الصفحة الرئيسية

مجلة النبأ

ملف عاشوراء

 

 

كيف ينبغي أن ننظر إلى واقعة الطف وكيف نقرؤها؟

الشيخ حسن الخويلدي

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين بارئ الخلائق أجمعين والصلاة والسلام على خير خلقه وأشرف بريته سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين وبعد:

في ذكرى عاشوراء الحسين (ع) نضع بين أيدينا تساؤلين هامين:

الأول: كيف ينبغي أن ننظر إلى واقعة الطف وكيف نقرؤها؟

الثاني: ما هو التصرف المطلوب منا تجاه هذا الحدث الفريد؟

وللإجابة على التساؤل الأول: نقول: إن واقعة الطف تارة نقرؤها على أنها قصة تاريخية حدثت وقائعها في زمان معين، ومكان معين،ومن قبل أشخاص

معينين، فهي لا تختلف عن غيرها من مئات المعارك فلا خصوصية لتخليدها دون غيرها. وتارة نقرؤها على أنها صراع بين شخصين أو فئتين على السلطة والوصول إلى الحكم وتارة نقرؤها على أنها مأساة حصلت في التاريخ تستثير عواطفنا ومشاعرنا ليس أكثر.وتارة نقرؤها على أنها ملحمة دينية وإنسانية حصلت بين الحق بكل قيمه الإنسانية النبيلة وبين الباطل بجميع صوره البشعة الظالمة، بين الحق الذي مثله الشيخ الطاعن في السن الذي لم يقعد به ضعفه عن المشاركة في معركة الشرف. ومثله الشاب الحديث عهد بالزواج والشاب الغير متزوج، والمرأة الأم والمرأة الزوجة والغلام الذي لم يبلغ الحلم، والعبد والحر والصغير والكبير حيث أثبتوا بمواقفهم الشريفة روعة الحق وروعة الذود عنه، كل ذلك بقيادة سبط الرسول وريحانته الحسين بن علي (ع) وبين الباطل الذي مثلته مواقف الخزي والتجرد من أدنى درجات الإنسانية من إباحة الماء لكلاب السواد وخنازيره ومنعه عن أبناء رسول الله (ص) بل منعه حتى عن الأطفال الرضع، ناهيك عن التمثيل البشع بسيد شباب أهل الجنة وحز رأسه الشريف ورض صدره بالخيل وكذلك جزر رؤوس أهل بيته وأصحابه والتمثيل بهم وتركهم بلا مواراة ولا إقبار وحمل نسائه وأطفاله إلى بلاد السبي يتصفح وجوههم القريب والبعيد والرفيع والوضيع بقيادة مباشرة من يزيد بن معاوية.

إنه مما لا شك فيه أنه لا يصح أن نقرأ واقعة الطف بالقراءات الثلاث الأولى ذلك لأنه من الثابت عند كل المسلمين سنة وشيعة أن الرسول (ص) بكى ولده الحسين يوم مولده ،والنصوص الدالة على ذلك متظافرة وصحيحة، ولم يختص بها مذهب دون مذهب مع أن المتعارف عليه أن الإنسان إذا بُشِّر بمولود يكتنفه السرور لا الحزن والبشر لا البكاء، فإذا كان الرسول (ص) يبكي ولده الحسين قبل مقتله بأكثر من خمسين عاما  !!

وهو الذي لا ينطق ولا يفعل ولا يتصرف أي تصرف عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى فكيف يكون حاله (ص) بعد مقتله .

إن قضية الحسين (ع) ليست قضية عادية ولا يصح أن ننظر إليها بمقاييسنا المادية والشهويه، بل لا بد أن ندرك أن الرسول (ص) أثبت أسس الدين وأقام معلمه ولكن بني أمية طمسوه، فقام الحسين (ع) بما قام به إحياءً لشريعة جده المصطفى (ص) وذوداً عن الدين الحنيف، فلولا الحسين (ع) لما بقيت الصلاة ولا الصيام ولا الحج ولا شيء من فروع الدين ولا أصوله فنحن كنا ولا نزال وسنبقى مدينين للحسين (ع).

وأما حول التساؤل الثاني:وما المطلوب منا تجاه هذا الحدث المفجع؟

فيمكن تلخيصه فيما يلي:

1/ أن نستشعر الجانب العاطفي في قضية الحسين (ع) وأن نبكيه كما بكاه جده الرسول (ص) فالبكاء على الحسين في نفسه عبادة، بل دلت النصوص الصحيحة أن البكاء على الحسين سبب لمحو الذنوب، والفوز بالجنة.

2/ أن نهتم بنشر فكر الحسين (ع) ومبادئه، وأطروحاته عبر إقامة المآتم والمنتديات في كل مكان في العالم وعبر نشر ذلك في وسائل الإعلام المرئية والمقروءة والمسموعة.

3/ أن نعلم أولادنا محبة الحسين (ع) وأن نُلبسهم في ذكرى الحسين (ع) ملابس الحزن والحداد، خصوصا تلك الملابس المطبوع عليها (واحسنياه ، واعطشاه، وامظلوماه) وغيرها من الكلمات التي تعبر عن فداحة الرزية والمصيبة.

4/ أن نجعل من أموالنا نصيباً للحسين (ع) لتخليد ذكراه وإقامة مآتمه والمساهمة في كل مشروع خيري يتناول قضيته عليه السلام.

5/ أن نجعل يوم عاشوراء على وجه الخصوص يوم حداد فلا نسعى فيه لطلب الرزق إلا في موارد الضرورة القصوى ولنجعل هذا اليوم يوم حزن وكآبة،

فقد ورد عن الإمام الرضا (ع)   أنه قال: (من كان يوم عاشوراء يوم حزنه وكآبته كان يوم القيامة يوم فرحه وسروره).

أسأل الله تعالى أن يجعلنا وإياكم مع الحسين في الدنيا والآخرة وأن يثبت لنا قدم صدق عنده مع الحسين وأصحاب الحسين الذين بذلوا مهجهم دون الحسين (ع)

خادم الشرع

حسن الخويلدي

محرم الحرام 1427 هــ

شبكة النبأ المعلوماتية / ملف عاشوراء 1427هـ