نبض الإنسانية الخالد..

كتب عاشوراء

 صفحة عاشوراء

المرجعية الدينية

شارك في الكتابة

مجلة النبأ

الصفحة الرئيسية

   

 العودة الى فهرس الكتاب

 

من قضايا النهضة الحسينية /أسئلة وحوارات / القسم الثاني

الخطيب والمستوى العلمي

 

في فترة سابقة كان المألوف ـ في المجتمع الشيعي العربي ـ أن العالم لا ينبغي له أن يصعد المنبر الحسيني وإنما المنبر هو شغل من ليس له مستوى علمي ، ومن لم يفلح وينجح في الدراسة ، فهذا هو الذي يكون ( روزه خون )(1) وأما الذكي وصاحب المستوى العلمي فينبغي أن ينشغل في علوم الفقه والأصول والحكمة ..

أنتجت تلك النظرة السقيمة والتي اختص بها المجتمع الشيعي ـ العربي ـ ولذا لا تجدها في المجتمع الشيعي الايراني ولا الهندي أو الباكستاني أو التركي الذي يكثر فيها ( المجتهدون الخطباء )، أنتجت أن صار المنبر مقتصرا ، في الغالب ، على الرثاء وعلى المعاجز والقصص العجيبة ، التي لا ينتظر من الخطيب غيرها ، ولا ينتظر السامع منه غير أن يحصل على الثواب بسبب الحضور في مجلس عقد باسم الحسين عليه السلام .

لكن الوضع تغير في الفترة الأخيرة بحمد الله بعدما توجه أعاظم العلماء ورواد المرجعية إلى الدور الاستثنائي الذي يقوم به المنبر في صقل النفوس وفي إيصال الفكر المحمدي والعلوي إلى الناس ، فكان أن وجهوا وشجعوا العديد من ذوي الكفاءة الأدبية والعلمية إلى الاهتمام بالمنبر والخطابة ، ونتج من ذلك ما نراه اليوم من بركات .

ومع عودة المنبر إلى مكانه الطبيعي وإقبال الناس على الحضور إليه لا سيما في الموسمين ( محرم ورمضان ) فإن ذلك يحمل الخطيب مسؤولية مضاعفة ، وربما يتصور بعض الناشئة من الخطباء أن الطريق السهل والسريع إلى الصعود والشهرة هو الصوت الجميل والحفظ الكثير ، وهو صحيح في بداية الأمر لكنه ليس دائما ، فقد يستمرئ شخص عصيرا طيبا ، ولكنه لا يتخذه إلى الأخير غذاء لبدنه . وقد يحلو لشخص استماعه لترنيمة حزينة ولكنه لا ينفق الساعات دائما لاستماعها ، ولك أن تتحقق من صدق هذه المقولة بما نلاحظه في المجتمع عيانا . فقد أصبح المستمع يقيم الخطيب الفلاني بتميزه عن سائر الخطباء ، ويميز خطابه اليوم عن خطابه بالأمس من ناحية المستوى ، ويطالب بمستويات أعلى ، وهكذا .

وهذه الأمور تدعو إلى أن نتوجه وإخواني الخطباء إلى تحصيل مزيد من العلم والمعرفة ، والحصول على قدرة في التحقيق والتدقيق في المسائل والقضايا التي نطرحها للناس .

 


(1) كلمة فارسية معناه قارئ الروضة ، وأصل ذلك أن عالما يسمى الملا حسين الكاشفي ( توفي حوالي 910 هـ ) قد ألف كتابا باسم ( روضة الشهداء ) يتناول مصارع شهداء كربلاء ومصائب العترة الطاهرة ، وهو من أوائل من كتب في هذا المجال بذلك النحو ، فكان الخطباء يقرؤون منه على المنبر ، فسمي الحطيب لذلك ( قارئ الروضة ) أي كتاب روضة الشهداء ، ومع أنه قد كتبت كتب أخرى في نفس الموضوع ، بل إن الخطباء لم يعودوا يقرؤون من الكتب لكن الاسم بقي ولم يتغير .