q

للتحديث تأثير كبير في جوانب الحياة الاجتماعية. وقد يتمثل هذا التأثير في نشأة الصناعة الحديثة واكتساب المهارات الجديدة، وانتشار التعليم ووسائل الاتصال الحديثة حيث يعتبر التعليم الأداة الفاعلة في تحديث المجتمع وتقدمه كونه النظام الذي يضخ المعارف والقيم الحديثة والمهمة التي تعمل على تفكك روابط الثقافة التقليدية للمجتمع , تلك التي تقف عائقاً في طريق تقدمه وتطوره المعرفي والثقافي . فضلاً عن أن التعليم يقوم بتزويد الملتحقين به بالمهارات والكفاءات والخبرات التي تساعدهم على مشاركتهم بفعالية في دفع عملية تحديث المجتمع وتثقيفه إلى الأمام . إلى جانب أن المتعلمين يكونون عادةً هم حلقة الوصل التي تربط المجتمع بالعالم الخارجي ومراكز أنتاج المعرفة لذلك نجد أن جهود التعليم في التحديث الثقافي وقعت في مختلف المجتمعات والجماعات وعملت على نمو وتقدم الأفراد.

وللتعليم دور أساسي وأثر كبير في القضاء على العادات والتقاليد التي تعيق عملية التنمية الثقافية والبشرية وله القدرة أيضاً على تعديل أنماط السلوك ونظم القيم والاتجاهات الاجتماعية والتربوية بما يتناسب مع توجهات التنمية في المجتمع. أن مهمة التعليم هو أنتاج تعليم مهني , اجتماعي وشخصي متوازن , يسهل النمو الشخصي والثقافي المتكامل للفرد، وإعداد المتعلمين لمهنة المستقبل , وأهم أهداف التعليم هو إعداد المتعلمين لمجتمع المعلومات، مجتمع التكنولوجيا والتطورات التي اصبحت مثل البركان الهائج بالنسبة لكل المجتمعات ويصعب السيطرة عليه الى عن طريق العقول البارعة المتعلمة والمثقفة بدرجة تليق بها في هذا المجال وأهم أهدافه هو التعامل مع المعرفة الثقافية، واستناداً لما سبق سوف يركز هذا البحث على تناول مفهوم التعليم الجامعي والتحديث كونهما المفتاح الاساسي للبحث، وسوف ندرس ايضاً تطوير الواقع التعليمي في العراق والمتمثل ب اولاً: تغير وتطوير المناهج الدراسية وتحديثها، وثانياً: اعداد وتطوير الاداء المهني للملاكات التدريبية، وثالثاً: نظم التعليم الاليكتروني ودورها في تغير البرامج التعليمية، واخيراً سوف نتناول اهم النتائج والتوصيات التي توصلت اليها الدراسة.

مفهوم التعليم الجامعي

يقصد بالتعليم الجامعي هو التعليم الذي يقدم للأشخاص القدر الكبير من النضج العقلي والفكري نتيجة للمراحل الدراسية السابقة، وهو المتنوع بين الكليات او المعاهد الجامعية.(1)

اما التعريف لمفهوم التعليم الجامعي حديثاً فهو ذلك النوع من التعليم الذي يتيح للطلاب اكتساب المهارات والقدرات للتكيف مع كل جديد او حديث لاستيعاب كل ما هو جديد لمواجهة الاحتياجات الحالية والمستقبلية سواء للأفراد ام للمجتمع في مجال الانتاج والخدمات.(2)

وبناء على ما سبق فإن التعليم الجامعي هو نوع من التعليم الذي يرقى ليس بالمجتمعات فقط، وإنما بالإفراد ايضاً، فهو ينمي جميع النواحي الفكرية والحسية والعقلية لديهم من خلال ما يقدم لهم من دراسة بعض الموضوعات على مستوى متقدم(3).

مفهوم التحديث

ويعرف التحديث ( Modernization ) بأنه العملية التي بواسطتها تنتقل المجتمعات الزراعية إلى مجتمعات صناعية وهذا التحول ناتج عن تطوير كل من التكنولوجيا الصناعية والتنظيمات السياسية والثقافية والمجتمعية والتحديث يستهدف الوصول إلى المميزات والخصائص المرتبطة بالتقدم والتي تتمتع بها الدول الغربية المتقدمة اقتصاديا والمستقرة نسبياً. والتحديث نادراً ما يحدث بسهولة حيث أنه يؤثر في كل المنظمات والجماعات الانسانية , كما أنه يمس كل أوجه الحياة(4). وأنه عملية تقود إلى أيجاد مؤسسات متخصصة في معالجة المشاكل الناجمة عن تغير بنية المجتمع على المستويين الفردي والاجتماعي خلال فترة التحول من حياة تقليدية إلى حياة عصرية جديدة(5).حيث يشمل التحديث التربوي التعليمي إتاحة الفرص التعليمية الجديدة والمتطورة والتي تعتبر خاصية رئيسية ومؤثرة من خصائص التحديث.

من خلال ما نلاحظه في جميع بلدان العالم اليوم ان الصراع حول التقدم والتطور لم يعد صراعاً اقتصادياً ولا أيديولوجيا ولا عسكرياً بل أصبح الصراع معرفياً بالأساس باعتبار أن تطوير المعرفة يعد قاعدة للتطوير الاقتصادي والعسكري والثقافي بكل جوانبه. حيث تسعى هذه الدول اقتباس التجارب التعليمية الناجحة في مجتمعات أخرى، واستنباتها على أرضها أو تهجين نظمها التعليمية بعناصر نجاح الأنظمة التعليمية الأخرى. وهو ما يعني أن تطوير الأنظمة التعليمية أصبح موضع اهتمام الدول التي امتلكت وعي التطور والتقدم الأمر الذي يعني أن التعليم وبخاصة التعليم العالي الذي يتولى تأهيل البشر وفق المهارات والتخصصات المختلفة من ناحية أضافة إلى أنه من ناحية أخرى يعمل أيضاً على تطوير البحث العلمي الذي تؤدي الاستفادة من نتائجه إلى تحقيق الانتاج المعرفي والعلمي الأمثل في مختلف مجالات الحياة العلمية والاجتماعية حيث يعتبر الهدف الجوهري اليوم للتعليم هو ترسيخ مبدأ التحديث.

تطور الواقع التعليمي في العراق

ان الاهتمام بقطاع التربة والتعليم بشكل دائم والعمل على توفر كافة مستلزماته وتطور آلياته العلمية وتحديث وسائله التربوية وتنويع مصادره المنهجية والارتقاء بكوادره التدريسية والادارية والمعرفية على حد سواء يعتبر من اهم وابرز مهمات العلمية التحديثية التي تسعى الها كل البلدان لما يمثله هذا القطاع من كونه الشريان الحيوي والرئيسي الذي يرفد مجمل قطاعات التطور والتنمية لذلك يجب علنا دفع ودعم هذا القطاع بشكل مستمر لا ينقطع لتمكينه من تحمل مسؤولياته المختلفة في مجتمعنا.

اولاً: تغير وتطوير المناهج الدراسية وتحديثها

ان المناهج ليست مجرد معلومات بل هي ايضاً وسيلة حكم على كفايات المدرسين ومدى تعلم الطلبة وتفاعلهم مع الخبرات التي تحتويها المناهج الدراسية.. ولذلك لا يمكن بناء اي منهاج دراسي دون ان يدخل هذا البناء الاساليب التقويمية التي تضمن تخطيط هذا المنهاج وتنفيذه وقياس اثره، ان هذه العناصر يرتبط كل منها بالآخر ارتباطاً عضوياً، تعتبر المناهج عصب العملية التعليمية وتغيرها وتقويمها ينبغي ان يستند الى معايير علمية.(6)

يقصد بمفهوم تطوير المنهج إحدى العمليتين التاليتين او كليهما معاً وهما:

الاولى: إدخال منهج جديد أو بناء منهج لم يكن موجود من قبل في صف دراسي معين او مرحلة دراسية معينة.

الثانية: تحسين المنهج الحالي وتحديثه وإدخال تعديلات عليه بحيث يصبح اكثر مناسبة ووفاء للظروف والمتغيرات وتحقيقاً للأهداف المرجوة. والمقصود هنا اعادة النظر في اهداف المنهج الموجود ومحتواه وطرق التدريس والانشطة والوسائل التعليمية والتقويم بالإضافة أو الحذف أو الاثنين معاً وتعديله.(7)

والمناهج الدراسية هي وسيلة التعليم لتحقيق أهدافه وخططه المعرفية والثقافية والترجمة الفعلية والعملية لأهداف التربية والتعليم وخططهما واتجاهاتهما في الرقي المعرفي والاجتماعي بكل جوانبه، ويشمل المنهج بمفهومه الحديث والشامل كل التطورات الدراسية الحديثة والتدريس عنصر من عناصر المنهج ونظام يتكون من مدخلات وعمليات ومخرجات وتغذية راجعة حيث يسعى الى اعداد الأفراد النافعين لأنفسهم ولأمتهم العربية والاسلامية والقادرين على تحمل المسئولية وتحقيق التنمية الشاملة في المجتمع. وعملية تطوير التعليم والمناهج المتبعة يجب ان تكون عملية مستمرة وشاملة لجميع عناصر العملية التعليمية ومكوناتها لمواجهة التغيرات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية والدينية وتحقيق مطالب التطور والتغير المعرفي والتنموي ولذلك فأنه من الضروري تطوير وتغير المناهج الدراسية التعليمية واساليبها ووسائلها في ضوء كل التطورات العلمية والتكنولوجية وتحديات العصر والعولمة وطبيعة وخصائص المجتمع ومطالب المعرفة الحية المتجددة والمتطورة في كل حين وأخر.

يتضح من خلال ما سبق ان السياسة التعليمية تبين يجب ان تكون المناهج الدراسية تنبثق من متطلبات ومقومات وخصائص المجتمع حيث تواجه تطورات العصر وتتناسب مع حاجات وميول الطلاب وكذلك يجب ان تتوافق مع البيئات والأحوال والتطورات المختلفة وتنمية مفهوم التعايش والسلام الدولي ونبذ الحروب والصراعات والعنف وإظهار اثارها السلبية التي تقف في طريق التنمية والتطور، حيث تحرص وزارة التربية والتعليم العالي على مراجعة تلك الخطط الخاصة بتطوير المناهج الدراسية بمراحل التعليم المختلفة من خلال ربط المناهج بحياة الطلاب وبيئتهم ومجتمعهم والتوازن بين تلك المناهج من حيث الكم والكيف في المحتوى الدراسي وتنويع استراتيجيات وطرائق التدريس المختلفة.

ثانياً: اعداد وتطوير الاداء المهني للملاكات التدريبية

ان للملاكات التدريبية دور رئيسي في تحسين التعليم والتعلم في جميع مراحلة وبالأخص التعليم العالي من خلال التعزيز والتطوير الذاتي لتحسين مهامهم التدريسية والوظيفية ويحدث التطوير من خلال تحديث معلومات هيئة التدريس والعمل على تطوير مهاراتهم وقدراتهم ذاتياً، حيث يعتبر التعليم العالي في ظل مجتمعات التطور والمعرفة الحية والمعاصرة التي تشهدها كل المجتمعات اليوم من اهم مراحل التعليم التي تعمل على اعداد وتطوير الكوادر المؤهلة والمدربة والتي تتميز بإنتاجية عالية.(8)

يتضح من خلال تلك العناية ان للتعليم العالي دور كبير في التطور والتحديث وهذا ما يجعل البلدان المتقدمة منها والنامية ان تجعل التعليم العالي في اعلى سلم اولوياتها حيث ان الامر المهم من توفير كل المستلزمات المالية والبشرية في ادارة وتطوير تلك الكوادر التدريبية هو توفير كفاءات قادرة على التواصل مع الطلبة في كل مراحل التعليم وبالأخص التعليم الجامعي لآنه المنظومة الكبرى التي يعتمد عليها المجتمع بأكمله، حيث ان لعضو هيئة التدريس الدور الكبير والحيوي على مساعدة الطلاب على اكتشاف الطريق الأمثل في كيفية استخدام المعلومات وكيفية تمثيلها واليس مجرد تلقينها وعلى كيفية اعادة صياغتها وتطويرها وفق معطيات الواقع الوطني، فعضو هيئة التدريس هو ذلك الذي يدرب طلابه على كيفية استخدام الادوات العلمية والمعرفية وليس هو الذي يتعلم بالنيابة عنهم حيث يعمل على الاشتراك معهم في تحقيق النمو الذاتي الذي يصل الى اعماق الشخصية ويمتد الى اسلوب الحياة الواقعية، حيث تمكنهم كل هذه المعرفة والخبرة التي اكتسبوها على كيفية التعامل الصحيح مع هذا التدفق المعرفي الكبير والتقنيات المرتبطة به الذي بدأ يجتاح العالم اليوم بدرجة كبيرة جداً، حيث يعمل الافراد الذين تلقوا كل هذه المعرفة والذين لهم الدور الريادي في تحديث المجتمع وتطوره على فهم الحاضر بتفصيلاته وتصور المستقبل باتجاهاته والمشاركة في صناعته، من خلال الثقافة المعلوماتية التي تمكنهم من التعايش مع مجتمع المعلوماتية الذي هو مجتمع المستقبل اليوم.

كل هذه التطورات وكل هذه المعرفة وكل هذه الثقافة تأتي وتتسرب عن طريق كادر واحد او هيئة علمية واحدة الا وهي الملاكات او الهيئة التدريسية التي توجد داخل كل مؤسسة تربوية وتعليمية وتثقيفية فهم الطاقة او المنبع الوحيد التي يتلقن ويتدرب عن طريقه طلاب العلم والمعرفة والذي عن طريقه تتحقق كل التطورات والتغيرات الحديثة المعروفة بالنسبة لجميع بلدان العالم لذك ومن خلال ما عرفناه يجب العناية الكاملة والقصوى بتلك الكفاءات والمحاولة من تطوير اداءها بكل جدارة والعمل على مواكبتها جميع التطورات الحاصلة والاهتمام الاقصى بها حتى تمد الجيل بالمعلومات وتدربه على كيفية التطور وكيفية انشاء مجتمع جديد الى وهو مجتمع التطور والمعلومات والتي تعمل على بنية الثقافة الشخصية والوجدانية والدينية والاقتصادية والسياسية للأفراد وبذلك فأن العناية بهذه الكوادر التدريبية وتطويرها يعني العناية الكاملة بالمجتمع وتطويره.

ثالثاً: نظم التعليم الاليكتروني ودورها في تغير البرامج التعليمية

إن المزاوجة بين تكنولوجيا المعلومات والاتصال والتعليم والتدريب، أدى الى ظهور ما يعرف ب((التعليم الاليكتروني)) الذي يتم عن طريق الحاسوب الآلي وأي مصادر أخرى على الحاسوب تساعد في عملية التعليم والتعلم، وفيه يحل الحاسوب محل الكتاب ومحل المعلم، هذا النوع من التعليم قائم على شبكة الانترنت، وفيه تقوم المؤسسة التعليمية بتصميم موقع خاص بها ولمواد او برامج معينة لها: ويتمكن المتعلم فيه من الحصول على التغذية الراجعة(9).

ويمكن تعريف التعليم الاليكتروني على انه (ذلك النوع من التعليم الذي يعتمد على استخدام الوسائط الاليكترونية في تحقيق الأهداف التعليمية وتوصيل المحتوى التعليمي دون اعتبار للحواجز الزمانية والمكانية وقد تتمثل تلك الوسائط الاليكترونية في: الاجهزة الاليكترونية الحديثة مثل الكمبيوتر وأجهزة الاستقبال من الاقمار الصناعية... او من خلال شبكات الحاسوب المتمثلة في الانترنت وما افرزته من وسائط أخرى مثل المواقع التعليمية والمكتبات الالكترونية، ويستخدم مع مصطلح التعليم الاليكتروني مصطلح اخر وهو التعليم الافتراضي بالإضافة الى مصطلحات أخرى هي التعليم بالاتصال الالكتروني، او التعليم بالكمبيوتر.(10)

يتضح من خلال ما سبق ان تطبيق نظم التعليم الحديثة التعليم الاليكتروني او التعليم بالحاسوب افضل واهم بكثير من نظم التعليم التقليدية القديمة حيث ان هذا النظام من التعليم اتبعته جميع الدول المتقدمة والمتطورة والذي يعطي الكفاءة الكبيرة للطالب والعقل المعلوماتي المتفوق حتى يواكب جميع البلدان المتطورة والمتقدمة، حيث ان تطبيق هذا النظام في البرامج التعليمية يحقق عدة امور وهي اساسية لا غنى عنها والتي تتمثل بتعدد مصادر المعرفة بصورها المختلفة السمعية والمرئية والمكتوبة وتوفر امكانية تسجيلها وكذلك امكانية نسخها وطباعتها حسب ما يرغب الشخص بحفظها مدة اطول بكثير لا يمكن تلفها او ازالتها باي طريقة كانت، ويمكن التعليم الاليكتروني من توفي امكانية استخدام ومهارة الحاسوب وتكنولوجيا المعلومات بالنسبة لجميع الاطراف سواء كان المعلم او المتعلم من خلال عدم الاعتماد على الحضور الفعلي حيث ان وسائل الاتصال وفرت الحصول على المعلومات دون التقيد بالزمان او المكان، ومن المهمات الاساسية التي يستطيع توفيرها هذا النمط من التعليم هو عملية ارسال واستلام جميع المعلومات والواجبات بين المعلم والمتعلم عن طريق تلك الوسائط الاليكترونية ولا يتوجب الحضور الفعلي او الحضور شخصياً، حيث انه نظام لا يخضع لإشراف مباشر ومستمر من قبل المعلم وهو مفتوح للجميع اي انه تعليم جماهيري لا يتقيد بوقت او مكان او زمان معين فتكون قمة تركيزه على المتعلم وعملية التعليم فقط، فهو يقدم عن طريق الحاسوب سواء كانت المادة التعليمية مسجلة على قرص مرن او مدمجة او عن طريق شبكة المعلومات الانترنت تصل تلك المادة الدراسية الى المتعلم او المعلم عن طريق الاقمار الصناعية، حيث ان هذا التطور المستمر الذي عرفه التعليم والذي لا يزال يعرفه منذ نشأته وحتى وقتنا هذا ما هو الى دليل على اهميته المتزايدة التي تثري للعلم معرفة كبيرة لا تحدد بمكان وزمان معين.

حيث ان الغاية الاساسية من توفير التعليم الاليكتروني اي تغير البرامج التعليمية هو سرعة تدفق المعلومات وتعدد مصادرها وصعوبة متابعتها من قبل المتعلمين والمعلمين والعمل على تسهيل التواصل العلمي وزيادة الجودة وتطويرها باعتبار ان هذا النوع من التعليم هو وسيلة عالمية تقدم مجوعة من المصادر والمعلومات لم تكن متوفرة في المكاتب الجامعية والاماكن الاخرى، ان هذا التطور الكبير في عملية التعليم يعمل على تغير عمليات تحصيل وتوصيل المعرفة عن طريق اتاحة فرص للأبداع والابتكار في محتوى المناهج الدراسية وطرق التدريس، فتكنولوجيا المعلومات لا تقلل من الحاجة الى هيئة التدريس بل تغير دورهم وادائهم في العملية التعليمية.

التعليم الجامعي وتحديث المجتمع العراقي (رؤية تحليلية)

ان التعليم هو وسيلة من وسائل الاصلاح الاجتماعي والاقتصادي والسياسي والديني والتغير الثقافي والتطور البشري داخل اي مجتمع من المجتمعات فعن طريق التعليم يمكن ازالة جميع المعوقات التي تعيق التنمية الثقافية والتطور الثقافي والمعرفي الذي يعتبر المنهاج الصحيح التي تسير عليه المجتمعات في تطورها، حيث يكون المنبع الاساسي لكل هذه التطورات هو التعليم بمناهجه الدراسية وبكوادره التدريبية وبمؤسساته المهمة والتي تحتاج الى الدعم والتطور والتغير من قبل مؤسسات المجتمع كافة حيث يعمل التعليم ومنهجه على تحفيز الأفراد لتحقيق التقدم وجعل النفوس كثر مواكبة واستعداً لتقبل التغير الثقافي والتطور التكنولوجي الحاصل في المجتمع من خلال ادخال الوسائل التكنولوجية في الدراسة والحياة العلمية حتى تصبح العقول الفردية عقول عصرية منتجة للعلم والمعرفة ومتوافقة مع ثورة المعلومات والاتصالات التي بدأت تجتاح كل بلدان العالم والتي لا غنى للتعليم عنها كون من الوسائل الاكثر ضمان في الحياة العلمية والعملية.

لقد عمل التعليم على دعم وتحفيز الإرادة الحرة الواعية لدى كل فرد التي هي محصلة التعليم وهي الركيزة الاساسية التي لا غنى عنها في احداث التنمية الثقافية وتحديث المجتمعات وبالأخص المجتمع العراقي الذي يحتاج وتحديداً اليوم الى دعم معرفي كبير كون العقول الفردية اصبحت تتشتت وتتبعثر بسبب الانقسامات التي نعاني منها اليوم بسبب الحروب وتخريب البلاد وضياع الفرص التعليمية لدى الكثير من الافراد لذلك يجب دعم هذ المنظومة العلمية وخصوصاً التعليم الجامعي الذي يعطي فرص توعوية اكبر واكثر للأفراد وادخال المناهج المتطورة والاكثر تحديثاً التي تعمل على انارة العقل العراقي من كل ما يحيط به اليوم من انقسامات وتشتت فكري وديني وثقافي وسياسي من خلال ادخال المبدعين من الأساتذة والكوادر البارعة في تغير العقول الفردية التي اصبحت اليوم تتأثر بكل ما يحيط بها من مخلفات الارهابيين التكفيرين فان الفرد العراقي هو من اكثر الافراد تأثراً بتلك الامور، حيث يعمل التعليم على تعديل انماط السلوك ونظم القيم والاتجاهات التي تعيق التنمية الاجتماعية والثقافية التي تعمل على تحديث المجتمع وتنميته.

وبذلك فأن هدف التعليم هو انتاج تعليم مهني اجتماعي شخصي متوازن يعمل على تسهيل النمو الشخصي والثقافي المتكامل للفرد واعداد الفرد العصري والحديث لمهنة المستقبل ومجتمع المعلومات فهو من العوامل المحفزة للتحديث الاجتماعي الذي يدعو العقل العراقي بصورة خاصة والعقل العربي بصورة عامة الى التحول من صناعة الكلمات الى صناعة الاشياء ومن اجترار المنظومات الى نظم الفكر والحياة العلمية والثقافية المتجددة المتطورة في كل حين واخر من خلال تنظيم المجتمع تنظيماً ابداعياً وثقافياً جديداً واضعاف المعايير والتقاليد والقديمة التي باتت تعيق كل عملية تطور تحدث في المجتمع والتحسن الجوهري في مستوى معيشة الافراد. ومن خلال ما سبق ان الغرض من كل ما تناولناه حول تحديث المجتمع وتغير المناهج وتطوير الكوادر التدريبية هو ان يجني الفرد من التعليم ثماراً ملموسة يطبقها على ارض الواقع ويستفاد منها في حياته الاقتصادية والثقافية والسياسية والصحية والاسرية وكيفية إدراة شؤونه العامة وليس الغرض منه هو ان يأتي الفرد طوال سنوات حياته الدراسية حاملاً معه علوماً نظرية كثيرة لا يستفاد منها في واقع حياته الفعلي، ومن خلال اتباع تلك الطرق والاسس فان تحديث المجتمع وتطوره يصبح من الامور الاساسية التي يسعى اليها الفرد بكل ثقة وجدارة.

الاستنتاجات

1ــــــ يتضح من خلال ما درسناه ان المؤسسات التعليمية بكل مناهجها وكوادرها يجب ان تبنى على مهارات التفكير الناقد وثقافة الابداع لأن العيش في الالفية الثالثة التي نحن فيها يتطلب ان يكون كل فرد منا مسلحاً بعقلية مفكرة وناقدة وابداعية ويتم ذلك من خلال الابتعاد عن الاساليب التلقينية والاعتماد على الاستراتيجيات الحديثة في التدريس وتنمية المهارات المعرفية وما وراء المعرفية.

2- ان تطور وتنمية الاداء المهني للكفاءات التدريبية هو الاساس في تنمية الفرد داخل المؤسسة التعليمية وخارجها من خلال القدرة على الاتصال وايصال المعلومات للطلبة والاخذ بعين الاعتبار ان ترقية هذه الكفاءات حسب التطور العلمي والتقني الهائل هو الاساس في تلقين ذلك الكم الهائل من المعرفة الثقافية للأفراد.

3- بينت الدراسة ان الاخذ بنظم التعليم الاليكتروني الحديث والتعليم عن بعد بدل النظم التعليمية التقليدية المعروفة داخل مؤسسات التعليم وبالأخص التعليم الجامعي هو الاساس في تكوين العقل الفردي المفكر والمبدع لمواكبة التقدم المتسارع في عالم التقنية الانترنت حيث ان هذا العامل هو من العوامل المهمة في تطوير المجتمع وتحديثه.

توصيات

1ــــــــ زيادة الاهتمام بالتعليم والمؤسسات التعليمية وبالأخص مؤسسات التعليم الجامعي كونها الكادر الاهم في تطور الفرد والمجتمع والاخذ بكل المستلزمات المعدة والمؤهلة للكادر البشري المناسب لذلك التطور الذي تسعى اليه كل المجتمعات البشرية.

2- العمل على تطوير العمل التربوي بكل مناهجه وكوادره بما يتناسب مع تنمية وتحديث المجتمع ومتطلبات التغير فيه لإتمام سير العملية التربوية التعليمية بشكل متواصل وكفيل بتحقيق النجاح الكامل للمجتمع وبناء القاعدة الاساسية فيه للتطور والتحديث.

3- توصي هذه الدراسة بضرورة ان يكون النظام التعليمي من ضمن اولويات الدولة عند رسم سياستها العامة لكونه النظام الوحيد الذي يزود جميع الانظمة الاخرى الموجودة في المجتمع باحتياجاتها من العناصر البشرية المؤهلة والمدربة لذلك يجب ان يعد ويؤهل بكل المقومات التي تجعل الغاية منه هي التطور والاحياء بالعرفة الكاملة لذلك التطور.

4- تطوير الاهداف التعليمية واهداف المناهج الدراسية ومحتواها في ضوء التطورات العالمية والمحلية، وطبيعة وخصائص المجتمع والدين ومتطلبات التنمية وخصائص وحاجات الطلاب ونتائج تقويم المناهج.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصادر
1-AGood C.V, Dictionary of Education, Mc Hill Book Group, 1988,p.82.
2- مجدي عزيز ابراهيم ، تطور التعليم العالي في عصر العولمة، (القاهرة: مكتبة الأنجلو المصرية،2000)، ص231.
3-New Man, c. the idea of university, new York American, 1981,p.p 196-197.
4- عدلي ابو طاحون، التغير الاجتماعي،( الاسكندرية: المكتب الجامعي الحديث،2008)، ص10.
5- المصدر نفسه، ص15.
6- كريم محمد حمزة، المشروع الاستراتيجي التعليم في العراق، (بغداد: بيت الحكمة، 2011)، ص24.
7- عبد السلام مصطفى عبد السلام، تطوير مناهج التعليم لمواجهة تحديات التنمية، (المملكة العربية السعودية: جامعة الملك خالد،2002)، ص337-358.
8- نوال نمور، كفاءة اعضاء هيئة التدريس واثرها على جودة التعليم العالي، دراسة حالة ، كلية العلوم الاقتصادية وعلوم التسيير، (جامعة منتوري قسنطينة: 2012) ،ص60.
9- وليد سالم محمد الحلفاوي، مستحدثات تكنولوجيا التعليم في عصر المعلوماتية، (الاردن: دار الفكر،2006) ط1، ص58.
10- المصدر نفسه، ص60.

اضف تعليق