q

لم يعد الوضع يحتمل الصمت او التغافل عما يحدث في اليمن بسبب الحرب الدائرة فيها من قبل قوات التحالف العربي بقيادة السعودية ما ادى الى تصاعد أصوات نداءات المنظمات الحقوقية حول انشغال العالم بما يحدث في سوريا والعراق ونسيان الوضع في اليمن الذي يحول الى وقوع كارثة انسانية حتمية نتيجة نقص الغذاء وقد لا يتمكن 7 ملايين شخص من الصمود امام هذه الكارثة الكبيرة نتيجة نقص في الغذاء والخدمات.

أكثر من 17 مليون من سكان اليمن البالغ عددهم 27مليون يصعب عليهم تأمين الغذاء ووصلت نسبة سوء التغذية 15% في محافظات ابين وحضرموت وتعز والحديدة وبحسب احصائيات الأمم المتحدة التي تسجل وفاة طفل يمني كل عشر دقائق نتيجة نقص الغذاء وتردي الخدمات الصحية.

من اجل ذلك توالى اعلان التبرعات في المؤتمر الدولي المنعقد في جنيف لتمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن لتصل الى مانحة مليار دولار أي نصف المبلغ الذي دعت الأمم المتحدة لتوفيره لضمان تجنب اليمن بما وصفته بمجاعة محققة وكارثة إنسانية. من جانبها دعت المنظمات الحقوقية الدول المتبرعة إلى النهوض بمسؤوليتها في توفير المساعدات الإنسانية الضرورية بدلا من توريد الأسلحة لتأجيج نيران الصراع.

في ختام المؤتمر الذي استمر يوما واحدا في مقر الأمم المتحدة في جنيف، وجاء بدعم من سويسرا والسويد. شددت الأمم المتحدة على الفصائل المتحاربة التعاون مع المنظمات الإنسانية الملزمة بتوصيل الغذاء وغيره من المساعدات لشعب يعاني الجوع ورفع القيود المفروضة على الواردات والتأخير عند الجمارك ومصادرة المواد الأساسية وتذليل الصعوبات للحصول على تأشيرات دخول وتراخيص للتنقل داخل البلاد.

يعد ميناء الحديدة هو شريان الحياة بالنسبة لليمنيين لأنه الطريق الوحيد المؤمن والذي يتم من خلاله إيصال المواد الغذائية والمساعدات عن طريق المنظمات الإنسانية لكن تحاول قوات التحالف منع السفن الاغاثية من الدخول بحجة استغلال جماعة الحوثيين الميناء في تهريب الأسلحة وبحسب مسؤولون يمنيون إن الحكومة وحلفاءها جهز ستقوم بهجوم محتمل على ميناء الحديدة.

هذا ما أدى الى تصاعد أصوات المنظمات الحقوقية مطالبة المجتمع الدولي ان يوجه انظاره اتجاه اليمن بأرسال رسالة الى السعودية تطالبها بعدم ضرب الميناء وذلك للعدم وجود بدائل طرق أخرى وان وجدت فتحتاج الى وقت طويل لكي تكون مجهزة والوضع في اليمن لا يحتمل الانتظار.

في نفس الموضوع احتج المواطنون اليمنيون في صنعاء بمظاهرة راجلة من صنعاء الى ميناء الحديدة تبعد نحو 225 كلم عن صنعاء وانضموا الى متظاهرين اخرين حملوا أعلام اليمن وأرغفة خبز في إشارة الى الازمة الانسانية التي يعيشها اليمن على خلفية النزاع القائم.

تحذير أطلقته منظمة اوكسفام في تقريرها الأخير.

مؤتمر جنيف

تلقى المؤتمر الأول لمانحين اليمن الذي نظمته الأمم المتحدة، تعهدات بتقديم مساعدة إنسانية للعام 2017 بقيمة 1,1 مليار دولار. وحقق هذا المؤتمر الذي نظم في جنيف بدعم من سويسرا والسويد، "نجاحا كبيرا" كما قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش. وأطلقت الأمم المتحدة وشركاؤها مطلع العام نداء لجمع 2,1 مليار دولار (1,9 مليار يورو) لتقديم مساعدات خلال هذا العام إلى 12 مليون شخص في اليمن. حسب وكالة فرانس برس.

وقال جوتيريش خلال افتتاح المؤتمر إن الأمم المتحدة طلبت 2.1 مليار دولار هذا العام من أجل اليمن غير أنه لم يتم تدبير سوى 15 في المئة من هذا المبلغ. وتعهدت السعودية في المؤتمر بتقديم 150 مليون دولار والكويت 100 مليون دولار والولايات المتحدة 94 مليون دولار. كما تعهدت المفوضية الأوروبية بتقديم 116 مليون يورو.

العبء الكبير

في حالة تعهد الحكومات بإعطاء اليمن المساعدات اللازمة، يظل العبء كبيرا على المنظمات الإنسانية خاصة فيما يتعلق بإيصال المساعدات إذ أن ميناء الحديدة الذي يمثل "خط الحياة" بالنسبة للبلاد مغلق عمليا بسبب الحظر الجزئي الذي تفرضه قوات التحالف من جانب وتحطم الرافعات بالميناء بسبب الغارات من جانب آخر. حسب موقع BBC الاخباري.

ويقول الصليب الأحمر إنه أوقف محاولاته لإدخال أي مساعدات عبر ميناء الحديدة، وحول جهوده إلى ميناء عدن الأصغر نسبيا. لكن مارديني يقول إن ذلك يعني العديد من "العقبات والتأخير"، إذ أن هناك نحو "100 نقطة تفتيش بين عدن وصنعاء".

لا يوجد بديل

في نفس الموضوع صرح أنطونيو غوتيريش في عمان " "نحاول ايجاد بدائل لإيصال العون لأننا نسمع ان ميناء الحديدة ومدن اخرى قد يتعرضوا لهجوم، والبدائل قد تكون نقل الامدادات عبر الحدود او ميناء عدن او ربما نقلها جوا". واوضح لفرانس برس ان "جميع هذه الخيارات، في ضوء خطة التمويل الطارئة تبدو مكلفة وليست سهلة ولم نجربها من قبل لذلك قد تكون معقدة وغير فعالة". كما دعا الى توفير التمويل اللازم للعمليات الانسانية في اليمن مشيرا الى توفير 20% فقط حتى الآن من الدعم اللازم.

مرور دون عائق

لذلك طالب الأمين العام للأمم المتحدة الدعوة بإجراء محادثات سلام وحث جميع الأطراف على "تسهيل المرور السريع ودون عوائق للمساعدات جوا وبحرا وبرا". وتابع "البنية التحتية كلها يجب أن تظل مفتوحة وعاملة". وقال أحمد عبيد بن دغر رئيس مجلس الوزراء اليمني إن حكومته التي تتخذ من عدن قاعدة لها ستتيح دخول مواد الإغاثة.

وقال لوكالة رويترز "مستعدون لفتح ممرات جديدة لهذه المساعدات". وقال برنامج الأغذية العالمي إنه وصل إلى خمسة ملايين شخص الشهر الماضي لكنه يرغب في الوصول إلى تسعة ملايين شخص "غير آمنين غذائيا على نحو خطير".

حظر بيع الاسلحة

تتطلع منظمات الإغاثة الدولية الكبرى إلى إصدار قرار أممي بحظر بيع الأسلحة للدول المشاركة في الصراع في اليمن وإعادة الأطراف المتحاربة إلى طاولة المفاوضات لإجراء محادثات سلام. من جانبها دعت منظمة أوكسفام الخيرية الدول المتبرعة إلى النهوض بمسؤوليتها في توفير المساعدات الإنسانية الضرورية بدلا من توريد الأسلحة لتأجيج نيران الصراع. بحسب وكالة BBC الإخبارية.

وقال ستيفن أوبرين، مسؤول إغاثة الطواري في الأمم المتحدة إن "الأمور تتطور بسرعة في اتجاه التحول إلى أسوأ كارثة إنسانية على الإطلاق." وحث دول المنطقة على "النهوض بمسؤوليتها في دعم اليمنيين المحاصرين بسبب هذا الصراع." تصل خدمات الإغاثة التي تقدمها المنظمات الإنسانية الكبرى إلى حوالي خمسة ملايين يمني، وذلك "رغم المعوقات البيروقراطية وصعوبة الوصول إلى الحالات الإنسانية، بما في ذلك إغلاق الموانئ اليمنية"، وفقا لأوبرين.

رسالة الى التحالف

وقالت المنظمة الخيرية البريطانية إنه على المجتمع الدولي أن يبعث برسالة إلى التحالف الذي تقوده السعودية تفيد أن الهجوم على ميناء الحديدة، المدخل البحري الاستراتيجي إلى اليمن عبر البحر الأحمر الذي يصل عبره 70 في المئة من واردات الغذاء اليمنية، "غير مقبول.

وقال ماجد فرحات، رئيس وفد اللجنة الدولية للصليب الأحمر في اليمن إن "سكان الحديدة البالغ عددهم 1.1 مليون نسمة يخشون التصعيد المحتمل." وحولت اللجنة الدولية للصليب الأحمر وارداتها إلى اليمن لتدخل البلاد جوا عبر مطار صنعاء، وبرا عبر الأراضي العمانية. بحسب وكالة BBC الإخبارية.

الموت الصامت

قال ألكسندر فنتورا منسق الطوارئ ورئيس بعثة منظمة أطباء بلا حدود في اليمن "النظام الصحي على شفا الانهيار والخدمات الطبية تحت النار." وفق رويترز. وقال فنتورا "ينبغي للمانحين من الدول والمؤسسات أن تعطي الأولوية لدعم النظام الصحي في البلاد لتفادي الانهيار التام" مضيفا أن الأطباء والممرضات لم يتقاضوا رواتبهم منذ ستة أشهر. وتابع "الأطفال أكثر عرضة للوفاة من أمراض يمكن الوقاية منها والحوامل يعجزن عن الوضع بأمان والأشخاص الذين يعانون من أوضاع (صحية) مزمنة مثل الفشل الكلوي بحاجة للغسيل الكلوي. ينبغي منع الموت الصامت".

وفاة طفل كل 10 دقائق

بحسب الأمم المتحدة فإن نحو 19 مليون شخص في اليمن أو ثلثي السكان تقريبا بحاجة ماسة إلى مساعدات غذائية طارئة، بينما يعاني 17 مليونا من الجوع ما يجعل من هذا البلد "أكبر أزمة غذائية في العالم". وقال غوتيريش إن مصير الأطفال مثير للقلق إذ أن "طفلا دون الخامسة يموت في اليمن كل عشر دقائق لأسباب يمكن تفاديها".

من جهته شدد مدير صندوق الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) أنطوني لايك على صعوبة الوضع لأن "هؤلاء الأطفال لا يمكنهم الانتظار إلى أن يتم الإعلان رسميا عن المجاعة". ويعتمد اليمن بشكل أساسي على الواردات التي يصل قسم كبير منها عبر مرفأ الحديدة. بحسب رويترز.

الأمم المتحدة تحذر

من اجل ذلك قال جيمي ماكغولدريك، المنسق المقيم للأمم المتحدة في اليمن خلال مؤتمر صحافي في عمان "قلنا للتحالف السعودي ان مهاجمة ميناء الحديدة او المدينة ليس ضروريا". واضاف "نريد شريان الحياة هذا ان يبقى ليستمر عملنا كمنظمات انسانية ومجتمع دولي لاطعام ودعم السكان، حيث نعتمد على هذا الميناء لمساعدة ثمانين بالمئة من السكان".

ويقع ميناء الحديدة على بعد نحو 230 كيلومترا جنوب-غرب صنعاء. ورفضت الأمم المتحدة غير مرة طلب التحالف العربي بالاشراف على ميناء الحديدة الاستراتيجي في هذا البلد، والذي يسيطر عليه الحوثيون. حسب فرانس برس.

مسيرة الخبز

من اجل ذلك وصل محتجون يمنيون الى الحديدة على البحر الاحمر بعد نحو أسبوع من انطلاقهم في مسيرة راجلة من صنعاء للمطالبة بتحييد ميناء المدينة الساحلية الخاضعة لسيطرة الحوثيين عن النزاع. ودخل المتظاهرون وعددهم 25 الحديدة التي تبعد نحو 225 كلم عن صنعاء وانضموا الى متظاهرين اخرين حملوا أعلام اليمن وأرغفة خبز في إشارة الى الازمة الانسانية التي يعيشها اليمن على خلفية النزاع القائم.

وقال المتظاهر علي محمد يحي الذي شارك في الحدث الاحتجاجي وعنوانه "مسيرة الخبر" لوكالة فرانس برس "لا علاقة لميناء الحديدة بالحرب. فليتحاربوا في مكان اخر وليتركوا الميناء"، مضيفا "الميناء هو للنساء والاطفال والعجائز". بحسب وكالة فرانس برس.

البلد الأكثر فقرا

وتقول الأمم المتحدة إن اليمن يشهد الكارثة الإنسانية الأكبر على الإطلاق في الوقت الحالي.

وتقول ايموجين فليكس مراسلة بي بي سي نيوز في جنيف إن اليمن هو البلد الأكثر فقرا في منطقة الشرق الأوسط. حتى قبل بدء القتال بين قوات الحوثيين والتحالف الذي تقوده السعودية الذي يدعم الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا برئاسة عبد ربه منصور هادي.

ويقول مدير عمليات الصليب الاحمر الدولي في الشرق الاوسط روبرت مارديني، الذي عاد منذ وقت قصير من زيارة لليمن، إن "الموقف كارثي" وأضاف "كل من قابلناهم أكدوا أن الحياة أصبحت غير محتملة".

صراع منسي

يتوافر في اليمن ما لا يتجاوز ثلث الاحتياجات الضرورية من الغذاء والدواء، إذ أُغلقت الموانئ اليمنية وحوالي نصف المستشفيات ومراكز الرعاية الصحية في البلاد بسبب الحرب. ووصفت كارولين اننج من منظمة "انقذوا الأطفال" الأوضاع في اليمن بأنه "صراع منسي". حسب موقع BBC الاخباري.

وأضافت أن انشغال العالم بما يحدث في سوريا والعراق، حرم اليمن ليس من الطعام فقط بل أيضا من الجهود الدبلوماسية اللازمة لإنهاء الحرب، معربة عن أملها في أن يجلب المؤتمر المنعقد في جنيف الاهتمام الذي يحتاجه البلد المنكوب بشدة. وقالت "أي خطوة من شأنها أن تعيد اليمن إلى الخريطة وتجلب لأزمته الاهتمام اللازم تعد خطوة إيجابية".

اضف تعليق