q
{ }

متابعةٌ لتطورات الأوضاع التي تلت الضربة العسكرية الأمريكية لقاعدة الشعيرات السورية وكشف ملابساتها ومسبباتها، طرح مركز المستقبل للدراسات الستراتيجية في ملتقى النبأ الاسبوعي ورقته النقاشية تحت عنوان (الضربة العسكرية لسوريا إنتقال من الأقوال إلى الأفعال)، بمشاركة عدد من مدراء المراكز البحثية والشخصيات الحقوقية والأكاديمية والإعلامية في ملتقى النبأ الأسبوعي الذي يعقد صباح كل يوم سبت بمقر مؤسسة النبأ للثقافة والأعلام.

وأدار الجلسة الإعلامي حيدر الاجودي عضو مركز المستقبل للدراسات الستراتيجية، مشيرا في حديثه إلى أن الجيش الأمريكي نفذ وبأمر من رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب، صباح يوم الجمعة 7/4/2017 ضربة صاروخية قرابة (60) صاروخ من طراز كروز توما هوك استهدفت قاعدة الشعيرات الجوية العسكرية للنظام السوري، وذلك ردا على هجوم بالأسلحة الكيمياوية، اتهمت واشنطن النظام السوري بتنفيذه على بلدة خان شيخون شمالي غرب البلاد.

وأسفرت الضربة على مطار الشعيرات العسكري في وسط سوريا عن سقوط قتلى وجرحى فضلا عن أضرار مادية، وفق ما أعلنته مصادر إعلامية رسمية.

وجاءت هذه الضربة بعد خطاب ترامب يوم الثلاثاء الماضي الذي وجه فيه تهديدا صريحا وواضحا للنظام السوري إثر استهدافه المتكرر على مدنيين أبرياء بحسب تعبيره، حيث قال (سترون سترون) بعد أن سُأل عن الرد الأمريكي تجاه النظام السوري.

وأضاف الاجودي، نددت كل من طهران وموسكو بالضربة الأميركية، بينما رحبت دول الخليج والأردن وتركيا والمانيا وبريطانيا وفرنسا واليابان والمعارضة السورية بالعملية الصاروخية.

حصلت ضربة الـ(60) صاروخ على تأييد وترحيب من دول عدة، معتقدين أن اللحظة حانت لإصلاح ما يُعد مصدر ألم عميق للضمير العالمي، ما يجعلهم يشعرون بتحسن إزاء القضية، بالمقابل سيتعين على النظام السوري الرد، وقد لا يكون رد الفعل صارخاً مثل هجمات مباشرة على الجيش الأمريكي في المنطقة. ولكنه قد يتمثل في إستهداف وكلاء سوريا لأهداف أمريكية سهلة في مكان قريب، وستحاول روسيا حفظ ماء وجهها بعد أن تعرض أسطولها العسكري الى ضربة أمريكية فيجب أن تجد رداً مناسباً قد لا يكون الرد إجراءاً عسكرياً، وربما لا يكون في سوريا، فالرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، معروف ببراعته في ضرب خصمه بطرق مختلفة.

إن الاتهامات التي أطلقها البيت الأبيض بحق النظام السوري فيما يخص الأسلحة الكيمياوية لا تعتبر سوى منفذ للدخول إلى الساحة السورية، واللعب مع الخصوم بشكل مباشر ومحاولة إضعاف جبهتي روسيا وإيران في المنطقة، وذلك بفرض الخروج عن سياسة النأي بالنفس عن كل الأفعال التي يرتكبها النظام السوري والانتقال عمليا بتوجيه الضربات الجوية وربما تكون البرية في الخطوة القادمة وخصوصا بعد تأكيدات اللجان الدولية بعدم وجود الأسلحة الكيمياوية عند الجيش السوري ولا يستخدمها مطلقا.

من هذه المعطيات أعلاه يمكننا الخروج بعدة اسئلة نختصرها بالسؤال الاول الذي يختص بتداعيات الضربة العسكرية.

السؤال الأول: هل تعني الضربات الجوية بمثابة رسالة لإعادة الأزمة لنقطة البداية والعودة الى المربع الأول؟

- حامد الجبوري باحث في مركز الفرات للتنمية والدراسات الستراتيجية "يرى أن السياسة الإيرانية لها حضور فاعل على بعض دول الشرق الأوسط مثل العراق ولبنان وسوريا وفلسطين، وهذا يذكرنا بصراحة بالرئيس الامريكي ترامب حينما قال أمريكا أولا أي الانكفاء نحو الداخل فأين هو من هذا التصريح في الوقت الذي فيه سوريا، هذا يبدو تناقضا لكنه في حسابات الرئيس الأمريكي يريد أن تكون أمريكا أولا في الداخل والخارج، وهذا يعد جرس إنذار بالنسبة لإيران وروسيا ويحاول أن يكشف من خلال ذلك ردة فعل كلا الطرفين".

الدكتور حسين أحمد: رسالة لإيران

- الدكتور حسين أحمد رئيس قسم الدراسات الدولية في مركز الدراسات الاستراتيجية - جامعة كربلاء وباحث في مركز الفرات للتنمية والدراسات الستراتيجية، يعتقد بأن تداعيات ودلالات هذا الموقف كثيرة ومهمة وربما أي أزمة في المستقبل خاصة في منطقة الشرق الأوسط سيتم التعامل معها بنفس الطريقة، بداية الرئيس الأمريكي السابق اعتمد منهجيته في السلوك الخارجي إتجاه النظام الدولي ككل على منهجية الليبرالية المثالية وينأى بالولايات المتحدة بالتدخل المباشر، اما الإدارة الامريكية الجديدة بإدارة ترامب فإنها تعتمد الواقعية بشكل أكبر وبالتالي هي تريد أن تحقق إنجاز ضمنا يقرأ إنتقاد للإدارة السابقة.

وأضاف أحمد "منذ خمسة سنوات من الأزمة السورية وإلى الآن يعتبر هذا أول فعل أمريكي مباشر أحادي الجانب وبعيدا عن التحالف الدولي، وبالتالي هناك تحول مهم في السلوك الامريكي إتجاه الازمة السورية، ربما قراءة إذا كان النظام السوري هو المتورط في أزمة الضربة الكيمياوية في إدلب فمعناها أن النظام السوري وقع في الفخ، وهذا الفخ ناجم ربما من ستراتيجية النظام السوري وبشار الأسد في أولويات التعامل مع الازمة السورية في ظل النظام الأمريكي، حظيت باهتمام في الحملة الانتخابية الامريكية لكن هذا الاهتمام قرأ خطأ من النظام السوري، وفهم من قبل النظام السوري إنه تراجع في الأولويات فيما يخص إزاحة بشار الأسد وتقدم أولوية القضاء على داعش، ربما فهمت خطأ من هذا الجانب اذا كان النظام السوري هو المتورط".

واكمل احمد، "الجانب الثاني إن التعامل الامريكي كان بعيدا عن الازمة السورية وهو يختصر على الجوانب السياسية اليوم، الدلالة الثانية فيما يخص النظام السوري الذي فقد أهميته وتأييده لصانع القرار الأمريكي، وهذا الموقف خطير بالنسبة للنظام السوري وحتى في إطار مفاوضات جنيف سيكون له موقف ضعيف، إلى جانب ذلك الموقف الروسي خصوصا ومع وجود منظومة (اس 300) وبالتالي كان بإمكان الصواريخ الروسية أن تتصدى لتلك الصواريخ، إن قاعدة الشعيرات بالذات تقع في وسط سوريا أهميتها تأتي من كونها اكبر المطارات الحربية في سوريا، ثانيا لم يسيطر عليها أي جماعات إرهابية وبقية تحت سيطرة النظام السوري وبالتالي كان هناك اطمئنان روسي على وجود بعض الخبراء في هذا الموقع بالذات وكان هناك إنسحاب قبل الضربة العسكرية للجنود والخبراء الروس، فنفهم من ذلك ان هناك تأييدا ضمنيا لروسيا والدليل على ذلك انها لم تتصدى للصواريخ الأمريكية".

وأضاف أيضا "اغلب الدول في التحالف الدولي كان لها علم مثل فرنسا وبريطانيا، إذا هناك تأييد لهذا السلوك، الجانب الآخر حتى بالنسبة للطرف الإيراني والروسي هناك دلالات أخرى واحدة من هذه الدلالات فربما يكون هناك تدخل دولي إذا ما كانت هناك جماعات خارج الحكومات تقوم بأفعال معينة في سورية او في العراق وربما يكون هناك تدخل أكبر، الدلالة الأخرى هذه رسالة واضحة إن الفعل المباشر لن يكون بعيدا عن خيارات الإدارة الامريكية اتجاه أي مستجد او أي أزمة في المنطقة، وهذه رسالة واضحة لإيران واطرافها في المنطقة وممكن ان يتكرر هذا السيناريو في العراق او في اليمن او ربما يكون التدخل بشكل اكبر من خلال تدخل بري في سوريا، الرسالة الأهم قبيل الضربة او بعد الضربة بقليل حذرت الولايات المتحدة الامريكية ايران من توجيه أي ضربات إتجاة القوات الامريكية الموجودة في العراق، وهذا يفهم منه تحديد قدرات إيران في الداخل العراقي وقصقصت اجنحتها في العراق وسوريا، وربما ردة الفعل الإيرانية ستكون خارج سوريا وبالتالي هذا الامر سيعقد المسألة في سوريا".

حمد جاسم: حروب أمريكا جمهورية

- حمد جاسم التدريسي في جامعة كربلاء والباحث في مركز الفرات للتنمية والدراسات الستراتيجية، من جهته قال: "إنها ليست المرة الأولى التي تستخدم فيها الأسلحة الكيمياوية في سوريا ففي عام (2013) كان هناك تهديد بتوجيه ضربة لكن تدخل روسيا ونزع سلاح سوريا الكيمياوي هو الذي جنب سوريا الضربة العسكرية، لكن في عام (2015 و 2016) أيضا كانت ضربات كيمياوية وهذه الضربة الرابعة الكيمياوية، لكن اليوم توقيت الضربة يبعث على التساؤل خصوصا وان أغلب حروب أمريكا تحدث ايام الحزب الجمهوري كما حصل مع حرب الخليج الثانية في عام (1991) اذا الحزب الجمهورية هو صاحب القوة العسكرية في أمريكا".

وأضاف جاسم "بطبيعة الحال أمريكا ارادت أن تبعث عدة رسائل أولا إسكات الداخل الأمريكي الذي كان دائما ما يتهم ترامب بأنه جاء بدعم روسي، الرسالة الثانية تطمين المعارضة السورية الرسالة الثالثة تطمين دول الجوار من مثل الأردن ومصر والسعودية التي كانت تتهم امريكا على مواقفها الضعيفة اتجاه إيران وحزب الله، كذلك إنهاء دور الأمم المتحدة المفاوضات السورية الآن في جنيف بدأت تأخذ منحى الحل السلمي لذلك أمريكا أرادت أن تبعث رسالة بأن أمريكا لها دور في الأزمة السورية ولا يمكن إستبعادها من أي مفاوضات، كذلك بعد فشل المعارضة من الوصول إلى أهداف أمريكا بالمنطقة الإدارة الأمريكية ارتأت التدخل المباشر بالأزمة السورية مع احتمالية أن يكون هذا التدخل نقطة ضعف وإشكالية كبيرة لها عواقب جسيمة على أمريكا، وأيضا هو يشكل عامل ضغط على الجانب السوري لتقديم تنازلات".

عدنان الصالحي: رسالة لحلفاء أمريكا

- عدنان الصالحي مدير مركز المستقبل للدراسات الستراتيجية، يعتقد أن العملية لا زال فيها شيء من الغموض ولا يمكن الجزم بمقدار دقتها، لكن هناك ثمة أهداف متعددة للضربة أولها إن الرئيس الأمريكي، أرد أن يقول للأخرين بأن أمريكا لازالت موجودة وهي صاحبة الكلمة الأولى، وهي محاولة لفرض الأمر الواقع وأن الرسالة قد تقرأ سوريا خليجيا غربيا، الشيء الآخر الضربة تمثل رسالة لحلفاء أمريكا تحاول أن تطمأنهم من خلالها بأنها صاحبة اليد الطولى، إلى جانب ذلك فإن تأثير الضربة على الواقع السوري خاصة وأن التدخل الأمريكي على الأرض السورية مستبعد، ولكنه اعطى زخما إعلاميا للنظام السوري بمواجهة عدوان واسع قد يحشد له شعبيا من خارج سوريا ومن داخلها".

وأضاف الصالحي "إن من يتفق عليه الامريكان وقوى الارهاب، يجب أن يحظى بالدعم والتأييد، وهذا نوع من الدعاية الإعلامية له في التعاطف بمستوى جيد من حيث الدعم العربي، فلو كانت أمريكا تريد أن تعاقب السوريين على استخدام الأسلحة الكيماوية التي لم تثبت لحد الان الجهة التي استخدمتها، لكان استهدفت رموز معينة او مباني رسمية كوزارة الدفاع والخارجية، لذا فالقضية تحتاج لتحليل استخباري عسكري وأن الموضوع كان أكبر من حجم الضربة العسكرية وهناك رسائل متبادلة بين الكبار في سوريا ورسائل أخرى للجهات في الشرق الأوسط بأننا قادمون وبقوة ومن نريد له البقاء يبقى ومن نريد له الرحيل عليه الرحيل، وهناك رسالة للداخل الإسرائيلي تطمأنهم بأن أمريكا هي الأقوى وموجودة".

الشيخ مرتضى معاش: الصفقة الكبرى

- الشيخ مرتضى معاش رئيس مجلس إدارة مؤسسة النبأ للثقافة والاعلام، يرى "إن ترامب أراد أن يبرز نفسه على أنه يختلف عن أوباما لكل من يتجاوز الخطوط الحمراء، فقبل أيام من موعد الضربة الكيمياوية وما نتج عنها من ضربة عسكرية، صرحت مندوبة الولايات المتحدة الامريكية وأيد ذلك البيت الأبيض بأن أمريكا أقرت ببقاء الأسد، وهذا غير كل قواعد اللعبة وأثار جملة من العواصف وبالتالي القصف الكيمياوي جاء ردا على الموقف الأمريكي، الذي يتهم به عدة جهات، الجهة الأولى هي النظام السوري وهذا غير واقعي وغير منطقي أن يضيع على نفسه فرصة كسب التأييد الأمريكي الى جانبه وهذه قضية غريبة وغامضة، وهناك وجهة نظر ثانية ترى ان هناك جهة داخل النظام السوري ترفض التطبيع الامريكي وتريد أن تبقي المعركة معركة حياة أو موت في سوريا، فقد يكون هناك خرق داخل النظام السوري ومن وراءه جهات إقليمية حاولت أن تبقي القضية واللعبة هكذا خصوصا وأن هناك من يتحدث عن إتفاق روسي أمريكي عن اخراج إيران من اللعبة السورية".

وأضاف معاش "إن دخول أمريكا واستفرادها ببشار الأسد جاء بسبب إرجاع اللعبة الى مسارها الصحيح هذه نقطة، والنقطة الأخرى إذا كانت هناك مخالفة دولية فالكثير من الدول الغربية يريدون بشار الأسد خارج اللعبة وأيضا في الداخل الأمريكي هناك لوبيات تسعى الى إخراج الأسد من اللعبة، وبالتالي فإن الحال معقد مع بشار وبدون بشار فالحل مع بقاء بشار يبدو أسهل ولكن بخروج بشار ستؤدي الى فوضى كبيرة، لذلك الضربة هي ضربة محدودة ولم تضر النظام وإنما هي مجرد رسائل لهؤلاء المخالفين سواء كانوا محليين او اقليميين او دوليين بأن أمريكا جاهزة للتدخل المباشر، وفعلا هذه الضربة هي من أجل الصفقة الكبرى وأن تدار اللعبة في سوريا بين الثنائي الروسي والأمريكي".

السؤال الثاني: هل هي محاولة لخلط الاوراق بغية القضاء على النظام السوري الحليف للنظام الإيراني؟

- الدكتور حسين احمد، يتصور "ان موضوع خلط الأوراق في القضية السورية قائم منذ عام (2011) والى الآن، وربما كان هناك إثبات وجود للموقف الأمريكي والسبب في ذلك واضح لان روسيا دخلت على الخط السوري وبضربات عسكرية مباشرة ولأكثر من سنة، وبالتالي أن الولايات المتحدة تريد اللحاق بالركب الروسي في الازمة السورية، اما الجانب الثاني هو ترتيب أوراق هذه الضربة تحد من قوة بشار الأسد فعادة أثناء جولات المفاوضات الأربعة في جنيف وجولات الاستبانة، كانت المفاوضات تعقد وتعلن الهدنة ونلاحظ في نفس الوقت هناك ضربات جوية للنظام السوري على بعض مناطق المعارضة، وأغلب هذه الطلعات الجوية تخرج من مطار الشعيرات".

وأضاف احمد "لذلك هذا تحديد لقوة النظام السوري الجوية وبالتالي سينعكس هذا على تراجع قدرته العسكرية خصوصا وإن القوات المرتبطة بالنظام الإيراني هي من تحرر الارض وان دور الجيش السوري منحصر في مسك الأرض وهو يعتمد كثيرا على القوة الجوية في عملية مسك الأرض، الجانب الاخر أن الضربة ستضعف أوراق الجانب السوري التفاوضية في محادثات جنيف القادمة وبنفس الوقت هي رسالة للأذرع الإيرانية والفصائل الموجودة في سوريا على أنها لا يمكن أن تقوم بفعل واضح وكبير لأنها ستجابه بتدخل عسكري أمريكي مباشر".

- حامد الجبوري يرى "إن الضربة لا ترمي إلى خلط الأوراق بل هي عبارة عن إثبات وجود وأن القدرات العسكرية الامريكية دائما قادرة على أن تقول كلمتها الفصل".

- حمد جاسم يجد "إن سوريا الآن تحت النفوذ الروسي وأن دور حزب الله وإيران في سوريا هو تحصيل حاصل، كذلك إننا اليوم أمام تصفية الأوراق في سوريا وليست خلطها الى جانب ذلك فإن بشار الأسد ليس لديه مواقف ثابتة في فترة من الفترات كانوا ضد العراق، الشيء الآخر أمريكا تريد أن تبعث برسالة مفادها أن الحل يبدأ من عندها ويجب أن يكون لها نفوذ، وابعاد كل الحلفاء الإقليميين حيث لا وجود لقوة مثل السعودية وقطر والامارات".

عدنان الصالحي: بوصلة الولاء

عدنان الصالحي يرى "إن أمريكا في ضوء انشاء خط جديد في الشرق الأوسط بدأ بإنتاج هذا الخط من مصر وذهب باتجاه المملكة العربية السعودية والأردن ثم توجه نحو العراق، وهذا الخط بدأ ينمو ويتمحور بإيجاد قوة شبه موالية للولايات المتحدة الامريكية، تنسق معها المواقف والقرارات وهذا مؤشر واضح في الضربة العسكرية الأخيرة على سوريا، كانت ردود الفعل المصرية والسعودية والأردنية والعراقية بين مطالب بتحقيق حول الضربة الكيميائية التي سبقت الضربة الأمريكية وبين المرحب، فلم يكن هناك رفض واضح للقرار الأمريكي أي أن هناك اما تنسيق او تفهم او سكوت على الموضوع".

وأضاف الصالحي "بالتالي أن الأمريكان لا يرغبون في إسقاط بشار الأسد في المرحلة الحالية ولكن يحاولون تغيير بوصلة الولاء لبشار الأسد، أي أنهم يحاولون أرسال رسالة لبشار أنه لا وجود لقوة حكومية في الشرق الأوسط الا بتفاهمات مع الامريكان، هذه الرسائل وصلت الى مصر والسعودية والأردن والعراق وقد تكون سوريا هي المحطة المقبلة، فعليه لابد أن يكون لديك تفاهم مع الإدارة الامريكية لتضمن بقائك وهذه الرسالة يمكن أن يقرأها الأسد وأن الاعلام السوري لم يكن متيبسا إزاء الضربة الامريكية وجاء الرد بأنه سيرفع من عملياته العسكرية اتجاه العناصر المسلحة ولم يذكر المصالح الامريكية، وبالتالي فإن الأمريكان يحاولون إيجاد قوة في الشرق الأوسط وهي محاولة لكسب الحكومات الجديدة ومنها الحكومة في سوريا بوجود بشار من عدمه".

الشيخ مرتضى معاش: اللاعبون الكبار

- الشيخ مرتضى معاش يرى "إن الموقف المصري هو اكثر المواقف التي فيها قراءة للحدث بصورة منطقية وواقعية، وهو طرح الصورة الحقيقية لمستقبل سوريا والقائم على هذا الثنائي الروسي الأمريكي، ودعت مصر إلى توافق أمريكي-روسي من أجل الحل السياسي في سوريا، وفعلا الحل في سوريا يتجه الى تحييد كل الأطراف خارج اللعبة السورية، مثل إخراج دول الخليج والسعودية وقطر واخراج إيران وتركيا بالإضافة الى إخراج الأوربيين من اللعبة، سوريا فقط تبقى للاعبين الكبار وهما أمريكا وروسيا هذا هو الواقع القادم في سوريا، وسوف يعتمد على هذه القضية الا إذا ارتأى الآخرون من الاوربيين والخليجيين والإيرانيين ان يخالفوا هذا المشروع".

وأضاف معاش "هذا قد يؤدي الى صدام وازمات في أماكن ثانية وهذه مشكلة كبيرة وخطيرة جدا، الروس والامريكان ذاهبين الى الحل بهذه الطريقة ولا يقبلون بدخول أي طرف آخر في إطار هذه اللعبة، وأيضا هناك قضية أخرى طرحت في البيت الأبيض هناك مشاكل كبيرة جدا وفوضى كبيرة وخلافات كثيرة والجمهوريين انفسهم منقسمين في داخل الحزب الجمهوري وبالتالي أسقطت أكبر الشخصيات الموالية لترامب، والبعض يرى أن هذه الضربة هي للتغطية على المشاكل الموجودة في البيت الأبيض الأمريكي، وهذه الاحداث ربما تكون مقدمة للصفقة الكبرى والحرب القادمة في الرقة على داعش في سوريا".

وختم الباحث حيدر الأجودي ورقته النقاشية ببعض الاضاءات التي تشير إلى أن الامور لا تبدو ميسرة تماما لإدارة ترامب بعد تلك الضربة فهذا التورط في الوضع السوري هو معقد لما يكفي، وهو ينطوي على العديد من المخاطر بالنسبة للأمريكان ويتعلق الامر هنا بردة الفعل المتوقعة من حلفاء الأسد، وهو ما يزيد من أوراق الضغط الامريكية ويجعل سياستها اكثر فعالية، لكن ماذا لو جاء الرد الروسي قاسيا وقرر بوتين الانتقام والتصعيد بدل التهدئة والاحتواء، بالتأكيد سيجد ترامب نفسه امام خيارين احلاهما مر، إما المضي قدما في تصعيد مماثل سيزيد من تأزيم الأمور، وسيدخل الولايات المتحدة في مستنقع لطالما حرصت على التجنب في التورط فيه أو التقهقر مجددا امام بوتين ليطيح بكل مكتسبات الضربة.

* مركز المستقبل للدراسات الستراتيجية/2001–2017 Ⓒ

اضف تعليق