q
{ }

 لازالت تداعيات استجواب وزير الدفاع العراقي المهندس خالد العبيدي تعصف بوجدان العملية السياسية الجارية الان في العراق خاصة، وان ملامح وسيناريو الفساد المالي والاداري يكاد ان لا يستثنى احدا حتى رأس المؤسسة التشريعية في العراق، ولأجل متابعة حيثيات تلك الحقائق وما نتج او ينتج عنها من تداعيات سياسية وامنية واقتصادية ناقش مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية في ملتقى النبأ الأسبوعي بكربلاء المقدسة هذا الموضوع من خلال ورقة اعدها للباحث حمد جاسم محمد الخزرجي تحت عنوان (دلالات استجواب وزير الدفاع العراقي خالد العبيدي) وبمشاركة عدد من الحقوقيين والاكاديميين والإعلاميين.

افتتح الحلقة الدكتور خالد عليوي العرداوي مدير مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية "حيث أكد على اهمية تلك الورقة وما جاء فيها من تفاصيل حيه تعالج تداعيات ودلالات موضوع استجواب وزير الدفاع العراقي الذي انتهى بكشف معلومات خطيرة جدا تدل على حجم الفساد الاداري والمالي في الدولة العراقية ملمحا الى الخلل الموجود في اجراءات السلطة التشريعية واصل عملية الاستجواب لعلنا نتواصل الى قواسم مشتركة تنفع العملية السياسية في العراق وترشد الحكومة".

بعد ذلك جاء دور الباحث في مركز الفرات حمد جاسم محمد الخزرجي ليستعرض ورقته البحثية قائلا إن "المادة 61/ سابعاً/ جـ من الدستور العراقي لعام 2005 نصّت على احقية (عضو مجلس النواب وبموافقة خمسة وعشرين عضواً توجيه استجواب الى رئيس مجلس الوزراء أو الوزراء لمحاسبتهم في الشؤون التي تدخل في اختصاصهم، ولا تجري المناقشة في الاستجواب إلا بعد سبعة أيام في الأقل من تقديمه". الا إن "ما يُميّز استجواب وزير الدفاع (خالد العبيدي) عن غيره من استجوابات الوزراء، هو تفجير العديد من المفاجآت خلال جلسة الاستجواب، مُتّهماً رئيس السلطة التشريعية وعدد من النواب من امثال حيدر الملا ومثنى السامرائي وعالية نصيف وطالب المعماري والكربولي إضافة الى أسماء أخرى لم يتم ذكرها علناً، بابتزاز وزارة الدفاع العراقية وذلك بمُحاولة تمرير عقود فساد في ملف تسليح الجيش وإطعام الجنود التي تُقدّر بـ(تريليون وثلاث مائة مليار دينار) للحصول على عمولات مالية وطلب تعيينات ونقل مراتب وجنود". واضاف الخزرجي" ومن اللافت للنظر ومنذ تغيير النظام السياسي في العراق في العام(2003) والى الان فكل مسؤول مهما كان منصبه صغير ام كبير دائما ما يحتفظ بملفات فساد وهو على استعداد على تفجيرها في اي لحظة يتعرض فيها ذلك المسؤول للخطر وهذا ما تم رصده خلال فترة حكم رئيس الوزراء السابق نوري المالكي والعبرة هي لإسكات خصومه السياسيين منعا للاستجواب".

وبين الخزرجي أنه "ستكون لعملية الاستجواب وما تلاها من اتهامات بين الوزير ومجلس النواب تأثيرات على قضايا عدة في العراق منها:

 - التأثير على تحرير الموصل يأتي تفجير هذه القضية في وقت يبدو غير مناسب بتاتا بالنسبة الحكومة العراقية التي تستعد لتحرير مدينة الموصل من تنظيم داعش ويرى المراقبون ان تفجير ازمة سياسية جديدة لاسيما قضايا الفساد في العراق ربما يفقد القوات الامنية قوة الدفع اللازمة.

- عودة بعض عناصر داعش لبعض المناطق قبل هذا الاستجواب منها ديالي والهجوم على النخيب هو دليل على التوتر السياسي لأعضاء المكون السني.

- يبدو ان استجواب وزير الدفاع العراقي لن يمر بسلام على المؤسسة التشريعية خصوصا وان الاتهامات طالت شخصيات مهمة في المؤسسة التشريعية وتحول الوزير المستجوب الى كاشف لملفات الفساد وأطلق رصاصة الرحمة على سليم الجبوري حيث طالب بإقالته ورفع حصانة عنه وعن شخصيات سياسية اخرى متهمة بالفساد وتقديمهم للقضاء.

- القضاء على المستقبل السياسي لوزير الدفاع نفسه اذ هو لم يثبت الادلة التي تدين رئيس البرلمان والنواب الذين اتهمهم بالفساد.

- اظهر الاستجواب وزير الدفاع وما تلاها من احداث حجم ظاهرة الفساد المالي والاداري في العراق والذي وصل الى مستويات كبيرة جدا والى اعلى المناصب في الدولة العراقية ومنها مجلس النواب الذي يعد اعلى سلطة تشريعية ورقابية في الدولة.

وبعد إتمام قراءة الورقة البحثية طرح الباحث سؤالين لمناقشة ما تضمنتها ورقته:

 السؤال الأول: ما هو سبب اتهام وزير الدفاع لرئيس واعضاء البرلمان بالفساد المالي للحصول على العقود والتعينات؟

وجاءت المداخلات على النحو الآتي:

- حيدر الجراح مدير مركز الإمام الشيرازي للدراسات والبحوث" تساءل اولا عن اهمية تلك الزيارة التي قام بها وزير الدفاع العراقي خالد العبيدي الى امريكا ولقاءه شخصيات عسكرية متقاعدة قبل عملية الاستجواب، كما ان السيد العبيدي يمثل الجيل السياسي السني الجديد ما بعد الانتهاء من داعش وخصوصا ونحن مقبلين على انتخابات قادمة". ويضيف الجراح" وهناك ايضا مقاربة ما بين ما طرحه العبيدي اليوم وما صرح به مشعان الجبوري قبل ذلك خصوصا وان الاتهامات تكاد ان تطال ذات الشخصيات الا ان الفارق الوحيد كون مشعان الجبوري جاء بالوثائق لكن العبيدي أطلق الاتهامات من دون أدلة وهذا الكلام واقعا لا يصمد امام القضاء".

- من جهته اشار الاستاذ عدنان الصالحي مدير مركز المستقبل للدراسات الاستراتيجية الى ان، عملية الاستجواب تفصح عن خطين الاول صدام سني سني وهذا نتاج طبيعي لما افرزته الحالة ما بعد داعش، خصوصا وان الحالة السنية اليوم تعيش أضعف اوقاتها وهي تبحث عن قيادة جديدة فالقيادات الحالية اما ان تكون متهمة بالفساد او متهمة بالتخاذل او عدم اسناد طائفتها السنية. ويكمل الصالحي "وهنا تبرز حقيقة ضرورة وجود شخصية سنية تبرز عضلاتها حتى يعود كقائد للساحة السنية ففي سياق هذا المعنى استغل العبيدي الظروف للظهور بهذا الدور، وفي نفس الوقت هو يدرك تماما ضرورة طرح تلك الاشكاليات حتى لا ينتهي به الامر للإقالة خصوصا وان العديد من الشخصيات السياسية السنية تسعى للإطاحة به". ويضيف أيضا "حينذاك بادر هو بالهجوم على تلك الشخصيات متهما اياهم بالفساد على وعسى ان تكون تلك الخطوة النقطة الفاصلة لعدم اقالته من المناصب ومعاقبة خصومة هذا من الجانب الداخلي اما من الجانب الخارجي فعلى ما يبدو هناك توجه ومعركة ما بين الجيش والمعسكر القديم وبين الاخوان المسلمين في المنطقة كمصر تركيا العراق فهؤلاء يعتبرون الجيش ند قوي لهم وهو جزء من المسلسل الذي جرى في مصر وتركيا والان يمارس في العراق".

- من جانبه قال مدير مؤسسة النبأ للثقافة والاعلام علي الطالقاني "ان موضوعة الفساد دائما ما تثار في مجلس النواب وان الشيخ صباح الساعدي النائب السابق شكل سابقة في هذا المجال وعقد العديد من المؤتمرات الصحفية خارج قبة البرلمان". "اعتقد ان وزير الدفاع عندما تحدث عن الفساد ليس بدوافع مسبقة سلفا سيما وان شبهات الفساد تكاد ان تكون هي العنوان الابرز في الحالة العراقية وعلى كافة الصعد والمجالات وهي تساهم في عمليات دعم الارهاب ، اضف الى ذلك فان شخص السيد العبيدي الاكاديمية والسياسية والعشائرية هي التي تملي عليه كشف ملفات الفساد وعدم الانصياع لمحاولة الابتزاز" ويضيف الطالقاني "ان معركة الانبار ومعركة الموصل هي من الاولويات المهمة بالنسبة لوزير الدفاع ، النقطة الاخرى وزير الدفاع عليه ضغوط كبيرة ولا يوجد الى جانبه فصيل داعم له السؤال الاهم والابرز في هذا التوقيت لماذا تثار موضوعة الفساد في كل شاردة وواردة".

- بدوره عمل الدكتور إيهاب علي الموسوي "على تفكيك شخصية وزير الدفاع من ناحية سياسية واكاديمية فهو تدريسي في المعهد التقني في الموصل وشخصية محبوبة وهو ضابط قديم في الجيش العراقي هذا يولد كاريزما وثقة بالنفس، الى جانب ذلك فان عرب الموصل يمتازون بتمسكهم بالقومية العربية وهي ند للإخوان المسلمين، كما يرى ان العبيدي رسم حدود القومية العربية وناغم مشاعر السنة والشيعة على حدا سواء وان زيارته لأمريكا وللنجف الاشرف هو دعم حقيقي" يكمل" وان هجوم العبيدي على خصومه السياسيين جاء على خلفية قناعات تقول لا يحق لشخصيات فاسدة ان تستجوب او تحاسب اشخاص ان لم يكونوا نزهاء هم اقل فاسدا منهم".

- على صعيد ذو صلة رأى السيد احمد جويد مدير مركز ادم للدفاع عن الحقوق والحريات "لابد اولا ان ننطلق من الاسباب التي قلبت الطاولة على المستجوبين، فضلا عن ذلك لابد ان نفكك المعادلة السنية من حيث التكوينيات السياسية فهناك تنافس على زعامة المكون السني في العراق". ويكمل جويد "والشيء الاخر المهم ان جميع الوزراء العراقيين تمارس ضدهم ضغوط وانواع اخرى من الابتزاز المالي والاداري، اما بخصوص موضوعة التعينات فهذا الامر عائد لمجلس الخدمة الاتحادية قانون يضع معايير للتعينات المفروض البرلمان دوره محدد وهو رقابي وتشريعي". وتساءل عن دواعي الاستجواب واي نتيجة سوف يفضي اليها ذلك الاستجواب سيما وان الاستجوابات السابقة التي دعا اليها البرلمان لم تصل الى النتائج المرجوة وهذا مما يدل بان دوافع الاستجواب مقصودة لأهداف سياسية اما من جانب اخرى يجب النظر الى الجهة المستجوبة أضف الى ذلك ظهر السيد وزير الدفاع متخبطا وغير متوازن في السياقات الادارية

- من جهة اخرى قال الدكتور خالد عليوي العرداوي مدير مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية "ان النظام الديمقراطي في العراق هو ليس بأفضل حالته، لاسيما وان افراد الشعب يدفعون بأعضاء البرلمان العراقي ان يكونوا بمثابة معقبي دعاوي" ويضيف العرداوي " هل فقط في وزارة الدفاع العراقية فساد ام كل وزارات الدولة العراقية تعاني من افة الفساد المستشري، بل ربما تكون وزارة الدفاع هي اقل فسادا قياسا بالوزارات الاخرى عند ذاك يتبين ان عملية الاستجواب جاءت بدوافع سياسية، مبينا ان اداء وزارة الدفاع قبل تسنم الوزير الحالي كان في اسوء حالته لماذا لم يستجوب الوزير السابق وباقي المسؤولين العسكرين الذين تخلوا عن واجبهم العسكري فالمؤسسة التشريعية مؤسسة فاسدة ولا تستطيع الدفاع عن نفسها".

- الباحث الاقتصادي في مركز الفرات الاستاذ حامد عبد الحسين الجبوري قال:" ان السيد العبيدي الان هو من يمسك بزمام القيادة السنية وايضا هو رمى الكرة في ملعب البرلمان العراقي، وسجل في مسيرته السياسية نموذجا في كسب ود القاعدة الجماهيرية والشعبية من المكون السني والشيعي".

السؤال الثاني: استجواب وزير الدفاع هل يقود الى شرخ بين الحكومة والمجلس النواب ام له تداعيات على عمليات الموصل؟

- حيدر الجراح تساءل "هل فعلا توجد وطنية عراقية خصوصا وان مسار العمل السياسي في العراق يكاد ان يرسم صورة مغايرة لعدم وجود حس وطني؟ وزير الدفاع العراقي استطاع من خلال تحركه هذا ان يخلق حالة من الغضب واستطاع ان يغير سلوك الجمهور العراقي، اما بخصوص قرار تحرير الموصل فالأمر مرتبط بجهات اجنبية خارجية ولا يرتبط فقط بالقرار العراقي، لذا لا أعتقد ان استجواب الوزير سيؤثر على معركة تحرير المدينة".

- عدنان الصالحي يرى "ان العمليات العسكرية في الموصل ضد داعش لا تتوقف عند وزير الدفاع بل هو فصل من فصول تلك العملية وليس هناك من تأثير يذكر سوى ما تشكله الشخصيات المقربة من وزير الدفاع في داخل الموصل من مواقف، الى جانب ذلك هناك خطة محكمة لضرب البرلمان وابقاء الحكومة على وضعها وبالتعاون مع السيد العبادي والسيد مقتدى الصدر ووزير الدفاع العراقي مع احتمالية دخول المجلس الاعلى فيها والغاية هو ضرب كتلة الاصلاح وواقعا هناك معركة بين الحكومة والبرلمان".

- السيد علي الطالقاني" اشار الى ان الصراع واضح جدا بين الحكومة والبرلمان العراقي فبعض القوى البرلمانية تعاني من التهميش، ناهيك عن غياب الزخم الدولي ودخوله على خط الازمة الحالية، فضلا عن ذلك دور البرلمان العراقي دوره ضعيف ولم يقم بمهامه الرقابية والتشريعية، النقطة الاخرى لابد ان نأخذ دورنا كمنظمات مجتمع مدني فاعلة وان نكون جزء لا يتجزأ من القرار السياسي العراقي".

- الدكتور خالد عليوي العرداوي يرى ان " عملية تحرير الموصل قد تتأخر قليلا، خصوصا وان القراءات الدولية توحي بتأخر سيناريو هزيمة داعش في العراق ليكون على طاولة الرئيس الأمريكي القادم، وان امريكا الى الان تبحث عن قيادة سياسية سنية مناسبة تتعاطى معها شريطة ان لا يملئ الفراغ بعد داعش من قوى إقليمية معينة، فأمريكا تعتقد ان هزيمة داعش بدون إيجاد سلام دائم لا يسمح بملء الفراغ من قوى إقليمية معينة ستكون نصرا تكتيكيا وهزيمة استراتيجية، اذن فتحرير الموصل لن يتأثر بعملية الاستجواب، وانما يرتبط بالحسابات الدولية والإقليمية، وطبيعة القيادة السياسية في العراق".

اضف تعليق