q

تزايدت التوترات بشكل كبير بين الولايات المتحدة الامريكية وكوريا الشمالية، منذ أن أطلقت البحرية الأمريكية وكما نقلت بعض المصادر، 59 صاروخ توماهوك على قاعدة جوية سورية، وهوما أثار مخاوف من خطط الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حيال كوريا الشمالية التي أجرت تجارب صاروخية ونووية في تحد لعقوبات الأمم المتحدة. حيث حذرت الولايات المتحدة من أن سياسة "الصبر الاستراتيجي" التي انتهجتها مع بيونجيانج انتهت، هذه التوترات والتهديدات المتبادلة يمكن ان تسهم وبحسب بعض المراقبين، في اشعال حرب كارثية يصعب السيطرة عليها، خصوصا وان الولايات المتحدة قد أرسلت حاملات طائرات لترابط مقابل شبه الجزيرة الكورية. وهو ما اثار غضب كوريا الشمالية التي قالت ان جيشها، سوف يدمر الولايات المتحدة "بلا رحمة" إذا قررت واشنطن مهاجمتها. ونقلت وكالة الأنباء المركزية الكورية الرسمية عن الجيش قوله في بيان "سيكون رد فعلنا على الولايات المتحدة وقواتها البحرية من القسوة بحيث لن يترك للمعتدين فرصة للنجاة."

واتهم وزير الدفاع الكوري الشمالي هانغ سونغ ريول الإدارة الأمريكية في عهد ترامب بأنها اصبحت "شريرة وعدوانية" في تعاملها مع بلاده. واستخدم الجيش الشعبي الكوري بدوره خطابا قتاليا بإصداره بيانا يهدد فيه بضربات موجهة لقواعد عسكرية أمريكية وأهداف في كوريا الجنوبية. وجاء في البيان "كلما اقتربت تلك الأهداف، كحاملات الطائرات النووية، كانت ضرباتنا موجعة أكثر".

وأدان البيان "لجوء ترامب إلى أساليب التهديد والابتزاز"، مشيرا إلى الضربة الصاروخية الأمريكية التي استهدفت قاعدة جوية سورية. وحث واشنطن على "العودة لرشدها" و "إيجاد وسائل أفضل لمعالجة الوضع الحالي". وكان ترامب قد كرر القول إنه سيمنع بيونغ يانغ من صناعة صواريخ بالستية ذات رؤوس نووية يصل مداها إلى الولايات المتحدة. وكان أحد مستشاري السياسة الخارجية للبيت الأبيض قد قال إن الولايات المتحدة تبحث الخيارات العسكرية. وقد عبر ترامب مؤخرا عن عدم تردده في اللجوء إلى الخيار العسكري، حين أمر بقصف قاعدة جوية سورية، ثم إلقاء قنبلة ضخمة على أهداف لتنظيم داعش في افغانستان. وينتاب واشنطن القلق من أن تطور بيونغيانغ سلاحا نوويا تستخدمه لمهاجمة الولايات المتحدة.

كوريا الشمالية تدين

وفي هذا الشأن أدانت كوريا الشمالية الولايات المتحدة لجلبها "أصولا استراتيجية نووية هائلة" إلى شبه الجزيرة الكورية مع توجه مجموعة حاملة طائرات أمريكية إلى المنطقة وسط مخاوف من إقدام الشمال على إجراء تجربة نووية سادسة. وأصدر متحدث باسم معهد نزع الأسلحة والسلام التابع لوزارة الخارجية في كوريا الشمالية بيانا يدين هجوم الولايات المتحدة على سوريا بينما يدعو أيضا إلى "السلام بالقوة". ونقلت وكالة الأنباء المركزية الكورية عن البيان قوله "فرض هذا وضعا خطيرا قد يتسبب في اندلاع حرب نووية في أي لحظة في شبه الجزيرة وشكل تهديدا خطيرا للسلام والأمن العالميين ناهيك عن السلام والأمن في شمال شرق آسيا."

ولا تزال كوريا الشمالية في حالة حرب مع كوريا الجنوبية من الناحية الفنية إذ انتهت الحرب التي دارت بينها بين 1950 و1953 بهدنة دون توقيع معاهدة سلام. وأجرت بيونجيانج تجارب صاروخية ونووية تزامنا مع أحداث سياسية كبرى وتهدد في كثير من الأحيان الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية واليابان. وتحتفل كوريا الشمالية "بيوم الشمس" الذي يوافق الذكرى 105 لميلاد كيم إيل سونج مؤسس الدولة.

وفي حين أن الرئيس الأمريكي حذر كوريا الشمالية من أنه لن يتهاون مع أي استفزازات فإن مسؤولين أمريكيين قالوا إن إدارته تركز استراتيجيتها على تشديد العقوبات الاقتصادية. وقال ترامب إن بيونجيانج مشكلة "سيتم التعامل معها" وإنه يعتقد أن الرئيس الصيني شي جين بينغ "سيبذل قصارى جهده" للمساعدة في حل هذه المشكلة. وأضاف أن الولايات المتحدة مستعدة للتعامل مع الأزمة بدون الصين إذا اقتضى الأمر.

وأمر ترامب حاملة الطائرات كارل فينسون، التي تعمل بالطاقة النووية، ومجموعتها الهجومية بالتوجه إلى شبه الجزيرة الكورية في استعراض للقوة. لكن مسؤولا كبيرا بالإدارة الأمريكية علق على تقرير لشبكة (إن.بي.سي) نيوز نقل عن مسؤولي مخابرات أمريكيين كبار أن واشنطن مستعدة لتنفيذ ضربة استباقية بالأسلحة التقليدية إذا اقتنع المسؤولون بأن كوريا الشمالية على وشك إجراء تجربة نووية قائلا إنه "خاطئ تماما". ونفى مسؤول أمريكي آخر التقرير ووصفه بأنه "تكهن على أفضل تقدير".

ورفضت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) التعليق قائلة إن سياستها هي عدم مناقشة العمليات المستقبلية "أو التكهن علنا بالسيناريوهات المحتملة." وقال مساعدون إن رحلة بنس إلى كوريا الجنوبية مؤشر على التزام الولايات المتحدة حيال حليفتها في مواجهة التوترات المتصاعدة. وقال مستشار للسياسة الخارجية في البيت الأبيض للصحفيين "سنجري مشاورات مع جمهورية كوريا بشأن جهود كوريا الشمالية لتطوير صواريخها الباليستية وبرنامجها النووي."

وذكرت وسائل إعلام في اليابان أن الحكومة أكدت أنها ستتخذ كل الإجراءات الاحتياطية المتعلقة باستفزازات جديدة من قبل كوريا الشمالية. وقالت صحيفة نيكي الاقتصادية اليومية إن مناقشات الحكومة تضمنت كيفية إنقاذ ما يقدر بنحو 57 ألف مواطن ياباني في كوريا الجنوبية فضلا عن مواجهة تدفق محتمل للاجئين الكوريين الشماليين إلى اليابان قد يكون من بينهم جواسيس وعملاء لبيونجيانج. بحسب رويترز.

وذكرت وكالة أنباء كيودو أن اليابان بدأت في فبراير شباط إعداد خطط للتعامل مع أزمة محتملة في شبه الجزيرة الكورية وذلك بعد لقاء رئيس الوزراء شينزو آبي بترامب في الولايات المتحدة. وقال يوشيهيدي سوجا كبير أمناء مجلس الوزراء في مؤتمر صحفي "تهتم الحكومة للغاية بتحركات كوريا الشمالية النووية والصاروخية وتجمع المعلومات وتحللها." وتابع "في الوقت الحالي نحن على اتصال وثيق مع الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية ونحث الشمال على الامتناع عن أي أعمال استفزازية والالتزام بقرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة."

الخيار العسكري

الى جانب ذلك أكد مسؤول أمريكي كبير أن الولايات المتحدة تجري تقييما لخياراتها العسكرية من أجل الرد على استمرار برنامج التسلح الكوري الشمالي، مشيرا إلى أنه يتوقع أن تقوم بيونغ يانغ باختبار جديد، إما نووي أو لصاروخ بالستي لكن السؤال هو "متى". وتأتي تصريحات هذا المسؤول بعد ساعات على تأكيد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن "كوريا الشمالية مشكلة (...) ستتم معالجتها".

ويعتقد مراقبون أن النظام الشيوعي يمكن أن ينتهز فرصة الذكرى السنوية الخامسة بعد المئة لميلاد كيم إيل-سونغ أول زعيم لكوريا الشمالية، لإطلاق صاروخ بالستي أو إجراء تجربة نووية جديدة ستكون السادسة. والاختباران محظوران من قبل الأسرة الدولية. وتوحي مؤشرات جديدة بأن نشاطا يجري في موقع التجارب النووية في كوريا الشمالية، كما يقول خبراء في الموقع الإلكتروني "38 نورث" ومسؤولون أمريكيون نقلت إذاعة صوت أمريكا تصريحاتهم.

وذكر هؤلاء أن كوريا الشمالية "وضعت على ما يبدو عبوة نووية في نفق" ويمكن أن يتم تفجيرها صباح السبت. وقال أحد مستشاري البيت الأبيض للسياسة الخارجية طالبا عدم كشف هويته إن "الخيارات العسكرية تدرس أصلا". وبعدما رأى أن اختبارا جديدا، نوويا أو لإطلاق صاروخ بالستي، "ممكن"، قال هذا المسؤول إن الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ-أون" يواصل مع الأسف، وهذا لا يفاجئنا، تطوير برنامجه ويواصل إطلاق الصواريخ في بحر اليابان". وأضاف "مع هذا النظام السؤال ليس معرفة ما إذا كان (سيحصل ذلك) بل متى". بحسب فرانس برس.

ويؤكد الرئيس الأمريكي باستمرار منذ انتخابه أنه سيستخدم كل الخيارات لمنع بيونغ يانغ من امتلاك صواريخ عابرة للقارات قادرة على تعريض الولايات المتحدة لضربة نووية محتملة. لكن في الجلسات يعترف البيت الأبيض بأن ضرب كوريا الشمالية سيكون "مسألة أكثر تعقيدا" من الضربة التي وجهت إلى سوريا، على حد قول مسؤول آخر في الإدارة الأمريكية. وقد تؤدي ضربة كهذه إلى رد يستهدف اليابان وكوريا الجنوبية، حليفتي الولايات المتحدة. وحتى الآن لم تنجح بيونغ يانغ على ما يبدو من صنع صواريخ تتمتع بمدى كاف لبلوغ الأراضي الأمريكية أو لحمل قنبلة ذرية.

الغارات على سوريا

من جانب اخر وصفت كوريا الشمالية الضربة الصاروخية الأمريكية في الأراضي السورية بأنها "عمل عدواني لا يُغتفر". وقالت إنها أثبت "للمرة المليون" أن قرارها تطوير أسلحة نووية "خيار صائب". جاء ذلك في بيان لوزارة خارجية كوريا الشمالية، نقلته وكالة الأنباء الرسمية هناك، وذلك في أول تعليق على قصف صاروخي شنته الولايات المتحدة، عبر سفن حربية في البحر المتوسط على قاعدة الشعيرات الجوية السورية.

وتقول وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) إن القاعدة ، القريبة من حمص، خرجت منها طائرات، شنت غارات باستخدام أسلحة كيماوية، ضد مدنيين سوريين في بلدة خان شيخون بمحافظة إدلب الثلاثاء الماضي. ونقلت وكالة أنباء كوريا الشمالية عن متحدث باسم وزارة الخارجية قوله: "الهجوم الصاروخي الأمريكي على سوريا عمل عدواني صارخ ولا يغتفر، ضد دولة ذات سيادة، ونحن ندينه بشدة". وأضاف البيان: "الحقائق أثبتت للمرة المليون أن قرارنا تعزيز قدراتنا العسكرية لمواجهة القوة بالقوة كان اختيار صائبا".

وتعتبر كوريا الشمالية، المعزولة دبلوماسيا، سوريا حليفا رئيسيا لها. وقالت وكالة الأنباء الكورية الشمالية إن الرئيس كيم يونغ أون والرئيس السوري بشار الأسد "تبادلا الرسائل بالأمنيات الطيبة، وتعهدا بتعزيز الصداقة والتعاون بين البلدين". وتعد الغارات الجوية الأمريكية أقوى تحرك على صعيد السياسة الخارجية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، منذ توليه منصبه في يناير/ كانون الثاني الماضي، وذلك في رد فعل على ما تقول واشنطن إنه هجوم بالغازات السامة، شنته حكومة الأسد على منطقة تخضع لسيطرة المعارضة المسلحة، ما أسفر عن 70 قتيلا على الأقل. وتنفي سوريا شنها ذلك الهجوم.

وشُنت الغارات الأمريكية، بالتزامن مع استقبال الرئيس ترامب نظيره الصيني "تشي جينبينغ" في ولاية فلوريدا، لإقناعه ببذل مزيد من الجهد لكبح البرنامج النووي لكوريا الشمالية. وقال وزير الخارجية الأمريكي، ريكس تيلرسون، إن الرئيس الصيني اتفق مع ترامب، على أن البرنامج النووي لكوريا الشمالية وصل إلى "مرحلة خطيرة للغاية". وتعتقد الولايات المتحدة أن كوريا الشمالية تطور صواريخ، قادرة على الوصول إلى الأراضي الأمريكية وبرنامجا نوويا، وذلك في تحد لعقوبات فرضتها عليها الأمم المتحدة. وقال الرئيس الأمريكي قبل أيام إن بلاده سوف "تحل" مشكلة التهديد النووي القادم من كوريا الشمالية، سواء بمساعدة الصين أو بدونها.

الصين تحذر

في السياق ذاته حذر وزير الخارجية الصيني وانغ يي من ان "نزاعا يمكن ان ينشب في اي لحظة" في كوريا الشمالية بعد تهديدات جديدة اطلقها الرئيس الاميركي دونالد ترامب ضد نظام بيونغ يانغ، مؤكدا ان "لا احد سيخرج منتصرا" من نزاع كهذا. وقال وانغ في مؤتمر صحافي مع نظيره الفرنسي جان مارك آيرولت في بكين ان "الحوار هو المخرج الوحيد" للازمة، وذلك بعدما صرح الرئيس الاميركي ان "كوريا الشمالية مشكلة (...) ستتم معالجتها". بحسب فرانس برس.

واكد وانغ ان الطرف الذي سيشعل نزاعا في شبه الجزيرة الكورية "ينبغي ان يتحمل مسؤولية تاريخية ويدفع ثمن ذلك". وحذر وانغ بدون ان يسمي التهديدات الاخيرة للرئيس الاميركي دونالد ترامب من ان "المنتصر لن يكون الطرف الذي يطلق اشد التصريحات او يعرض عضلاته". واضاف "اذا وقعت حرب فإن أحدا لن يخرج منها منتصرا". واضاف "لدينا شعور بان نزاعا يمكن ان يندلع في اي لحظة. اعتقد ان كل الاطراف المعنية يجب ان تتنبه الى هذا الوضع".

من جانب اخر أوردت افتتاحية لصحيفة تدعمها الحكومة الصينية أن الصين ستعزز حمايتها لكوريا الشمالية إذا أوقفت الدولة المعزولة برنامجها النووي في وقت تسعى فيه بكين إلى الحد من التوترات في شبه الجزيرة الكورية. وذكرت افتتاحية جلوبال تايمز التي تنشرها صحيفة الشعب اليومية الناطقة باسم الحزب الشيوعي الحاكم أنه "بمجرد أن تمتثل كوريا الشمالية لنصيحة الصين المعلنة وتوقف الأنشطة النووية... ستعمل الصين جاهدة على حماية أمن شعب كوريا الشمالية ونظامها بعد نزع السلاح النووي." وأضافت "هذا أفضل خيار لبيونجيانج."

وأكدت وزارة الخارجية الصينية موقف بكين الداعي إلى تهدئة الوضع عبر "تعليق مزدوج" للاختبارات النووية لكوريا الشمالية وللتدريبات العسكرية المشتركة بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية. وقالت جلوبال تايمز في افتتاحية طبعتها باللغة الصينية إن الهدف الرئيسي للبرنامج النووي لكوريا الشمالية هو حماية أمنها وأن تضع نفسها على قدم المساواة مع الولايات المتحدة. وأضافت أن طموحات كوريا الشمالية النووية محض "خيال" إذا ما وضعت في الاعتبار القوة العسكرية للولايات المتحدة وعقوبات مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة. وقالت الصحيفة "إن كوريا الشمالية حاليا هي أكثر دولة معزولة عن العالم. هي محاصرة تماما." وأضافت "لا يمكن لدولة حديثة أن تستمر على هذا الوضع."

اضف تعليق