q

اضطهاد المسلمين من الحالات الشائعة في الاونة الاخيرة من قبل الدول العظمى بحجة الارهاب بالرغم من اننا نعلم جيدا بأن الارهاب لادين له.. يوميا عند التفرج على القنوات الاخبارية او التصفح في الانترنت والمواقع الالكترونية نكتشف فواجع وحالات اضطهاد كبيرة بحق المسلمين تقف لها المشاعر والوجدان حزنا والمجتمع الدولي في حالة صمت حول هذه الاعتداءاتت المتكررة... مايجعل تلك الدول تتعدى اكثر فأكثر كما حدث مع اقلية الأيغور المسلمة في الصين والتي تبلغ نسبتها 2% من نسبة السكان الاجمالي والبالغة 1.3 مليار نسمة حسب تقرير هيئة الاحصاء الصينية.

حيث ان الاقلية المسلمة في الصين تشكو منذ فترة طويلة من التمييز الديني والثقافي والاجتماعي ويعد اقليم شينجيانغ (تركستان الشرقية)، موقد صراع مشتعل بسبب التوتُّرات بين الأويغور المسلمين وبين الصينيين الهان الممسكين بزمام السلطة وتقوم الاخيرة بممارسات سياسية ضدهم ومنها ملاحقتهم، وإعتقالهم، ومنعهم من أداء شعائرهم الدينية.

قُتل من "الأويغور" المسلمين أكثر من مليون مسلم في عام 1863م، كما قُتل أكثر من مليون مسلم، في المواجهات التي تمت في عام 1949م، عندما استولى النظام الشيوعي الصيني على إقليمهم، وألغى استقلالهم، وجرى ضمه لجمهورية الصين. ويطالب سكان إقليم "شينجيانغ"، أي الحدود الجديدة، أو الأرض المحررة، والذي يشهد أعمال عنف دامية منذ عام 2009، بالاستقلال عن الصين.

فيما تعتبر الحكومة الصينية، الإقليم منطقة تحمل أهمية استراتيجية بالنسبة إليها. وتحمِّل السلطات الصينية المسؤولية عن العنف بصورة شمولية "لإرهابيين" غير محدَّدين. وبحسب وصفها فإنَّ مَنْ يقف وراء هذه الهجمات في أغلب الأحيان هي "حركة تركستان الشرقية الإسلامية"، وهي جماعة إسلامية تم وضعها في عام 2002 لدى الأمم المتَّحدة على قائمة الإرهاب بطلب من الصين وبدعم من الولايات المتَّحدة الأمريكية. ولكن لا توجد في الغالب أدلة ملموس على تورُّط هذه الجماعة.

الأيغور؟

الأويغور/ بالأويغورية: ئۇيغۇر، بالتركية: Uygur أو Uighur الصينية المبسطة: 维吾尔; الصينية التقليدية: 維吾爾، بنيان: Wéiwú'ěr) وهي تعنى الاتحاد والتضامن باللغة الاويغورية هم شعوب تركية ويشكلون واحدة من 56 عرقية في جمهورية الصين الشعبية. بشكل عام يتركزون في منطقة تركستان الشرقية ذاتية الحكم (والتي تعرف باسم شينجيانغ أيضا) على مساحة تعادل 1/6 مساحة الصين ويتواجدون في بعض مناطق جنوب وسط الصين. يدينون بالإسلام. ويتحدث "الأويغور" باللغة الأويغورية، هي لغة قارلوقية، من لغات الترکية، ويستعملون الحروف العربية في كتابتها إلى الآن. وفق موقع ويكيبيديا الموسوعة الحرة

تحدث موقع الساسة بوست تاريخيا عن مصطلح الأويغور “الذي يعني الاتحاد أو التحالف” كان يطلق على أحد الشعوب التركية التي تعيش فيما يعرف اليوم باسم منغوليا، حيث كان “الأويغوريون مع الجوك” أقوى وأكبر القبائل التركية التي تعيش في آسيا الوسطى.

وفي عام 744م استطاع “الأويغور” بمساعدة قبائل تركية أخرى بالإطاحة بالإمبراطورية “الجوك تركية” وأسسوا مملكتهم الخاصة بهم التي امتدت من بحر قزوين غربا حتى منشوريا “شمال شرقي الصين والكوريتان” شرقا. وأسس “الإيغور” الذين أسلموا دولة سميت “القارا خانات” والتي يسمى حاكمها قارا خان. وبعد ظهور السلاجقة واشتداد عودهم وازدياد قوتهم صارت المنافس الأقوى لدولة القارا خانات في تلك المناطق “تركستان وكازاخستان حاليا”.

ويعيش في إقليم “شينجيانج” ذي الأغلبية المسلمة من أصول تركية قرابة 22 مليون نسمة منهم 9 مليون من مسلمي الإيغور والذين دائمًا ما يحتجون على النظام الصيني حيث يرى كثير منهم أنهم يتعرضون للاضطهاد الديني والثقافي في البلاد فضلًا عن ظلمهم اقتصاديا.

أصبح الإقليم في السنوات الأخيرة من أهم مصادر البترول والغاز الطبيعي في جمهورية الصين الشعبية. يملك مخزونًا هائلًا من الثروات المعدنية، من الذهب والزنك واليورانيوم. تعتبر المنطقة ذات أهمية استراتيجية، حيث تجاورها الجمهوريات التي انفصلت عن الاتحاد السوفيتي ونالت استقلالها الآن، مثل قيرغيزستان وتركمانستان أو كازاخستان، التي تعيش فيها أيضا شعوب تركية مثل الإيغور.

قيود مفروضة على الأيغور

على الرغم من أنَّ الأويغور يتَّبعون الدين الإسلامي، لكنهم يخضعون بحسب تقرير هيومن رايتس ووتش، للوائح وتعليمات، أشد من تلك المفروضة على غيرهم من المسلمين في الصين. ويشتكي الأويغور من قيود شديدة يفرضها الحزب الشيوعي الصيني، مثل حظر الصوم لأعضاء الحزب، والموظفين الحكوميين، والمدرسين، والطلاب أثناء رمضان، فضلا عن الحظر القسري على ذهاب الأطفال للمساجد، وإطلاق الشباب لحاهم.

وتمّ حظر ارتداء الحجاب على نساء "الأويغور" في الأماكن العامة بالصين، بما في ذلك المواصلات العامة، واحتفالات الزواج في عام 2014، وفُرِضت غرامة مقدارها 353 دولار على ارتداء الحجاب في الأماكن العامة. ومنع تسمية الأولاد ببعض الأسماء الإسلاميّة وغيرها. وإلى جانب قطع شبكة الإنترنت أحياناً عن المنطقة وإزالة مواقع إلكترونيّة أسّسها ناشطون أويغور، قامت الصين منذ حوالي سنة ونصف سنة بطرد صحافية فرنسيّة تعمل في مجلّة "لوبس" بعدما أعدّت تقريراً عن هذه الانتهاكات.

وكذلك لا يُسمح لهم باستيراد الكتب الإسلامية من الخارج، ويُمنع الأويغور من السفر إلى الخارج من أجل الدراسات الدينية. وفق موقع ترك برس. وبهذا الصدد لا يتوقَّع الخبير السياسي في شؤون الصين دانيال كرال، وجود نهاية للعنف، وحول ذلك يقول إنَّ "الدولة الصينية لن تستسلم، والقمع سوف يزداد، وسيصبح "الأويغور" أكثر يأسًا".

وهذه الأشكال من القيود المفروضة على الحقوق الأساسية تثير مرارًا وتكرارًا احتجاجات عنيفة، تتحوَّل إلى عنف نظرًا إلى الإجراءات الصارمة التي تتَّخذها الشرطة. وطبقًا لبحث أجرته الإذاعة الأمريكية "راديو آسيا الحرة" (RFA)، فقد بدأت الاضطرابات في أواخر شهر تموز/ يوليو 2014 في مقاطعة ياركند باحتجاجات ضدّ القيود الشديدة خلال شهر رمضان. وقد خلَّفت هذه الاضطرابات أكثر من ستة وتسعين قتيلاً وتعدّ الحادث الأكثر دموية منذ بداية الاضطرابات الخطيرة في عام 2009. وبحسب البحث المذكور كان سبب الاحتجاجات إطلاق الرصاص من قبل رجال الشرطة على عائلة مكونة من خمسة أفراد وقتلهم، بعد حدوث مشاجرة بسبب الحجاب.

ووفقًا للمعلومات الرسمية، فقد قُتل في الاضطرابات في نهاية شهر رمضان خمسة وثلاثون شخصًا من الهان وشخصان من الأويغور. أمَّا الضحايا التسعة والخمسون الآخرون فقد كانوا بحسب المعلومات الرسمية "إرهابيين". وكذلك في أعمال الشغب التي وقعت في الحادي والعشرين من شهر أيلول/ سبتمبر 2014 -وتمت فيها مهاجمة العديد من مراكز الشرطة بالمتفجرات في كلّ من ناحية بوغور وينغيسار وترك بازار- ادَّعت وسائل الإعلام الرسمية أنَّ أربعين شخصًا من الضحايا الخمسين كانوا "إرهابيين". وطبقًا لمعلومات "راديو آسيا الحرة" -الذي سأل عبر الهاتف شهود عيان- فقد كان سبب الاضطرابات الاستياء من عمليات التهجير القسري. وبحسب شهود العيان تم قتل جميع الضحايا من قبل الشرطة.

علاقة الكر والفر بين الصينيين والأيغور

تعود الأزمة في إقليم “شينجيانج” إلى عام 2009 حيث شهد الإقليم احتجاجات تطالب بالاستقلال عن الصين وهي الاحتجاجات التي راح ضحيتها أكثر من 200 شخص ومنذ ذلك الحين والسلطات الصينية تشدد من الإجراءات الأمنية وتضيقها على سكان الإقليم.

إضافة إلى أنها فوضت لرجال الشرطة التصريح بقتل كل من يرون أنه “إرهابي” في الإقليم واضعين أمام رجال الشرطة “استخدام كل الوسائل المتاحة في مواجهة الإرهابيين” وهو التصريح الذي تلقفته رجال الشرطة وسارعوا إلى استخدامه في قتل المسلمين الإيغور في الإقليم.

وتسيطر الصين على الإقليم الذي تسميه شنغيانغ “أي الحدود الجديدة” منذ العام 1949، وهو يشهد أعمال عنف دامية منذ العام 2009، حيث يطالب سكانه بالاستقلال عن الصين، فيما تعتبر بكين الإقليم منطقة ذات أهمية استراتيجية لها.

واتخذت العلاقة بين ا”لأويغور” والصينيين طابع الكر والفر، حيث تمكن “الأويغور” من إقامة دولة تركستان الشرقية التي ظلت صامدة على مدى نحو عشرة قرون قبل أن تنهار أمام الغزو الصيني عام 1759 ثم عام 1876 قبل أن تلحق نهائيا في 1950 بالصين الشيوعية.

وعلى مدى هذه المدة ثار “الأويغور” بعدة ثورات نجحت في بعض الأحيان في إقامة دولة مستقلة على غرار ثورات 1933 و1944 لكن سرعان ما انهارت أمام الصينيين الذين أخضعوا الإقليم في النهاية لسيطرتهم.

وبعد أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001 كثف النظام الصيني من حملة مطاردته للاستقلاليين “الأويغور” وتمكن من جلب بعض الناشطين منهم خصوصا من باكستان وكزاخستان وقيرغزستان في إطار ما يسمى “الحملة الدولية لمكافحة الإرهاب”. وفي 19 سبتمبر 2004 أسس “الأويغور” حكومة في المنفى لتركستان الشرقية يرأسها أنور يوسف، فضلا عن صياغة دستور لهم.

ويذكر أن المسلمين “الإيغور” تعرضوا لمجزرتين كبيرتين في الصين، ففي عام 1863م قتل منهم ما يفوق مليون شخص، ثم جاء النظام الشيوعي ليرتكب مذبحة مشابهة في عام 1949م، عندما قتل أيضا أكثر من مليون منهم. وفق موقع الساسة بوست.

ولم يكتف الشيوعيون بذلك بل ألغوا استقلال إقليم “تركستان”، وجرى ضمه لجمهورية الصين، وتم تهجير “الإيغور” من تركستان وتوزيعهم على أقاليم مختلفة؛ من أجل تذويبهم، كما ضيق النظام الشيوعي على “الإيغور” في عباداتهم وهدم مساجدهم ومدارسهم. وتُحمِّل السلطات الصينية المسؤولية عن العنف بصورة شمولية “لإرهابيين” غير محدَّدين، لكنها تلمح بين الفينة والأخرى لحركة تركستان الشرقية الإسلامية، وهي جماعة إسلامية تم وضعها في عام 2002 لدى الأمم المتَّحدة على قائمة الإرهاب بطلب من الصين وبدعم من الولايات المتَّحدة الأمريكية.

مخاوف الصين الداخلية

للصين مخاوفها الداخلية من تنامي نشاط الحركات الإسلامية خاصة مع وجود حوالي 9 ملايين مسلم من “الإيغور” الأتراك الذين يشعرون باستياء شديد من وضعهم ويتهمون السلطات الصينية دائمًا باضطهادهم وقمعهم والتضيق على ممارسة شعائرهم الدينية.

ورصدت الكثير من مراكز الأبحاث الغربية سياسة الصين مع مسلمي “الإيغور” على مر الأعوام الماضية، إذ يقول الباحث الاستراتيجي الأمريكي “غراهام فولر” نقلا عن موقع” البديل”: “إن الصين تعاونت مع جيرانها باكستان كزاخستان وقرغيزيا وطاجيكستان لمنع الإيغور من القيام بأنشطة سياسية على أراضي هذه الدول، ومطالبتها بتسليم كل النشطاء السياسيين منهم”.

فضلا عن أن الصين شعرت بالقلق الكبير من مسلمي “الإيغور” وطموحاتهم الانفصالية مما جعلها تشكل قبل عدة سنوات منظمة شنجهاي للتعاون من أجل التنسيق في المعلومات الأمنية بين الدول الأعضاء وهي الصين وروسيا وقرغيزيا وأوزبكستان وطاجيكستان وكزاخستان.

وبالنسبة للصين كان هدفها الرئيسي من هذه المنظمة هو جمع معلومات استخبارية عن كل أنشطة الإيغور خارج الصين، خاصة بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 حيث كثف النظام الصيني من حملة مطاردته للاستقلاليين الإيغور وتمكن من اعتقال بعض الناشطين منهم.

وثمة من يرى أن الصين منذ سنوات عديدة تتبع سياسيات تريد من خلالها أن تكون زعيمة للعالم الثالث إذ لعبت قبل خمسين عاما دورا مهما في تأسيس حركة عدم الانحياز، وفي ذلك الوقت كانت الصين تصنف ضمن الدول النامية والشعوب “المضطهدة” من الدول المتقدمة. فيما يرى البعض أنها ظلت تعمل على تغيير صورتها خلال السنوات العشر الماضية، وهي الآن لم تعد تعتبر نفسها جزءا من العالم الثالث وإنما ترى أنها دخلت عالم الدول المتقدمة. وفق موقع الساسة بوست.

بدأت تفقد صورتها الثورية وهي الآن أقل انجذابا لدعم الحركات الثورية في العالم، ولذلك فإن بكين الآن أقل اهتماما بدعم حركات التحرر الوطني في أي مكان بالعالم وخصوصا أن لديها حركتين منها وهما حركتا الإيغور والتبت اللتان تناضلان داخل الصين نفسها من أجل الاستقلال.

فلسطنة شينجيانغ

الدكتور مايكل كلارك المتخصص في تاريخ وسياسات إقليم شينجيانغ، فصّل عمليّات التحديث والاستثمار تلك، في تقرير مطوّل له ضمن "مجلس سياسات الشرق الأوسط" الأميركي منذ حوالي سنتين. لكنّ ما ذكره حينها كان أخطر. ففي تقريره الذي جاء بعنوان: "الصين والأويغور: فَلَسطنَة شينجيانغ؟" ذكر أنّ المصطلحات التي تشبّه أزمة الإقليم بأزمة فلسطين أو الضفة الغربيّة، على الرغم من أنّها تعود إلى العقد الأوّل من القرن الحالي، إلّا أنّها ليست وليدة عالم الخيال، لأنّ "بدايات فلسطنة المنطقة قابلة للإدراك" على عدّة مستويات. أبرزها الفصل الحادّ وإقامة الحدود السياسيّة والإثنيّة بين الأويغور والهان وحزب الدولة، عبر تطبيق استراتيجيّة "القمع والتقييد والاستثمار". ومن بينها أيضاً، تدويل النزاع الصيني-الأويغوري من خلال جهود بيجينغ في ربط العنف الأويغوري بالإسلام الراديكالي الدولي والحصول على فوائد ديبلوماسيّة منه بعد هجمات 11 أيلول.

إنّ الصدامات بين الطرفين وخصوصاً منذ سنة 2009 وحتى اليوم أدّت إلى سقوط مئات القتلى. تفجيرات، عمليّات إطلاق نار، هجمات إنتحاريّة وغيرها شنّها مقاتلون أويغور على المستوى المحلّي والعالميّ. العلاقة بين القمع والإرهاب، في الصين أو خارجها، تسلك مسار دوّامة لانهائيّة من الأسباب والنتائج المتبادلة في حلقة دمويّة مفرغة. وفق صحيفة النهار.

والحواجز النفسيّة بين الصينيّين والأويغور، أساهمت بخلقها السلطات المحلّيّة أم لم تفعل، أصبحت بحسب ما يتفق عليه الباحثون الغربيّون في غاية الوضوح. ففي حين ينظر إليهم هؤلاء على أنّهم ضحيّة اضطهاد داخليّ، ينفر الصينيّون بقسم كبير منهم لأنّهم "مشروع إجرام محتمل".

تركيا الملاذ الامن لـ (الأيغور)

في الواقع لا تبذل العاصمة بكين أية جهود من أجل التقرُّب من "الأويغور"، بل إنَّ محاكمة الناشط الأويغور في مجال الحقوق المدنية والأستاذ الجامعي إلهام توهتي، الذي كان يدير مع بعض الطلاّب موقعًا على شبكة الإنترنت خاصًا "بالأويغور"، أظهرت مؤخرًا أنَّ السلطات الصينية لا تريد لفترة أطول تحمُّل حتى النقَّاد المعتدلين. ففي عام 2014 حُكم على إلهام توهتي بالسجن مدى الحياة بتهمة (التحريض على) الانفصال.

لذا شهدت السنوات الأخيرة نزوحا مستمرا لهذا الأقلية إلى تركيا، إذ أن الأويغور يتكلمون اللغة التركية. ويقدر عدد الأويغور الذين وصلوا إلى تركيا في عام 2014 بسبعة آلاف شخص، وبموازاة هذا الواقع، انتقد المسؤولون الصينيون ما اعتبروه "انفتاحا تركيا" تجاه اللاجئين الإيغور.

وعندما أعلنت العاصمة التركية "أنقرة" مخططا لإعادة توطين الأشخاص من ذوي الأصول الصينية – الأويغور، الذين تم ترحيلهم مؤخرا من تايلاند، اتهمت صحيفة صينية رسمية السلطات التركية بالتغاضي عن حركة الأويغور الانفصالية، وتوفير ملاذ آمن لما تدعى انهم "متطرفون مسلمون".

تتعهد تركيا بأن تبقي أبوابها مفتوحة أمام المهاجرين من أقلية "الأويغور" المسلمة، الذين يهربون من الاضطهاد في الصين، في موقف من المتوقع أن يفاقم خلاف أنقرة مع بكين، بشأن معاملة الصين للأقلية المسلمة، التي يتحدث معظم أفرادها التركية.

وخلال لقاء مع أحد "الأويغور" على قناة BBC العربية، والذي هرب الى تركيا في ديسمبر/ كانون الأول عام 2014، وطالب بعدم الكشف عن هويته خشية تعرضه لانتقام من جانب السلطات الصينية، إنه تعرض "لفظائع" بصورة مباشرة. وأوضح: "العام الماضي، وفي ليلة من ليالي شهر رمضان الكريم تجمع نحو 50 من أفراد عائلتي لتناول الإفطار، وجاءت ابنتي لتخبرني أن هناك جنودا يحاصروننا، اعتقلونا واستجوبونا حتى الصباح الباكر، وطلبوا ألف دولار من كل واحد منا لإطلاق سراحنا".

وأضاف: "حينما تجلس في بيتك مع أربعة أو خمسة أصدقاء، حينما تصلي، يقتحمون المكان ويبدأون في استجوابك، ويسألوننا لماذا لديكم لحى؟ لماذا تقرأون القرآن؟ ولماذا تغطي النساء وجوههن؟". وتابع: "يلقون بك بعد ذلك في السجن، حتى إنهم اعتقلوا ابني البالغ من العمر 10 سنوات مع أربعة من أصدقائه". وفق ترك برس.

اللاجئون في تركيا يروونّ قصصا مختلفة، ويؤكدون أنهم غادرو جمهورية الصين الشعبية عندما أصبح "التنميط العنصري والديني لا يطاق"، وانهم وجدوا في تركيا ملاذهم الأمن. وتشهد مؤخرا العديد من مدن تركيا ، مظاهرات احتجاجية تضامنية مع "الأويغور"، ومنددة بممارسات السلطات الصينية ضد مسلمي “الأويغور”، الذين يعيشون في إقليم تركستان الشرقية (شينغيانغ)".

قضية الأويغور والتأثير الدولي

تنطوي المشكلة الأويغورية من منظور بكين على ثلاث قضايا، وهي: حركة الاستقلال، والهجمات الإرهابية، والاندماج الوطني. تتخذ بكين موقفًا متشددًا حيال قضيتي حركة الاستقلال والهجمات الإرهابية، وتصرّ على عدم السماح لأي تدخل أجنبي في شؤون الصين الداخلية. وتعتبر قضية الاندماج الوطني من أكثر المشاكل التي تؤرِّق النظام؛ لأنها تشمل كل أنواع السياسات المتعلقة بالشؤون الاجتماعية والاقتصادية والعرقية والدينية، وغيرها. والهدف النهائي هو جعل الأويغوريين يضعون في سُلَّم أولوياتهم الانتماء السياسي كأعضاء للأمة الصينية الجامعة، ولم تحرز بكين في هذا الشأن إلا نجاحًا ضئيلًا جدًّا حتى الآن.

وفي هذا السياق، تلعب العوامل الدولية دورًا مهمًّا، وتؤثر على سياسة الصين الخارجية إزاء هذه القضايا الثلاث والدول المعنيّة بها. ففيما يتعلق بالقضية الأولى وهي حركة استقلال شينجيانغ، تعتقد بكين أن تركيا ودول غربية (مثل الصندوق الوطني للديمقراطية في الولايات المتحدة والمؤتمر العالمي للأويغور( كلها تقدِّم الدعم للجماعات الانفصالية في الخارج. فيما يختص بتركيا بالذات، أدانت بكين مؤخرًا الاحتجاجات المناهضة للصين والداعمة للأويغور في تركيا، وقالت: إن دعوى وجود تمييز على نطاق واسع ضد الأويغور ومصادرة حقوقهم الدينية لا صحة له. كما ألقت بكين بضغطها السياسي على رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، الذي أكّد على احترام تركيا لسيادة الصين ووحدة أراضيها، و"لن نسمح لأحد باستخدام الأراضي التركية لفعل أي شيء يضرّ بالمصالح الوطنية للصين والأمن".

وأما بالنسبة للمسألة الثانية، حملة مكافحة الإرهاب، فتسعى الصين بالفعل لتعاون أكبر مع العالم، بما في ذلك العالم العربي وإيران والدول الغربية. وهذا ما يفسِّر السبب وراء محاولة الصين الربط المباشر بين أحداث العنف الأخيرة في شينجيانغ بالمنظمات الإرهابية مثل حركة شرق تركستان الإسلامية، وتنظيم القاعدة، والدولة الإسلامية. والقصد من ذلك هو تعزيز القول بأن المشكلة الأويغورية متعلقة بالانفصال والإرهاب، ولا علاقة لها بقضايا الحكم العديدة المرتبطة بالحرمان الذي يعاني منه الأويغور أو قضية حقوق الإنسان. حسب موقع الجزيرة نت.

المسألة الأخيرة هي أقل الموضوعات التي تستعدّ بكين للتطرُّق لها؛ لأنها ستفتح في وجهها العديد من المشاكل وتخلق توترًا مع المجتمع الإسلامي عالميًّا. وفق وجهة نظر بكين، إن استيعاب الأويغور في الأمة الصينية الجامعة يتطلب مستوى معينًا من هضم الثقافة الصينية، متمثلًا في ثلاث خصائص على الأقل؛ أولًا: أن يقتصر الإسلام على المجال الثقافي، ثانيًا: أن تكون الهوية الإسلامية ثانوية دائمًا مقابل القومية الصينية، ثالثًا: يجب تعديل الممارسات والعادات الدينية في حال تعارضها مع سياسات الدولة ذات الصلة. على سبيل المثال، الدولة هي التي تفرض القيود على صيام الكوادر الشيوعية، والمعلمين، والطلاب؛ وذلك لأن أعضاء الحزب الشيوعي الصيني يجب أن يكونوا ملحدين والتعليم العلماني هو السياسة العالمية التي لا ينبغي المساس بها لأسباب دينية؛ لأن مسألتي إلحاد أعضاء الحزب الشيوعي وعلمانية التعليم من المبادئ الأساسية للسياسة العامة للصين فيما يتعلق بالشؤون الدينية. وهذا التعارض بين السياسة العلمانية تجاه الأقليات من جهة والوعي الإسلامي المتنامي من جهة أخرى، هو الذي يُسهِم في تأجيج المعارضة الأويغورية لنظام جمهورية الصين الشعبية، وهو الذي يثير قلقًا واسعًا -أيضًا- في العالم الإسلامي حول مصادرة الحقوق الدينية للأويغور، وجعلهم أقلية محرومة في الصين.

سياسات الصين المحتملة مستقبلًا

على ضوء الوضع الحالي، سوف تواصل بكين تشديد الإجراءات الأمنية للحفاظ على الاستقرار الاجتماعي واستئصال ما تصفه بـ"العنف". وهذا ينطوي حتمًا على تصعيد سياساتها الصارمة في شينجيانغ وخاصة تجاه الأويغور، من قبيل تقييد حرية المسلمين الدينية وتشديد سيطرة الدولة على الشبكات الدينية؛ لمنع أنشطة المعارضة الأويغورية. قد تكون الصين غير حريصة على فرض نظام شامل على الأنشطة الدينية، ولا حاجة بها لذلك؛ لأنه سيؤدي إلى تداعيات ضد سياسات الحكم الصيني في شينجيانغ وهي في غنى عنها، ولكن ما تعتزم بكين إظهاره للعالم هو أن تطبيق هذه السياسات الصارمة أمر لابد منه في مواجهة "الهجمات العنيفة" التي قام بها من تصفهم بالانفصاليين والإرهابيين، وهذه الإجراءات -بحسب رؤيتها- كلها مشروعة ومتوافقة مع القانون العام الخاص بالأقليات والشؤون الدينية وفقًا لدستور جمهورية الصين الشعبية.

وليس من المرجّح أن توقف هذه السياسات الصارمة لوحدها المعارضة الأويغورية من العمل ضد نظام جمهورية الصين الشعبية، ما لم تكن بكين قادرة على كسب قلوب الأويغوريين وعقولهم عن طريق حل القضايا التي تثير غضبهم، أهمّها -وقبل كل شيء- هو احترام الهوية الإسلامية الأويغورية، وليس فقط في الحياة الثقافية بل أيضًا في المجال السياسي، وهو ما قد يعني منح مزيد من حقوق الحكم الذاتي من خلال رفع سيطرة الدولة عن الحكم المحلي. ثم بعد ذلك يجب على بكين رفع حالة الحرمان التي يرزح تحت نِيرها الأويغوريون من خلال تحسين مستوى معيشتهم، وتعزيز القيم الإسلامية، وتطبيق سياسات تفضيليّة على نطاق واسع. مركز الجزيرة للدراسات.

وأما الهدف بعيد الأمد الذي ينبغي على بكين السعي لتحقيقه فهو ليس دمج الأويغور في الثقافة الصينية، بل بناء علاقة بين مختلف الأعراق على قدم المساواة والاحترام، والتوفيق بين شعبي الهان والأويغور. من المفارقات أن جميع التدابير المذكورة أعلاه تتطلب مؤسسة سياسية ديمقراطية لتنفيذها، غير أن نظام جمهورية الصين الشعبية الحالي يفتقر إلى الثقة السياسية والقدرة على تنفيذ تلك التدابير؛ بسبب "طبيعته الاستبدادية".

............................

مركز النبأ الوثائقي يقدم الخدمات الوثائقية والمعلوماتية
للاشتراك والاتصال [email protected]
او عبر صفحتنا في الفيسبوك (مركز النبأ لوثائقي)

اضف تعليق