ملحمة بطولة وجهاد عز..

عودة إلى صفحة عاشوراء >>

المرجعية الدينية

شارك في الكتابة

مجلة النبأ

الصفحة الرئيسية

 
 

بيان جمعية الرسالة الإسلامية في ذكرى

عاشوراء المجيدة 1425 هـ

 

من أقوال الإمام الحسين(ع):

"اعتبروا أيها الناس بما وعظ الله به أولياءه من سوء ثناءه على الأحبار، وإنما عاب الله ذلك عليهم، لأنهم كانوا يرون من الظلمة الذين بين أظهرهم المنكر والفساد فلا ينهونهم عن ذلك رغبة فيما كانوا ينالون منهم ورهبة مما يحذرون".

بسم الله الرحمن الرحيم

بمناسبة ذكرى عاشوراء الدامية نتقدم بخالص العزاء والمواساة الى الإمام الحجة المهدي المنتظر عجل الله فرجه الشريف، والى نوابه المراجع العظام، والى المسلمين كافة.

الإسلام دين الحياة

قال تعالى:"يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم".

لأن الإسلام دين الحياة، وتطبيقه في الواقع الحياتي يؤدي الى تقدم الحياة البشرية وتطورها علمياً وسلوكياً وفكرياً باعتباره الخريطة الإلهية التي أنعم الله بها على الخلق، ولأن التنكر لمبادئ وقيم الإسلام يعني سيطرة الاستبداد والظلم والتخلف والتمزق، لذا كان الدفاع عن قيم الدين واجباً وضرورة يستشعرها كل من يتحمل أمانة التمسك بهذا الدين. هذا الدين العظيم الذي أخرج العرب وغيرهم من حياة الجاهلية والحروب والتخلف الفظيع هو أمانة كبرى لا يجوز التفريط فيه، والتغافل عن تطبيقه على واقع الحياة.

الردة الأموية

ولما كانت الردة الأموية عن قيم الدين قد بدأت بتحويل الخلافة إلى ملك عضوض يستأثر بمال الله وجعله دُولة بين الحكام منهم، واعتبار عباد الله الذين أكرمهم بدينه ونعمة الوجود مجرد قطيع لا رأي ولا حرية ولا مشاركة له في الحكم. أما من يتفوه بكلمة حق فسبيله السجن كما جرى لخيرة المجاهدين في الكوفة، أوالتعذيب والقتل والنهب كما جرى لأهل الحجاز واليمن حين أرسل لهم معاوية بجنوده، وقتل قائده بُسر بن أرطاة طفلين صغيرين بيده، أو بطريقة الاغتيال بالسم التي اسماها معاوية جنوداً من عسل، وقتل بها الإمام الحسن الزكي، ومحمد بن أبي بكر ومالك الأشتر وغيرهم، أو بسياسة القتل والتصفية لخيرة الصحابة والمجاهدين العظام من أمثال عمرو الحمق الخز اعي وحجر بن عدي وصحبه. حتى اختتم معاوية سلسلة جرائمه بتثبيت أبنه الطاغية يزيد حاكماً على المسلمين. أمام هذا الواقع الفاسد الذي أرادت الدولة الأموية تثبيته كحقيقة رغم أنف المسلمين وحرباً على قيم الدين، أعلن المدافع الأول عن قيم الدين الإمام الحسين عليه السلام رفضه التام لبيعة الطاغية يزيد قائلا:

"يزيد رجل فاسق فاجر شارب الخمور وقاتل النفس المحرمة ومعلن الفسوق والفجور ومثلي لا يبايع مثله".

إن الإمام الحسين عليه السلام رفض سياسة الأمر الواقع مادامت خلاف قيم الدين.

الحسين يستجيب لنداء الله ورسوله

لقد حاول الأمويون نشر ثقافة الانصياع لسياساتهم دون أي رفض أو مناقشة، واختلقوا عبر علماء بلاطهم أحاديث باطلة تدعو الناس الى السكوت عن الحكام الظلمة، إلا إن الإمام الحسين بإعلانه لثورته المباركة وتلاوته لحديث جده قد بدد مزاعم وأكاذيب أولئك الطغاة. فللدين موقف تجاه السلطان الجائر. فمنذ اليوم الأول لإعلان ثورته أوضح مشروعية تلك الثورة قائلاً:

إن رسول الله صلى الله عليه وآله قال:

"من رأى منكم سلطاناً جائراً مستحلاً لحرام الله، ناكثا عهده، مخالفاً لسنة رسول الله يعمل في عباده بالإثم والعدوان، فلم يغير ما عليه بفعل ولا قول، كان حقاً على الله أن يدخله مدخله"

ثم أردف الحسين قائلا وواصفاً عهد الأمويين، ومبيّناً ضرورة الثورة على وضعهم الفاسد:

"إلا وأن هؤلاء قد لزموا طاعة الشيطان، وتركوا طاعة الرحمن، وأظهروا الفساد، وعطلوا الحدود، واستأثروا بالفيء، وأحلوا حرام الله، وحللوا حلاله، وأنا أحق ممن غير".

لقد تحول الإمام الحسين بثورته وشهادته المباركة إلى مشروع خالد وحيوي لإحياء الدين والحفاظ على قيمه الحقة. وما إحياء هذه المناسبة العظيمة إلا إحياءً لروح الدين وقيمه الحقيقية وتثبيتها في القلوب والواقع الحياتي.

واجب الأمة في هذه الذكرى العظيمة

إن أمتنا الإسلامية مدعوة اليوم إلى استلهام القيم التي دافع عنها هذا الإمام العظيم، والتحلي بشجاعته وتضحياته إن أرادت لنفسها الخلاص والنهوض. ذلك لأن العناوين التي توّجها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لهذا الإمام العظيم بأنه"سيد شباب أهل الجنة" و "مصباح الهدى وسفينة النجاة" في ذات الوقت التي تفصح عن عظمة هذا الإمام الثائر، فإنها دعوة إلى الأمة لتلمس درب الإمام الحسين، والإقتداء بمواقفه وسلوكياته النبيلة الرفيعة إن أرادت طريق الهدى وركوب سفينة النجاة والخلاص من أزماتها في الدنيا، والجنان في الآخرة.

إن الإقتداء الواعي لدرب الإمام الحسين سيقود أمتنا الإسلامية حتماً لتحقيق تطلعاتها في سيادة قيم الحق والحرية والعدالة والمساواة في واقعها. فهاهم مجاهدو جنوب لبنان يؤكدون أن تحرير أراضيهم وانتصاراتهم الباسلة ما هي إلا ببركة استلهامهم لدروس النهضة الحسينية في الشهادة والتضحية والفداء. إن قضايا امتنا العادلة في فلسطين والعراق وأفغانستان وكشمير بحاجة الى مساندة جادة ودعم حقيقي من المسلمين جميعا حكومات وشعوباً.

إصلاح الواقع المحلي

إن موسم عاشوراء المجيد هو خير مناسبة ينبغي أن نستذكر فيها مدى تطبيقنا لقيم الدين، وأهمية إصلاح واقعنا المحلي. إننا نؤكد على القضايا التالية:

مراعاة القيم الدينية والأخلاقية في أية مشاريع تقدم عليها الدولة أو تصرح بها. فلا فائدة من مشروع يدر على الدولة أو بعض التجار مالاً على حساب سمعة بلدنا وتدهور وضعها الأخلاقي! كما هو حال برنامج "الأخ الأكبر" الذي وافقت عليه وزارة الإعلام، وهو تقليد للغرب في صرعاته ومساوئه.

إنهاء الجوانب الفاسدة في الوضع الإعلامي والسياحي، هذه الجوانب التي شوهت صورة البلاد، وخلقت واقعاً نشازاً مخالفاً للدين والعقل والأعراف.

تحقيق صور المساواة للمواطنين في مختلف القضايا، ومن ضمنها تدريس المذهب الجعفري في المدارس أسوةً بالمذاهب الأخرى.

نعرب عن قلقنا من ازدياد حالة التضييق على إبداء الرأي والمواقف والتجمعات، في قبال إفساح المجال وتشجيع الاحتفالات الماجنة المخالفة للدين والقيم.

الابتعاد عن صور الإرهاب الفكري بمجرد الاختلاف في الرأي أو الموقف. إن التعددية المذهبية والمرجعية والفكرية أمرٌ محمودٌ ما دام الإطار العام الجامع هو وحدة الدين والوطن والحفاظ على المصالح العليا للمجتمع.

وختاماً نود إن نسجل فخرنا واعتزازنا بالعمل الجبار الذي يتعاضد فيه شعب البحرين لإحياء هذه المناسبة العظيمة، والكاشف عن الروح الإيمانية الأصيلة التي يتمتع بها مواطنو هذا البلد الكريم.

سائلين المولى القدير أن يجعلنا مع الإمام الحسين فكراً وموقفاً وشعوراً، وأن يتقبل عمل المؤمنين في هذا المناسبة الجليلة، ويصلح وضع مجتمعنا وأمتنا.

جمعية الرسالة الإسلامية

محرم 1425هـ

شبكة النبأ المعلوماتية/ ملف عاشوراء 1425هـ