤولية ويعملوا على أن يرتقوا بوعي الامة خصوصا في هذه الظروف التي تمر علينا من فرقة وجهل وضعف ووهن».

واشار الى أن ابتعاد الامة عن جادة الحق ما جاء الا لتخاذل علماء الامة وعدم قولهم الحق وصعود اناس ليسوا اهل علم وفتوى الى الواجهة.

وقال المالكي ان «الحق هو عبارة عن حقائق الاشياء والزبد او الباطل هو عبارة عن الخبث ولا نفع منه، وان من سنن الحياة ثبوت الحق وزوال الباطل، وان الحق لا يقبل التعدد، ولكن فيه مراتب اي الاقرب الى الاقرب حسب القرب من المركز, اما الباطل وهو الزبد فيقبل التعدد والتلون والتغير حسب الحاجة والموقف والفائدة».

واوضح المالكي «أنه كلما كان الالتزام الديني والاخلاقي اكثر كان الانسان اقرب الى الحق، وكلما كانت المودة للنبي صلى الله عليه وسلم وآله اكثر كان الانسان اقرب الى الحق».

 

شبكة النبأ المعلوماتية / ملف عاشوراء 1427هـ