q

علاقة ادارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع روسيا، تخضع اليوم تدقيق مكثف من قبل بعض الأطراف في الولايات المتحدة، خصوصا بعد تسريب معلومات تفيد بوجود اتصالات بين حملة ترمب وبعض الجهات الروسية، ومنها حديث مستشار السابق للأمن القومي المستقيل مايكل فلين الحديث مع السفير الروسي بشأن العقوبات التي فرضتها إدارة الرئيس السابق على موسكو، وكان ترامب قد تعهد أثناء حملته الانتخابية بتحسين العلاقات مع الكرملين بعد أن تدهورت إلى أدنى مستوياتها منذ الحرب الباردة في عهد إدارة سلفه باراك أوباما، بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم الأوكرانية عام 2014، ما أدى إلى قيام ما يطلق عليه اسم "حرب باردة ثانية" بين البلدين بعد ربع قرن على سقوط الاتحاد السوفيتى.

ورغم نفي ترامب علاقته مع روسيا أو تدخلها في الانتخابات الأمريكية، يرى بعض الخبراء ان هناك ضغوط كبيرة ستمارس على ترامب من اجل عرقلة اي خطط مستقبلية لتقارب مع روسيا، خصوصا وان بعض التقارير تفيد بان الكونجرس عازم على فتح تحقيقات لبحث العلاقات بين الطرفين. وقد اكد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي يواجه تحديات كبيرة، إنه لم يطلب من فلين الحديث مع السفير الروسي بشأن العقوبات التي فرضتها إدارة الرئيس السابق باراك أوباما على موسكو لكنه أضاف أنه كان سيفعل ذلك. وقال ترامب إن فلين كان "يؤدي عمله وأنا اتفقت معه... كنت سأطلب منه ذلك إذا لم يفعله."

وأضاف ترامب أنه طلب من فلين الاستقالة لأنه لم يكن راضيا عن الطريقة التي نقل بها المعلومات إلى نائب الرئيس مايك بنس. وقال "لا أعتقد أنه فعل شيئا خاطئا. إن كان فعل شيئا فقد فعل الصواب" بالحديث مع المسؤولين الروس. وتابع ترامب قوله إن السبب في مطالبته له بالاستقالة هو "أنه لم يبلغ نائب الرئيس بالمعلومات كما ينبغي ثم بعد ذلك قال إنه لا يتذكر." وكانت السلطات الروسية تأمل من ترامب رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على هذا البلد بصورة سريعة، وإحداث تقارب فى العلاقات.

ترامب والاتصال بروسيا

وفي هذا الشأن رفض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تقارير إعلامية ذكرت أن فريق حملته الرئاسية كان على اتصال بمسؤولين في المخابرات الروسية وقال إنه لا يعلم شيئا عن اتصال أي عضو في فريقه بروسيا قبل الانتخابات التي أجريت في نوفمبر تشرين الثاني. وفي حين تواجه إدارته موجة متصاعدة من الجدل عن العلاقة بين مساعديه وموسكو قال ترامب أيضا إنه لم يوجه مستشاره السابق للأمن القومي مايكل فلين بالتحدث إلى سفير روسيا عن العقوبات الأمريكية قبل توليه منصبه.

وفي مؤتمر صحفي عقده في البيت الأبيض رفض ترامب الجدل الدائر حول العلاقة بين مساعديه وموسكو ووصفه بأنه "غش" و "حيلة" من وسائل إعلام معادية. وقال ترامب إنه طلب من وزارة العدل النظر في تسريب "معلومات سرية منحت بطريقة غير مشروعة" للصحفيين بشأن علاقة بين مساعديه وروسيا. وأضاف ترامب "التسريبات حقيقية تماما. والأخبار ملفقة." وقال إنه لا يعتقد أن يقوم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأفعال تمثل اختبارا مبكرا لرئاسته. وأضاف أنه شخصيا ليس لديه صفقات تجارية في روسيا. وقال "أستطيع أن أقول لكم .. متحدثا عن نفسي.. لا أملك شيئا في روسيا. لا قروض لدي من روسيا. لا صفقات لي مع روسيا."

وعندما ألح الصحفيون على ترامب بالسؤال عما إذا كان على دراية باتصال أي عضو في حملته الرئاسية بروسيا قبل الانتخابات قال "لا أحد ممن أعرفهم". وطلب ترامب استقالة فلين وقبلها بعد الكشف عن أن فلين ناقش العقوبات الأمريكية التي فرضتها إدارة أوباما على روسيا مع السفير الروسي لدى واشنطن قبل تولي ترامب السلطة وأن فلين ضلل نائب الرئيس مايك بنس فيما بعد بشأن فحوى المحادثة بينهما. بحسب رويترز.

وقال ترامب عن فلين ومناقشته مع السفير الروسي "تعرفون في البداية الجميع تحمسوا لأنهم اعتقدوا إنه ارتكب خطأ. وبعد أن فكروا في الأمر اتضح أنه كان يؤدي وظيفته فحسب." وتابع قائلا "لا.. لم أوجهه بذلك لكن كنت سأوجهه إذا لم يفعل. أليس كذلك؟" مشيرا إلى أن المشكلة هي أن فلين ضلل بنس.

معرفة الحقيقة

من جانب اخر كشف أعضاء جمهوريون بارزون عن أجرأ تحد لهم حتى الآن للرئيس الأمريكي دونالد ترامب متعهدين بالوصول إلى حقيقة العلاقة بين معاونيه وروسيا وطالبوا بأن يدلي مستشار الأمن القومي المستقيل مايكل فلين بشهادته في الكونجرس. وضغط السناتور بوب كروكر رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ وأعضاء آخرون بالمجلس من أجل الحصول على المزيد من المعلومات في الوقت الذي أصبح فيه البيت الأبيض محاطا بأسئلة بشأن الصلات بين فريق ترامب وروسيا.

وذكرت صحيفة نيويورك تايمز أن سجلات لاتصالات هاتفية ومكالمات جرى إلتقاطها أظهرت أن أعضاء في حملة ترامب في انتخابات الرئاسة ومساعدين آخرين له قاموا باتصالات متكررة مع مسؤولين كبار في المخابرات الروسية في العام الذي سبق الانتخابات التي جرت في الثامن من نوفمبر تشرين الثاني وفاز فيها على منافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون. وطالب ديمقراطيون بإجراء تحقيق مستقل بشأن اتصالات غير قانونية محتملة بين فلين والحكومة الروسية وأي محاولات من جانب فلين ومسؤولين آخرين بالبيت الأبيض للتستر على أخطاء ارتكبت. ودعا الديمقراطيون إلى تعيين مجلس خاص من قبل وزارة العدل أو إنشاء لجنة من الحزبين لها سلطة إصدار أوامر استدعاء.

والوقائع المثيرة التي أحاطت برحيل فلين هي الأحدث في سلسلة من العثرات والخلافات منذ أداء ترامب اليمين في 20 يناير كانون الثاني. وأبلغ كروكر برنامج "مورنينج جو" الذي تبثه شبكة (إم.إس.إن.بي.سي) التلفزيونية "دعونا نكشف عن كل شيء بأسرع ما يمكن فيما يتعلق بمسألة روسيا هذه. "أود أن أتأكد -وسط كل هذه الشكوك- أن الجميع فهم تماما ما حدث وإلا فإنه قد تكون هناك مشكلة تصل لمدى أعمق كثيرا مما نعتقد الآن." وعبر كروكر عن انزعاجه من الطريقة التي تعمل بها الإدارة متسائلا "هل البيت الأبيض سيكون لديه القدرة على تحقيق الاستقرار لنفسه؟"

وفي تغريدات على تويتر وصف ترامب ما يتردد عن صلة روسية بفريق حملته بأنه هراء مضيفا أن "الفضيحة الحقيقة هنا هي أن المخابرات تقدم المعلومات السرية بشكل غير قانوني وكأنها توزع قطع الحلوى. هذا أمر غير أمريكي للغاية." وفي مؤتمر صحفي مشترك في وقت لاحق مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ذهب ترامب إلى أن تسريبات المخابرات لوسائل الإعلام الإخبارية "عمل إجرامي". وقال إن فلين وهو لفتنانت جنرال متقاعد في الجيش الأمريكي "رجل رائع" عاملته "وسائل الإعلام بطريقة غير منصفة للغاية".

وقال المتحدث باسم البيت الأبيض شون سبايسر إن تراجع مستوى ثقة ترامب في فلين بعد سلسلة من "الوقائع المشكوك فيها" هو ما "دفعت الرئيس إلى أن يطلب استقالة الجنرال فلين." وفي تعليقاته في المؤتمر الصحفي لم يتناول ترامب صحة المواد التي قال إنها جرى تسريبها. ونفى سبايسر أن تكون جرت أي اتصالات بين أي عضو من أعضاء حملة ترامب وروسيا. ودعا السناتور لينزي جراهام -وهو صوت جمهوري بارز في مجال السياسة الخارجية ومنتقد لترامب- إلى تحقيق أوسع يشمل الحزبين في الكونجرس إذا تبين أن حملة ترامب الرئاسية أجرت اتصالات مع روسيا. بحسب رويترز.

وأبلغ جراهام برنامج "جود مورنينج أمريكا" الذي تبثه شبكة تلفزيون (إيه.بي.سي) "إذا كان هذا الأمر صحيحا فإنه سيكون مقلقا للغاية بالنسبة لي. يجب أن تدفع روسيا الثمن عندما يتعلق الأمر بالتدخل في ديمقراطيتنا وديمقراطيات أخرى ويتعين أن يدفع أي شخص من المحيطين بترامب عمل مع الروس بطريقة غير مقبولة الثمن أيضا." وسبق أن خلصت أجهزة المخابرات الأمريكية إلى أن روسيا اخترقت البريد الإلكتروني للحزب الديمقراطي أثناء الحملة الانتخابية في إطار مساعيها لترجيح كفة التصويت لصالح ترامب. ووصف كروكر التسريبات إلى وسائل الإعلام الإخبارية بأنها لا تعدو أن تكون "مسألة فرعية" قائلا إن القضية الأساسية هي "الوصول إلى حقيقة التدخل الروسي وماذا كانت العلاقة مع معاوني حملة ترامب." وأضاف أن شهادة فلين أمام الكونجرس "ستكون شيئا مناسبا للغاية."

الكرملين ينفي

الى جانب ذلك رفضت روسيا تقريرا إعلاميا أمريكيا عن أن أعضاء من الحملة الرئاسية لدونالد ترامب أجروا اتصالات مع مسؤولين من المخابرات الروسية قائلة إن التقرير لا أساس له. وقال ديمتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين "دعونا لا نصدق المعلومات المجهولة المصدر" وفي تعليق نادر للإعلام قالت إدارة المخابرات الخارجية الروسية لوكالة تاس للأنباء إن التقرير يحتوي على "مزاعم إعلامية لا أساس لها".

ونفت ماريا زاخاروفا المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية حدوث أي اتصالات غير ملائمة بين ممثلين عن ترامب وهيئات حكومية روسية أثناء الحملة. وقالت في إفادة صحفية يومية إن المزاعم الأخيرة تبدو جزءا من صراع سياسي أمريكي محلي يهدف إلى الإضرار بفرص تحسين العلاقات الأمريكية الروسية. وتابعت قائلة "لم يعد هناك شيء يدهشنا. هذه المعلومات تثبت مرة أخرى أن لعبة سياسية عميقة جدا تتكشف داخل الولايات المتحدة." بحسب رويترز.

وتراجعت فرص التقارب السريع بين روسيا والولايات المتحدة منذ تنصيب ترامب بسبب فضائح منها استقالة مايكل فلين مستشار الرئيس للأمن القومي والذي كان ينظر إليه في موسكو على أنه مدافع بارز عن سياسة أقل حدة تجاه روسيا. وفي وقت سابق قال الكرملين إن الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأمريكي دونالد ترامب اتفقا على محاولة إعادة بناء العلاقات الأمريكية الروسية والتعاون في سوريا بعد أن تحدث الاثنان هاتفيا للمرة الأولى منذ تنصيب ترامب. وتدهورت العلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا لمستوى ما بعد الحرب الباردة خلال فترة إدارة الرئيس السابق باراك أوباما وأوضح ترامب أنه يريد التقارب مع موسكو إذا تمكن من التفاهم مع بوتين الذي يقول إنه حريص أيضا على تحسين العلاقات. وقال الكرملين في بيان "أظهر الجانبان رغبة في العمل النشط والمشترك بشأن تحقيق الاستقرار وتطوير التعاون الروسي الأمريكي." وأضاف أن بوتين وترامب اتفقا على العمل على تحديد أول لقاء بينهما. وقال الكرملين "جرى الحديث بلهجة إيجابية وعملية."

التعاون العسكري

على صعيد متصل قال وزير الدفاع في إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إنه لا يرى ظروفا مواتية لتعاون عسكري مع روسيا موجها بذلك صفعة إلى آمال موسكو في تحسين العلاقات مع الولايات المتحدة في أعقاب انتخاب ترامب. وقال جيمس ماتيس للصحفيين بعد محادثات في مقر حلف شمال الأطلسي في بروكسل "لسنا في وضع مناسب الآن للتعاون على المستوى العسكري. لكن زعماءنا السياسيين سيتواصلون لمحاولة إيجاد أرضية مشتركة."

ورد ماتيس على سؤال عما إذا كان يعتقد أن روسيا تدخلت في انتخابات الرئاسة الأمريكية قائلا "في الوقت الراهن لا يسعني سوى القول بأن هناك شكوكا ضعيفة للغاية في أنهم إما تدخلوا أو سعوا للتدخل في عدد من الانتخابات في الديمقراطيات." وجاءت تصريحات ماتيس بعد وقت قصير من تعبير نظيره الروسي سيرجي شويجو عن استعداده لاستئناف التعاون مع وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) وفي نفس اليوم الذي قال فيه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن من مصلحة الولايات المتحدة وروسيا استعادة الاتصالات بين أجهزة مخابرات البلدين.

وقال بوتين مخاطبا جهاز الأمن الاتحادي الروسي (ِإف.إس.بي) "استئناف الحوار بين أجهزة المخابرات في الولايات المتحدة ودول أخرى من أعضاء حلف شمال الأطلسي يخدم مصالح الجميع." وأضاف قائلا "من الواضح تماما أنه في مجال مكافحة الإرهاب يتعين على جميع الحكومات والجماعات الدولية المعنية العمل معا." وقال ماتيس في اجتماع مغلق لحلف شمال الأطلسي إن الحلف يتعين أن يكون واقعيا بشأن فرص استعادة علاقة تعاونية مع موسكو وضمان أن يكون دبلوماسيوه قادرين على "التفاوض من موقع القوة".

وأثار ذلك ردا مقتضبا من شويجو الذي نقلت عنه وكالة تاس الروسية للأنباء قوله "مساعي إقامة حوار مع روسيا من موقع القوة ستكون عقيمة." ورد ماتيس قائلا "لا أحتاج للرد على التصريح الروسي على الإطلاق. (لكن) حلف الأطلسي كان دائما يقف في صف القوة العسكرية وحماية الديمقراطيات والحريات التي نأمل في تمريرها إلى أطفالنا." وهذا السجال هو أحدث إشارة من إدارة ترامب إلى أن إعادة بناء الروابط مع موسكو قد يكون أصعب مما تصور الرئيس الأمريكي قبل انتخابه. بحسب رويترز.

وخلصت أجهزة المخابرات الأمريكية إلى أن روسيا تسللت إلى البريد الالكتروني للحزب الديمقراطي وسربت معلومات أثناء حملة الانتخابات الرئاسية في إطار جهودها لتعزيز فرص ترامب في الفوز في الانتخابات التي جرت في الثامن من نوفمبر تشرين الثاني. وتزايدت المخاوف بشأن مدى التدخل الروسي بدرجة كبيرة منذ أن أجبر ترامب مستشاره للأمن القومي مايكل فلين على الاستقالة. وتكتسب تحقيقات الكونجرس في التدخل الروسي المزعوم قوة دافعة أكبر بعد أن ضغط المحققون على أجهزة المخابرات وإنفاذ القانون من أجل السماح لهم بالاطلاع على وثائق سرية. ويحقق مكتب التحقيقات الاتحادي (إف بي آي) وأجهزة مخابرات أمريكية مختلفة في عمليات تجسس روسية في الولايات المتحدة.

اضف تعليق