q

شهدت دول العالم في الآونة الأخيرة ارتفاع ملحوظ ومخيف في نسبة احكام الإعدام بعد ان انخفضت بشكل كبير على المستوى الدولي. وبحسب تقارير اممية بلغ عدد من أعدمتهم جميع دول العالم في العام الماضي 1032 شخصا، الامر الذي أدى الى تصاعد غضب منظمات حقوق الانسان خاصة بعد ان اظهر تقرير أصدرته منظمة "العفو الدولية"، أن الصين قامت خلال عام 2016 بإعدام عدد من الأشخاص يتجاوز عدد من أعدموا في جميع دول العالم مجتمعة. وأغلب الذين أعدمتهم الصين ويعدون بالآلاف هم من المزارعين.

من اجل ذلك دعت منظمات مدافعة عن حقوق الانسان ومنها منظمة هيومن رايتس الدول لتعليق عقوبة الإعدام خاصة ان بعض الدول كانت قد علقتها ولكن إعادة تنفيذها فيما بعد بحجة القضاء على الإرهاب ومن تلك الدول الأردن التي من أكثر البلدان العربية أمنا وسلما تعيد تنفيذ عقوبة الإعدام مجددا وذلك بسبب القضاء على الإرهاب حسب ما صرحت به السلطات الأردنية. بعد ان شهدت الأردن في عام 2016العديد من الهجمات الإرهابية الدامية.

في ضوء دعوات المنظمات الحقوقية ومنها الجمعية العامة للأمم المتحدة في الغاء عقوبة الإعدام وتحذير دول العالم التي لم تلغ العقوبة فيها اقام حقوقيون مغاربة بالمطالبة لوقف العمل بعقوبة الإعدام في المغرب البلد العربي الذي شهد فشلا واضحا في مجال حقوق الانسان بحسب ما وصفه نشطاء واكاديميون مغاربة فقد اصدرت احكام بالإعدام نحو 92 من بينهم أربعة نساء دون احتساب أشخاص لم تصدر بحقهم أحكام نهائية.

ومن المغرب الى تركيا البلد ذو الديمقراطية العالية والذي كان مرشح للانضمام في الاتحاد الأوربي خاصة بعد ان الغيت عقوبة الإعدام في عام 2004. لكن تركيا شهدت سلسة اعدامات عارمة وهمجية وبشكل وحشي في عام 2016 بعد حدوث الانقلاب على الرئيس التركي رجب الطيب اردوغان حيث شهدت انقرة سلسة من عمليات التطهير التي نفذتها السلطات التركية ضد من اتهمتهم بالضلوع في تدبير الانقلاب. الامر الذي جعل من الرئيس التركي بالمطالبة لحدوث استفتاء حول التصويت على ارجاع عقوبة الإعدام وهذا يعني نهايات انضمام انقرة الى الاتحاد الأوربي.

على ما يبدوا ان الاتحاد الأوربي يعاني من تناقضات واضحة فمن جانب اثار قرار انقرة بإعادة الإعدام خلخلة دخولها اليه ومن جانب اخر أمريكا والتي تعتبر عضو مهم واساسي في الاتحاد الأوربي حيث قامت محكمة ولاية تكساس الامريكية بالحكم بالإعدام حتى الموت بحقنة قاتلة على شخص يبلغ من العمر 57 عام مصاب بقصور ذهني وقد اعتبر فريق الدفاع أن هذا الحكم يتناقض مع مندرجات الدستور الأميركي.

الصين: الأولى عالميا

رغم أن عدد تنفيذ أحكام الإعدام في العالم انخفض بأكثر من الثلث، إلا أن نسبة الإعدامات في الصين "مرتفعة بشكل يثير الصدمة"، ويتجاوز عدد الذين يتم إعدامهم عبر العالم. في حين أن هذه الإجراءات تتم بسرية وتكتم غير معروف، بحسب تقرير لمنظمة "العفو الدولية"، التي أكدت أن العدد الدقيق لمن أعدموا مجهول.

ويعتبر الحزب الشيوعي الحاكم عدد من تنفذ فيهم أحكام الإعدام من أسرار الدولة، وهو ما يعني أن مئات من أحكام الإعدام لا يتم تضمينها في قاعدة بيانات أحكام المحكمة التي يتم نشرها. وفيما أدت حملة قمع الفساد التي أمر بها الرئيس شي جينبينغ وحظيت بتغطية واسعة إلى سجن عدد من الشخصيات البارزة، إلا أنه غالبا ما يتم خفض أحكام الإعدام التي تصدر بحقهم، بينما لا يحالف الحظ العديد من المواطنين العاديين، وفقا للمنظمة.

وتصدر أحكام الإعدام على المزارعين بشكل أكبر مقارنة مع أية مجموعة أخرى في الصين، بحسب ما قالت المنظمة في تقرير يهدف إلى رفع النقاب عن نظام تنفيذ الإعدامات في الصين. وقال نيكولاس بيكولين مدير مكتب "العفو الدولية" في شرق آسيا في مؤتمر صحافي في هونغ كونغ إن "الصين هي بالفعل البلد الوحيد الذي لديه نظام كامل من السرية بالنسبة للإعدامات".

وأضاف إن "السبب هو على الأرجح العدد المرتفع بشكل صادم" لحالات الإعدام.

رغم أن الإعلام المحلي يقول إن 931 شخصا على الأقل أعدموا في الفترة من 2014 و2016 فإن 85 فقط من هؤلاء مدرجون على قاعدة البيانات الإلكترونية. وتقدر جماعات حقوقية أن عدد الإعدامات السنوية في الصين هي بالآلاف. وما بين الاعتقال وتنفيذ حكم الإعدام فإن هذه العملية تتميز بسرية وسرعة. وفق وكالة فرنس برس.

وتزايدت المخاوف بشأن الأحكام القضائية الخاطئة في السنوات الأخيرة وزاد منها اعتماد الشرطة على الحصول على الاعترافات عنوة وعدم توفر دفاع فعال في المحاكم الجنائية. وقال الأستاذ في جامعة نيويورك جيروم كوهن لوكالة الأنباء الفرنسية إن "الاعترافات التي يتم الحصول عليها بالقوة يجب عدم اعتبارها دليلا. إلا أن الشرطة لا تتورع عن الحصول على الاعترافات باعتقال وتعذيب المشتبه بهم لفترات طويلة". ولا ترحم المحاكم حتى الحالات التي تثير غضباً واسعاً وتتسبب بإطلاق دعوات على الإنترنت لإلغاء عقوبة الإعدام.

تركيا: إجراء استفتاء لعقوبة الإعدام

تحدث الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للمرة الأولى عن إجراء استفتاء على إعادة تطبيق عقوبة الإعدام. فقال أردوغان في كلمة ألقاها في مانيسا (غرب) "أقولها منذ الآن: إذا لزم الأمر، يمكن أن نمهد الطريق (لإجراء) استفتاء على هذه القضية". وتابع "ماذا يريد الشعب؟ إذا قال الشعب +عقوبة الإعدام+ فيكون النقاش قد انتهى".

ومنذ محاولة الانقلاب الفاشلة في 15 تموز/يوليو، صرح الرئيس التركي مرارا أنه قد يوافق على إعادة العمل بعقوبة الإعدام في حال حصول تصويت في البرلمان على ذلك، لكنها المرة الأولى التي يثير فيها فرضية إجراء استفتاء على هذه المسألة. ويتساءل المراقبون ما إذا كانت هذه التصريحات تعكس نية حقيقية، أو إذا كان الأمر يتعلق بمناورة قبل إجراء استفتاء في 16 نيسان/أبريل على تعديل دستوري لتعزيز صلاحيات رئيس الجمهورية.

وللفوز في هذا الاستفتاء الذي يصعب التكهن بنتائجه، يحتاج أردوغان في الواقع إلى أصوات الناخبين القوميين، الذين يؤيدون بغالبيتهم إعادة العمل بالإعدام من أجل معاقبة الجرائم ذات الطبيعة "الإرهابية". ودعا زعيم اليمين القومي المتطرف دولت بهجلي هذا الأسبوع القادة الأتراك إلى وقف "المماطلة" في موضوع إعادة العمل بعقوبة الإعدام. وقال "إذا كنتم صادقين، فستحظون بدعمنا". بحسب وكالة فرانس برس.

وقد يعني تصريح أردوغان بشأن خيار الاستفتاء على العمل بعقوبة الإعدام نهاية محادثات انضمام أنقرة إلى الاتحاد الأوروبي. وألغيت عقوبة الإعدام العام 2004 في إطار ترشيح أنقرة للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. وتوترت العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وأنقرة منذ الانقلاب الفاشل، إذ انتقدت بروكسل حجم عمليات التطهير التي نفذتها السلطات التركية ضد من اتهمتهم بالضلوع في تدبير الانقلاب.

الأردن: سياسة معتدلة وعقلانية

حضت منظمة هيومن رايتس ووتش الاميركية المدافعة عن حقوق الانسان الاردن على تعليق عقوبة الاعدام مجددا، بعد تنفيذ عمان احكام اعدام بحق 15 محكوما مؤكدة ان "الاعدام لن ينهي الهجمات الارهابية والقتل". وقالت سارة ليا ويتسون، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط في المنظمة في بيان، تلقت فرانس برس نسخة عنه ان "عقوبة الإعدام لن تردع أبدا هجمات الإرهاب والقتل، ولن تجعل الأردن أكثر أمنا".

واكدت ان على الاردن "بدل الاقتداء بإيران والعراق والسعودية، أكبر منفذي عقوبة الإعدام في المنطقة، أن يكون مثالا يحتذى في الحقوق والحماية، وأن يعيد تعليق العمل بعقوبة الإعدام". واضافت ويتسون ان "هجمات العامين الماضيين في الأردن تبرز أن إعادة عقوبة الإعدام لم تفعل شيئا لوضع حد لهذه الهجمات العنيفة".

واعتبرت ان "العمل الشاق الذي تبذله الأجهزة الأمنية في التحقيق والقبض على المجرمين الذين يخططون لشن الهجمات سيكون أكثر فاعلية في ردع هذا العنف". وكانت آخر مرة نفذ فيها الاردن عمليات اعدام لعدد كبير من المحكومين في 21 كانون الاول/ديسمبر 2014 حيث أعدم 11 شخصا أدينوا بجرائم قتل جنائية غير مرتبطة بالسياسة أو الإرهاب.

ورأت هيومن رايتس ووتش ان "الاردن انخرط في التوجه الإقليمي المقلق، المتمثل في زيادة عمليات الإعدام" داعية عمان الى تعليق تنفيذ احكام الاعدام مجددا. وقالت ويتسن" "نأمل من الأردن، واحد من أكثر البلدان أمنا وسلما في الشرق الأوسط، أن يقود المنطقة بسياساته المعتدلة والعقلانية".

اميركيا: فئران ورجال

تنظر المحكمة العليا في الولايات المتحدة في قانونية حكم بالإعدام صادر في حق رجل مصاب بقصور ذهني في ظل اعتبار فريق الدفاع أن هذا الحكم يتناقض مع مندرجات الدستور الاميركي. ويعيد هذا الوضع الى الاذهان رواية الكاتب الاميركي جون ستاينبك "مايس اند من" (فئران ورجال) الصادرة قبل ثمانية عقود والتي تروي قصة ليني وهو طفل في جسد رجل ضخم يعاني ضعفا في مؤهلاته الذهنية وينتهي به المطاف قتيلا على يد رفيقه جورج.

وعلى غرار ليني، حكم على بوبي مور بالإعدام على رغم القصور الذهني الحاد الذي يعانيه. ففي سن الثالثة عشرة، لم يكن مور المتحدر من ولاية تكساس يعرف كيفية قراءة الساعة ولا التمييز بين عمليات الجمع والطرح الحسابية. وفي سن العشرين العام 1980، قتل مور موظف الصندوق في متجر كبير خلال عملية سطو فاشلة. وبعد بضعة أشهر، حكم عليه بالاعدام.

ويبلغ مور حاليا 57 سنة ولا يزال تحت تهديد الموت بحقنة قاتلة في ولايته تكساس التي تحمل الرقم القياسي لاكبر عدد احكام اعدام في الولايات المتحدة. ويؤكد محاموه أن الحكم عليه بالإعدام من القضاء في تكساس يمثل انتهاكا للدستور الاميركي.

ويشير هؤلاء الى ان التأخر الذهني الذي يعانيه موكلهم كفيل بتجنيبه العقوبة القصوى. ويأمل وكلاء الدفاع ايضا في ان يحظوا بتأييد المحكمة العليا الاميركية في قرار من شأنه تشكيل نكسة للنظام القضائي في ولاية تكساس وتقديم إطار قانوني جديد للاعفاءات من عقوبة الاعدام بالنسبة للولايات الاخرى. وفق فرانس برس.

ويوضح جوردان ستايكر استاذ الحقوق في جامعة تكساس أن ولاية تكساس "تمثل بلا شك حالة فريدة. انها المرجع التشريعي الوحيد الذي سعى حقيقة الى فرض تعريفه الخاص للقصور الذهني والذي يختلف كثيرا عن التعريف المهني للأطباء". يشير ستايكر الى ان القصور الذهني لدى بوبي مور "يندرج بوضوح في التعريف السريري. تحصيله العلمي ضعيف للغاية وقد خرج من المدرسة بعدما فشل في مستويات عدة وهو يظهر مشكلات بديهية في التكيف".

المغرب: فشل في مجال حقوق الإنسان

طالب ائتلاف حقوقيون مغاربة بإلغاء عقوبة الإعدام في المغرب اتساقا مع دعوة الجمعية العامة للأمم المتحدة "لوقف العمل بعقوبة الإعدام" في عدد من دول العالم التي لم تلغ العقوبة بعد. وقال نشطاء مغاربة إن الائتلاف أطلق حملة تحت شعار "على المغرب أن يصوت بنعم على القرار الأممي القاضي بوقف عالمي لتنفيذ عقوبة الإعدام."

وأشار النشطاء إلى أنهم اتصلوا بعدد من الهيئات الحقوقية الرسمية في البلاد وكذلك عدد من الأحزاب السياسية. وقال عبد الرحيم الجامعي الحقوقي والمحامي المغربي ومنسق (الائتلاف المغربي من أجل إلغاء عقوبة الإعدام) إن قرار إلغاء هذه العقوبة في المغرب يحتاج إلى "قرار سياسي لأن فيه أغلبية وأقلية وفيه ظروف."

وأضاف في تصريح لرويترز أن المغرب تأخر في إلغاء هذه العقوبة "لأننا نحتاج ... إلى رواد في الفكر والسياسة والفلسفة. عندنا مثقفون بكل أسف لا يشاركون في هذا النقاش." وقال الجامعي إن المغرب "فشل في مجال حقوق الإنسان لأن النجاح في هذا الميدان لا يكون في مجال الحقوق والحريات والتجمعات والتظاهرات فقط بل الحق في الحياة أول الحقوق وأقدسها على المستوى التشريعي والدستوري والمواثيق الدولية."

ويوجد بالمغرب نحو 92 شخصا صدرت ضدهم أحكام بالإعدام من بينهم أربعة نساء دون احتساب أشخاص لم تصدر بحقهم أحكام نهائية. وانتقد الجامعي "التناقض في المغرب في هذا المجال بحيث تطالب جهة حقوقية رسمية هي المجلس الوطني لحقوق الإنسان بإلغاء العقوبة وهي مؤسسة دستورية ولها مكانتها ويجب احترام توصياتها بينما لا تتدخل السلطة التنفيذية والحكومية وتتشبث بعقوبة الإعدام." ولم يتسن على الفور الاتصال بمسؤولين بالحكومة المغربية للتعقيب.

اضف تعليق