لاستنهاض معسكر الإمام الحسين (عليه السلام) بوجه جيش يزيد الكافر
أكثر من ثمرة إعجاب وحالة تضامن حيث كانت كل الدلائل السياسية بعد
وفاة الكافر معاوية بن سفيان وتوريثه حكم الخلافة لولده النزق يزيد
تشير إلى أن مخاضاً صعباً سيفرض على شخص الإمام الحسين (عليه السلام)
وكل مسلمي مكة المكرمة الذين معه إلى اضطهاد شنيع لا مفر من وقوعه.
وسبب ذلك الرئيسي هو طلب البيعة من الإمام الحسين (عليه السلام)
إلى الخليفة الجديد يزيد المستورث الحكم عن أبيه المقبور معاوية الذي
كان قد باع آخرته بدنياه لمرتين الأولى حين عادى الإمام علي (عليه
السلام) بعد انتخابه خليفة من قبل الشعب المسلم ووجهائه والثانية حين
نكث بنود الصلح الذي عقده مع الإمام الحسن (عليه السلام) والذي كان
منه بند يشير إلى أن يتنازل معاوية عن الحكم لصالح من ينصبه الإمام
الحسن (عليه السلام) أو عائلته لإشغال مسؤولية الخلافة ولذا فإن في
توريث معاوية ليزيد بالخلافة كان بحد ذاته يحمل إشكالية كبيرة من
الناحية الشرعية الدينية لأنه يمس صميمية الدين إذ كان ذاك الظرف
يتطلب إلى من يرفع صوته بكلمة (لا) القوية ضد استخلاف يزيد في دولة
إسلامية لم يكن يلتزم ببند إسلامي واحد يمكن تسجيله لصالحه.
وكذلك فإن أي عامل يطرح بهذا الشأن فإنه سيصب في هذا المعنى
الأولوي وكان على الحسين (عليه السلام) أن يرفع الدعوة إلى الحق لأنه
الموضوع كان إسلامياً لا أحد معني به غير المسلمين الحقيقيين.
وعلى أساس من هذا فإن الهدف السامي مما قاد إلى انتفاضة الإمام
الحسين (عليه السلام) بوجه عبيد الله بن زياد بن أبيه الذي كان يقود
معسكر يزيد لا يمكن اعتباره إلا الموقف المطلوب في المواجهة ومهما
كانت التضحيات فقد كان الإسلام المحمدي آنذاك في مواجهة الكفر الأموي
على أجلى صورة وبالذات بعد التلويح العام بعدم وجود أي فرصة لمعالجة
تلك الإشكالية المبانة مسيرتها بين الطرفين التي حولت الإيثار
والغيرة والدفاع عن الإسلام من قبل الرجالات الأبطال في معسكر الحسين
(عليه السلام) إلى أسطورة خالدة يحتفى بها المسلمون الحقيقيون بكل
سنة وبما لم تحتفي به بنفس القوة أي مناسبة إسلامية.
لقد كانت جبهة معسكر الإمام الحسين (عليه السلام) في أفضل حالاتها
وأفراده يخوضون المنازلات غير المتكافئة حيث كانوا أفراداً قليلي
العدد أمام جحافل يعدون بعشرات الآلاف في معسكر عبيد الله بن زياد
الذي كان قد دخل مرحلة تحدي الله سبحانه وتعالى في شخص رمز الإسلام
الإمام الحسين (عليه السلام) حيث كان الإمام (عليه السلام) قد تقدم
من القوم عسى أن يثني عزيمة قرب اقتراف جريمتهم النكراء في حرب غير
عادلة لكنهم أبوا إلا بقتله وإبادة رجاله المؤمنين فكان ما كان. |