q

"قاطعوا شركة يونايتد أرلاينز" عبارة دونها أحد رواد مواقع التواصل الاجتماعي في فتنام ووجهها إلى المسافرين الذين يسافرون عبر شركة "يونايتد ايرلانز وذلك احتجاجًا على سوء المعاملة والعنف الذي مارسته الشركة الامريكية عندما رفض أحد الركاب الفيتناميين الخروج من طائرة حجزت الشركة لها تذاكر تزيد عن عدد مقاعدها.

تعد ظاهرة بيع تذاكر أكثر من عدد المقاعد منتشرة وتمارسها أغلب شركات الطيران العالمية بحكم أنها قانونية. وفي الولايات المتحدة لوحدها يواجه أكثر من ستة وأربعين ألف شخصا هذا الموقف كل عام. فقد أظهرت لقطات فيديو صوره الرجل ذو الملامح الآسوية وهو يصيح في حين يجذبه أفراد الأمن من مقعده على طائرة يونايتد إيرلاينز في رحلتها رقم 3411.

أثارت هذه الحادثة موجة استنكار عارمة عبر مواقع التواصل الاجتماعي التي تضج بالمعلومات والتسجيلات المصورة في شأن حوادث وتعديات خلال الرحلات الداخلية في الولايات المتحدة. يرى المختصون في مجال النقل الجوي أن البيئة الأمنية الموروثة من 11 ايلول/سبتمبر 2001 وإنشاء الوكالة الفدرالية لأمن المطارات أعطيا صلاحيات أكبر لأعضاء الطواقم الذين يعالجون كل المسائل على أنها تهديد أمني.

فقد تسببت هذه الحادثة الى تدهور العلاقات بين الركاب وشركات الطيران الأميركية الساعية لزيادة هوامش الأرباح على حساب جودة الخدمة المقدمة للزبائن فقد تدهورت مؤخرا جودة خدمة الزبائن وذلك لان شركات الأميركية تعطي الأولوية لتجديد أسطولها من الطائرات وتحسين المناخ الاجتماعي عن طريق زيادة الرواتب ما يعني بالنسبة للخبراء أنه يتعين الانتظار لوقت اطول قبل وضع الزبائن حقيقة في صلب اهتمامات هذه المؤسسات.

نتيجة للطريقة الوحشية التي استخدمتها شركة الطيران الامريكية لإنزال ديفيد داو البالغ من العمر 69 عاما وهو طبيب من أصول فيتنامية يعيش منذ سنوات في الولايات المتحدة، من طائرة للشركة كانت متجهة من شيكاغو الى لويفيل في التاسع من نيسان/ابريل. رفع محامون عن الراكب دعوى قضائية في محكمة بولاية إيلينوي.

لذا تعهدت شركة "يونايتد ايرلاينز" التوقف عن اللجوء للشرطة لإنزال ركاب من طائراتها وقدم الرئيس التنفيذي لشركة الطيران اعتذارا للرجل الذي تم سحله من الطائرة وأسرته والعملاء الأمريكية بعد موجة الاستنكار ودعوات المقاطعة وأيضا تعليق البيت الأبيض والرئيس الصيني حول الحادثة.

أيضا من الخسائر التي تسببتها الفضيحة المدوية التي طالت شركة الطيران الأمريكية "يونايتد أرلاينز" هو انخفاض أسهم الشركة الى 1.1 في المئة وخسرت شركة الطيران الأمريكية أكثر من 250 مليون دولار في البورصة.

حادثة طرد راكب

فقد جسدت حادثة طرد راكب بالقوة من رحلة لشركة "يونايتد ايرلانز" تدهور العلاقات بين الركاب وشركات الطيران الأميركية فقد حدثت واقعة الاعتداء أثناء رحلة من شيكاغو إلى لويزيانا، وكانت جميع المقاعد محجوزة وأرادت الشركة إجلاء أربعة ركاب من الطائرة لتوفير مقاعد لطاقم الخدمة والأمن، لكن الراكب من أصول فيتنامية يعيش منذ سنوات في الولايات المتحدة رفض مغادرة مقعده مما دفع رجال الأمن للتعامل معه بالقوة.

ورفض الراكب البالغ من العمر (69 عام) النزول وأخبرهم أنه طبيب وعليه أن يكون في الصباح الباكر في المستشفى، إلا أن كل ذلك لم ينفع مع رجال الأمن والطاقم، فما كان منهم إلا أن جروه بالقوة واصابوا وجهه. وأثارت تلك الواقعة التي صورها الركاب عاصفة من الغضب ضد الشركة خاصة على شبكات التواصل الاجتماعي.

الخجل والاحراج

أعرب الرئيس التنفيذي لشركة يونايتد أيرلاينز الأمريكية للطيران أوسكار مونوز عن أسفه لما حدث، وقال إنه شعر "بالخجل والإحراج" بسبب ما حدث، وتعهد بعدم حدوث هذا مجددا لأي راكب، وعلى خلفية الانتقادات التي تعرض لها حيث صدرت مذكرة على الانترنت وقع عليها أكثر من 60 ألف شخص قد طالبت رئيس الشركة بالاستقالة من منصبه.

وقال ردا على سؤال لشبكة إيه بي سي، الأمريكية حول استقالته " لا لن أستقيل، أعمل لجعل الشركة أفضل وهو ما أقوم به وما سأستمر في عمله". وأضاف "لن يحدث هذا الأمر مجددا أبدا". ويمثل هذا تغيرا لافتا في موقف رئيس الشركة الأمريكية، الذي هاجم الراكب في البداية ووصفه بأنه "مخرب وعدائي". وردا على سؤال أخر حول تصرف الشركة حال رفض راكب ترك مقعده مرة اخرى، أجاب بأنهم لن يسمحوا لرجال الشرطة بإنزاله بالقوة من الطائرة، "فلا يمكن إنزال راكب حجز مقعدا ودفع مقابله".

تسجيلات مصورة

ويتعرض أوسكار مونوز لضغوط لاحتواء سيل من الدعاية السلبية ودعوات بمقاطعة يونايتد إيرلاينز أطلقت شرارتها تسجيلات مصورة التقطت لمعاملة مسؤولي أمن المطار السيئة لداو. وأظهرت لقطات فيديو صورها ركاب رجلا يصيح في حين يجذبه أفراد الأمن من مقعده. وفق رويترز.

وشوهد الرجل ذو الملامح الآسيوية أثناء جره على ظهره من يديه وأطرافه في الممر بين مقاعد الطائرة وفمه ينزف ونظارته معوجة وقميصه مرفوع عن بطنه. وقالت الشركة إن داو طرد من الطائرة لإفساح مكان لعضو إضافي في الطاقم. وأظهرت مقاطع مصورة من الواقعة داو وهو يعود إلى الطائرة ويقول "اقتلوني فحسب. اقتلوني. يجب أن أعود إلى المنزل."

ردود أفعال

وفي محاولة لاحتواء الموقف أعلنت إدارة الطيران في شيكاغو عن رفع اسمى ضابطي الأمن المتورطان في الواقعة من جدول العمل والمناوبة "ومنحهم "عطلة"، كما أعلنت وزارة النقل الأمريكية مراجعة إجراءات شركة الطيران في التعامل مع الحجز الزائد.

وكان البيت الأبيض قد وصف ما حدث على متن الطائرة بأنه أمر "مقلق". وكان يعتقد في البداية أن الراكب من أصول صينية، ما دفع متحدث باسم وزارة الخارجية الصينية للإعلان عن أن بكين "لاحظت الحادث المؤسف في الولايات المتحدة". واضاف المتحدث باسم وزارة الخارجية لو كانغ "نأمل مخلصين ان يتم تسوية هذا الحادث بشكل سليم".

غضب في فيتنام

تنامى الغضب في فيتنام بسرعة بعد أن تردد أن داو من أصل فيتنامي وليس صينيا كما كان يعتقد في بادئ الأمر. وغضب الفيتناميون كذلك بسبب مزاعم عن ماضي داو نشرت في الولايات المتحدة وشملت أنه قد يكون عنصريا. وعلق انه ترانج خويا على فيسبوك موقع التواصل الاجتماعي الأكثر انتشارا في فيتنام قائلا "مشاهدة هذا تجعل الدماء تغلي في عروقي. لن أستخدم طيران يونايتد إيرلاينز أبدا في حياتي."

وكتب نجوين خاك هوي يقول "قاطعوا يونايتد!!! هذا تجاوز! فلنكن متحابين ومتحدين يا أيها الشعب الفيتنامي." ولم يرد تعليق فوري من الحكومة أو وسائل الإعلام الرسمية. وفق رويترز.

رفع دعوى

رفع محامون عن الراكب الذي أُنزل قسرا من طائرة دعوى قضائية في محكمة بولاية إيلينوي لإلزام الشركة بحفظ التسجيلات المصورة وغيرها من الأدلة المتعلقة بالواقعة. ويريد المحامون أن تحفظ يونايتد إيرلاينز ومدينة شيكاجو، التي تدير مطار أوهير الدولي، على المقاطع المصورة التي التقطها كاميرات المراقبة وتسجيلات قمرة القيادة وقوائم الركاب والطاقم والمواد الأخرى المتعلقة بالرحلة رقم 3411 مستشهدين بخطر تعرض موكلهم الدكتور ديفيد داو "لتحيز خطير".

وقال بول كالان، وهو محام يعمل في القضايا المدنية والجنائية في نيويورك، إن الغضب العام من معاملة داو سيدفع على الأرجح الشركة إلى تسوية سريعة وسخية. وأضاف "لأن يونايتد (إيرلاينز) لديها مشكلة كارثية على هذا النحو في العلاقات العامة فإن القضية تكتسب قيمة أكبر مما تكتسبه قضية مماثلة. وفق رويترز.

مشكلة في النظام

قررت شركة يونايتد إيرلاينز الأمريكية للطيران عدم الاستعانة مرة أخرى بضباط شرطة لإنزال ركاب من طائرات زائدة العدد بعد الغضب العارم. وأبلغ أوسكار مونوز الرئيس التنفيذي للشركة محطة إيه.بي.سي نيوز التلفزيونية "لن نستعين بمسؤولي إنفاذ القانون... لإبعاد راكب أتم حجزه ودفع ثمن التذكرة وجلس على مقعده."

وقال مونوز إن الحادث نجم عن "مشكلة في النظام" منعت الموظفين من إعمال "الحس السليم" في ذلك الموقف وإن الدكتور ديفيد داو الذي جره ضباط الأمن إلى خارج الطائرة لم يرتكب جرما. وقالت إدارة النقل الأمريكية إنها تنظر فيما إذا كانت الشركة قد اتبعت التعليمات الخاصة بحجز تذاكر أكثر من عدد المقاعد والتي تلزم شركات الطيران بوضع خطوط إرشادية عن كيفية إنزال الركاب إذا لم يتطوعوا بترك مقاعدهم. وفق رويترز.

ممارسات خاطئة

إذ تسلط هذه الحادثة الضوء على ممارسات الحجز الزائد لمقاعد الرحلات، يعود النقاش بقوة عن تدهور الخدمة جراء النمو الكبير في قطاع النقل الجوي وتعزيز القطاع في الولايات المتحدة حيث تتشارك أربع شركات طيران ("اميريكن ايرلانز" و"يونايتد" و"دلتا" و"ساوثويست") حصة كبرى من السوق. وفق فرانس برس.

وقال روس أيمر "عندما تقل المنافسة في السوق يصبح الخيار محصورا"، مضيفا "الناس يريدون الاستفادة من أرخص الأسعار. ولتلبية هذا الطلب، تعمد الشركات الى الحد من جودة خدماتها".

وبرأي هذا الخبير، ثمة أيضا مسألة تتعلق بتردي وضع البنى التحتية للمطارات في حين كان النقل الجوي يشهد طفرة كبرى.

تدهور خدمة الزبائن

قال روس أيمر الطيار المتقاعد في شركة "يونايتد" والمستشار حاليا في شركة "ايرو كونسلتينغ اكسبرتس" الاستشارية لوكالة فرانس برس إن "خدمة الزبائن تدهورت بدرجة كبيرة". وأقر المدير العام لشركة "يونايتد ايرلاينز" اوسكار مونيوس بأنه "نظرا إلى التجارب الأخيرة يتعين علينا بوضوح تحسين خدمتنا للزبائن"، متعهدا بجعل الزبون أولوية لأن "خدمة الزبائن ليست اجراء أو اداة بل هي قيم".

وبدأت هوامش الراحة للركاب تتدهور بعد هجمات 11 ايلول/سبتمبر 2001، في اتجاه سجل تسارعا خلال أزمة العام 2008 التي أثرت سلبا على الكثير من شركات الطيران الأميركية. فقد ألغت هذه الشركات الوجبات المجانية المقدمة في الرحلات الداخلية كما باتت تفرض رسوما مالية على نقل الحقائب وتستعين بشكل متزايد بمقاولين فرعيين فضلا عن فرض رسوم في مقابل حجز مقاعد معينة وخدمات أخرى في الرحلات، وسط تردّ متزايد لحالة الطائرات المستخدمة.

الأرباح الضعيفة

ومع إقرار شركات الطيران الأميركية بوجود ثغرات كبيرة عليها سدها لتحسين مستوى رضا الركاب، تشير هذه الجهات إلى قلة الخيارات المتاحة أمامها في ظل الأرباح الضعيفة التي تحققها على رغم التراجع الكبير في أسعار المحروقات منذ 2014.

وتراوح هوامش الأرباح بين 2 و4 % مع أن هذه الشركات هي من بين الأكثر ربحية في العالم وستستحوذ لوحدها على 61 % من الأرباح في هذا القطاع التي ستبلغ هذه السنة نحو 30 مليار دولار بحسب الاتحاد الدولي للنقل الجوي (اياتا). وتحقق هذه الشركات ارباحا بمعدل 19,58 دولارا عن كل راكب تنقله في مقابل 5,65 دولارات لمنافساتها الأوروبية وفق اياتا.

اضف تعليق