نبض الإنسانية الخالد.. |
من قضايا النهضة الحسينية /أسئلة وحوارات / القسم الثاني |
أسئلة في السيرة والثورة الحسينية - 2 - |
سؤال: كم كان عدد الذين انتقلوا إلى معسكر الامام الحسين عليه السلام من الجيش الأموي؟ الجواب : لا توجد إحصائية دقيقة(1) عن العدد وإن كانت هناك رواية ذكرها السيد بن طاووس ( ت 664 هـ ) في كتابه اللهوف ، تفيد أن عدد الذين انتقلوا إلى صف الحسين يبلغ اثنين وثلاثين ، بينما ذكر ابن نما الحلي ( ت 645 هـ ) في كتابه مثير الأحزان أنه جماعة من عسكر عمر بن سعد قد جاؤوا إليهم من دون تحديد عدد هذه الجماعة . و التتبع لروايات المقتل يفيد أن التالية أسماؤهم قد انتقلوا إلى المعسكر الحسيني : 1/ الحر بن يزيد الرياحي ( التميمي اليربوعي ) : قائد الفرقة التي بعثها عبيد الله بن زياد لمحاصرة الحسين ومنعه من الوصول إلى الكوفة ، وقد انتقل إلى المعسكر الحسيني صباح اليوم العاشر قبل بدء المعركة وعلى أثر خطبة الامام الحسين عليه السلام . 2/ علي ابن الحر الرياحي السابق ذكره . 3/ غلام الحر وهو تركي وقد ذكره في مقتل الخوارزمي . 4/ من الذين انتقلوا إلى الحسين عليه السلام رجل من خزيمة جاء رسولا من عمر بن سعد إلى الحسين ليبلغه رسالته ، فلم يرجع إلى عمر بن سعد وقال من الذي يختار النار على الجنة ؟(2) . 5/ جوين بن مالك بن قيس الضبعي ، ذكر أنه كان في جيش عمر بن سعد ثم انتقل إلى صفوف الامام الحسين عليه السلام ، وقتل في الحملة الأولى ، وقد ورد ذكره في زيارة الناحية المقدسة (3) . 6/ الحارث بن امرئ القيس الكندي : لما رأى الحسين عليه السلام قد أحاط به جيش الكوفة التحق بركبه (4). 7/ الحلاس بن عمر الراسبي (5): سار هو وأخوه النعمان مع عمر بن سعد ثم تحولا إلى معسكر الحسين 8/ النعمان بن عمر الراسبي ..المتقدم . 9/ زهير بن سليم الأزدي لما رأى إصرار جيش الكوفة على مقاتلة الحسين عليه السلام اعتزل جيش عمر بن سعد ومال إلى معسكر الحسين واستشهد بين يديه (6). 10/ عبد الله بن بشير(7) ( قيل فيه أنه يعد من مشاهير دعاة الحق وحماته ، كان في البداية ضمن جيش عمر بن سعد وقبل بدء القتال التحق بالامام الحسين واستشهد في الحملة الأولى قبل ظهر عاشوراء) وبالنظر إلى ما تقدم يمكن التأمل في كونه من جيش عمر بن سعد ، بل يمكن الاحتمال أنه كان قد خرج مع الجيش لكي يتسلل من خلاله إلى معسكر الحسين خصوصا أن من كان يريد الخروج إلى الحسين لنصرته كان يمنع ويقاتل كما حصل لعامر الدلاني حيث قاتله زجر بن قيس على بوابة الكوفة عندما أراد الخروج لنصر الحسين. 11/ مسعود بن الحجاج وابنه عبد الرحمن ، ورد ذكرهما في الزيارة ، وجاء في الأخبار أنهما خرجا مع جيش عمر بن سعد ، ولما وصلا كربلاء التحقا بالامام الحسين(8). 12/ عبد الرحمن بن مسعود بن الحجاج المتقدم ذكره . 13/ عمرو بن ضبيعة التميمي : قيل فيه كان فارسا شجاعا فلما رأى رد الشروط على الحسين وعدم تمكينهم إياه من الرجوع من حيث أتى انتقل إلى الحسين عليه السلام وورد ذكره في الزيارة(9). 14/ القاسم بن حبيب الأزدي : خرج مع جيش عمر بن سعد ، فلما بلغ كربلاء انفصل عنهم وانضم إلى جيش الحسين عليه السلام ونحتمل فيه ما احتملنا في عبد الله بن بشير من أن خروجه مع الجيش الأموي كان وسيلة للخروج من الكوفة والالتحاق بالحسين (10). 15/ يزيد أبو الشعثاء الكندي وكان شجاعا راميا وقد خرج مع الجيش الأموي فلما رآهم ردوا الشروط على الحسين عدل إليه فقاتل بين يديه (11). وهناك بعض الشهداء لم يتسن لهم أن يصلوا إلى معسكر الحسين عليه السلام وإنما كانوا في وسط الجيش الأموي ، فحصل لهم ذلك التغير النفسي ، وطفقوا يضربون في جنود عمر بن سعد بأسيافهم ، فأقبل هؤلاء عليهم ، وحيث أنهم كانوا في وسط الجيش استطاعوا أن يقتلوهم بسرعة حيث لم يكن مجال للمناورة عند أولئك السعداء . وعدد هؤلاء لا نعرفه لكن توجد إشارات تاريخية إلى حصول مثل هذه الحادثة .مثل : 16/ سعد بن الحرث. 17/ أخوه أبو الحتوف ، كانا في الجيش الأموي فلما رأيا وحدة الحسين عليه السلام ، ورأيا ما حل بأصحابه ، مالا على الجيش بسيفيهما ، يضربان فيهم حتى قتلا . وقد ذكرهما الشيخ عباس القمي في الكنى والألقاب فقال : ابو الحتوف بن الحارث بن سلمة الانصاري العجلاني نسبة إلى بني عجلان بطن من الخزرج . عن الحدائق الوردية في أئمة الزيدية : انه كان مع اخيه سعد في الكوفة ، ورأيهما رأي الخوارج ، فخرجا مع عمر بن سعد لحرب الحسين " ع " فلما كان اليوم العاشر وقتل اصحاب الحسين وجعل الحسين ينادي : ألا ناصر فينصرنا ، فسمعته النساء والاطفال فتصارخن ، وسمع سعد واخوه أبو الحتوف النداء من الحسين والصراخ من عياله ، قالا : إنا نقول لا حكم إلا لله ولا طاعة لمن عصاه ، وهذا الحسين بن بنت نبينا محمد ونحن نرجو شفاعة جده يوم القيامة فكيف نقاتله وهو بهذا الحال لا ناصر له ولا معين ، فمالا بسيفيهما مع الحسين على اعدائه وجعلا يقاتلان قريبا منه حتى قتلا جمعا وجرحا آخر ثم قتلا معا في مكان واحد ، وختم لهما بالسعادة الابدية(12).
سؤال عن من الذي أجهز على الامام الحسين عليه السلام ومن احتز رأسه ؟هل هو سنان أو شمر الضبابي ؟ الجواب : في البداية لا بد أن نشير إلى نقطة ، وهي أن بعض الأفعال لا يصح نسبتها إلا لفاعلها المباشر ، بينما يصح نسبة أفعال أخرى إلى متعددين : المباشر وغير المباشر . مثال الأول : جلس ، وأكل ، ونام وغيرها ، فإنه لا يصح نسبة هذه الأفعال إلا لمن قام بها مباشرة . ومثال الثاني : بنى : فإنه يصح نسبة الفعل إلى دافع المال ، فيقال فلان بنى بيتا ، وبنى مسجدا ، ويصح نسبته إلى المقاول الذي قاد فريق العمال فيقال : إنه هو الذي بنى المسجد ، ويصح نسبته إلى العامل المباشر . وفعل القتل هو من هذا القبيل : فإنه يصح إطلاقه على الآمر بالقتل ، ولذا يُتحدث في الروايات عن يزيد باعتبار أنه قاتل(13) الحسين عليه السلام مع أنه لم يكن الفاعل المباشر للقتل ، ويُعرف عبيد الله بن زياد بأنه قاتل(14) الحسين ، وأيضا يطلق على عمر بن سعد بن أبي وقاص أنه قاتل الحسين (15).. وكل هذه الاطلاقات صحيحة . لما ذكرنا . ولكن الكلام هو في من أجهز عليه ( صلوات الله عليه) ، وباشر قتله لينال بذلك اللعنة المستمرة والعذاب المقيم . وهل أن الذي أجهز عليه هو الذي احتز رأسه فيما بعد أو يختلفان ؟ فمن المعلوم أن الامام سلام الله عليه لما وقع صريعا من ظهر فرسه ، وبقي على الأرض كانت القبائل تتحاشى قتله(16)، ولا تقدم عليه كما ذكر ذلك المؤرخون . إلى أن تقدم من كتبت عليه اللعنة والخزي .. وأكثر الروايات التاريخية ، يتردد فيها أحد أسماء الشؤم التالية باعتبار أن واحدا منها أو أكثر ، هو الذي لبس ثوب اللعنة الالهية : 1/ خولى بن يزيد الاصبحي : فقد نسب القاضي المغربي في كتابه شرح الأخبار ، الفعل إلى خولى قائلا : وأجهز خولى بن يزيد الاصبحي بن حمير ، واحتز رأسه ، وأتى عبيدالله بن زياد ، فقال : إملأ ركابي فضة وذهبا إني قتلت السيد المحجبا قتلت خير الناس أما وأبا .. وكذا فعل ابن عساكر في ترجمة الامام الحسين عليه السلام فقال : قتله سنان بن أنس النخعي ، وأجهز عليه وحز رأسه الملعون خولى بن يزيد الاصبحي .. وكذا ذكر أحمد بن عبد الله الطبري في كتابه ذخائر العقبى فقال : أجهز عليه خولى بن يزيد الاصبحي من حمير حز رأسه وأتى بها عبيدالله بن زياد . ومثله ذكر الذهبي في سير أعلام النبلاء فقال : طعنه سنان في ترقوته واحتز رأسه خولى لا رضي الله عنهما . 2/ سنان بن أنس النخعي : وأكثر الروايات تشير إلى أنه هو الذي احتز رأس الحسين عليه السلام ؛ فقد قال ابن عنبة في كتابه عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب : واختلف في الذي أجهز عليه فقيل شمر بن ذي الجوشن الضبابي لعنه الله تعالى ، وقيل خولى بن يزيد الاصبحي ، والصحيح أنه سنان بن أنس النخعي وفى ذلك يقول الشاعر : فأي رزية عدلت حسينا غداة تبيره كفا سنان كما ذكره الفضيل بن زبير الكوفي الاسدي (من أصحاب الامامين الباقر والصادق عليهما السلام) في كتابه ( تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام )(17) فقال : الحسين بن علي، ابن رسول الله صلوات الله عليهم . قتله سنان بن أنس النخعي ، وحمل راسه فجاء به خولى بن يزيد الاصبحي . وذكره الشيخ المفيد(18) رضوان الله عليه في كتابه الاعتقادات باعتبار أنه قاتل الحسين عليه السلام ، وكذا المسعودي(19) فقال : وطعنه سنان بن أنس النخعي لعنه الله ثم نزل واحتز رأسه والسمعاني في الانساب . والطبري فقال : وحمل عليه في تلك الحال سنان بن أنس بن عمرو النخعي فطعنه بالرمح فوقع ثم قال لخولي بن يزيد الاصبحي احتز رأسه فأراد أن يفعل فضعف فأُرعد فقال له سنان بن أنس فت الله عضديك وأبان يديك فنزل إليه فذبحه واحتز رأسه ثم دفع إلى خولى بن يزيد(20) . ، والطبري في المنتخب من ذيل المذيل أنه (قال الحجاج من كان له بلاء فليقم فقام قوم فذكروا وقام سنان بن أنس فقال أنا قاتل الحسين عليه السلام فقال بلاء حسن ورجع إلى منزله فاعتقل لسانه وذهب عقله فكان يأكل ويحدث مكانه) . ونسب الفعل إليه ابن كثير في كتابه البداية والنهاية ، فقال إنه احتز رأسه ودفعه إلى خولى . والسيد ابن طاووس في كتابه اللهوف(21). وكذلك ذكره الشيخ عبد الله البحراني في كتابه العوالم فقال : وأقبل عدو الله سنان بن أنس الايادي وشمر بن ذي الجوشن العامري لعنهما الله في رجال من أهل الشام حتى وقفوا على رأس الحسين عليه السلام ، فقال بعضهم لبعض : ما تنظرون ؟ أريحوا الرجل ، فنزل سنان بن أنس الايادي لعنه الله وأخذ بلحية الحسين عليه السلام ، وجعل يضرب بالسيف في حلقه وهو يقول : والله إني لأحتز رأسك وأنا أعلم أنك ابن رسول الله صلى الله عليه وآله وخير الناس اما وأبا . وهذا الخبر هو الذي نقله الشيخ الصدوق في كتابه الأمالي (22) عن الامام الباقر عليه السلام ينسب فيه الفعل إلى سنان بن أنس . وقال ابن نما الحلي ( ت 645 هـ ) أن الذي حز رأسه سنان . وذكره ابن الأثير في أسد الغابة باعتباره قاتل الحسين عليه السلام ، وكذا ابن حبان في كتاب الثقات فقال : الذي قتل الحسين بن علي هو سنان بن أنس . 3/ شمر بن ذي الجوشن الضبابي : وقد ورد ذكره مخصوصا باللعن في زيارة عاشوراء على لسان الامام الباقر عليه السلام ـ إن تم السند ـ. ويحتمل(23) أنه هو المشار إليه في ما نقله بعضهم عن الحسين عليه السلام : كنا مع الحسين بنهري كربلاء ، فنظر إلى شمر بن ذي الجوشن فقال : صدق الله ورسوله ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كأني أنظر إلى كلب أبقع يلغ في دماء أهل بيتي " وكان شمر قبحه الله أبرص . كما ورد ذكره في الزيارة المنسوبة للناحية المقدسة : (....على الخدود لاطمات وبالعويل داعيات ، وبعد العز مذللات ، وإلى مصرعك مبادرات والشمر جالس على صدرك ، مولغ(24) سيفه على نحرك ، قابض على شيبتك بيده ، ذابح لك بمهنده ، قد سكنت حواسك، وخفيت أنفاسك ، ورفع على القنا رأسك.. ) . وذكره الشيخ المفيد في الارشاد فقال : وبدر إليه خولى بن يزيد الاصبحي لعنه الله فنزل ليحتز رأسه فأُرعد ، فقال له شمر : فت الله في عضدك ، ما لك ترعد ؟ ونزل شمر إليه فذبحه ثم دفع رأسه إلى خولى بن يزيد . وقال محيي النووي في كتابه المجموع :والضبابي وهو بطن من كلاب منهم شمر بن ذي الجوشن قاتل الحسين عليه السلام . ذكر القندوزي في ينابيع المودة عن أبي مخنف (25) (.. فأقبل الى شبث ، سنان بن أنس النخعي ، وكان كوسج اللحية قصيرا أبرص أشبه الخلق بالشمر اللعين فقال له : لِمَ ما قتلته ثكلتك أمك ؟ قال شبث : يا سنان إنه قد فتح عينيه في وجهي فشبهتهما بعيني رسول الله(ص) . ثم دنا منه سنان ، ففتح عينيه في وجهه فارتعدت يده وسقط السيف منها وولى هاربا، فأقبل الى سنان ، الشمرُ اللعين وقال له : ثكلتك أمك مالك رجعت عن قتله ؟ فقال : إنه فتح عينيه في وجهي فذكرت هيبة أبيه علي بن أبي طالب ففزعت فلم أقدر على قتله . فقال له الشمر الملعون : إنك جبان في الحرب ، فوالله ما كان أحد غيري أحق مني بقتل الحسين . ثم إنه ركب على صدره الشريف ، ووضع السيف في نحره ، وهم أن يذبحه ، ففتح عينيه في وجهه فقال له الحسين ( رضي الله عنه وأرضاه ) : يا ويلك من أنت فقد ارتقيت مرتقى عظيما ؟ فقال له الشمر : الذي ركبك هو الشمر بن ذي الجوشن الضبابي . فقال له الحسين : أتعرفني يا شمر ؟ قال : نعم أنت الحسين بن علي ، وجدك رسول الله ، وأمك فاطمة الزهراء ، وأخوك الحسن . فقال : ويلك فإذا علمت ذلك فلم تقتلني ؟ قال : أريد بذلك الجائزة من يزيد . فقال له : يا ويلك أيما أحب اليك ، الجائزة من يزيد أم شفاعة جدي رسول الله (ص) ؟ فقال الشمر الملعون : دانق من جائزة يزيد أحب إلى الشمر من شفاعة جدك . فقال له الحسين (رضي الله عنه وبلغه الله إلى غاية بركاته ومنتهى رضوانه) : سألتك بالله أن تكشف لي بطنك ، فكشف بطنه فإذا بطنه أبرص كبطن الكلاب ، وشعره كشعر الخنازير . فقال الحسين (ع) : " الله اكبر لقد صدق جدي ( ص ) في قوله لأبي : يا علي إن ولدك الحسين يقتل بأرض يقال لها كربلاء ، يقتله رجل أبرص أشبه بالكلاب والخنازير " . فقال الشمر اللعين : تشبهني بالكلاب والخنازير ، فوالله لاذبحنك من قفاك . ثم إن الملعون قطع الرأس الشريف المبارك ، وكلما قطع منه عضوا يقول : " يا جداه ، يا محمداه يا أبا القاسماه ، ويا أبتاه يا علياه ، يا أماه يا فاطماه ، أقتل مظلوما ، وأذبح عطشانا ، وأموت غريبا " . * * * * بعد التعرض إلى الأقوال ، يمكن لنا أن نذكر ملاحظات لعلها تلقي بضوء على الإجابة ، ونترك المجال للقارئ أيضا لكي يتأمل ، ويكون صورة عن الحادثة : الملاحظة الأولى : أنه لا بد من التفريق بين ( قتله ) و ( احتز رأسه ) مع أن هاتين الكلمتين أحيانا يذكران في سياق معنى واحد ، ولذا فإن الرواة الذين نقلوا الصورة التفصيلية فرقوا بين من ( قتله ) ومن ( احتز رأسه ) . فإن ( حز الرأس ) عادة ما يكون بعد القتل ، فإن طبيعة عمل المجرمين ذلك أنهم يريدون أن يهدوا أمراءهم رؤوس أعدائهم كما فعل أتباع معاوية برأس عمرو بن الحمق الخزاعي رضوان الله عليه ، للتقرب لهم وللحصول على جوائزهم ، وأيضا لإضعاف الروح المعنوية لأتباعهم ، وهم في هذا حتى يحتزون رأس الميت لهذا الغرض ، أو يقتلون شخصا آخر للتلبيس على الأتباع بأن المقتول هو قائدهم(26). والتركيز على الفرق بين الأمرين مهم جدا ، ويرفع الكثير من الابهام عن الصورة الحقيقية. فقد ترى نفس الشخص يروي بأن شمرا هو الذي قتل الحسين ، وفي مكان آخر يقول إن الذي حز رأسه هو سنان ، فيتصور الناظر لأول وهلة أن كلامه متخالف ، بينما التدقيق في المسألة بناء على الفرق بين (القتل) و (حز الرأس) ينفي ذلك . الملاحظة الثانية : أننا نعتقد أن الروايات القائلة بأن خولى بن يزيد الأصبحي هو الذي قتل الحسين أو احتز رأسه ليست قريبة من الواقع ، ونعتقد أن الذين ذكروها قد اعتمدوا أساسا على الشعر الذي قاله هذا الآثم أمام أميره وهو يحمل الرأس ، طمعا في الجائزة : إملأ ركابي فضة أو ذهبا إني قتلت السيد المحجبـا قتلت خير الناس أماً وأباً(27) وأول ما في ذلك أن هذه الأبيات أيضا نسبت لسنان بن أنس النخعي ، ولو صحت نسبة الأبيات له فالصورة التي يمكن رسمها من خلال ما ذكر عن تـأريخ هذا الرجل هي صورة الرجل المعتوه الذي لا يقدّر ولا يعرف حتى كيفية طلب الجائزة من أعداء القتيل وهم قادته !! فإن من يريد جائزة من عمر بن سعد أو من ابن زياد أو يزيد لا يصح أن يتوسل في ذلك بمدح عدوهم بأنه خير الناس أماً وأباً ، وأنه السيد المحجب !! ولذا قيل أنه قد منع من العطاء ورُد بقولهم : إن علمت أنه خير الناس أما وأبا فلمَ قتلتَه ؟ وفي الوقت الذي كانت سائر القبائل والأفراد يتحامون عن قتله ويترددون في ذلك لكيلا ينسب الفعل إليهم ، يقوم هذا الرجل بالافتخار بذلك ، مع العلم أنه لم يفعل ! مما يعطينا صورة عن شخص أقرب إلى العته منه إلى الشخص السوي ! والظاهر ـ والله العالم ـ أن الحسين عليه السلام بعدما قُتل ، وحز رأسه ، أعطي هذا الرجل رأسه لكي يحمله إلى ابن زياد كما هو الثابت أنه حمله فيما بعد وانطلق به إلى الكوفة بعد المعركة ( مشتركا مع حميد بن مسلم الأزدي أو أن هذا في مهمة حمل الرأس وذاك في مهمة إخبار عائلة عمر بن سعد عن سلامته !) . ويشهد له أن أكثر من رواية تفيد أنه بدر إليه خولى فأُرعد ( أصابته الرعدة من الخوف ) فتراجع . وأيضا ما ذكره أكثر من مصدر أنه قد دفع إليه الرأس (28). إضافة إلى أنه لم يأت له ذكر في أي من الأخبار ـ مهما كانت أسانيدها ـ المنسوبة إلى أهل البيت عليهم السلام باعتباره القاتل . الملاحظة الثالثة : يبقى الاحتمال دائرا بين شمر بن ذي الجوشن وبين سنان بن أنس النخعي ، وبالنسبة إلى الثاني فإن أكثر الروايات التاريخية تتحدث عن أنه قتل الامام ، أو احتز رأسه ، بينما تتحدث الروايات المنسوبة لأهل البيت المعصومين عليهم السلام عن أن القاتل شمر وأنه هو الذابح . ويحتمل أن يكون القاتل هو شمر بن ذي الجوشن الضبابي ، وأن الذي احتز رأسه فيما بعد القتل هو سنان بن أنس ، ويمكن الاستشهاد لهذا بعدة أمور : ـ ما ذكر في أكثر من رواية تاريخية أن شمر بن ذي الجوشن أمر أن ينزلوا إليه وأنهم ما ذا ينتظرون به ، فنزل إليه سنان فأرعد وخاف وتراجع ( وبعضها يفصل أنه نظر إلى عينيه فرأى فيهما عيني علي ابن أبي طالب أو عيني النبي صلى الله عليه وآله ) فاكتفى من ذلك بأن طعن الامام الحسين عليه السلام بالرمح ، ثم ولى خائفا ، فتولى شمر أمر قتله ، ثم بعد أن قتل الشمر الحسين عليه السلام وأجهز عليه ، لم يبق المانع الذي منع سنان قبلئذ ، فاحتز رأسه . ـ يظهر من روايات أخرى أن سنانا هذا كان حريصا على أن ( يحوز ) برأس الحسين عليه السلام مهما كلف الأمر ، ولعل شمرا الذي كان يهمه فقط إنهاء المعركة منتصرا !! وفي وقت سريع ولذا لم يتحمل تردد البعض ، فصاح بهم ماذا تنتظرون ؟ ولم يكن همه في رأس الحسين ، قد التقت رغبته مع رغبة سنان الذي كان يهمه فقط أن يظفر برأس الحسين(29)، إما ليفتخر به أو ليحصل على الجائزة هذا بناء على أنه هو قائل الأبيات المذكورة ( إملأ ركابي .. )(30) . وإذا أعدنا إلى الذكر ما سبق من التفريق بين القتل وحز الرأس ، وأنه يظهر أن الذي حصل شيئان مختلفان قد قام بكل جريمة منهما شخص يختلف عن الآخر ، أمكن لنا تصوير الجمع بين ما هو في الروايات التاريخية ، وما ورد في بعض المرويات المنسوبة(31) لأهل البيت عليهم السلام . ـ أن اختصاص شمر بن ذي الجوشن في زيارة عاشوراء باللعن ( إضافة إلى يزيد وابن زياد وعمر بن سعد ـ وهم من يمكن أن ينسب إليهم القتل لأمر الأولين وقيادة الثالث كما ذكرنا في البداية من صحة نسبة بعض الأفعال لمتعددين مع أن المباشر له واحد ـ ) ، هذا الاختصاص لا مبرر له غير دوره الاستثنائي في هذه الجريمة ، وهو القتل وإزهاق روح الامام المعصوم صلوات الله عليه , الأمر الذي ذكر في زيارة الناحية .. والحد المذكور في زيارة الناحية وهي الأكثر تفصيلا في هذه الجهة من عاشوراء ، أنه ( جالس على صدرك ، مولع (مولغ)(32) سيفه على نحرك ، قابض على شيبتك بيده ، ذابح لك بمهنده ..) وهذه لا تفي بمعنى أكثر من القتل. والذبح يمكن حصوله من دون حز الرأس بكامله . ولم يذكر سنان بن أنس في روايات أهل البيت ، غير الرواية التي وردت في الأمالي ويظهر فيها أن سنان كان مستقلا بأمر القتل بتمامه دون شمر ، وهو مخالف للمشهور من أن شمرا كان له دور أساس في القتل .. وهناك ملاحظة أخيرة وهي احتمال حصول الاشتباه عند بعض ناقلي الخبر لا سيما ممن كان حاضرا ، بين الشمر وسنان ، فإن الأخير كان شديد الشبه(33) بالأول من ناحية الشكل كما ذكروا . والمسألة غير محسومة عندي ، وتحتاج إلى مزيد بحث ، وإن كان ما سبق ذكره من أن القاتل هو شمر لما ورد في الزيارتين ، وأن مَن حز الرأس بعد القتل ـ طلبا للجائزة ـ هو سنان لما ذكر في أكثر المصادر التاريخية، هو الأقرب (34) لكنه مخالف لما عليه المشهور لدى أهل المنبر والمتحدثين في السيرة ، والله العالم .
سؤال: كيف يتم التوفيق بين ما ورد من استحباب الاغتسال والتطيب لزيارة الحسين عليه السلام كما فعل جابر بن عبد الله حيث اغتسل ، ونثر على نفسه صرة صعد ، وبين ما ورد أنه يزور الزائر أشعث أغبر ؟ الجواب: في البداية ينبغي أن يقال أن عمل جابر ليس فيه دلالة على الاستحباب ، إذا لم نعلم استناده فيه إلى قول المعصوم . ولكن أصل القضية فيها صنفان من الروايات الواردة عن أهل البيت فمنها ما يدل بظاهره على أن الاستحباب هو أن يكون الزائر حين الزيارة أشعث أغبر معللا في بعضها بأن الحسين قد قتل على تلك الحال : مثل : ما روه في كامل الزيارات (35) عن ابي عبد الله ( عليه السلام ) ، قال : إذا أردت زيارة الحسين ( عليه السلام ) فزره وأنت كئيب حزين مكروب ، شعث مغبر ، جائع عطشان ، فان الحسين قتل حزينا مكروبا شعثا مغبرا جائعا عطشانا ، وسله الحوائج ، وانصرف عنه ولا تتخذه وطنا .. وبهذا الاسناد عن سعد بن عبد الله ، عن موسى بن عمر ، عن صالح بن السندي الجمال ، عمن ذكره ، عن كرام بن عمرو(36)، قال : قال أبو عبد الله ( عليه السلام ) لكرام : إذا أردت انت قبر الحسين ( عليه السلام ) فزره وأنت كئيب حزين شعث مغبر ، فان الحسين (عليه السلام ) قتل وهو كئيب حزين ، شعث مغبر جائع عطشان . وفي بعض الروايات الأخرى أنه يأتي إلى الزيارة حافيا : مثلما رواه أيضا في كامل الزيارات(37) عن الصادق عليه السلام: من أتى قبر الحسين عليه السلام ماشيا كتب الله له بكل خطوة ألف حسنة ، ومحى عنه ألف سيئة ورفع له ألف درجة ، فإذا أتيت الفرات فاغتسل وعلق نعليك ، وامش حافيا ، وامش مشي العبد الذليل ، فإذا أتيت باب الحائر فكبر أربعا ، ثم امش قليلا ، ثم كبر أربعا ، ثم ائت رأسه فقف عليه فكبر أربعا ، وصل عنده وسل الله حاجتك . وفي المقابل ما يظهر من روايات أخر أنه يأتي مغتسلا لابسا نظيف الثياب : فمنها ما رواه في الكافي (38): عن الحسين بن ثوير قال : كنت أنا ويونس بن ظبيان عند أبي عبد الله عليه السلام وكان أكبرنا سنا - إلى أن قال : - فقال : إذا أردت زيارة الحسين كيف أصنع وكيف أقول ؟ قال : إذا أتيت أبا عبد الله عليه السلام فاغتسل على شاطئ الفرات والبس ثيابك الطاهرة ، ثم امش حافيا فإنك في حرم من حرم الله وحرم رسوله ، وعليك بالتكبير والتهليل والتسبيح والتمجيد ... وما رواه أيضا في الكامل(39) عن الصادق عليه السلام عندما سئل عما يلزم للذاهب إلى زيارة الحسين عليه السلام (.. يلزمك حسن الصحبة لمن صحبك ، ويلزمك قلة الكلام إلا بخير ، ويلزمك كثرة ذكر الله ، ويلزمك نظافة الثياب ، ويلزمك الغسل قبل أن تأتي الحائر..). وهنا ينبغي التأمل في هاتين الطائفتين : * فالمفردات الواردة فيها : الاحتفاء ( المشي حافيا ) والاغتسال ، والتشعث ، والتغبر ، ونظافة الثياب ، والكون على سكينة ووقار . ولا يوجد تعارض بين الاغتسال وكل من الاحتفاء ونظافة الثياب ، والكون على سكينة ووقار ، وإنما قد يبدو التعارض بين الاغتسال ( ومعه نظافة الثياب ) وبين التشعث والتغبر وهنا قد يمكن القول بأن معنى المراد في هذه الروايات من : الأشعث والأغبر ، أنه ما كان في مقابل التدهين والاكتحال والتزين ، وحينئذ لا ينافي الاغتسال ، وشاهد ذلك ما ورد في المحرم ، فإنه يستحب أن يكون أشعث أغبر ، ومع ذلك يستحب له الاغتسال غسل الإحرام ، فهو يغتسل للاستحباب ، ولكنه لا يكتحل ، ولا يتزين ولا يتطيب ، وربما يؤيد هذا رواية(40) عن أبي عبد الله عليه السلام ( .. فإذا أردت المشي إليه فاغتسل ولا تطيب ولا تدهن ولا تكتحل حتى تأتي القبر .. ) . ويظهر ـ والله العالم ـ أن الأئمة عليهم السلام لم يكونوا يريدون أن تتحول الزيارة إلى نوع من النزهة والتفرج ، واللهو مما ينافي الغرض من الزيارة التي تهدف إلى تذكر مواقف الحسين عليه السلام وما جرى عليه من مآس ومعاناة ، ومعرفة حقه وتجديد العهد معه للسير على نهجه وطريقه ، فإذا فُرّغت الزيارة من محتواها ومضمونها ذاك ، أصبحت أقرب إلى التلهي منها إلى تحقيق أهداف الزيارة.. ففي رواية عن الصادق عليه السلام : إن قوما إذا زاروا الحسين بن علي حملوا معهم السُّفر فيها الحلاوة والأخبصة(41) وأشباهه لو زاروا قبور أحبائهم ما حملوا ذلك (42). وفي رواية أخرى عن أبي عبد الله عليه السلام : تزورون خير من أن لا تزورون ، ولا تزورون خير من أن تزورون ، قلت : قطعت ظهري ، قال : تالله إن أحدكم يخرج إلى قبر أبيه كئيبا حزينا وتأتونه انتم بالسُّفر ؟! كلا ..حتى تأتونه شعثا غبرا(43). ولعل هذا المعنى هو الذي يستفاد من العنوان الذي عنون به صاحب الوسائل الباب المذكور فرأى أنه ينبغي أن يكون الزائر ملازما للحزن : - باب انه يستحب لمن أراد زيارة الحسين عليه السلام أن يصوم ثلاثا آخرها الجمعة ، ثم يغتسل ليلتها ويخرج على غسل تاركا للدهن والطيب والزاد الطيب ملازما للحزن والشعث والجوع والعطش ولا يتخذه وطنا . ويحتمل الحمل على التخيير ، بين الحالتين . كما أن بعض الفقهاء أيدهم الله قد احتملوا الحمل على اختلاف الزيارات ، فالمطلوب في زيارة عاشوراء هو ما ذكر من التشعث ، والتغبر .. الخ وربما يكونوا قد استفادوا في ذلك من التعليل الموجود في ذيل بعض هذه الروايات ، فإن الحسين قد قتل وهو َشِعث مغبر .. بينما في سائر الزيارات ، الاستحباب هو للاغتسال ولبس نظيف الثياب . ولم أجد ـ في مقدار ما نظرت ـ اختصاص زيارة عاشوراء بعنوانها بالتشعث والتغبر حتى يجمع بين الطائفتين بحمل هذه الروايات على خصوص زيارة عاشوراء . والله العالم.
سؤال : هل كان أبو الفضل العباس ناسيا لعطش الحسين عليه السلام عندما اقتحم نهر الفرات ، ( فتذكر ) عطش الحسين عليه السلام لما أراد الشرب ؟ و ألم يكن المناسب أن يشرب الماء لكي يتقوى على قتال الأعداء ؟ أو كان يجب عليه الشرب لكي يحافظ على نفسه من الهلاك ؟ الجواب : أصل الخبر هو ما ورد في مقتل الحسين لأبي مخنف الأزدي(44) كما نقل : (..فقال له الحسين ( ع ) . ان عزمت فاستسق لنا ماءا ، فاخذ قربته وحمل على القوم حتى ملأ القربة قالوا واغترف من الماء غرفة ثم ذكر عطش الحسين ( ع ) فرمى بها وقال : يا نفس من بعد الحسين هوني وبعده لا كنت ان تكوني هذا الحسين وارد المنــون وتشربين بارد المعــين(45) هذا هو المصدر الرئيس للخبر ، وقد ذكره في البحار بعنوان في بعض تأليفات اصحابنا . الموجود هو وصف المؤرخين لحالة أبي الفضل العباس وهو ليس سوى وصف ظاهري ، للواقعة من دون أن يعلم الراوي عما كان يعتلج في نفس العباس حينئذ .كما أنه لم يرد ذلك في نص روائي معتبر عن المعصوم حتى يفيدنا علما بالموضوع . يضاف إلى ذلك أن الذكر حينئذ لا يلزم منه الغفلة قبله . خصوصا وأن للذكر مراتب تتفاوت شدة وضعفا . كما أنه يمكن على فرض صحة الوصف وكشفه عن حالة أبي الفضل سلام الله عليه ، أن يقال بأن العباس الذي قد قدم لتوه من عمل عسكري ضخم حيث اخترق الصفوف حتى وصل إلى المشرعة وأزال عنها أربعة آلاف فارس ـ كما نقلوا ـ على رأسهم عمرو بن الحجاج الزبيدي ونزل إلى شاطيء الفرات ، وهنا قد يكون الأمر على نحو الحركة اللاشعورية التي تحدث للظاميء والعطشان عندما يرى الماء فإنه يسارع إليه ، في رد فعل سريع لرؤيته ، ويملأ كفه ، لكن مع أدنى توجه إلى تلك الحركة اللاشعورية ، يقوم أبو الفضل بسكب الماء مرة أخرى ويمتنع عن الشرب . ويا بعد ما بين الشطر الأول والشطر الثاني من السؤال ، فإن الأول يستكثر على أبي الفضل تلك الحركة اللاشعورية للظاميء بينما يطالبه الشطر الثاني بأن يشرب الماء وأن يلتذ به !! والجواب عليه : أما حكاية المحافظة على النفس ، والنجاة من الموت ، فلم يعلم أن أبا الفضل عليه السلام كان قد بلغ به العطش مبلغا يؤدي إلى إنهاء حياته حتى يجب المحافظة عليها بشرب الماء ، وذلك أننا رأيناه يقاتل بعد ذلك قتال الأبطال لفترة غير قصيرة ، ومن حاله هكذا لم يكن ليهلكه العطش . وأما أنه لماذا لم يشرب حتى يتقوى على قتال الأعداء ، فإضافة إلى الجواب السابق ، نقول هؤلاء قوم ليس مشروعهم في الحياة ، البقاء , وإنما مشروعهم تقديم النموذج الايماني والأخلاقي العالي . حتى تأتي الأجيال (46) وتقتدي بهم في إيمانها ، وصمودها ، ودفاعها . وإلا فما قيمة شربة ماء لن تقدم أو تؤخر في الصورة النهائية للمعركة ؟ إنما قيمة الامتناع عنها هي التي تؤسس معنى في الإيثار ، والأخوة لم يسبق له نظير . إن الموقف الذي يطالب السائل هو الموقف الذي يلتزم به أكثر الناس ، في هذه المواقف حيث لا يقدّمون في مضمار سباق القيم ، والحاجات الشخصية إلا الثانية . لكن أهل البيت عليهم السلام ومن تأثر بهم يريدون أن يرفعوا الانسان إلى سماء أخرى ، ذات آفاق أرحب . لا سيما في كيفية العلاقة مع الأئمة والقادة .
(1) ذكر المرحوم آية الله شمس الدين في كتابه أنصار الحسين ما يلي )... رواية نقلها السيد بن طاووس في مقتله المسمى ( اللهوف على قتلى الطفوف ) وهي : (..وبات الحسين وأصحابه تلك الليلة (ليلة العاشر من المحرم) ولهم دوي كدوي النحل ، ما بين راكع وساجد، وقائم وقاعد ، فعبر إليهم في تلك الليلة من عسكر عمر بن سعد إثنان وثلاثون رجلا) . إننا نقف من هذه الرواية موقف الشك : أولا : لأن حدثا كهذا كان يجب أن يلفت نظر الرواة الآخرين ، فهو حدث شديد الاثارة في مثل الموقف الذي نبحثه ، ولهذا فقد كان لا بد أن ينقله رواة آخرون . إن عدم نقله عن رواة آخرين مباشرين يبعثنا على الشك في صدق الرواية . وثانيا : إن هذا العدد ( اثنان وثلاثون ) عدد كبير جدا بالنسبة إلى أصحاب الحسين(ع) القليلين ، ولذا فقد كان يجب أن يظهر لهم أثر في حجم القوة الصغيرة التي كانت مع الحسين في صبيحة اليوم العاشر من المحرم ، على اعتبار أنهم انحازوا إلى معسكر الحسين في مساء اليوم التاسع، مع أننا لا نجد لهم أي أثر في التقديرات التي نقلها الرواة . لهذا وذاك نميل إلى استبعاد هذه الرواية من دائرة بحثنا في عدد أصحاب الحسين ( ع ) ، ونرجح أن الرواية - على تقدير صدقها - لا تعني ، كما يراد لها ، أن هؤلاء الرجال قد انحازوا إلى معسكر الحسين وقاتلوا معه ، وإنما تعني أن هؤلاء الرجال - نتيجة لصراع داخلي عنيف بين نداء الضمير الذي يدعوهم إلى الانحياز نحو الحسين والقتال معه ، وبين واقعهم النفسي المتخاذل الذي يدفع بهم إلى التمسك بالحياة الآمنة في ظل السلطة القائمة - قد ( حيدوا ) أنفسهم بالنسبة إلى المعركة ، فاعتزلوا معسكر السلطة ، ولم ينضووا إلى الثوار . ويبدو أنه قد حدثت حالات كثيرة من هذا القبيل ، منها حالة مسروق ابن وائل الحضرمي الذي كان يطمح إلى أن يصيب رأس الحسين ( فأصيب به منزلة عند عبيد الله بن زياد ) ، ولكنه تخلى عن القتال وترك الجيش عندما رأى ماحل بابن حوزة عندما دعا عليه الحسين ( ع ) ، وقال لمحدثه : ( لقد رأيت من أهل هذا البيت شيئا لا أقاتلهم أبدا ) . وربما كان هؤلاء - على تقدير صدق الرواية - هم أولئك الرجال التافهون الذين قال الحصين بن عبد الرحمن عنهم أنهم كانوا وقوفا على التل يبكون ، ويقولون : ( اللهم أنزل نصرك ) . انتهى كلام المرحوم شمس الدين . ويمكن التعليق على ما ذكر آنفا بعدم استبعاد هذا الرقم ، فإن الناظر في روايات المقتل كما تبين لك في المتن ، يرى أن نصف هذا العدد قد رصدت حركتهم لاقترانها بحدث ، ولم ترصد باقي الأسماء لسبب أو لآخر .. كما أن بعضهم كما يذكر المؤرخون قد مالوا على الجيش الأموي وهم فيه ، وقاتلوهم . ولعل استبعاد الشيخ شمس الدين ليس في محله لأنه مبني على أنه حدث وقع دفعة واحدة ، ولذلك قال أن حدثا كهذا كان يجب أن يلفت نظر الرواة الآخرين .. الخ .. وهو في غير محله فإن حالات التحول كانت فردية ، وامتدت من ليلة العاشر إلى يوم العاشر ، وتحول عدد ثلاثين من مجموع ثلاثين ألف لا يمكن أن يلفت الأنظار أصلا ، خصوصا أنه ضمن حالات فردية لا أن مجموع الثلاثين قد جاؤوا في صورة مجموعة للحسين . ولو كان اعتراض الشيخ شمس الدين على أن مجموعة اثنين وثلاثين شخصا قد عبروا في الليل مرة واحدة يضاف إلى ذلك أن عددا غير قليل من المذكورين في الشهداء في الزيارة لم يعرف كيفية شهادتهم ولا طريقة التحاقهم بالحسين ، ولا شك ان قسما من هؤلاء كانوا ممن التحق به في اليوم العاشر . إضافة إلى من ذكرت اسماؤهم كما في المتن . وهؤلاء يختلفون عن القسم ( المحايد ) الذين ذكرهم ، والذين لم يكونوا بالعدد القليل .سواء أولئك الواقفين على التل ، أو غيرهم ممن لم يحب أن يشارك إلا بمقدار تكثير السواد من دون أن يكون له مساهمة فعلية في المعركة . (2) كلمات الحسين / 381 (3) أنصار الحسين / 81 (4) قصة كربلاء / 282 نقلا عن أعيان الشيعة (5) أنصار الحسين 85 (6) قصة كربلاء 284 نقلا عن أعيان الشيعة . (7) قصة كربلاء 286 عن إبصار العين . (8) قصة كربلاء 287 (9) قصة كربلاء عن تنقيح المقال للمامقاني . (10) المصدر السابق 288 (11) المصدر السابق 300 (12) الكنى والألقاب 1 / 45 (13) في رواية معتبرة في الكافي عن الامام الصادق عليه السلام يتحدث عن شرار الخلق الذين ابتلي بهم خيار الخلق : .. ويزيد بن معاوية لعنه الله قاتل الحسين بن علي ( عليهما السلام ) وعاداه حتى قتله .. (14) لما تواقف التوابون مع جيش عبيد الله بن زياد ، خطب قادة التوابين في أصحابهم وقالوا : هذا عبيد الله بن زياد بن مرجانة قاتل أبي عبد الله الحسين أمامكم .. (15) ذكر السيد الشهرستاني في هامش كتابه وضوء النبي ج 2 أن يحيى بن سعيد قد حدّث عن عمر بن سعد !! فقال له رجل : أما تخاف الله ..تروي عن عمر بن سعد ؟ فبكى ، وقال : لا أعود يا أبا سعيد ، هذا قاتل الحسين ، أعن قاتل الحسين تحدثنا ؟ انظر تهذيب الكمال 21 : 257 و تقريب التهذيب 2 : 56 ( العجيب أن يحيى بن سعيد هذا قد تكلم في الامام الصادق ـ أي لم يقبل الرواية عنه عليه السلام !! ) . (16) في تاريخ الطبري ج 4 : قال ولقد مكث طويلا من النهار ولو شاء الناس ان يقتلوه لفعلوا ولكنهم كان يتقى بعضهم ببعض ويحب هؤلاء أن يكفيهم هؤلاء .. وفي موضع آخر ذكر ـ وغيره من المؤرخين ـ أنهم توقفوا إلى أن قال لهم شمر ويحكم ماذا تنتظرون بالرجل؟ (17) نشر في مجلة تراثنا العدد 2 بتحقيق العلامة السيد محمد رضا الحسيني (18) في بعض كتب الشيخ المفيد يظهر منه أنه الشمر كما في الارشاد ج 2 ، قال : ويدر إليه خولي بن يزيد الاصبحي لعنه الله فنزل ليحتز رأسه فأرعد ، فقال له شمر : فت الله في عضدك ، ما لك ترعد ؟ ونزل شمر إليه فذبحه . (19) مروج الذهب / 3 (20) تاريخ الطبري 4/ 346 (21) قال في اللهوف : ( .. وجعل ينوء ويكبو فطعنه سنان ابن أنس النخعي في ترقوته ثم أنتزع الرمح فطعنه في بوانى صدره ثم رماه سنان أيضا بسهم فوقع السهم في نحره فسقط عليه السلام وجلس قاعدا فنزع السهم من نحره وقرن كفيه جميعا فكلما امتلاتا من دمائه خضب بهما رأسه ولحيته وهو يقول هكذا القى الله مخضبا بدمى مغصوبا علي حقي ، فقال عمر بن سعد لرجل عن يمينه : إنزل ويحك إلى الحسين فأرحه قال فبدر إليه خولى ابن يزيد الأصبحي ليحتز رأسه فأرعد فنزل إليه سنان بن أنس النخعي ( لع ) فضرب بالسيف في حلقه الشريف وهو يقول والله إنى لأجتز رأسك وأعلم إنك ابن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم وخير الناس أبا وأما ، ثم أجتز رأسه المقدس المعظم وفى ذلك يقول الشاعر : فأى رزية عدلت حسينا * غداة تبيره كفا سنان .. (22) محمد بن علي بن الحسين ابن موسى بن بابويه قال حدثنا محمد بن عمر البغدادي الحافظ ( رحمه الله ) ، قال : حدثنا أبو سعيد الحسن بن عثمان بن زياد التستري من كتابه ، قال : حدثنا إبراهيم بن عبيد الله بن موسى بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي قاضي بلخ ، قال : حدثتني مريسة بنت موسى بن يونس بن أبي إسحاق وكانت عمتي ، قالت : حدثتني صفية بنت يونس بن أبي إسحاق الهمدانية وكانت عمتي ، قالت : حدثتني بهجة بنت الحارث بن عبد الله التغلبي ، عن خالها عبد الله بن منصور وكان رضيعا لبعض ولد زيد بن علي ( عليه السلام ) ، قال : سألت جعفر بن محمد بن علي بن الحسين ( عليهم السلام ) ، فقلت : حدثني عن مقتل ابن رسول ........ (23) البداية والنهاية ج 8 لابن كثير : نقول ذلك على نحو الاحتمال ، لإنه يمكن أن تكون الرواية ـ على فرض صدورها ـ ناظرة إلى القتل ، بمعنى ازهاق الروح ، دون احتزاز الرأس ، هذا إضافة إلى أنهم نقلوا أيضا أن سنان بن أنس كان أيضا أبرس وشبيها بشمر بن ذي الجوشن . (24) يلاحظ في هذه الزيارة التطابق بين ( مولغ سيفه على نحرك ) وبين ما نقل عن الرسول قبله : ( كلب أبقع يلغ في دماء أهل بيتي ) .. هذا بناء على أن ما في الزيارة هو ( مولغ ) بالمعجمة لا ( مولع ) بالمهملة . (25) العجيب أن القندوزي يروي عن أبي مخنف ما ينتهي إلى أن القاتل هو شمر بن ذي الجوشن ، بينما ينقل الطبري أيضا عن أبي مخنف نفسه ( عن الصقعب بن زهير عن حميد بن مسلم ) أن القاتل هو سنان بن أنس . مع بُعد الواسطة بين القندوزي الذي توفي في 1294 هـ وبين أبي مخنف . وهذه الرواية بهذا النحو مع أنها الأشهر بين قراء التعزية إلا أنها لم تذكر في مصدر من المصادر الأساسية عند الطائفة حتى مثل بحار الأنوار الذي دأب صاحبه على جمع الأخبار مع غض النظر عن قيمتها السندية . نعم ذكرها فخر الدين الطريحي ( ت 1085 هـ ) في المنتخب ولعل القندوزي نقل الحادثة منه . (26) تاريخ الطبري - الطبري ج 6 ص 179 : كان محمد بن عبد الله ابن عمرو محبوسا عند أبى جعفر وهو يعلم براءته حتى كتب إليه أبو عون من خراسان أخبر أمير المؤمنين أن أهل خراسان قد تقاعسوا عني وطال عليهم أمر محمد ابن عبد الله فأمر أبو جعفر عند ذلك بمحمد بن عبد الله بن عمرو فضربت عنقه وأرسل برأسه إلى خراسان وأقسم لهم أنه رأس محمد بن عبد الله !! وأن أمه فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم .. (27) البعض ذكر أن سنان بن أنس هو الذي كان ينشد هذه الأبيات . (28) تاريخ الطبري ج 4 ص 348 : .. وما هو إلا أن قتل الحسين فسرح برأسه من يومه ذلك مع خولى بن يزيد وحميد بن مسلم الازدي إلى عبيدالله بن زياد فأقبل به خولى فأراد القصر فوجد باب القصر مغلقا فأتى منزله فوضعه تحت اجانة في منزله وله امرأتان امرأة من بنى أسد والاخرى من الحضرميين يقال لها النوار ابنة مالك بن عقرب وكانت تلك الليلة ليلة الحضرمية قال هشام فحدثني أبى عن النوار بنت مالك قالت أقبل خولى برأس الحسين فوضعه تحت اجانة في الدار ثم دخل البيت فأوى إلى فراشه فقلت له ما الخبر ما عندك قال جئتك بغنى الدهر هذا رأس الحسين معك في الدار قالت فقلت ويلك جاء الناس بالذهب والفصة وجئت برأس ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا والله لا يجمع رأسي ورأسك بيت أبدا قالت فقمت من فراشي فخرجت إلى الدار فدعا الاسدية فأدخلها إليه وجلست أنظر قالت فوالله ما زلت أنظر إلى نور يسطع مثل العمود من السماء إلى الاجانة ورأيت طيرا بيضا ترفوف حولها قال فلما أصبح غدا بالرأس إلى عبيدالله ابن زياد .. (29) تاريخ الطبري - الطبري ج 4 ص 346 : ( قال أبو مخنف ) عن جعفر ابن محمد بن على قال وجد بالحسين عليه السلام حين قتل ثلاث وثلاثون طعنة وأربع وثلاثون ضربة .. قال وجعل سنان بن أنس لا يدنو أحد من الحسين إلا شد عليه مخافة أن يغلب على رأسه حتى أخذ رأس الحسين فدفعه إلى خولى .. (30) ذكر ابن الأثير في أسد الغابة ج 2 : وقيل أن سنان بن أنس لما قتله قال له الناس : قتلت الحسين بن علي بن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي عنها ، أعظم العرب خطرا أراد أن يزيل ملك هؤلاء ، فلو أعكوك بيوت أموالهم لكان قليلا !! فأقبل على فرسه وكان شجاعا به لوثة فوقف على باب فسطاط عمر بن سعد وأنشد الأبيات المذكورة ، فقال عمر : أشهد أنك مجنون ! وحذفه بقضيب ، وقال أتتكلم بهذا الكلام ؟ والله لو سمعه ابن زياد لقتلك !! (31) نقول المنسوبة للتوقف في تصحيح أسانيدها ، وإن عمل بها جمع غير قليل من العلماء ، وإلا لو كانت صحيحة السند أو تم الوثوق بصدورها ـ على المسلك الآخر ـ لكنا لا نتوقف في تقديمها على ما عداها ، لكونها عن أهل البيت عليهم السلام ،والذين هم أدرى بما جرى على جدهم الحسين عليه السلام . (32) أولع بالشيء : أغري به ، ولهج به .. وأولغ : الكلبَ صاحبه : جعله يشرب . (33) ذكر القندوزي في ينابيع المودة عند حديثه عن سنان بن أنس أنه كان كوسج اللحية قصيرا أبرص أشبه الخلق بالشمر اللعين . (34) نقل لي أحد الشباب المؤمن أن الخطيب المعروف الشيخ الوائلي حفظه الله يرى أيضا نفس النتيجة المذكورة ، وقد سمعه يقول ذلك في حديث خاص ، ولكنه لا يعلنها على المنبر لاصطدامه بما هو المألوف عند المستمع !! ولم يتسن لي التأكد من هذه المعلومة حتى وقت كتابة هذه السطور . (35) جعفر بن محمد بن قولويه حدثني ابي واخي وعلي بن الحسين وغيرهم رحمهم الله ، عن سعد بن عبد الله بن ابي خلف ، عن احمد بن محمد بن عيسى الاشعري ، عن علي بن الحكم ، عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله .. ( رجال السند حتى علي بن الحكم إماميون ثقات ) لكنها مرسلة ( أو مجهولة ) . (36) والسند المذكور فيه موسى بن عمر وهو مردد بين ( ابن بزيع الثقة ) وبين ( ابن يزيد الصيقل ولم يوثق لكنه ممن لم يستثن من رجال نوادر الحكمة ) ، وفيه صالح بن السندي الجمال ولم يوثق لكنه أيضا من رجال كتاب نوادر الحكمة . وفيه كرام بن عمرو وهو واقفي لا توثيق له ، لكن روى عنه المشايخ الثقات الذين قيل إنهم لا يروون ولا يرسلون إلا عن ثقة . والحديث مرسل . لكن هذه الرواية وما بعدها مشمولة لقاعدة التسامح في أدلة السنن . .الروايات من وسائل الشيعة ج 14 باب 71 جملة ما يستحب للزائر. (37) جعفر بن محمد بن قولويه عن علي بن الحسين بن بابويه وجماعة عن سعد بن عبد الله، عن الحسن بن على بن عبد الله بن المغيرة ، عن العباس بن عامر ، عن جابر المكفوف ، عن أبي الصامت قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام وهو يقول... / السند إلى العباس بن عامر لا غبار عليه ، لكن جابر المكفوف ( الكوفي ) لم يوثق ، ومثله أبو الصامت الحلواني . وعلى أي حال هذه الرواية وما بعدها مشمولة لقاعدة التسامح . (38) محمد بن يعقوب ، عن عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن القاسم بن يحيى، عن جده الحسن بن راشد : والقاسم بن يحيى لم يوثق توثيقا خاصا لكنه ممن لم يستثن من رجال نوادر الحكمة ، فيكون على المبنى مقبول الرواية ، وكذا هو من رجال مزار بن المشهدي ، والكلام فيه كسابقه ، لو أمكن رد إشكال بعض الأعلام من كونه أي بن المشهدي من المتأخرين ، فيكون توثيقه غير معتبر لكونه اجتهاديا ، هذا ولكن قد نقل في جامع الرواة عن خلاصة العلامة أنه يضعفه . والكلام فيه كالكلام في سابقه من حيث أن تضعيف العلامة ـ عند البعض ـ كتوثيقه يعتبر اجتهاديا . والحسن بن راشد مشترك بين اثنين : ثقة من أصحاب الجواد ، وضعيف من أصحاب الصادق ـ كما عن ابن الغضائري ـ لكن قد شكك الرجاليون في نسبة كل ما هو موجود في الكتاب للشيخ بن الغضائري . والحسين بن ثوير ثقة . (39) جعفر بن محمد بن قولويه عن محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري ، عن أبيه ، عن علي بن محمد بن سالم ، عن محمد بن خالد ، عن عبد الله بن حماد ، عن عبد الله بن عبد الرحمن الاصم ، عن مدلج ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي عبد الله ... / وفي السند مدلج ولم يوثق ، وعبد الله بن عبد الرحمن الأصم وهو ضعيف وعلي بن محمد بن سالم وهو أيضا مجهول إلا أن يكون سالم محرف سليمان كما احتمل السيد الخوئي . فالرواية ضعيفة . (40) محمد بن الحسن بإسناده عن أبي طالب الانباري عبد ( عبيد ) الله بن أحمد ، عن الاحنف بن علي ، عن ابن مسعدة ، عن إسماعيل بن مهران ، عن عبد الله بن عبد الرحمن، عن ابن مسكان ، عن أبي بصير .. وفي السند الأحنف بن علي ولم يوثق ، وابن مسعدة وهو كذلك ، وعبد الله بن عبد الرحمن ويظهر أنه الأصم سابق الذكر ، وله كتاب المزار ، وفيه تخليط وغلو كما ذكروا إضافة إلى ضعف الرجل . (41) السُّفر جمع سفرة ، والأخبصة جمع خبيص أو خبيصة نوع من الحلواء . (42) جعفر بن محمد بن قولويه عن الحكيم بن داود ، عن سلمة بن الخطاب ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن بعض أصحابنا قال .. / السند فيه الحكيم بن داود وهو لم يوثق توثيقا خاصا لكنه من مشايخ صاحب كامل الزيارات ، وسلمة ضعيف في الحديث ، والرواية مرسلة . (43) عن محمد بن الحسن ، عن الحسن بن علي بن مهزيار ، عن الحسين بن سعيد ، عن زرعة بن محمد ، عن المفضل بن عمر قال.. (44) العجيب أن القندوزي في ينابيع المودة ج 3 قد نقل الحادثة عن أبي مخنف كما يفترض لكن مع شيء من التغيير ، أنهم حفروا بئرا ، فصادفتهم صخرة ثم أخرى فصادفتهم صخرة أخرى كذلك ، فقال لأخيه امض قال له : " امض الى الفرات وآتينا الماء " ، فقال : " سمعا وطاعة " ، فضم إليه الرجال ، فمنعهم جيش عمر بن سعد ، فحمل عليهم العباس فقتل رجالا من الاعداء حتى كشفهم عن المشرعة ، ودفعهم عنها ، ونزل فملا القربة ، وأخذ غرفة من الماء ليشرب فذكر عطش الحسين وأهل بيته فنفض الماء من يده وقال : " والله لا أذوق الماء وأطفاله عطاش والحسين " وأنشأ يقول ... إلخ .. يقول ضم إليه الرجال مع أنه في هذه الحملة لم يكن مع الحسين غير أبي الفضل كما تذكر الروايات التاريخية ، ولعل القندوزي اشتبه عليه الأمر بين الحملة الأولى التي تمت في اليوم السابع حيث كان مع العباس عدد من الرجال وانتهت بأن جلبوا الماء للمخيم ،وبين الثانية التي كان فيها وحده واستشهد على إثرها . (45) مقتل الحسين (ع)- أبو مخنف الازدي ص 179 (46) إننا نجد حتى الذين يقفون في طرف المنافسة أو العداء ، لا يملكون أنفسهم من الاعجاب بمواقف أهل البيت في كربلاء ، فهذا مصعب بن الزبير ، كما قيل لما أراد قتال عبد الملك بن مروان ، بلغ الحائر فوقف على قبر الحسين فقال : يا أبا عبد الله أما والله لئن كنت غصبت نفسك ما غصبت دينك ، ثم قال : وإن الألى بالطف من آل هــاشم تآسوا فسنوا للكرام التأسيــا |