يرتبط تاريخ يوم عاشوراء بتاريخ الشهادة الكبرى في الإسلام.
ففي الشهادة إذ تتبلور المواقف الحقيقية على المحك وتُعرف الأسباب
التي توضح أن وراء أداء الشهادة شخص عظيم أو أكثر فهذا ما يبين أن
بذل النفس وترخيص المصير بهذه الحياة من أجل إعلاء كلمة الله سبحانه
وتعالى على الأرض هو الذي يحظى بشعور من التقديس فمثلاً إذا كان
الإمام الحسين (عليه السلام) قد استجاب لمبايعة يزيد بن معاوية فماذا
كان سيحدث؟! أكيد أن الإسلام كان سيهدم لأن أقوال النبي محمد (صلى
الله عليه وآله وسلم) في التقييم الإيجابي المبكر للإمام الحسين
(عليه السلام) ومن ذاك قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): (حسين مني
وأنا من حسين) لما كان أن تكون معتبرة، وهكذا فتوافر البعد الإيماني
لتفسير موقف الإمام الحسين (عليه السلام) فيه ما يترجم المعنى السامي
للجهاد الإسلامي على أفضل ما يكون الأمر.
واستقراء الرؤى الحيادية في تاريخ ملحمة كربلاء إذ لا تنفصل عن
خلفيات الشعور الداخلي لدى نفوس معسكر الإمام الحسين (عليه السلام)
فإن هذا التوجه المشترك لدى رجالات المعسكر قد أثبت بأن الإيمان
بالله سبحانه وتعالى وبدينه الإسلامي الحنيف ورسوله (صلى الله عليه
وآله وسلم) هو اصطفاء لله العلي القدير.. ولعل في مقولة الإمام
الحسين (عليه السلام) أنه يطلب الإصلاح في أمة جده الرسول محمد (صلى
الله عليه وآله وسلم) ما يشير لذلك بكل وضوح لا لبس فيه.
وهكذا إذا كان الحسين (عليه السلام) شامخاً في مواجهة أعدائه
المؤلفة بالآلاف وهو الوحيد الذي تبقى بعد إبادة كل رجال معسكره
المحاربين فإن في تحديه البطولي لهم حتى النهاية فكانت المنازلة
الأخيرة التي أسدلت الستار في كربلاء على انتصار دم الشهادة على سيف
الغدر وخيانة الإسلام.
وربما تكون بقايا البلبلة في المجتمع الإسلامي عموماً ما تزال على
أوجها في بعض المناطق والأقاليم حول أسباب ونتائج معركة الطف إلا أنه
ومن باب الإشارة الممكنة أن قبول الإمام الحسين (عليه السلام) في
تفجير المعركة ضده قد ألقى الحجة عليهم بعد أن رفض الخذلان والخنوع
اللذين كان سيصيبانه لو تراخى مسيره إلى حال الخذلان.
والخصائص الإسلامية العظيمة التي ظهر بها الإمام الحسين (عليه
السلام9 ورجاله ضد معسكر الكفر اليزيدي هي التي أدارت خضم الأحداث
لإعطاء المثل الأعلى في الاستشهاد والتي يتثقف عليها الآن كل مسلمي
العالم الذين يهمهم كسب الحقيقة التاريخية.
وطبيعي فإن هناك أمور جانبية عديدة حاول أعداء الإسلام تحريفها عن
مصادرها بغية التعتيم على ما حدث في عاشوراء لكن تصدي الرب كان أعظم
من كل ما فكروا بإضعاف صدى ملحمة الجهاد الإسلامي في كربلاء الذي
قاده أبو الأحرار الحسين بن علي (عليه السلام). |