نبض الإنسانية الخالد.. |
بيان جمعية الرسالة الإسلامية في ذكرى عاشوراء المجيدة 1424 يدعو وسائل الإعلام العربية والإسلامية الى التعاطي الجادةوالاهتمام الحقيقي بمناسبة عاشوراء |
بسم الله الرحمن الرحيم "إن الله أشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يُقاتلون في سبيل الله، فيقتُلُون ويُقتلون، وعداً عليه في التوراة والإنجيل والقرآن" في هذه الأيام نستقبل ذكرى عاشوراء .. الذكرى العظيمة التي جسدت نصرة الدين في أروع صورها. ذكرى سيد الشهداء الإمام الحسين (ع) الذي قاد أعظم ثورة مبدئية عرفها التاريخ، تتسامى فيها قيم الدين بسخاء التضحيات، في شجاعة المواقف ومرارة المأساة. هذه الذكرى الخالدة بخلود سيد شباب أهل الجنة ، حيث كان باعثه الأول هو إنقاذ الأمة الإسلامية وتصحيح مسارها لتتحرك كأمة حيوية تنعم بالمكتسبات العظيمة التي بشّر بها الإسلام ورسخها جده الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله على أرض الواقع . فقد قال عليه السلام في البيان الأول لثورته المجيدة:"إنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي، أريد أن أمر بالمعروف وأنهى عن المنكر". وذلك بعد أن صادر الحكم الأموي حقوق الأمة، وأرجعها الى نقطة الصفر. ففي حين أنهى رسول الله (ص) عهود الظلم والاستعباد والتخلف والتمزق والجهل، ورسخ واقع الإيمان والعدالة والحرية والتوزيع العادل للثروات جاءت الردة الأموية لتكرس ثقافة الماديات والتفسخ الخلقي ومصادرة الحريات وسرقة الثروات . وقد عبّر الإمام الحسين عن الواقع المؤلم للأمة حين يحكمها طاغية مثل يزيد "شارب الخمر وراكب الفجور وقاتل النفس المحرمة" ، وأبان الموقف الشرعي المبدئي في رفض الخضوع لمثل هذا الحكم وشرعية الثورة عليه. إن قضية الإمام الحسين هي قضية الدفاع عن قيم الإسلام وتجذيرها في المجتمع، والتضحية العظيمة بالروح والمال والنفس حين تتعرض الأمة الى أية انتكاسات فادحة في حقوقها. فالإسلام ليس طقوساً عبادية يمارسها المسلمون بل هو المشروع الإلهي الأمثل لحياة أفضل للبشرية، والشامل لجميع نواحي الحياة. . ولذا تُعد عاشوراء بحق هي مدرسة البطولات والتضحيات المبدئية التي يجب علينا أن نتعلم منها دروس الثبات والعمل الدؤوب في إعلاء كلمة الله وإنقاذ الأمة وإصلاح واقعها. إننا إذ نعزي الأمة الإسلامية جمعاء بهذه الذكرى الأليمة على القلوب، فإننا نؤكد على المضامين التالية: أولا : الاهتمام الجاد بنشر ثقافة عاشوراء ، والتأكيد على أهداف ثورة الإمام الحسين(ع) الى جانب استعراض وقائع السيرة والمآسي التي لاقها أهل البيت عليهم السلام لتبيان مظلوميتهم الفادحة التي تعرضوا لها. ثانيا : الاستفادة المثلى من مدرسة الإمام الحسين بالتحلي بمواقف الإخاء والتعاون والبذل والثبات والنبلالأخلاقي. واتخاذ هذه الذكرى محطة لتغيير النفس والمجتمع باتجاه القيم الحقة. فلن نكون أوفياء للتضحيات العظيمة التي بذلها الإمام الحسين والصفوة من أهل بيته وأصحابه ما لم نترك حياة الدعة واللامبالاة والتكاسل. ثالثا : التركيز على محورية الدين في حياتنا والدفاع عنه وعن مكتسباته التي أوجدها للأمة، ورفع شعار "الإسلام أولا" ، فالدين الإلهي هو أعظم النعم التي منّ الخالق بها على البشر ، ففي تسلسل نعم الرحمن، كان القرآن هو أعظم وأول النعم، قال تعالى " الرحمن علم القرآن خلق الإنسان". رابعا : الاهتمام بإصلاح أوضاع الأمة الإسلامية، انطلاقا من إصلاح الذات و الأسرة والحي والمجتمع والأمة ككل. فقد قال رسول الله (ص) " من أصبح ولم يهتم بأمور المسلمين، فليس منهم". وذلك بتفعيل فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في حياتنا بمعناها المتكامل لشمولية الدين في قضايا الحياة وهدفيته في تحقيق حياة حرة كريمة للبشر. خامسا: استنكار ومحاربة الظلم والاستبداد في مجتمعاتنا. فإنما تعرض أهل البيت عليهم السلام الذين هم صفوة الخلق لكل تلك المآسي بسبب حالة التراخي والتكاسل التي أصابت الأمة عن أداء واجبها المقدس في تحكيم الدين على الواقع، وبالركون للظلم وبإهمال فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. سادسا:الاهتمام بتأكيد مبدأ الشورى في كافة القضايا المتعلقة بتعظيم هذه المناسبة، وبالأخص في إدارة المآتم والمواكب الحسينية، والترفع عن الخلافات والمصالح الشخصية والعشائرية والحزبية. فتحكيم مبدأ الشورى هو خير وقاية لمرض الفتن والأزمات، وكفيل بتقدم مسيرة العطاء الحسيني. جاعلين من قضية الإمام الحسين وأهدافه محور الإحياء السنوي. فالشعائر الحسينية يجب أن تكون عاكسة لروح ونهضة وأخلاقيات الإمام الحسين، باعثة على وحدة المعزين، مكرسة فيهم روح التقوى والإيمان. إننا نناشد علماء الدين والخطباء والمفكرين وأصحاب الأقلام المخلصة أن يكشفوا للعالم أجمع قضية الإمام الحسين(ع) والظلم الذي تعرض له أهل البيت (ع). إننا في الوقت الذي نثمن اهتمام أجهزة الإعلام المحلية بمناسبة عاشوراء، فإننا نطالب وسائل الإعلام العربية والإسلامية بأن تكون في مستوى التعاطي الجاد والاهتمام الحقيقي بمناسبة عاشوراء، فهذه المناسبة التي يحييها عشرات الملايين في العالم تلاقي إهمالا متعمدا من أجهزة الإعلام على المستوى العالمي. سائلين المولى القدير ان يجعلنا جميعا أوفياء للدماء الزاكية للإمام الحسين وأنصاره، وخير حملة وسفراء للنهج الحسيني في الدفاع عن الدين والتمثل بنبل الأخلاق.
جمعية الرسالة الإسلامية
الأول من محرم 1424
|