نبض الإنسانية الخالد..

عودة إلى صفحة عاشوراء >>

المرجعية الدينية

شارك في الكتابة

مجلة النبأ

الصفحة الرئيسية

 
 

كربلاء في ذاكرة الغربيين وكتاباتهم

 

منذ ما ناهز الأربعة عشر قرناً هجرياً لفتت كربلاء أنظار البشرية إلى رحابها بعد أن تقدست بقعتها الطيبة بوصول الإمام الحسين بن علي (ع) وأخوته وأقاربه، وصحبه الأبرار (رضوان الله عليهم أجمعين) وبقيت الأنظار متجهة لما سطرته وتسطره في يوميات تاريخها حتى بلغ نبأها إلى حكام وحكومات العالم القديم إذ سادت الطامعين الأجانب قبل غيرهم الآراء نحو أن تكون كربلاء منطلقاً للسيطرة على خيرات العراق فقد مهد المستعمر البريطاني لذلك على خلفية الاعتقاد الخاطئ بأن عملية (اختراق كربلاء) - موقعاً ومجتمعاً - كافية لاحتلال العراق.. ذلك لأن روح المقاومة للظلم والظالمين تنطلق شرارتها الأولى من كربلاء الحسين والعباس (عليهما السلام) أو تكون من قوة تحريض تاريخها التليد.

لذا فلا غرابة أن أرسلت بريطانيا الاستعمارية قبل ما يقارب الثلاثة قرون من الزمن جاسوسها البريطاني الأول إلى العراق ليستقر في مدينة كربلاء وهو متنكر لهوية بلاده ومدعياً أنه تركي ومسلم – شيعي ذلك هو (مستر همفر) الذي نشرت مذكراته بكتاب عنوانه (مذكرات مستر همفر – الجاسوس البريطاني في البلاد الإسلامية) بعد ترجمته إلى اللغة العربية منذ قرابة عقدين من الزمن. ومما يذكر عن هذه المذكرات أن الطبعة الأولى منها قد صدرت في ألمانيا ونشرت أولاً على شكل سلسلة مقالات في مجلة (دير اشبيغل) الألمانية من خلال مقالات متتالية جاءت تحت عنوان (اعترافات همفر) حيث كشف القناع عن وجه الامبريالية الإنجليزية بحسبما جاء في الصفحة (4) ضمن مقدمة الكتاب الذي كان قد طبع في كل من بيروت وطهران. ومما جاء في مقدمة الكتاب هذا النص المدون في الصفحة (4): (وبعد الحرب العالمية الثانية نشرت إحدى المجلات الفرنسية ترجمة هذه المذكرات باللغة الفرنسية ومن هناك قام أحد الجامعيين اللبنانيين بترجمة الكتاب إلى اللغة العربية..).

وكان مستر همفر قد بعثته وزارة المستعمرات سنة 1710م أولاً إلى الآستانة بعد ما زوّد بالمال الكافي وتعليمه اللغة العربية.. تقول له: (إن على نجاحكم يتوقف مستقبل بلادنا فابذلوا ما عندكم من طاقات للنجاح). وبعد التحاقه بإحدى الحوزات الدينية التي استغرقت منه زهاء سنتين وصل مدينة كربلاء لاستكمال مهمته الجاسوسية القذرة ضد شعب العراق المسلم.

وعلى خلاف التوجه الاستعمارية نحو العراق كانت كربلاء من ناحية ثانية محط أنظار بعض المستشرقين الغربيين الآخرين. فرغم ندرة التواصل بين فرنسا والعراق لكن عمليات الاستشراق الفرنسي كان لها حضور مشهود حيث كتب عن كربلاء بعض الرحالة والمفكرين وأحياناً المغامرون ومن بين هؤلاء يمكن الإطلاع على كتاب (الإسلام والقوى...) لمؤلفه الرحالة (فيكتور بيرار) وكتاب (الشرق تحت الحجاب...) لمؤلفته الأديبة (جان ديولافورا) وكتاب (مفكرو الإسلام) من تأليف (بارون كارا دي فو) وكتاب (من الفرات إلى الأطلسي) لمؤلفه (جاك بيرك) وكذلك مستشرقين آخرين مثل المستشرقة (جاكلين بيرين) التي ألفت كتاباً بعنوان (اكتشاف جزيرة العرب) ناهيك عما دونته الانسكوبيديا الإسلامية).

ومن الصدف أن حب كربلاء قد سيطر على مشاعر بعض المستشرقين وقد أثارت جل اهتمامهم، فالمستشرق الفرنسي (جاك بيرك) صاحب كتاب (من الفرات إلى الأطلسي) يكره إطلاق صفة مستشرق عليه ويفضل أن ينعت بمصطلح (مستعرب) حيث أنه قد اشتهر بتأليفه عشرات المؤلفات عن العرب وخاض في تفاصيل ماضيهم وحاضرهم وكتب أيضاً عن رؤيته لمستقبلهم بعد أن أنهى ترجمة معاني القرآن الكريم إلى اللغة الفرنسية.