q
{ }

(دور اللامركزية في الإصلاح السياسي والاجتماعي)، عنوان الورقة التي قدمها الباحث محمد الصافي ضمن نشاطات (مركز الإمام الشيرازي للدراسات والبحوث) الشهرية، في (ملتقى النبأ الأسبوعي) الذي ينعقد كل سبت صباحا في مقر (مؤسسة النبأ للثقافة والاعلام)، وقد حضر الحلقة العديد من مدراء مراكز الدراسات ومجموعة طيبة من الأساتذة الجامعيين ومهتمين بالشأن العراقي.

قدمت الورقة، سردا تفصيليا عن "دور اللامركزية الادارية في الاصلاح السياسي والاجتماعي، حيث ان المركزية الادارية هي تركيز السلطة الادارية بيد رجال السلطة المركزية في العاصمة وبيد تابعيهم مع خضوعهم للسلطة الرئاسية للوزير باعتباره الرئيس الاعلى بإدارته، ويرتبط مفهوم النظام المركزي بالبلدان العربية والاسلامية عادة بالأنظمة الاستبدادية الحاكمة عبر التاريخ، وخاصة الانظمة العسكرية في القرن العشرين.

 بينما اللامركزية الادارية هي ترك جزء بيد هيئات ادارية تابعة للسلطة ولكنها تتمتع بشخصية معنوية وقوانين تحميها وتباشرها تحت الوصاية الادارية للسلطات المركزية فتتوزع الاختصاصات بين السلطة المركزية وهذه الهيئات المستقلة.

 يضيف الصافي "اما بخصوص الدولة العراقية والنظام اللامركزي والمركزي في العراق، فمنذ عام (1865) صدر نظام الولايات في عهد الاحتلال العثماني، قسمت بموجب هذا النظام الدولة العثمانية الى ولايات والولاية الى محافظات والمحافظات الى اقضية والاقضية الى نواحي، وهذا النظام الادارية الى الان معمول به في العراق منذ تلك الفترة وهو من عهد ولاية مدحت باشا.

 يكمل الصافي "في العام (1877) صدر قانون البلديات وبهذا القانون تم انشاء مجالس محلية في البلديات وهو اشبه ما يكون اليوم بالمجالس المحلية الان، لكن التعيين يتم بصورة مباشرة من قبل الوالي، الى ان جاء الاحتلال البريطاني الى العراق حتى اراد استنساخ او تكرار النظام الهندي في العراق، ولكن ما ان تأسست الدولة العراقية في (1921) عاد الوضع على ما عليه في النظام العثماني.

 وبين الصافي، ان النظام في العهد العثماني وفي العهد الملكي وحتى بعد الاستقلال وتدخل الارادة الشعبية احتفظت الدولة بهذا النظام من خلال التشريعات المختلفة، التي صدرت في اشراك المواطنين في ادارة البلديات فقط، من خلال مجالس بلدية ذات صلاحيات محدودة، فبعد قيام الجمهورية في العراق عام (58) والغاء النظام الملكي، صدر قانون رقم (36) لسنة (59) قانون تعديل قانون ادارة الالوية، ولكنه جمد النصوص التي تنص على انتخاب اعضاء في مجلس اللواء العام وابقى فقط على الاعضاء المعينين بحكم وظائفهم وهم الاعضاء الدائمين وهذا يماشي النزعة المركزية للحكم في ذلك الزمان الذي اتسم بالسمة العسكرية لكون الحاكمين كلهم من العسكر.

 كما يؤكد الصافي، نفس الامر استمر بعد انقلاب (68) ووصول حزب البعث الى السلطة فقد الغى القوانين الموجودة، بالمجمل نستطيع القول ان بعض القوانين التي صدرت بعد هذا التاريخ الى عام (2003) بخصوص الحكم المحلي، كلها تركز على مبدأ المركزية في السلطة ولم يعط اي نظام من تلك الانظمة التي حكمت العراق اي صلاحيات واسعة للأقاليم أو المحافظات الموجودة، وبقيت هذه القوانين حبيسة الدكتاتورية او ما يطلق عليها بالحزب القائد، ولم تستطيع الارتقاء الى مستوى النصوص التي كتبت بها وفي مختلف الانظمة سواء كانت عثمانية او ملكية او جمهورية.

واشار الى ان، المركزية الشديدة في النظام البائد وعدم اشراك المواطنين في الادارة المحلية، ولدت فجوة كبيرة بين الادارة والمواطنين، وكانت النظرة السائدة لدى المواطنين اتجاه الادارة المحلية انها سلطة عليا يجب احترامها بل والخوف منها مهما كانت قراراتها سيئة، ولم يفكر احد منهم بان لهم الحق في مراجعة أو مناقشة هذه السلطة والقرارات التي تتخذها، ففي زمن نظام البعث اعتمد آلية التعيين او التزكية لبعض القيادات المرتبطة بالحزب الواحد

 يسترسل الصافي، ولكن فجأة يطلب من المواطن تقييم واختيار الادارة المحلية وهو لم يمارس هذه التجربة اصلا، حيث كانت هذه الفجوة كبيرة بين المواطن والدولة، حتى جاءت الفترة التي امتدت بعد التغيير من (2003) وشرع قانون مجالس المحافظات الاول وبعد سنة تقريبا طرأ عليه تعديل مكن من توفير صلاحيات اكثر، لكن بطبيعة الحال لا نستطيع القول عن تلك الفترة بانها ترمز الى اللامركزية في العراق، كونها لم تأخذ دورها بالشكل المطلوب، وبالتالي هناك ثمة ملاحظات تم توثيقها على اللامركزية في العراق بعد (2003).

يضيف ايضا، ان اللامركزية هي ضد الاستبداد وهي ركن من اركان النظام الديمقراطي، وبالتالي اغلب دول العالم المتطورة والتي نظامها السياسي مستقر تتبع السياسية اللامركزية، وهي خير داعم للتعددية ونظام تمثيل المكونات، ولكن التعددية اليوم في العراق اوقعته في اشكالية كبرى بين المركزية واللامركزية، كذلك لا توجد خبرة سياسية لدى الطبقة السياسية الموجودة او حتى المواطن العادي على حد سواء، وهذا مما ادى الى الوقوع في فخ وهم التعددية الذي يفهم لدى مجتمعاتنا بانه هدم للهوية الوطنية الواحدة او تفوق مجموعة على اخرى لم تصل الى الحكم سابقا، وحتى ظهور التيارات المسلحة اغلب المحللين يعزون سبب ذلك ان سكان تلك المناطق لم يتقبلوا النظام الجديد في العراق ولم يشاركوا بالانتخابات او رفض الدستور او لم يصوت عليه.

ويرى الصافي، ان التجربة في العراق اليوم لا نستطيع ان نصفها تجربة ديمقراطية وحقيقية تقوم على التعددية، فالدعوة الى تطبيق اللامركزية الادارية والسياسية لم تكن كافية لوحدها لبناء الاسس الديمقراطية ونظام الحكم والادارات المحلية ان كانت على مستوى المحافظات أو الاقاليم، اذا لابد من توفر نخب سياسية وديمقراطية ومهنية تستطيع ان تحقق الارتباط ما بين الشعار والمشروع، الجميع في العراق يتحدث عن تداخل الصلاحيات لكنهم لا يتحدثون عن كيفية تنمية الثقافة الديمقراطية القائمة على ركيزتين وهما المحاسبة والمسؤولية.

يختم الصافي، ان بعض الاستنتاجات المسجلة حول الدستور العراقي تم التعرض اليها في كتاب فقه الإدارة للسيد الراحل محمد الشيرازي حينما سئل، هل هناك خطورة في اتباع مبدأ اللامركزية وكيف يمكن رفع مثل هذه الخطورة؟، حيث اجاب انه يجب ان يكون هناك تدعيم من قبل الحكومة المحلية او الاقليم لتدعيم الحكم المركزي وبالعكس، اي ان يكون هناك تنسيق بين الطرفين على السياسة العامة والهدف هو خدمة المواطن، وواقعا ان سبب من اسباب وجود النظام الاداري هو ذات الهدف الداعي لخدمة المواطن.

بعد ذلك طرح مدير الجلسة سؤالين على الحاضرين الذين شاركوا في الملتقى الاسبوعي:

السؤال الاول: كيف يمكن اعتماد او تطبيق اللامركزية بصورة واقعية في الحياة السياسية والاجتماعية؟

الدكتور علاء الحسيني التدريسي وأستاذ القانون الإداري في جامعة كربلاء- كلية القانون، أشار "الى ان النظم المركزية واللامركزية هي احد أنظمة الحكم لإدارة الدولة من الداخل، ولكن ارجو ان لا يكون هناك خلط بين النظم المركزية واللامركزية، فالنظام المركزي مطلوب في كل الدول بدون استثناء وبدونه تتشتت الدولة، فالعراق على سبيل الفرض دولة فدرالية اتحادية وتعتمد نظام اللامركزية لابد من وجود سلطة مركزية والتي هي رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء أو مجلس الوزراء هذه السلطات مركزية، لا يفهم من المركزية على انها الحكم المركزي، انما المركزية هي نظام تقسيم في العمل وفي وظائف الدولة التنفيذية، خصوصا وان هناك مجموعة مستويات المستوى الاتحادي هو المستوى الاول(وهو موجود في كل الدول ومطلوب ولابد من تقويته ويعطى صلاحيات حقيقية حتى يحافظ على وحدة الدولة)، اما المستوى الاقليمي وهو المستوى الثاني (فهناك المواد من(116) الى (121) كلها تتحدث عن الاقاليم وعن اقليم كردستان والقانون رقم (13) الخاص بالإجراءات التنفيذية لتشكيل الاقاليم الذي لم يفعّل الى الان)، ثم مستوى اللامركزية الادارية في العراق وهو المستوى الثالث".

 يضيف الحسيني" فالورقة هنا تتحدث عن المحور الثالث وهو اللامركزية وقد مر بتطورات كبيرة جدا ابتداءا من العهد العثماني الى العهد الملكي في ظل قانون ادارة الالوية، ومن بعد ذلك جاء قانون المحافظات (159) لسنة (69)، الذي صدر في عهد النظام البائد ووصولا الى العام (2003)، وصدور الامر رقم (71) لسنة (2003) عن السفير بريمر الذي عطل اغلب احكام قانون(159) ولكن لم يلغ هذا القانون نهائيا".

 يكمل الحسيني"الامر (71) هو الذي جاءنا باللامركزية المشوهة في العراق والتي استنسخها المشرع العراقي في قانون (21) لسنة (2008)، وقد اشار الى المحافظ والى مجلس المحافظة بانهم منتخبون والمحافظ منتخب من مجلس المحافظة، وحاول ايضا ان يمنح المحافظات صلاحيات واسعة وهذا الامر لاقى ترحيبا من الطبقة الحاكمة في العراق".

 يضيف أيضا "ان المشرع الدستوري في العام (2005) زاد الطين بلة عندما ساوى بين المحافظة والاقليم وخاطبهما خطاب واحد في المادة (121) و(123)، عندما يقول الاقليم والمحافظة غير المنتظمة بإقليم وكأنما حقيقة قانونية واحدة، في حين ان الواقع القانوني يقول هناك فرق شاسع بين الاقليم والمحافظة، والمحافظة تبقى في اطار الوظيفة التنفيذية فقط اما الاقليم يكون لديه تقاسم للسلطة التشريعية والقضائية مع المركز، واستنسخ هذا الامر في المادة (2) من قانون المحافظات عندما صدر في عام (2008) فقال المشرع في المادة (2) مجلس المحافظة هو اعلى سلطة تشريعية، وهنا وقع الخلط الكارثي في مفهوم المشرع العراقي وكأن مجلس المحافظ هو سلطة تشريعية في حين هو ليس كذلك هو مجرد سلطة تنفيذية".

كما يشير الحسيني "لذلك اصبح النظام الحزبي غير مؤهل ولا يلبي متطلبات المرحلة خصوصا وان قانون انتخابات مجالس المحافظات (36) لسنة (2008) مشوه لأبعد الحدود، وقد عدل في العام (2012) ثلاث مرات في نفس السنة ولم نصل الى نتيجة، حتى يفرز لنا مجلس محافظة فيه نوع من الموازنة ويضم شخصيات تكنوقراط، لذلك هناك مشاكل حقيقية في النظام اللامركزي في العراق وخاصة قانون (21) لسنة (2008) بدءا من المادة (2) التي عدلت مرتين، الاولى قال فيها المشرع هو اعلى سلطة تشريعية بعد ذلك قال هو سلطة تشريعية ورقابية، وهنا رفع مفردة اعلى سلطة تشريعية، مجالس الحافظات على اساس ذلك انطلقت نحو اصدار تشريعات بعد ذلك جاءت المحكمة الاتحادية في عام (2009) نقضت تلك التشريعات وسمتها اوامر عند ذلك مجالس المحافظات اسمتها الاوامر التشريعية مسايرة لقانون ولرأي المحكمة الاتحادية".

 يختم الحسيني كلامه" ان موضوع المادة (31) وهي صلاحيات المحافظ وطريقة اختياره في البند (7) والبند (8) الذي يتعلق بإقالة المحافظ، وهذ النص سبب ارباك ومشاكل كبيرة جدا على مستوى المحافظات، لان المحافظ لا يشترط فيه ان يكون من مجلس المحافظة ممكن ان يكون من خارج المجلس او من داخله، فاصبح هذا المنصب مدارا للصراع الحزبي لذلك اضطر المشرع الى مجاملة الاحزاب والكيانات الفائزة، فاعترف بأن للمحافظ نائبين وخمسة معاونين وسبعة مستشارين وكل هؤلاء يجلسون للعمل في المحافظة وهم في الحقيقة بطالة مقنعة، لذلك اصبح لدى المواطن العراقي حالة اشمئزاز من مجالس المحافظات واصبح ينظر اليها بانها حلقة زائدة وهي موطن للفساد المالي والاداري، وزاد هذا الامر البند (9) من المادة (7) حينما اعطيت مجالس المحافظات امكانية ان تقيل مدراء الدوائر وحصل نوع من انواع المساومات حول بعض المراكز والمناصب فزادت الفجوة بين المواطن ومجالس المحافظات".

هذا وقد عرض الحقوقي احمد جويد مدير مركز ادم للدفاع عن الحقوق والحريات" الى حقيقة ان الدول دائما تقسم الى بسيطة وهي الدول المركزية، واخرى مركبة وهي الاتحادية الفدرالية والكونفدرالية التي تتخذ مجال اوسع وهي مطبقة في قسم من دول العالم، واقعا اللامركزية تمنح لتقديم الخدمات وليس لرسم السياسات العامة للدولة، وعلاقة اللامركزية بالديمقراطية لا يوجد لها اساس فهناك دول لا مركزية فيها استبداد ودكتاتورية وعلى الجانب هناك مستوى من الخدمات مقدم جيد".

 يشير جويد" الى ان نظام الحكم في الامارات دكتاتوري استبدادي وهو قائم على نظام الامارات والامر ينسحب على الصين التي تقسم على شكل مقاطعات. بعد ذلك يتساءل هل اللامركزية هي تفويض من السلطة المركزية الى سلطات المحافظات ام هو تنازل عن جزء من صلاحياتها؟".

الاعلامي عبد الامير رويح يجد ان هناك اختلافا في الرؤية لقضية المركزية واللامركزية وحقيقة نقل الصلاحيات فهناك من يعتقدها تنازل والبعض الاخر يراها تفويض"

 من جهته قال الدكتور قحطان الحسيني الباحث المتخصص في مركز المستقبل للدراسات الاستراتيجية "ان الحديث عن نظام اللامركزية كطريقة واآلية لإدارة الدولة اهم ما يؤشر على هذا الموضوع هو التلكؤ في تنفيذ اغلب الفقرات الخاصة بهذا النظام، يجب ان ينصب الجهد البحثي المستقبلي حول دراسة الاسباب التي ادت الى تعطيل العمل بهذه الصلاحيات الممنوحة للمحافظات والتي خولتها بادرة شؤونها بعيدا عن سلطة الحكومة المركزية، فهل اكتشف البرلمان والحكومة ان تنفيذ هذه الالية سيخلق اجواء سلبية قد تؤدي الى تهيئة الاجواء لانفصال او فقدان الحكومة المركزية لهيمنتها وسلطتها على هذه المحافظات فلابد من وجود اسباب ودراستها دراسة متأنية".

الدكتور حيدر ال طعمة التدريسي في كلية الادارة والاقتصاد وباحث في مركز الفرات "يعتقد ان الوقت غير ملائم لتطبيق اللامركزية وان نجاح اللامركزية في بلدان متعددة لا يعني انها وصفة جاهزة يمكن تطبيقها في اي بلد خصوصا في العراق وفي هذا التوقيت بالذات، بل ربما تطبيقها الان غير مجدي وممكن ان يؤدي الى تقسيم البلد، العراقيون يحتاجون الى نظام مركزي"..

 الباحث في مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية حمد جاسم، كانت مداخلته "ان كل شعب من الشعوب يحتاج الى شكل من الانظمة السياسية التي تتناسب مع البلد، فهل العراق فعلا محتاج الى نظام اللامركزية الادارية؟ فخلال تاريخ العراق طبق هذا النظام في العهد الملكي وحتى ايام النظام البائد، هل نجح هذا التطبيق؟، واقعا نحن غير محتاجين لهذا النظام وممكن ذكر الاسباب، فان القبول بالنظام اللامركزي يعود لعامل تاريخي كما كانت المانيا مجزأة والشيء الاخر تقليل العبء على الدولة اقتصاديا، في العراق اصبح الامر معكوسا النظام بات يشكل عبء على الدولة".

الاستاذ مؤيد جبار حسن باحث في مركز الدراسات الاستراتيجية "يعتقد ان اللامركزية اضحت بابا من ابواب الفساد المالي والاداري، وان هناك تحفظ شعبي لدى جميع مكونات الطيف المجتمعي العراقي الرافض لللامركزية، هو فقط يريد حياة بسيطة ولا يرغب بتلك التقسيمات".

الاستاذ عدنان الصالحي مدير مركز المستقبل للتنمية والدراسات والاستراتيجية "يرى ان العراق ليس مقياسا نختبر فيه صحة الانظمة السياسية، اللامركزية يقينا هي وسيلة من وسائل الحكم لتقديم الخدمات في التواصل مع المواطنين وكسر اواصر حلقات الروتين، المشكلة في العراق القوانين تسن بطريقة الخوف من التاريخ والحذر من المستقبل، اليوم المشرع العراقي شيعي وكردي وسني، فالشيعي عندما يدخل يستحضر كل أدوات القمع التي مورست ضده في السابق لذلك هو يحاول التخلص من الخوف ولا يعمل بأسلوب ايجاد الية للحكم سليمة، الكردي يسير بذات الاتجاه وهو يسعى الى اضعاف المركز، السنة يخافون من قوة المركز لذلك هو يسعون للانفصال عن المركز عن طريق الاحتماء باللامركزية".

 يضيف الصالحي "وبالنتيجة الكل يشرع القوانين بدافع الخوف ولذلك لا تجد العقلانية والمهنية في تشريع القوانين الكل فقط يريد تمرير القانون حتى يهرب من تاريخ عاشه، الشيء الثاني البعض يمارس هذه الصلاحيات بطريقة مغايرة للقانون والدستور، اذا نحن الى اليوم لم نعش التجربة اللامركزية".

 الدكتور خالد العرداوي مدير مركز الفرات للتنمية والدراسات الستراتيجية استعان بعبارة تقول (الجهل يقتل صاحبه) والفكرة هنا ان مجتمعاتنا تعاني من التخلف اولا وتعاني من حاجز الخوف الذي يمنعها من البحث عن التغيير ثانيا، هذه النظم الادارية التي نبحث عنها فدرالية مركزية لامركزية هل هذه جاءت برؤية خارجية ام جاءت برؤية سلطة؟ الملاحظ انه في الغالب ان هذه الانظمة في العراق ان الشعب العراقي شعب كسول بدرجة عالية في طريقته بالتفكير نحو المستقبل يحاول ان يبقي على الوضع القائم وليس لديه استعداد على كسر الجمود المؤسساتي او البنى الاقتصادية".

يضيف العرداوي "وبالتالي دائما هو لا يحاول ان يبحث عن حلول مناسبة كي تحقق له الافضل في المستقبل، فيبقى ينتظر ان تأتي الحلول من الخارج، هذه الحلول اما ان تأتي من سلطة احتلال اجنبية او من سلطة انقلاب محلية وفي كل الاحوال يبقى انتقاده لهذه النظم بمقدار ما يوفره له من راحة في الحياة، السؤال اليوم نحن العراقيون اين من هذه النظم؟، ما هو الشيء الذي نريده في المستقبل؟، اميل الى فكرة لابد من وجود قيادة وان نعمل ثورة في ترتيب الاولويات وان نجرب خيارات اخرى غير خيار النظم المركزية".

 هذا وقد ذهب الشيخ مرتضى معاش رئيس مجلس إدارة مؤسسة النبأ للثقافة والاعلام "الى حقيقة لا يوجد في العراق شيء اسمه لامركزية في الواقع العملي نحن دولة مركزية عتيدة وشقية، فأي شخص لا يستطيع اكمال اجراءات ابسط معاملة ما لم يذهب الى بغداد من اجل امضاء بسيط من قبل موظف بسيط، فاللامركزية هنا تنحصر فقط بإعطاء العطل، فالنظام والدستور والتطبيقات كلها مركزية باستثناء حالة معينة كون الدستور في بعض الاحيان فيه روح اللامركزية لكن في الواقع لا يوجد تطبيق، وعلى هذا الاساس جاءت بعض الدراسات نحو وجود الدولة المركزية سبب هشاشة في الوضع العراقي، وبالنتيجة هذا يؤدي الى المزيد من التفكك والتفتت وان المواطن يشعر بان ليس له قيمه فيتمرد، اما بالنسبة لإقليم كردستان فالأمر مختلف لان الاجندات الدولية والاقليمية هي التي تحكمه وليس لها علاقة بالمركزية واللامركزية، وبالتالي فان المركزية واللامركزية مفهوم يرتبط اساسا بقضية تفويض السلطة وحق المواطن في العيش في بلده".

 يضيف معاش" واذا ما اردنا ان نضع مستقبل العراق على المحك وان ننجو من التقسيم لابد ان نذهب وراء دولة المواطنة وان يتحمل المواطن المسؤولية، وان يغادر فكرة فقط التصويت بالانتخابات ومن ثمة ترك الحاكم يعمل ما يحلو له هذا مما ينمي حالة فساد الحاكم واستبداده، وهذا هو الذي يشكل الفارق ما بين الدولة الريعية ودولة الرفاه، خصوصا وان الدولة الريعية هي بمصاف ان يكون المواطن يعيش تحت جناح الحاكم ويمن عليهم بالصدقات، اما دولة الرفاه فهي بالعكس الحاكم يكون خادم للمواطن.

 يكمل معاش" وهنا يكمن اصل مشكلة المواطن العراقي فهو لا يعي الا ثقافة ان يكون خادم وممتن للسلطة، الى جانب ذلك هناك الخوف من السلطة ودائما ما نحمل شعار(نحن ما علينا)، وهذا خطا كبير يعيدنا الى الاستعباد والى المركزية، لذا لابد من تطوير المؤسسات الاعلامية لرصد التجاوزات التي يقوم بها الحاكم والتي تعيق تقدم البرنامج السياسي".

 السؤال الثاني: كيف يمكن الاستفادة من اللامركزية في تحقيق اصلاحات سياسية واجتماعية؟

احمد جويد، يعتقد" افضل من طبق مفهوم اللامركزية الادارية الرسول الكريم(ص) بحديثه الشريف(كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته) هذه الرعاية هي ادارة، فدائما القوانين تبنى ضمن حاجات معينة، اليوم ارتباط الناس بمعاملاتهم كلها تمر عبر المركز ولأجل ذلك اضحت الفكرة تتحدث عن امكانية تفويض مجالس المحافظات او الحكومات المحلية بصلاحيات ادارة شؤونها بنفسها، حقيقة لقد اختلط الفهم السياسي بالفهم الاداري واصبحت مجالس المحافظات تحصل على نفوذ سياسي وسلطة سياسية على حساب تقديم خدمة المواطن، اللامركزية لابد ان يستفاد منها للقفز بقضية الصحة، التعليم، جذب المستثمرين".

عبد الامير رويح من جانبه قال" حينما يتخلى المسؤول عن حزبيته بالتالي هو يستطيع ان يقدم الخدمات ويكون قويا".

الدكتور قحطان الحسيني، يجد" ان توظيف نظام اللامركزية في تحقيق بعض المنجزات، الايجابيات التي من الممكن ان توظف لتحقيق المنجزات هي اولا فيما يتعلق باختصار الجهد والمال في تحقيق الخدمات، النقطة الاخرى تقلل من التضخم على المركز والابقاء على الوظائف السيادية، السلبيات المتوقعة هو عندما يصار الى تفويض الحكومات المحلية ممكن ان يستغل من قبل الاحزاب السياسية المتصارعة داخل المحافظة وهذا الصراع يخلق حالة من الارباك والتنافس الشديد، النقطة التالية ممكن اللامركزية تحول لنا المناصب في المحافظات من مناصب ادارية الى مناصب سياسية".

 الدكتور علاء الحسيني، قال "الاجابة على هذا السؤال تتوقف على الاجابة عن سؤال اعم واشمل، هل ان واضعي دستور (2005) او اللجنة المختصة بوضع مشروع الدستور كانت تعي التمييز بين تقاسم السلطة وتوزيع السلطة وتوزيع الاختصاص؟ ثلاث مصطلحات نستخدمها في موضوع الفلسفة الدستورية ونتكلم عنها في اطار توزيع السلطة في بناء الوثيقة الدستورية".

 يضيف الحسيني" تقاسم السلطة في كل الدول هناك ثلاث سلطات تشريعية تنفيذية قضائية هذا نسميه تقاسم، كل سلطة تختص بجزء معين. توزيع السلطة او الفصل بين السلطات كما اشارت له المادة (47) هو الفصل العضوي اي ان من يجلس في القضاء لا يجلس في الادارة او في البرلمان، توزيع الاختصاص في داخل كل سلطة هناك توزيع وفيها مستويات، وبالتالي لابد من توزيع الاختصاصات داخل هذه السلطة".

 يضيف ايضا" ثمة سؤال يطرح هل نستطيع ان نستفيد من اللامركزية؟ نعم نستطيع بحالة واحدة، وهي اعادة النظر بالقوانين (21) و(36) اخطر ما موجود بالقانون الثاني هي المادة (14)، التي اشارت الى مسالة توزيع المقاعد على الفائزين بمجالس المحافظات، والمادة (13) التي سمحت للعراقي ان يصوت لاحد القوائم ولاحد الاسماء الواردة في هذه القوائم ونظام الدائرة الواحدة لكل المحافظة، هذه مشاكل حقيقية نعاني منها نحن في كربلاء فهناك عزوف من ابناء مركز المدينة للذهاب للانتخابات، فخرج ابناء المناطق النائية للانتخابات عند ذاك برز عندنا بون شاسع بين المحافظة وسكانها وبين مجلس المحافظة".

 الدكتور حمد جاسم، يتساءل "اذا اردنا نجاح نظام اللامركزية علينا ان نفسر السلطة بانها ليست تشريف بل تكليف وان يكون الاقتصاد لامركزي، فالمحافظة عليها تحمل اعباء الوضع الاقتصادي بالكامل".

 الاستاذ عدنان الصالحي" يصف الدولة عبارة عن جسم اذا نمى منه عضو بسرعة يشوه الجسم، اليوم اذا نمينا اللامركزية بشكل سريع بدون ان تنمي باقي الاجزاء ايضا يكون تشوه، فالقضية جدا مهمة بهذا الجانب ان تمنح صلاحيات واسعة وتنتقل الى اللامركزية وقانونك اغلب تفاصيله مصمم على دولة مركزية، بالنتيجة من غير المنطقي دولة تبنى بالحب والمودة ولزاما ان يكون هناك ردع".

من جهته الدكتور خالد العرداوي" يستفسر عن سقف التوقعات التي نريدها من اللامركزية ما هو، ايضا النظام الاداري الناجح هو النظام الذي يقنع به عامة الانسان، الادارة الناجحة هي الادارة التي تقنع عامة الناس وتجعلهم شركاء في ادارة امورهم وادارة ثروتهم، وفي خلاف ذلك عدما تضع امكانيات وقرارتك بيد سلطة اخرى، في هذه الحالة انت سلمت مسبقا ان لا يكون لك دور في ترتيب امورك، ومن الجميل ايضا ان تكون تلك القراءات والافكار خارج اطار تلك الغرف المغلقة وبمتناول جميع الناس لدراسة الاشكالية التي تعترض طريق الناس".

 الشيخ مرتضى معاش من جانبه، قال" ان طبيعة الدولة المركزية والنظام المركزي تكثر فيه القوانين لان المواطن غير المشارك بالحكم وليس له دور لذلك تأتي القوانين لتكبح المواطن، مشكلتنا بالنظام المركزي هي تجعل المواطن غير منتج اقتصاديا، الشيء الاخر ان اللامركزية لو طبقت بشكل جيد وفعال سوف تؤدي الى ان يكون الاقتصاد يبدأ من المواطن وليس من الدولة، وبالتالي هذا الامر عندما ينعكس على المحافظات والاقاليم والمناطق يجعل منها منتجة وتعتمد على مبدا الاكتفاء الذاتي".

يختم معاش كلامه" النظام السياسي العراقي يبدأ من القمة الى القاعدة نتيجة الثقافة المركزية بينما المجتمع الناجح القوي يبدا من القاعدة الى القمة، لذلك نحن تغاضينا عن اجراء انتخابات المجالس المحلية وهذا يشكل خرق دستوري، واخيرا لو تم تطبيق اللامركزية في العراق ستؤدي الى حل كثير من المشاكل".

التوصيات

1- تفعيل القانون وتفعيل الدور الرقابي

2- رصد الاثار السلبية والايجابية لكلا النظامين المركزية واللامركزية وايهما افضل عراقيا

3- نقل الصلاحيات بشكل اساسي من المركز الى المحافظات

4- العدالة جوهر اهتمام المواطن ولا يهم من يحكم المحافظة من داخلها او خارجها

5- على مراكز الدراسات مسؤولية تشذيب القوانين ودراستها

6- اللامركزية اذا شكلت عنوان قوة الانسان فلنجربها بدون مخاوف

7- الغاء كل قوانين صدام العثمانية والتي يعمل بها الان وهي معوقة للتغيير وللإصلاح ويساء استخدامها من قبل الحكام

8- تفعيل قانون انتخابات المجالس المحلية

9- تشجيع الناس على تشكيل مجالس لإدارة امورهم

10- نشر ثقافة تفويض السلطة والتربية على اللامركزية من خلال المناهج التربوية والمدرسية.

اضف تعليق