q

يرى بعض الخبراء ان الأزمة الفنزويلية تزداد تعقيداً، بسبب استمرار الصراع على السلطة بين الرئيس نيكولاس مادورو وقوى المعارضة، التي تطالب بإجراء الانتخابات المبكرة وترفض تصميم الرئيس على إجراء انتخابات الجمعية التأسيسية، التي يرغب من خلالها إلغاء البرلمان الذي تهمين عليه المعارضة، وفرض سلطته، هذه الأزمة التي أودت بحياة اكثر من 113 شخصا خلال الأشهر الأربعة الماضية، يمكن ان تسهم في تنفجر حرب أهلية قد تكون سببا في تدمير البلاد، خصوصا مع وجود تدخلات خارجية تدعم قوى المعارضة، وهو ما اجبر الحكومة على اتخاذ اجراءات مشددة في سبيل تحقيق اهدافها، فقد كثفت الحكومة الفنزويلية بحسب بعض المصادر الضغوط على الشعب لإجباره على التصويت على انتخابات الجمعية التأسيسية وهددت المواطنين بالسجن، قائلة "من لم يصوت في الانتخابات سيتم معاقبته وسجنه".

ووفقا لصحيفة "الموندو" الإسبانية، فقد انتقدت المعارضة أسلوب الحكومة الفنزويلية وتهديدها للشعب الفنزويلى، وقالت إن الحكومة تتبع سياسية الابتزاز. وأضافت المعارضة إن "ضغوط الحكومة ليست جديدة، كما أنها كانت متوقعة، فسياسة الابتزاز ليست جديدة لتجبر الفنزويليين على التصويت فى انتخابات الجمعية التأسيسية التي يسعى من خلالها الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو للتمسك بالسلطة".

من جانبه دعا الرئيس الفنزويلى نيكولاس مادورو، واشنطن إلى وقف ما اعتبره "الاعتداء" على فنزويلا ووقف التدخل فى شئونها الداخلية. وقال مادورو فى تصريحات لقناة ( روسيا اليوم ) الخميس إن فنزويلا تعد أساس الاستقرار فى منطقة الكاريبى وأمريكا اللاتينية، مؤكدا أن بلاده تريد العيش بسلام. وأعرب الرئيس الفنزويلى عن أمله فى أن توقف السلطات الأمريكية تدخلها في الشؤون الداخلية للبلاد .. موجها حديثه للرئيس دونالد ترامب: أوقفوا الاعتداء على فنزويلا، وكفوا عن التدخل فى شؤون أمريكا اللاتينية.

واعتبر أن حديث المتطرفين اليمينيين فى الولايات المتحدة الأمريكية، حول محاصرة فنزويلا، هو جنون مطلق. مضيفا أن الإدارة الأمريكية بدأت حصارا ضد فنزويلا، يستهدف بطريقة غير مباشرة النظام المالي، لإعاقة تنفيذ التزاماتها المالية في العام 2015، و2016، و2017، وأن بلاده تملك إمكانيات اقتصادية، وأوفت بكل التزاماتها المالية. وقال مادورو "إذا ضربونا من الشمال، فإن الطريق إلى الغرب، والجنوب، والشرق، دائما مفتوحة أمام فنزويلا ... لدينا تحالف قوى مع روسيا، تحالف في مجال النفط والغاز وقطاعات مهمة أخرى في مجال الصناعة، وهذا التحالف يتطور باستمرار" .

ساعة الصفر

وفي هذا الشأن بحثت المعارضة في فنزويلا كيفية تصعيد الاحتجاجات ومنع تشكيل هيئة تشريعية جديدة تخشى أن تكرس هيمنة الحزب الاشتراكي وذلك بعد أن اكتسبت زخما نتيجة للتصويت بأغلبية كبيرة ضد الرئيس اليساري نيكولاس مادورو في استفتاء شعبي غير رسمي. وبعد شهور من مسيرات الشوارع التي سقط فيها قرابة مئة شخص أقنع ائتلاف الاتحاد الديمقراطي الملايين بالنزول إلى الشوارع للمشاركة في استفتاء غير رسمي بهدف نزع الشرعية عن زعيم يصفه بأنه ديكتاتور.

ويعد زعماء المعارضة الآن "بساعة الصفر" في فنزويلا للمطالبة بانتخابات عامة وإحباط خطة مادورو لتشكيل هيئة تشريعية جديدة مثيرة للجدل تعرف باسم الجمعية التأسيسية. وقد تشمل أساليب المعارضة إغلاق الطرق لفترات طويلة وتنظيم اعتصامات وإضراب العام أو ربما مسيرة إلى قصر ميرافلوريس الرئاسي على غرار ما حدث قبل انقلاب لم يدم طويلا ضد الرئيس الراحل هوجو تشافيز عام 2002.

وقال جوليو بورجيس رئيس البرلمان الذي تسيطر عليها المعارضة عندما أعلنت نتائج الاستفتاء "اليوم تقف فنزويلا بكرامة لقول إن الحرية لا تسير إلى الخلف وإن الديمقراطية غير قابلة للتفاوض. "لا نريد جمعية تأسيسية مزيفة مفروضة علينا. لا نريد أن نكون كوبا. لا نريد أن نكون دولة بلا حرية". ووصف مادورو الذي تنتهي فترته الرئاسية مطلع 2019 استفتاء المعارضة بأنه تدريب داخلي تجريه ولا يؤثر على حكومته. وأضاف في رسالة وجهها للمعارضة "لا تفقدوا صوابكم واهدأوا". وتعهد بأن تجلب الجمعية التأسيسية التي ستتشكل السلام للبلد الذي يعيش فيه 30 مليون شخص. بحسب رويترز.

وفاز مادورو (54 عاما) الذي عمل سائق حافلات وتولى منصب وزير الخارجية لفترة طويلة في ظل حكم تشافيز بالانتخابات عام 2013 لكن نسب شعبيته تهاوت إلى ما يتجاوز 20 في المئة بقليل خلال أزمة اقتصادية طاحنة في البلد العضو بمنظمة أوبك. ويعارض معظم مواطني فنزويلا الجمعية التأسيسية التي ستملك سلطة إعادة كتابة الدستور وحل الهيئة التشريعية الحالية التي تقودها المعارضة لكن مادورو يعتزم إجراء التصويت. وقال أكاديميون راقبوا استفتاء المعارضة إن أنصارها صوتوا بأغلبية 98 في المئة لرفض الجمعية الجديدة وحث الجيش على الدفاع عن الدستور الحالي ودعم إجراء انتخابات قبل انتهاء فترة مادورو.

الجمعية التأسيسية

الى جانب ذلك اكدت الحكومة الفنزويلية مضيها في انتخاب جمعية تأسيسية رغم تهديد الرئيس الاميركي دونالد ترامب باتخاذ "اجراءات اقتصادية شديدة" ضد كراكاس علما أن واشنطن هي اكبر مستورد للنفط الفنزويلي. وياتي تصاعد التوتر بعد يومين من تنظيم المعارضة استشارة شعبية غير ملزمة لرفض مشروع الجمعية التأسيسية شارك فيها 7,6 من 19 مليون ناخب فنزويلي.

وكان ترامب قال في بيان "ان الولايات المتحدة لن تبقى مكتوفة الايدي في حين تنهار فنزويلا. اذا فرض نظام مادورو جمعيته التأسيسية فان الولايات المتحدة ستتبنى اجراءات اقتصادية شديدة وسريعة" دون ان يفصل الاجراءات. ووصف ترامب الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو بانه "قائد سيء يحلم بأن يصبح دكتاتورا" داعيا الى "تنظيم انتخابات عادلة وحرة" مؤكدا ان واشنطن "تقف الى جانب شعب فنزويلا في سعيه الى اعادة بلاده الى درب ديمقراطية كاملة ومزدهرة".

ولم يتأخر رد فعل كراكاس على واشنطن وقال وزير خارجية فنزويلا صامويل مونكادا "لاشيء ولا أحد يمكنه وقفه (مشروع) الجمعية التأسيسية مستمر". واضاف "اليوم شعب فنزويلا حر ويرد بصوت واحد على التهديد الوقح لامبراطورية كارهة للأجانب وعنصرية"، في إشارة إلى الولايات المتحدة. وفنزويلا الدولة النفطية في اميركا الجنوبية التي كانت أغنى دول المنطقة، تشهد حاليا ازمة اقتصادية حادة بسبب تراجع اسعار النفط. وتصدر فنزويلا 800 الف برميل يوميا الى الولايات المتحدة من انتاج اجمالي يفوق قليلا 1,9 مليون برميل يوميا، بحسب شركة بي دي في اس ايه العامة. بحسب فرانس برس.

من جهة اخرى دعت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي فديركا موغيريني الحكومة الى "مبادرات سياسية" من اجل "خفض التوتر" على غرار تعليق انتخاب الجمعية التأسيسية. وردا على سؤال بشأن احتمال فرض عقوبات اوروبية على فنزويلا، قالت موغيريني ان "الخيارات كافة على الطاولة". ووصف الرئيس نيكولاس مادورو موغيريني بانها "وقحة". وقال ماريانو دي البا الخبير في العلاقات الدولية "ان الضغط الدولي وحده لن يكون حاسما لكن يمكن ان يسهل حلحلة الازمة" حيث ان الجمعية التأسيسية ستكون لها "كلفة بالنسبة للمصالح الاقتصادية والسياسية للحكومة" وتقلص من هامش المناورة لديها. واضاف "يمكن ان تقنع تهديدات المجتمع الدولي على الاقل بعض المجموعات التي تدعم النظام بانه من الافضل البحث عن مخرج تفاوضي".

احتجاجات ومداهمات

في السياق ذاته قال شهود إن عناصر من قوات الأمن الفنزويلية ذهبت إلى مجمع سكني في بلدة خارج العاصمة كراكاس في أعقاب مظاهرة للمعارضة موجهة اتهامات بأن هناك أسلحة مخبأة بالداخل. وقال السكان إن عشرات الجنود الذين لم يبرزوا مذكرات تفتيش حطموا البوابات وكسروا الأبواب في مجمع (مونتانا ألتا) الذي يضم 11 مبنى في لوس تيكيس وأضافوا أن الشرطة أطلقت الأعيرة المطاطية والغاز المسيل للدموع بمجرد دخولها. وزاد شيوع هذه المداهمات ردا من حكومة الرئيس نيكولاس مادورو على مظاهرات للمعارضة وكثيرا ما تتسم بالعنف. وتطالب المعارضة بانتخابات مبكرة وحل للأزمة الاقتصادية. بحسب رويترز.

وقالت ديليسيا دياز (63 عاما) وهي إحدى ساكنات المجمع إن الجنود كسروا نافذة شقتها التي تقع في الدور الأرضي بأسلحتهم. وقالت "فتحت بابي فشهروا أسلحتهم في وجهي. وقالوا لي ‭‭‭‬‬‬عودي للداخل... وإلا فأنت تعرفين ما سيحدث لك‭‭‭‬‬‬". وخلال المداهمة التي حدثت بعد أن قتل جندي في الحرس الوطني بالرصاص خلال احتجاج على مقربة قال سكان إن الجنود اقتحموا بعض الشقق أيضا. ولم يتضح عدد المداهمات التي جرت بدون مذكرات تفتيش منذ بدء أحدث جولة من المظاهرات في أبريل نيسان رغم أن بعض التقارير الإعلامية وساسة من المعارضة يشيرون إلى أنها أكثر من عشر عمليات مداهمة.

اقتحام الكونجرس

من جانب اخر قال شهود إن مؤيدين للحكومة يحملون مواسير اقتحموا مبنى الكونجرس الذي تسيطر عليه المعارضة في فنزويلا فهاجموا النواب وحاصروهم في أحدث موجات العنف ضمن أزمة سياسية تشهدها البلاد. وأصيب سبعة ساسة من المعارضة في المشاجرات التي مثلت بؤرة توتر أخرى مثيرة للقلق في الأشهر الأخيرة بالدولة الواقعة في أمريكا الجنوبية وعضو منظمة أوبك التي تهزها احتجاجات المعارضة ضد الرئيس الاشتراكي نيكولاس مادورو.

وقال رئيس الجمعية الوطنية خوليو بورجيس إن أكثر من 350 سياسيا وصحفيا وضيفا على الجلسة التي أقيمت بمناسبة عيد الاستقلال حوصروا حتى غروب الشمس. وقال للصحفيين "هناك رصاص وسيارات دمرت منها سيارتي وبقع دماء حول القصر (مبنى الكونجرس)... العنف في فنزويلا له اسم وكنية: نيكولاس مادورو".

وقال شهود إن الحشد تجمع بعد الفجر مباشرة خارج المبنى في وسط مدينة كراكاس وردد هتافات مؤيدة لمادورو. وفي الصباح اقتحم العشرات البوابات يحملون مواسير وهراوات وحجارة وبدأوا الهجوم. وسار عدة نواب مصابين بصعوبة تغطيهم الدماء في أروقة الجمعية الوطنية. وتعرض بعض الصحفيين للسطو.

وقال شهود إن بعد الهجوم حاصرت مجموعة من نحو 100 شخص، ارتدى كثير منهم ملابس حمراء وهتفوا "تحيا الثورة"، من كانوا بالمبنى لساعات بداخله. وحمل بعض من كانوا بالحشد خارج المبنى مسدسات وهددوا بقطع المياه والكهرباء. و ندد مادورو بالعنف "الغريب" في الجمعية الوطنية وطلب إجراء تحقيق. لكنه تحدى المعارضة أن تتحدث بصراحة عن العنف الصادر من صفوفها. بحسب رويترز.

وفي احتجاجات يومية منذ أبريل نيسان تكررت مهاجمة المتظاهرين الشبان لقوات الأمن بالحجارة وقذائف المورتر محلية الصنع والقنابل الحارقة وأحرقوا الممتلكات. وقتلوا رجلا سكبوا عليه البنزين وأشعلوا النار فيه. وقال مادورو "أريد السلام لفنزويلا. لا أقبل العنف من أي أحد".

من جانب اخر جاء في وثائق عسكرية اطلعت عليها رويترز أن 123 عسكريا من القوات المسلحة الفنزويلية على الأقل اعتقلوا منذ بدء احتجاجات مناهضة للحكومة في أبريل نيسان وذلك بتهم تتراوح بين الخيانة والعصيان إلى السرقة والفرار من الخدمة.

وشملت لائحة المعتقلين ضباطا فضلا عن جنود من رتب أقل من القوات البرية والبحرية والجوية والحرس الوطني وأظهرت بوضوح حجم السخط والانشقاق في الجيش الفنزويلي الذي يبلغ حجمه بالكاد 150 ألف فرد. وأظهرت السجلات، التي تحتوي على أسماء العسكريين المعتقلين في ثلاثة سجون فنزويلية، اعتقال حوالي 30 عسكريا من الجيش لهروبهم من الخدمة أو ترك مواقعهم وحوالي 40 للتمرد أو الخيانة أو عدم إطاعة الأوامر منذ أبريل نيسان. وجهت تهم السرقة إلى معظم باقي العسكريين المعتقلين.

ويعاني ملايين الفنزويليين من نقص في المواد الغذائية ومعدلات تضخم مرتفعة جراء الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تهيمن على البلاد. وتبدأ المرتبات في القوات المسلحة من الحد الأدنى للأجور الذي يعادل 12.50 دولار في الشهر وفقا لسعر الصرف في السوق السوداء. ويشكو أفراد في الجيش بشكل غير علني من ضعف الرواتب وسوء التغذية.

اضف تعليق