q

اعلن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي اعلن، وبشكل رسمي انتهاء "دويلة الباطل الداعشية" تزامنا مع سيطرة القوات الامنية على المنارة الحدباء، فيما توعد بملاحقة آخر عنصر من تنظيم "داعش" في العراق، فعسكرياً وبحسب بعض المراقبين تخلّصت مدينة الموصل من سيطرة تنظيم داعش الارهابي، بعد معارك شرسة استمرت لعدة اشهر، حيث لم يتبقَ من الموصل, وتحديداً المدينة القديمة إلا بضع أمتار، يتمركز فيها بعض عناصر التنظيم الذين استفادوا كثيراً من وجود العوائل في هذه المنطقة من خلال استخدامهم كدروع بشرية، الامر الذي يعرقل تقدم القوات العراقية. وقد اكدت بعض المصادر، بأن "داعش" أقر بخسارته معركة الموصل، وبينت أن التنظيم برر هزيمته بـ"الكر والفر" وحدد مقراً مؤقتاً لما اسماها بـ"دولة الخلافة". وجاء ذلك خلال خطبة ألقاها ابرز قادة التنظيم المكنى أبو البراء الموصلي وسط قضاء تلعفر"، مبينا أنه "أقر بالهزيمة رغم نفي التنظيم المتكرر سقوط معاقلة في الموصل بيد القوات الأمنية المشتركة". واضاف أن "تلعفر باتت مقرا مؤقتا لما اسماها بدولة الخلافة".

من جانب اخر يرى بعض الخبراء ان انتصار القوات العراقية المشترة في هذه المعركة ربما ستدفع بقايا التنظيم الذي يواجه هزائم كبيرة في سوريا والعراق، الى اعتماد طرق جديدة في حرب ما بعد التحرير، من خلال الاعتماد على بعض الخلايا النائمة او العناصر الذين تمكنوا من الهرب مع العوائل النازحة، يضاف الى ذلك ان هذا التنظيم الارهابي، لا يزال يسيطر على بلدات اخرى قريبة من الموصل، هو ما قد يدفعه للقيام بعمليات انتحارية جديدة لإثبات قوته وفرض نفسه في عناوين الأخبار.

وفيما يخص اخر تطورات معركة تحرير الموصل، فقد أعرب رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي عن شكره وامتنانه للمرجع الشيعي الأعلى آية الله العظمى علي السيستاني، لدوره الكبير في عملية استعادة مدينة الموصل، معتبرا أن دعوته لحمل السلاح أنقذت البلاد. وأكد العبادي في بيان صادر عن مكتبه الإعلامي أن "المواقف التاريخية للمرجعية الدينية تتوج مواقفها المدافعة عن العراق وشعبه، وفي مقدمتها فتوى الجهاد الكفائي التي أنقذت العراق وعبّدت طريق الانتصار"، في إشارة إلى الدعوة التي أطلقها السيستاني لحمل السلاح ومقاتلة تنظيم داعش.

وفي 13 حزيران/يونيو، قال الشيخ عبد المهدي الكربلائي ممثل السيستاني في خطبة الجمعة في كربلاء "على المواطنين الذين يتمكنون من حمل السلاح ومقاتلة الإرهابيين دفاعا عن بلدهم وشعبهم ومقدساتهم التطوع والانخراط بالقوات الأمنية لتحقيق هذا الغرض المقدس". وأعرب العبادي "عن بالغ شكره وامتنانه" للسيستاني، "لدعمه الكبير والمتواصل للمقاتلين الأبطال والمضحين الغيارى في شتى صنوف وتشكيلات قواتنا المسلحة، الذين صنعوا الملحمة العظيمة والانتصارات الباهرة (...) وآخرها نصرهم المؤزر في مدينة الموصل". وجاء بيان العبادي فيما تواصل القوات العراقية عملياتها في المدينة القديمة بغرب الموصل، لطرد مقاتلي تنظيم داعش من آخر مواقعه في المدينة.

وبعد دعوة السيستاني العراقيين إلى "الجهاد الكفائي" (يسقط عن الكل بامتثال مجموعة)، لبى آلاف النداء، تحت مسمى الحشد الشعبي، وساعدوا في وقف هجوم التنظيم وتمكنوا في ما بعد من استعادة مساحات شاسعة من الأراضي والمدن. ويضم الحشد الشعبي فصائل مسلحة كانت موجودة سابقا أبرزها "كتائب حزب الله" و"عصائب أهل الحق" وجيش المهدي" الذي أصبح الآن "سرايا السلام". لكن لاحقا، تم تشكيل فصائل أخرى متنوعة. كما أن الحشد يضم في صفوفه مقاتلين من العشائر السنية تطلق عليهم تسمية "الحشد العشائري".

نهاية الخلافة

من جانب اخر وبعد ثمانية أشهر من حرب طاحنة أعلن الجيش العراقي أن قواته سيطرت على جامع النوري الكبير في مدينة الموصل وأعلن رئيس الوزراء حيدر العبادي نهاية دولة الخلافة التي أعلنها التنظيم. وبالنسبة للقوات العراقية التي تحارب لاستعادة السيطرة على الموصل فإن السيطرة على الجامع الذي بني قبل 850 عاما تحمل في طياتها نصرا رمزيا للقوات العراقية الساعية لاستعادة مدينة الموصل التي كانت المعقل الرئيسي للتنظيم في العراق.

وقال العبادي في بيان "تفجير الدواعش لجامع النوري ومنارة الحدباء وإعادته اليوم إلى حضن الوطن إعلان بانتهاء دويلة الباطل الداعشية". وسيعني سقوط الموصل نهاية الشطر العراقي من دولة الخلافة رغم أن التنظيم المتشدد لا يزال يسيطر على أراض غربي وجنوبي المدينة. كما أن معقل التنظيم في مدينة الرقة السورية على شفا السقوط.

وذكرت مؤسسة (أي.إتش.إس. ماركت) للتحليل إن هذه الانتكاسات قلصت مساحة الأراضي التي تخضع لسيطرة التنظيم بواقع 60% مقارنة بذروته قبل عامين كما تراجعت إيراداته بواقع 80 % لتصل إلى 16 مليون دولار فقط في الشهر. وقال العميد يحيى رسول المتحدث باسم الجيش العراقي للتلفزيون الرسمي "سقطت دولة خرافتهم". لكن المؤسسة قالت إن التنظيم لا يزال يسيطر على أراض تعادل في مساحتها بلجيكا عبر العراق وسوريا.

ووفقا لجماعات إغاثة فقد هرب نحو 900 ألف شخص، أي قرابة نصف سكان المدينة الشمالية قبل الحرب، من المعركة ولجأ معظمهم للاحتماء في مخيمات أو مع أقارب وأصدقاء. أما من حوصروا في المدينة فيعانون من الجوع والحرمان إلى جانب الموت والإصابات. ولحق الدمار بكثير من المباني. وقال أحد القادة في جهاز مكافحة الإرهاب إن جنود الجهاز سيطروا على أرض جامع النوري في "عملية خاطفة".

وذكر بيان للجيش أن وحدات جهاز مكافحة الإرهاب تسيطر الآن على منطقة المسجد وعلى حيي الحدباء والسرجخانة وأنها لا تزال تتقدم. وتضيق وحدات حكومية أخرى من الجيش والشرطة الخناق من جهات أخرى. وقالت وحدة تابعة لوزارة الداخلية إنها حررت نحو 20 طفلا يعتقد أنهم ينتمون للطائفة اليزيدية وأقليات أخرى اضطهدها المتشددون في حي شمالي المدينة القديمة يضم مستشفيات الموصل الرئيسية. بحسب رويترز.

ويقول السكان الهاربون من المدينة القديمة إن كثيرين من المدنيين محاصرون خلف خطوط داعش. وقالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) في بيان "الصبية والفتيات الذين تمكنوا من الهرب تبدو عليهم أعراض سوء تغذية خفيفة ويحملون ندوبا نفسية واجتماعية". وذكرت أن آلاف الأطفال لا يزالون معرضين للخطر.

النصر النهائي

من جانب اخر يواجه تنظيم داعش الارهابي، الذي أعلن دولة "خلافة" على أراض واسعة سيطر عليها في سوريا والعراق قبل ثلاث سنوات، هجومين متزامنين على معقليه الرمزيين في الموصل والرقة. ورغم أن خسارة المدينتين ستكون ضربة كبيرة للتنظيم، فإنها لن تمثل نهاية التهديد الذي يشكله، إذ يرجح أن يعود المتطرفون وبشكل متزايد إلى تنفيذ هجمات بأسلوب التمرد، على غرار استراتيجيته التي اتبعها في السنوات الماضية.

وقال قائد قوات مكافحة الإرهاب العراقية الفريق الركن عبد الغني الأسدي من داخل المدينة القديمة بغرب الموصل إن "المتبقي من عناصر داعش (في الموصل) بين 200 إلى 300 مقاتل، غالبيتهم من الأجانب". وأضاف الأسدي أنه "في الأيام القليلة القادمة سنعلن النصر النهائي على داعش". وبدأت القوات العراقية هجومها على الموصل في 17 تشرين الأول/أكتوبر، فاستعادت الجانب الشرقي من المدينة في كانون الثاني/يناير، قبل أن تطلق بعد شهر هجومها على الجزء الغربي ذات الكثافة السكانية العالية.

ويقتصر الجهاديون الآن على منطقة صغيرة من البلدة القديمة في الموصل، ولكن شوارعها الضيقة ووجود المدنيين جعلوا العملية تستعيد السيطرة عليها. ورغم أن المنطقة التي لا يزال يسيطر عليها التنظيم صغيرة جدا، غير أن أزقتها وشوارعها الضيقة بالإضافة إلى تواجد المدنيين فيها، جعلت العملية العسكرية محفوفة بالمخاطر.

وأشار التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة إلى أن نهاية التنظيم أصبحت وشيكة. وقال المتحدث باسم التحالف الدولي في بغداد الكولونيل الأميركي راين ديلون إن الإعلان الرسمي عن استعادة الموصل "ستقوم به الحكومة العراقية. انا لا استطيع تحديد الموعد مكانها، إلا أنني أرى ذلك خلال أيام وليس أسابيع".

وفي الرقة المجاورة، قطعت قوات سوريا الديموقراطية المؤلفة من فصائل كردية وعربية تدعمها واشنطن،المنفذ الأخير المتبقي لتنظيم داعش من المدينة، لتحاصر بذلك الجهاديين بالكامل داخل هذا المعقل الرئيسي لهم في سوريا. وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن "سيطرت قوات سوريا الديموقراطية على المنطقة الواقعة جنوب نهر الفرات لتقطع بذلك آخر طريق كان يمكن لتنظيم داعش الانسحاب منه من مدينة الرقة باتجاه مناطق سيطرته في البادية السورية ومحافظة دير الزور" في شرق البلاد. بحسب فرانس برس.

ولا يزال مقاتلو التنظيم يحتفظون بسيطرتهم على مواقع عدة تمكنوا من استعادتها، بعد شنهم هجوما معاكساَ على حيي المشلب والصناعة، وهما أول حيين خسرهما التنظيم في المدينة. وقال المرصد إن اشتباكات عنيفة تدور على أكثر من جبهة في المدينة تترافق مع غارات للتحالف الدولي على مناطق الاشتباك. ومنذ السادس من حزيران/يونيو تخوض قوات سوريا الديموقراطية معارك شرسة داخل الرقة، بدعم من التحالف الدولي. ويحاصر تنظيم داعش الرقة منذ العام 2014، وأعربت الأمم المتحدة عن قلقها إزاء مصير مئة ألف مدني محاصرين في المدينة.

اضف تعليق