q

يواصل المرشح اليمين فرانسوا فيون وعلى الرغم التسريبات الإعلامية حول قضايا فساد مالية التي أضعفته كثيرا في هذا السباق، حملته الانتخابية من اجل الفوز والوصول الى كرسي الرئاسة، فمنذ بداية العام الحالي وكما نقلت بعض المصادر، كرر فيون مرارا بأن الحسم في الانتخابات الرئاسية سيحدث في الأسبوعين الأخيرين من الحملة، حيث سعى مرشح اليمين الى تكثيف جهوده في الفترة الاخيرة من اجل تغير بعض النتائج والتوقعات خصوصا وان بعض الشخصيات المهمة أعلنت وقوفها وراء فيون.

يضاف الى ذلك ان اغلب استطلاعات الرأي الاخيرة تظهر تقاربا كبيرا بين المرشحين الأربعة الأوفر حظا. وهذا التقارب الكبير بحسب بعض الخبراء سيزيد حده الحرب الانتخابية في الأيام القادمة التي قد تشهد أيضا مفاجئات أخرى. ورغم أن الأمل لا يزال ممكنا، فإن موقع فيون، لا يزال بعيدا عن وضع المرشح الأوفر حظا. "يظهر تاريخ الحملات الانتخابية الرئاسية أن كل المرشحين الذي صنفوا ثالثا في استطلاعات الرأي قبل أسبوعين من الانتخابات لم يمروا إلى الدور الثاني، ما عدا في حالة جان ماري لوبان في 2002".

وبالرغم من أن استطلاعات تشير إلى تصدر مرشحي «الوسط» ايمانويل ماكرون و«اليمين المتطرف» مارين لوبن نوايا التصويت وترجح تأهلهما للجولة الثانية في 7 مايو، إلا أن معظم المراقبين أجمعوا على أن كل السيناريوهات مطروحة في ظل تقلص الفارق بين المرشحين الرئيسيين الأربعة والنسبة العالية للناخبين المتأرجحين الذين سيحسمون قرارهم في الأيام أو الساعات الأخيرة. وفي ظل حالة الغموض التي تخيم على المشهد الانتخابي وصعوبة توقع المرشح الذي سيحسم السباق لصالحه، يجمع المحللون السياسيون في فرنسا على أن هذه الانتخابات غير مسبوقة منذ إطلاق «الجمهورية الخامسة» في عام 1958 ووسط توقع غياب الحزبين الرئيسيين اللذين تناوبا على حكم البلاد منذ نحو 60 عاما؛ كما أن هذه المرة الأولى التي تقترب فيها تيارات أقصى اليمين واليسار في فرنسا من الكرسي الرئاسي.

التنصت على فيون

وفي هذا الشأن قال مساعد للمرشح الرئاسي الفرنسي فرنسوا فيون إن فيون تعرض "على الأرجح" للتنصت في إطار تحقيق قضائي وذلك في أحدث اتهام توجهه حملة فيون ضد السلطات. وكان فيون متقدما في استطلاعات الرأي لكنه تراجع بعد فضيحة مالية. وكان فيون اتهم الرئيس الاشتراكي فرنسوا أولوند مؤخرا بتدبير مؤامرة ضده.

وفي تصريحات تذكر باتهامات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للرئيس السابق باراك أوباما يثير فيون وفريقه الآن مزاعم عن أعمال تنصت. وقال إريك سيوتي عضو البرلمان والمساعد المقرب من حملة فيون لمحطة إذاعة أوروبا‭-‬1 وتلفزيون سي.نيوز في مقابلة "هذا أمر مرجح جدا" وذلك ردا على سؤال عن تقارير تفيد بأن فيون نفسه قال إنه من المرجح أن يكون تعرض للتنصت في إطار التحقيقات في اتهامات بإساءة استخدام المال العام. وأضاف "هذا ليس أمر غير قانوني لكنه مرة أخرى يمثل فضيحة ديمقراطية." بحسب رويترز.

ومثلما فعلت اتهامات سابقة وجهتها حملة فيون في الأسابيع الماضية أثار الاتهام بالتنصت بعض الانتقادات. وقال فرنسوا بايرو زعيم حركة الديمقراطيين التي تنتمي للوسط وهو حليف لإيمانويل ماكرون الأوفر حظا بين مرشحي الرئاسة "لا أعتقد على الإطلاق أن هناك أي عمل مدبر." وقال عن فيون "نظريات المؤامرة... تبعد المرء عن الاضطلاع بمسؤولياته."

المرشح الأبرز

من جانب اخر يناضل فرانسوا فيون المرشح المحافظ في انتخابات الرئاسة الفرنسية من أجل إنقاذ تاريخه السياسي بعد تعرض حملته لفضيحة وظائف وهمية. وتعرض فيون، الذي كان المرشح الأبرز ذات يوم، لأزمة عندما ذكرت صحيفة أسبوعية ساخرة في يناير كانون الثاني أن زوجته بنيلوب حصلت على مئات الآلاف من اليورو نظير أعمال بسيطة بما في ذلك عملها لعدة أعوام كمساعدة له في البرلمان.

كما دفع فيون أموالا لنجليهما عن عملهما كمحاميين عندما كان عضوا بمجلس الشيوخ في الفترة بين عامي 2005 و2007. ونفى رئيس الوزراء السابق (63 عاما) ارتكاب أي أخطاء. لكن المسألة ورد فعله العنيف عليها أضرا بصورته الإجمالية ككاثوليكي ممارس للشعائر الدينية وبتاريخه السياسي الذي استمر 36 عاما دون أي فضائح. كما عرضته هذه الفضيحة لمزاعم بأنه شخص منافق حيث إنه يقترح علاجا بالصدمة للاقتصاد الفرنسي يتضمن استقطاعات حادة في الإنفاق العام وتقليص نحو نصف مليون وظيفة في القطاع العام وإلغاء نظام ساعات العمل الأسبوعية وعددها 35.

ورغم أن فيون يأتي في المرتبة الثالثة بعد زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان ومرشح الوسط إيمانويل ماكرون بحسب استطلاعات الرأي المتعلقة بالانتخابات الرئاسية فإنه لا يزال يأمل في التأهل لجولة الإعادة المقررة في السابع من مايو أيار بين المرشحين اللذين سيحصلان على أكبر عدد من أصوات الناخبين خلال الجولة الأولى في 23 أبريل نيسان. وفيون، أحد المعجبين برئيسة الوزراء البريطانية السابقة مارجريت تاتشر، محافظ اجتماعي يرغب في الحد من حقوق التبني للأزواج المثليين. كما دعا لعلاقات أكثر دفئا مع روسيا.

وبوصفه آت من داخل الوسط السياسي وصف فيون نفسه بأنه الرجل القادر على إحداث "تحول عميق أقرب إلى الثورة" والذي يقول إن فرنسا بحاجة إليه بعد أعوام من بطء النمو في عهد الرئيس الاشتراكي فرانسوا أولوند. وقال فيون في مقال رأي نشر في صحيفة ليزيكو "خطتي هي الخطة الوحيدة الجذرية بما يكفي لإخراجنا من الحفرة الاقتصادية."

ويواصل فيون معركته بعد أن حقق معه قضاة بشأن مسألة الوظائف الوهمية في مارس آذار رغم أنه كان قد هدد في مرحلة سابقة بالانسحاب من السباق إذا خضع لأي تحقيق. ورغم استقالة عدد من مساعديه في الحملة ونتائج استطلاعات الرأي التي أظهرت رغبة الناخبين في انسحابه قاوم فيون أيضا ضغوطا من داخل حزب الجمهوريين الذي ينتمي إليه لدفعه إلى الانسحاب.

وقال مصدر قضائي إن التحقيق بشأن الفساد اتسع نطاقه في وقت لاحق ليشمل ملابس فاخرة حصل عليها فيون في صورة هدايا. ورد فيون زاعما أنه ضحية لمؤامرة حكومية لوقف ترشحه من خلال تسريب مواد مسيئة له عبر وسائل الإعلام متهما الرئيس أولوند ذاته بالوقوف وراءها. ونفى مكتب أولوند ذلك الاتهام. وتفوق فيون في سباق المحافظين على كل من الرئيس السابق نيكولا ساركوزي ورئيس الوزراء السابق ألان جوبيه. بحسب رويترز.

وولد فيون في منطقة سارت الواقعة على بعد نحو 200 كيلومتر غربي باريس. وكان أصغر عضو في البرلمان عندما انتخب عضوا فيه لأول مرة حيث كان يبلغ من العمر 36 عاما. ورغم توليه عدة مناصب وزارية، ظل فيون بصفة عامة بعيدا عن الأضواء. وكان ساركوزي اختار فيون رئيسا للوزراء في الفترة بين عامي 2007 و2012. ووصفه ساركوزي ذات يوم بأنه لا يزيد فعليا عن كونه موظفا كبيرا وهو الوصف الذي اشتهر به. ورغم أسلوبه المعتدل والمهذب أبدى فيون قدرة واضحة عندما كان وزيرا للشؤون الاجتماعية في عام 2003 حين واجه احتجاجات في الشوارع على إصلاحاته بشأن سن التقاعد. ويهوى فيون، ولديه خمسة أبناء من زوجته المولودة في بريطانيا، قيادة السيارات السريعة.

فيون يحذر

الى جانب ذلك حذر المرشح المحافظ في انتخابات الرئاسة الفرنسية فرانسوا فيون ‬‬من أن فرنسا تواجه نفس مصير اليونان المثقلة بالديون ليثير مجددا جدلية "الدولة الفاشلة" التي فجرها خلال زيارته للجزيرة المطلة على البحر المتوسط قبل عشرة أعوام. وقال فيون لأنصاره السياسيين أكرر ما قلته هنا في كورسيكا في 2007. نحن دولة فاشلة... لدينا ديون تجبرنا على السعي للحصول على مليارات اليورو يوميا في الأسواق الدولية." وأضاف "فرنسا اليوم هي دولة يمكن وضعها بجانب إسبانيا والبرتغال وإيطاليا وربما في يوم ما اليونان."

وتقوم حملة فيون على ضرورة الحد من الإنفاق وتقليص العجز في فرنسا. ووعد فيون بتوفير مئة مليار يورو من خلال خفض الإنفاق وخفض الوظائف الحكومية بواقع 500 ألف وظيفة وهي مقترحات أشد من أي مقترحات طرحها مرشحون آخرون من التيارات الرئيسية. وأثار فيون عاصفة سياسية في كورسيكا في سبتمبر أيلول 2007، عندما كان رئيسا للوزراء في عهد الرئيس المنتخب حديثا آنذاك نيكولا ساركوزي، بقوله إنه أصبح الآن على رأس دولة فاشلة. وقال آنذاك "أنا على رأس دولة فاشلة على الصعيد المالي. أنا على رأس دولة تعاني من عجز هائل منذ 15 عاما."

وكان هذا أقوى انتقاد للأداء المالي لفترة حكم الرئيس الأسبق جاك شيراك وهو محافظ حكم فرنسا لفترتين منذ 1995. وكانت هذه الانتقادات سببا في خلاف طويل بين فيون وساركوزي الذي قال مقربون إنه لم يتقبل أن يصف رئيس حكومته نفسه بأنه رأس الدولة - وهو دور يضطلع به رئيس فرنسا. ويبذل فيون جهدا لإنعاش حملته الانتخابية فيما لم يتبق على الانتخابات سوى ثلاثة أسابيع بعد أن خسر تقدمه في السباق بسبب فضيحة تتعلق بمزاعم أن زوجته تقاضت أموالا لأعمال ربما لم تقم بها.

كما وجه فيون إصبع الاتهام إلى الرئيس فرانسوا هولاند بالوقوف وراء تسريب معلومات إلى وسائل الإعلام قادت إلى ملاحقته قضائيا، قائلا إن هولاند يترأس "مكتبا أسود" ينظم هذا النوع من التسريبات. ونفى هولاند تماما هذه الادعاءات مؤكدا على احترامه لاستقلالية القضاء. وصدر بيان عن الرئاسة الفرنسية ندد فيه هولاند "بحزم بالادعاءات الكاذبة لفرانسوا فيون"، مؤكدا أن السلطة التنفيذية لم تتدخل منذ انتخاب هولاند في 2012، "بتاتا في أي مسالة قضائية، ولطالما التزمت باحترام استقلالية القضاء". وتابع البيان "أما بالنسبة إلى القضايا الخطيرة المتعلقة بالسيد فيون، (...) فإن رئيس الجمهورية لم يعلم بها إلا من الإعلام".

ورد فيون على هولاند وقال فيون "منذ شهرين، تغرقني الصحافة بسيل من الوحول". وأضاف "إن هذا يذكرني غالبا ببيار بيريغوفوا"، رئيس الوزراء السابق في عهد فرانسوا ميتران الذي انتحر في 1993 بعدما كشف عن تورطه في قضية مالية. وقال فيون "فهمت لم يمكن أن يصل المرء إلى هذا المكان". بحسب فرانس برس.

ثم اتهم هولاند بترؤس "مكتب أسود". وأشار إلى كتاب سيصدر قريبا قال إنه اطلع على جزء منه، وفيه أن هولاند "يطلب كل التسجيلات القضائية التي تهمه إلى مكتبه، وهو أمر غير قانوني تماما". وطالب بفتح تحقيق "حول الادعاءات الموجودة في الكتاب، لأنها تشكل فضيحة دولة".

اضف تعليق