q

القرار الذي اتخذه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن لائحة الدول التي يشملها حظر السفر والهجرة إلى الولايات المتحدة الامريكية، والذي اثار موجة جدل كبيرة داخل وخارج امريكا ما يزال محط اهتمام واسع، فمع انتها مدة الحظر الحالي، خصوصا وان بعض المراقبين قد اكدوا ان القرار سيمدد لفترة اخرى وسيشمل ودول جديدة، وكان ترامب قال في مطلع 2017 انه يحتاج فترة من 90 يوما لمنع وصول مواطني ست دول مسلمة (سوريا وإيران وليبيا واليمن والسودان والصومال) وأيضا منع وصول اللاجئين من كافة أنحاء العالم لمدة 120 يوما، وذلك ريثما يحدد مقاييس جديدة لدخول الأراضي الأميركية.

وقال مسؤولون في البيت الأبيض ووزارة الأمن الداخلي إنهم حددوا عددا من الدول التي لا تريد أو لا يمكنها الاستجابة لإجراءات المراقبة الأمنية التي تطلبها الولايات المتحدة لدخول أراضيها. ودون تحديد الدول المعنية أو عددها، وقال المسؤولون إن مرسوما رئاسيا جديدا سيحدد جملة من الإجراءات تتراوح بين المراقبة المشددة (على غرار الاطلاع على الهاتف النقال والحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي) ومنع الدخول. وقال مايلز تيلور مستشار وزارة الأمن الداخلي قولها "إن الهدف ليس المنع النهائي لمواطني بعض الدول من القدوم إلى الولايات المتحدة. انما حماية الأميركيين حتى تنصاع الحكومات الأجنبية لطلباتنا ولا تتسبب في مخاطر على أمن الولايات المتحدة". ويرى بعض الخبراء ا ناي قرار جديد سيكون أيضا مصدر خلاف قضائي كما حدث سابقاً.

ويبرر ترمب بحسب بعض المصادر، فرض القيود على القادمين إلى الولايات المتحدة بضرورة منع وصول "إرهابيين أجانب". لكن المحكمة العليا حدت من نطاق مرسومه حيث استثنت منه أي شخص يمكنه إثبات "علاقة فعلية مع شخص أو كيان في الولايات المتحدة". ويرى معارضو ترمب أن ما يفعله هو تنفيذ وعد انتخابي بمنع المسلمين من دخول الأراضي الأميركية في تعارض مع الدستور الذي يحظر التمييز الديني. وذكر مسؤولون أميركيون أن القائمة بأعمال وزير الأمن الداخلي إلين ديوك أخطرت ترمب بالدول التي لا تفي بمعايير التدقيق الأميركية الجديدة وأوصت بقيود "محددة" و"صارمة" على دخول مواطنيها إلى الولايات المتحدة.

أمر جديد

وفي هذا الشأن ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال أن إدارة الرئيس دونالد ترامب تجهز لاستبدال حظر السفر الذي أثار خلافات بأمر جديد مفصل على أساس كل دولة على حدة لكنه يشمل عددا يزيد قليلا عن الدول الست المستهدفة حاليا. وأضافت الصحيفة نقلا عن مصادر مطلعة أن القواعد الجديدة لن يكون لها موعد نهاية محدد لكن الدول ستواجه احتمال إضافتها أو رفعها من القائمة في أي وقت.

وستحل خطة وزارة الأمن الداخلي محل الأمر التنفيذي الذي أصدره الرئيس الأمريكي والذي حظر دخول المسافرين القادمين من ست دول ذات غالبية مسلمة وقيد قبول اللاجئين. وأوقف الأمر الذي صدر في السادس من مارس آذار دخول المسافرين القادمين من إيران وليبيا والصومال والسودان وسوريا واليمن لمدة 90 يوما وأغلق الباب أمام معظم اللاجئين لمدة 120 يوما.

والحظر الذي بدأ سريانه في يونيو حزيران تنظر فيه حاليا المحكمة العليا حيث يواجه جلسة استماع رئيسية بشأن دستوريته في أكتوبر تشرين الأول. وقالت إدارة ترامب إن الحظر ضروري للأمن القومي في حين يجادل معارضوه بأنه ينتهك بنود الحماية الدينية الواردة بالدستور الأمريكي. وقال مسؤول بالبيت الأبيض عندما سئل عن تقرير الصحيفة”إدارة ترامب ستعمل على ضمان أن نقبل فقط أولئك الذين يمكن التحقق منهم بشكل مناسب ولن يشكلوا تهديدا للأمن القومي أو السلامة العامة“.بحسب رويترز.

وذكر تقرير الصحيفة أنه لم يتضح حتى الآن ما هي الدول التي ستتأثر بأحدث القيود التي قد يرفضها ترامب أو يعدلها. ولم يرد ممثلون لوزارة الأمن الداخلي على الفور على طلبات للتعقيب على تقرير الصحيفة. ومن المقرر أن تستمع المحكمة العليا في العاشر من أكتوبر تشرين الأول إلى مرافعات شفوية في الطعن في الأمر الرئاسي الصادر في السادس من مارس آذار.

اتفاق مع الديمقراطيين

من جهة اخرى قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إنه يقترب من التوصل لاتفاق مع قيادات الحزب الديمقراطي في الكونجرس بشأن إجراءات حماية المهاجرين غير الشرعيين الذين وصلوا للولايات المتحدة وهم أطفال مما فاجأ من جديد أعضاء حزبه الجمهوري وأثار قلق مؤيديه من المحافظين. وقال ترامب، الذي التقى زعيمة الديمقراطيين بمجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي وتشاك شومر زعيمهم في مجلس الشيوخ في البيت الأبيض، إن أي اتفاق نهائي يجب أن يتضمن خطوات لحماية أمن الحدود بما يشمل أنظمة مراقبة.

وأضاف الرئيس أن تمويل بناء الجدار، الذي يعتزم إقامته على الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك وكان أحد محاور حملته الانتخابية في العام الماضي، ”سيأتي لاحقا“ ولن يكون جزءا من أي اتفاق نهائي بشأن مصير 800 ألف شخص يطلق عليهم (الحالمون). لكنه قال للصحفيين إن الديمقراطيين ”لا يمكنهم منع بناء الجدار“. وكرر شومر وبيلوسي معارضتهما لبناء الجدار وتعهد الديمقراطيون من قبل بمنع تمويله.

وقال ترامب أن رئيس مجلس النواب الجمهوري بول ريان وزعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ ميتش مكونيل ”مشاركان“ في الاتفاق المحتمل بشأن قضايا الهجرة وإنهما ”يقومان بذلك بالاشتراك مع الجمهوريين“. وتحدث ترامب مع ريان ومكونيل صباح يوم الخميس بعد أن توصل للخطوط العريضة للاتفاق مع الديمقراطيين. وقال في وقت سابق للصحفيين ”أعتقد أننا قريبون إلى حد ما (من الاتفاق) لكن علينا أن نحصل على أمن حدودي ضخم“.بحسب رويترز.

وألغى ترامب برنامجا كان يسمح للشباب الذين دخلوا البلاد حين كانوا أطفالا بشكل غير شرعي بالبقاء في الولايات المتحدة لكنه قرر أن يدخل الإلغاء حيز التنفيذ في مارس آذار وهو ما يمهل المشرعين ستة أشهر ليقترحوا بديلا للبرنامج. وحمى البرنامج الذي أطلقه سلفه باراك أوباما الشباب من الترحيل وسمح لهم بالحصول على تصاريح عمل.

اصحاب المهارات

على صعيد متصل أوضحت بيانات أن إدارة ترامب تعمل على زيادة العراقيل أمام شغل الأجانب من أصحاب المهارات الخاصة وظائف في الولايات المتحدة وذلك من خلال الطعن في طلبات إصدار تأشيرات لهم بوتيرة أسرع من أي وقت تقريبا خلال عهد الرئيس السابق باراك أوباما. ويأتي الفحص المشدد لطلبات الحصول على تأشيرات اتش-1بي بعد أن دعا الرئيس دونالد ترامب إلى إجراء تعديلات في برنامج هذه التأشيرات بحيث يفيد العاملين من ذوي الأجور الأعلى رغم أنه لم ينفذ أي إصلاحات من هذا النوع.

وتبين البيانات التي قدمتها وكالة الجنسية والهجرة الأمريكية أنها أصدرت فيما بين الأول من يناير كانون الثاني و31 أغسطس آب 85 ألف طعن، أي ”طلبات لتقديم أدلة“ على التماسات لإصدار تأشيرات اتش-1بي وذلك بزيادة 45 في المئة عن الفترة نفسها من العام الماضي. وكان العدد الإجمالي للالتماسات أكبر بما يقل عن ثلاثة في المئة فقط عما كان عليه في الفترة المقابلة.

وأوضحت البيانات التي لم يسبق نشرها أن الطعون التي قدمتها الوكالة الحكومية جاءت بوتيرة أسرع في 2017 منها في أي وقت خلال عهد إدارة أوباما باستثناء عام 2009 فقط. ويمكن لهذه الطعون أن تبطئ من عملية إصدار التأشيرات شهورا. ومن المرجح أن يهلل لهذه الأنباء أنصار الرئيس ترامب ممن يؤيدون سياسته المتشددة فيما يتعلق بالهجرة إذ يقولون إن تأشيرات أصحاب المهارات من الأجانب تبخس العاملين الأمريكيين حقهم وذلك بإبدالهم بموظفين أجانب يحصلون على أجور منخفضة.

غير أن شركات التكنولوجيا الكبرى والجامعات والمستشفيات تجادل بأن هذه التأشيرات تتيح لها شغل وظائف شديدة التخصص لا يوجد في بعض الأحيان سوى قلة من الأمريكيين المؤهلين لأدائها. وتتيح تأشيرات اتش-1بي للعامل الأجنبي الحاصل عادة على درجة البكالوريوس أو درجة علمية أعلى العمل لمدة ثلاث سنوات متصلة وغالبا ما يكون ذلك في قطاعات التكنولوجيا والرعاية الصحية والتعليم.

وأوضحت بيانات الوكالة أن شركات مايكروسوفت وأمازون وجوجل وأبل وإنتل وأوراكل وفيسبوك كانت من أكثر الشركات استخداما لهذه التأشيرات في عام 2016. وعادة ما تطعن استفسارات الوكالة في الأساس الذي قدمت بناء عليه الالتماسات الأصلية وتؤكد أن أصحاب الأعمال ليسوا مؤهلين للحصول على التأشيرات. ويتعين بعد ذلك على أصحاب الأعمال ومحاميهم تقديم المزيد من الأدلة لإثبات حاجتهم للتأشيرات وأهليتهم للحصول عليها.

ويشكو محامو الهجرة منذ سنوات من الطعون التي لا لزوم لها والتي تفرض عليهم أعباء. لكنهم يقولون إنهم يرون اتجاها جديدا في عهد ترامب. وبالإضافة إلى الطعون تستهدف إدارة ترامب تعيين المبتدئين من أصحاب المهارات الأجانب. ويقول المحامون إن ذلك يخالف القانون الذي ينظم التأشيرات لأنه يتيح لحملتها شغل وظائف على مستوى المبتدئين.

ولم يتطرق روبرت سي. لانجستون المتحدث باسم الوكالة إلى الاتجاه الجديد الذي أشار إليه المحامون أو زيادة الطعون هذا العام. لكنه قال في رسالة بالبريد الإلكتروني إن الوكالة تطبق ”السياسة القائمة حاليا التي تفسر المتطلبات القانونية والتنظيمية القائمة لتقييم الالتماسات“. وفي أمر تنفيذي صدر في أبريل نيسان أصدر ترامب تعليمات بمراجعة برنامج التأشيرات اتش-1بي بهدف ضمان صدور التأشيرات لأصحاب أفضل المهارات والأعلى أجورا بين المتقدمين. ولم ينفذ هذا الأمر تغييرات لكنه وجه الوكالات لاقتراح إصلاحات. بحسب رويترز.

ويقول المحامون إن الطعون يمكن أن تزيد الرسوم القانونية المصاحبة لكل تأشيرة اتش-1بي بما يصل إلى النصف. ومن الممكن أن تصل الرسوم الحكومية للتأشيرة الواحدة إلى 2500 دولار كما أن الرسوم التي يحصل عليها المحامون في العادة لكل طلب قد تصل بسهولة إلى 2000 دولار أو يزيد. ويقول المحامون المتخصصون في شؤون الهجرة إن زيادة التكاليف والمنازعات القانونية قد تثبط همم أصحاب الشركات عن تعيين الأجانب لا سيما على مستوى المبتدئين.

ترامب والقضاء

في السياق ذاته أقامت كاليفورنيا وثلاث ولايات أخرى دعوى قضائية ضد إدارة الرئيس دونالد ترامب يوم فيما يتصل بقراره إنهاء إجراءات الحماية للأشخاص الذين دخلوا الولايات المتحدة بطرق غير مشروعة حين كانوا أطفالا. وقال مدعي عام كاليفورنيا زافيير بيسيرا إن خطوة ترامب إلغاء برنامج الإجراء المؤجل للقادمين في مرحلة الطفولة ”داكا“ والذي حمى هؤلاء من الترحيل ووفر لهم تصاريح العمل سيتسبب في مشكلة اقتصادية في الولاية الأمريكية صاحبة أعلى كثافة سكانية والتي تعتمد على العمال المهاجرين.

وانضمت مينيسوتا ومين وماريلاند إلى كاليفورنيا في إقامة الدعوى أمام محكمة اتحادية في سان فرانسيسكو. وقال ترامب إنه سينهي البرنامج الذي وضعه سلفه الرئيس الديمقراطي باراك أوباما عام 2012 وذلك اعتبارا من مارس آذار ممهلا الكونجرس ستة أشهر لتحديد مصير نحو 800 ألف شاب يشملهم البرنامج الذي يطلق عليه اسم (الحالمون). وأثارت خطوة ترامب انتقادات من شركات وزعماء دينيين ورؤساء بلديات وحكام ومشرعين ديمقراطيين ونقابات ونشطاء مدافعين عن الحريات المدنية.

ووصف جيف سيشنز وزير العدل الذي أعلن القرار نيابة عن ترامب برنامج (داكا) بأنه تجاوز غير دستوري من قبل أوباما وقال ”سيتم وقفه بشكل منظم وقانوني“. وأصدر ترامب بيانا مكتوبا في وقت لاحق قال فيه ”لا أؤيد معاقبة الأطفال وأغلبهم الآن بالغون عن تصرفات آبائهم لكن ينبغي أن نقر بأننا بلد الفرص لأننا بلد القوانين“. وندد ترامب ببرنامج أوباما ووصفه بأنه ”نهج العفو أولا“ مع المهاجرين غير القانونيين وشدد على شعاره القومي ”أمريكا أولا“ وقال إنه رغم المخاوف التي أبداها منتقدوه بشأن مصير ”الحالمين“ فإنه ”ينبغي أن نتذكر أن الشباب الأمريكي له أحلام أيضا“.

وأصدر أوباما بيانا وصف فيه تصرف ترامب بأنه قرار سياسي ودافع عن قانونية برنامج داكا وحث الكونجرس على حماية ”الحالمين“. وقال أوباما ”هذا عن شباب ترعرع في أمريكا - أطفال درسوا في مدارسنا وشبان بالغون يشرعون في حياتهم العملية ووطنيون تعهدوا بالولاء لعلمنا. هؤلاء الحالمون أمريكيون بقلوبهم وعقولهم وبكل شكل باستثناء أمر واحد. على الورق“.

اضف تعليق