q
ترفض طالبان الدخول في مفاوضات مع كابول وتقول إنها لن تشترك في أي محادثات حتى ترحل جميع القوات الأجنبية من أفغانستان

تحركات جديدة تشهدها أفغانستان بهدف إحياء محادثات السلام المتوقفة مع طالبان، التي فشلت بسبب استمرار الحركة بعمليات العسكرية والهجمات المتكررة في الكثير من المناطق، وتسيطر طالبان بحسب بعض المصادر حاليا على ما يقرب من نصف أراضي الأفغانية، حيث عرض الرئيس الأفغاني أشرف عبدالغني وفي خطوة جديدة من اجل السلام في هذا البلد، الاعتراف بحركة طالبان كجماعة سياسية مشروعة في إطار عملية سياسية مقترحة قد تفضي إلى محادثات سلام. هذه التحركات التي هي اليوم محط اهتمام اعلامي واسع، تأتي بعد سلسلة إشارات من كل من الحكومة المدعومة من الغرب وحركة طالبان تدل على استعداد أكبر لبحث مسألة الحوار.

واقترح عبدالغني وقف إطلاق النار والإفراج عن سجناء كما قال إنه سيكون مستعداً لقبول مراجعة الدستور في إطار اتفاق مع حركة طالبان. وقال الرئيس الأفغاني في كلمة الافتتاح: "نقدم هذا العرض دون شروط مسبقة من أجل أن يقود إلى اتفاق سلام". وحتى الآن، ترفض طالبان الدخول في مفاوضات مع كابول وتقول إنها لن تشترك في أي محادثات حتى ترحل جميع القوات الأجنبية من أفغانستان.. فيما قررت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب توسيع دور وحجم تواجد القوات الأمريكية هناك في محاولة لتعزيز قوات الدفاع الأفغانية وإجبار المتمردين على الدخول في تسوية.

وعرض الرئيس الافغاني الاخير وكما نقلت صحيفة واشنطن بوستالأمريكية، جاء متناقضا بشكل حاد مع تعليقاته الغاضبة في أعقاب أعمال العنف المتكررة التي وقعت في كابول وأدت إلى إصابة أكثر من 400 شخص، فقد كانت هذه التعليقات آنذاك تماثل التي أدلى بها ترامب الذي رفض إجراء محادثات سلام مع طالبان. غير أن عبد الغني أدلى بعد ذلك بتصريحات ترحب بإجراء محادثات مع المتمردين تحت ظروف معينة، ووصل به الأمر إلى استخدام لغة أكثر احتراما ليتعامل مع طالبان على أنها جماعة سياسية معترف بها.

ولم تعط الحركة بعد ردا رسميا على دعوة عبد الغني لكن المتحدث الرئيسي باسم الحركة رد على”رسالة مفتوحة“ نشرتها مجلة (نيويوركر) من بارنيت روبن، وهو معلق على الشأن السياسي الأفغاني يحظى بالاحترام، حث فيها طالبان على قبول الحوار مع حكومة كابول. وجاء في رد طالبان”دولتنا محتلة مما أدى لفرض حكومة أفغانية مفترضة علينا على النمط الأمريكي. ”ورأيكم أن نتحدث معهم ونقبل شرعيتهم هو نفس الصيغة التي تبنتها أمريكا لتنتصر في الحرب“. وأضافت الحركة في ردها أن هدف (عملية كابول) هو ببساطة السعي”لاستسلام“ طالبان.

محادثات دون شروط

وفي هذا الشأن عرض الرئيس الأفغاني أشرف عبد الغني الاعتراف بحركة طالبان كجماعة سياسية مشروعة في إطار عملية سياسية مقترحة قد تفضي إلى محادثات سلام بهدف إنهاء الحرب المستمرة منذ أكثر من 16 عاما. جاء الاقتراح في بداية مؤتمر دولي يهدف إلى تحديد إطار عام لإجراء محادثات سلام، كما يجيء بعد سلسلة إشارات من كل من الحكومة المدعومة من الغرب وحركة طالبان تدل على استعداد أكبر لبحث مسألة الحوار.

واقترح عبد الغني وقف إطلاق النار والإفراج عن سجناء كما قال إنه سيكون مستعدا لقبول مراجعة الدستور في إطار اتفاق مع حركة طالبان. وقال الرئيس الأفغاني في كلمة الافتتاح بمؤتمر حضره مسؤولون من نحو 25 دولة للمشاركة فيما يعرف باسم (عملية كابول) ”نقدم هذا العرض دون شروط مسبقة من أجل أن يقود إلى اتفاق سلام“. وأضاف ”المتوقع من طالبان تقديم مساهمة لعملية السلام التي تهدف إلى جذب طالبان، كمنظمة، إلى محادثات سلام“. وأضاف أنه لن يصدر ”أحكاما مسبقة“ على أي جماعة تسعى للسلام.

وتمثل هذه التصريحات تحولا كبيرا في موقف عبد الغني الذي دأب على وصف مقاتلي طالبان ”بالإرهابيين“ و”المتمردين“ وإن كان قد عرض أيضا إجراء محادثات مع أطراف بالحركة تقبل السلام. وتقاتل حركة طالبان لاستعادة حكمها الإسلامي بعد أن أطاحت بها قوات تقودها الولايات المتحدة عام 2001. وقد عرضت أن تبدأ محادثات مع الولايات المتحدة لكنها ترفض حتى الآن إجراء محادثات مباشرة مع كابول. ومن غير الواضح ما إن كان لديها استعداد لتغيير موقفها رغم الضغوط الدولية المتنامية.

وقال عبد الغني، الذي ساعد في الفترة الأخيرة في إطلاق أكبر مرحلة من خط أنابيب غاز إقليمي ضخم من تركمانستان، إن عملية السلام تكتسب زخما كذلك من دول مجاورة ترى بشكل متزايد ضرورة أن تنعم أفغانستان بالاستقرار. وقال ”طالبان تعي هذه التحولات وتبدو منخرطة في نقاش بشأن تداعيات أعمال العنف على مستقبلها“. وقال عبد الغني إن إطار عمل سياسيا سيوضع لإجراء مفاوضات سلام يتضمن وقف إطلاق النار والاعتراف بطالبان جماعة سياسية مشروعة لها مكتب سياسي رسمي لإدارة المفاوضات في كابول أو في مكان آخر يتم الاتفاق عليه.

واعترف مسؤولون من طالبان بأنهم تعرضوا لضغوط من دول صديقة لقبول المحادثات وقالوا إن جهودهم في الفترة الأخيرة لإجراء محادثات مع الولايات المتحدة تعكس القلق من أن ينظر إليهم باعتبارهم عقبة في طريق السلام. وقال عبد الغني إن العملية سيصاحبها تنسيق دعم دبلوماسي يشمل جهدا عالميا لإقناع باكستان المجاورة، التي تتهمها كابول بمساعدة طالبان، بمزايا تحقيق الاستقرار في أفغانستان. وتابع أن طالبان عليها في المقابل الاعتراف بحكومة أفغانستان واحترام حكم القانون. بحسب رويترز.

وبالإضافة إلى ذلك يمكن إطلاق سراح السجناء المنتمين لطالبان ورفع أسمائهم من قوائم المطلوبين الدولية، في حين يمكن وضع ترتيبات أمنية لطالبان في حالة موافقتها على الانضمام لعملية مصالحة. ويمكن إعادة دمج المقاتلين السابقين واللاجئين في المجتمع وتوفير فرص عمل لهم. وكثفت الولايات المتحدة العام الماضي مساعدتها العسكرية لأفغانستان وبخاصة من خلال تصعيد شديد للضربات الجوية بهدف كسر حالة الجمود مع المقاتلين وإجبارهم على الجلوس إلى طاولة التفاوض. وفي حين يقول الجيش الأمريكي إن هذه الاستراتيجية أضرت بطالبان بقوة، لا تزال الحركة تسيطر على أجزاء كبيرة من البلاد أو تسعى للسيطرة عليها وتواصل إلحاق خسائر كبيرة بالقوات الأفغانية.

إنهاء الحرب

من جانب اخر قالت حركة طالبان الأفغانية في بيان نادر وجهته للشعب الأمريكي إنها ترغب في إنهاء الحرب الدائرة في أفغانستان منذ 17 عاما عبر المحادثات لكنها حذرت من اعتبار هذه الرسالة علامة على ضعفها مؤكدة استمرار القتال ضد القوات الأمريكية. وقالت طالبان في بيانها ”نفضل حل المسألة الأفغانية من خلال حوار سلمي“. وأضافت الحركة، التي تقاتل لطرد القوات الأمريكية وهزيمة الحكومة المدعومة من الولايات المتحدة، أن على واشنطن إنهاء ”الاحتلال“ والقبول بحق طالبان في تشكيل حكومة ”تتوافق مع معتقدات شعبنا (الأفغاني)“.

ولم يشر البيان إلى هجوم على فندق كبير في كابول يوم 27 يناير كانون الثاني أسفر عن مقتل أكثر من 30 شخصا وتفجير آخر في شارع مزدحم، بعد الهجوم الأول بأسبوع، أسفر عن سقوط أكثر من 100 قتيل. وكانت الحركة أعلنت مسؤوليتها عن الهجومين. وقال متحدث باسم مهمة عسكرية يقودها حلف شمال الأطلسي في أفغانستان إن هجمات طالبان على المدنيين لا تظهر استعداد الحركة لخوض ”مفاوضات سلام حسنة النية“ مضيفا أن الحكومة الأفغانية أعلنت بوضوح في مناسبات عدة استعدادها لبدء عملية سلام. وقالت الحركة في بيانها إنه لم يمض بعد أوان أن يدرك الشعب الأمريكي أن بإمكان طالبان حل المشكلات بكل جوانبها ”من خلال سياسة وحوار صحيين“ مضيفة أن فرص الحوار ”لم تستنفد“.

الى جانب ذلك أظهرت دراسة أجرتها هيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي) أن حركة طالبان تنشط علانية في 70 بالمئة من مقاطعات أفغانستان حيث تسيطر تماما على أربعة بالمئة من البلاد ولها وجود مادي علني في 66 بالمئة. وقالت (بي.بي.سي) إن الدراسة تستند إلى محادثات مع أكثر من 1200 مصدر محلي في جميع مقاطعات البلد الواقع في جنوب آسيا. وهذه التقديرات أعلى بكثير من أحدث تقييم للتحالف الذي يقوده حلف شمال الأطلسي بشأن وجود حركة طالبان.

وقال التحالف إن الحركة كانت تسيطر أو تتنازع على السيطرة على 44 بالمئة فقط من مقاطعات أفغانستان وذلك حتى أكتوبر تشرين الأول 2017. ورغم أن (بي.بي.سي) أحصت 399 مقاطعة في أفغانستان فقد أحصى التحالف 407 مقاطعات. ولم يتضح سبب التناقض في الأعداد. وقالت الدراسة إن الحكومة الأفغانية تسيطر على 122 مقاطعة أو نحو 30 بالمئة من البلاد. لكنها ذكرت أن هذا لا يعني أنها خالية من هجمات طالبان. وقال التقرير ”كابول ومدن كبرى أخرى، على سبيل المثال، عانت من هجمات كبيرة نفذت انطلاقا من مناطق مجاورة أو بواسطة خلايا نائمة خلال فترة البحث وكذلك قبلها وبعدها“.

وردا على سؤال بخصوص الدراسة لم تعلق وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) بشكل مباشر لكنها أشارت إلى أحدث أرقام من التحالف الذي يقوده حلف الأطلسي والتي أكدت أن نحو 56 بالمئة من أراضي أفغانستان تحت سيطرة أو نفوذ الحكومة. وذكرت الدراسة أن متحدثا باسم الرئيس الأفغاني أشرف عبد الغني هون من شأن النتائج. وقالت الدراسة أيضا إن تنظيم داعش له وجود في 30 مقاطعة لكنها أشارت إلى أنه لا يسيطر بشكل كامل على أي منها.

اضف تعليق