q

لم يمضِ كثيراً من الوقت على تسلم ترامب رئاسة الولايات الامريكية المتحدة، ليعلم بعد سلسلة وعود متخمة بتصريحات ساخنة خلال حملته الانتخابية أن دولة مثل أمريكا لا يمكن أن تدار كما كان يعتقد، وأن إدارة البيت الأبيض تختلف كثيراً عن إدارة مجموعات شركاته التجارية.

ترامب الذي أصر على أن يظهر أمام الملايين عبر الإعلام سواء في خطاباته أو تغريداته أو مقابلاته الصحفية، الرجل المنتصر قبل أن تبدأ المعركة، اعترف مؤخراً بـ "خيبة أمل" و"بعض الدهشة" بعد أن فشل بإلغاء قانون الضمان الصحي الذي أقره الرئيس السابق أوباما، وظهر واضحاً أنه لا يملك أي رؤى سياسية خارجة عن دائرة تأثره بعقلية رجل الأعمال والصفقات التي يجب أن يشرف عليها مقربون كوزير الخارجية الجديد وصهره وابنته "إيفانكا".

أوباما كير.. أولى الصدمات

أوباما كير.. أو قانون الرعاية الصحية، وقع مرسومه باراك أوباما عام 2010 ويهدف إلى تأمين طبي لنحو 95% من سكان أمريكا بحلول عام 2019 بتكلفة أقل، لكن ترامب وعد بانهيار هذا القانون بمجرد أن يكون رئيساً للبلاد لكنه فشل في تحقيق ذلك.

غير أنه حمّل ما يعرف بالجناح المحافظ المتشدد في الحزب الجمهوري هزيمته القاسية التي تعرض لها بعد شهرين من توليه رئاسة البلاد، إذ فشل في إلغاء نظام أوباما الصحي.

وعلى مدار قرنين بقيت الرعاية الطبية في امريكا من أبرز مسائل الخلاف بين الديمقراطيين والجمهوريين في بلد يفتقد نحو خمسين مليونا من سكانه حاليا للتأمين الصحي.

وصباح يوم الأحد، يعود ترامب إلى منهجه الاستعراضي بتغريدة قال فيها: "الديموقراطيون يبتسمون في واشنطن لأن فريدوم كوكاس بمساعدة كلوب فور غروث وهريتايج قد أنقذوا جمعية تنظيم الأسرة وأوباماكير"، في إشارة إلى غض الحزب الجمهوري النظر عن طرح الغاء نظام اوباما الصحي في الكونغرس الأمريكي.

وبعد هذه النكسة المحرجة لترامب عاد -عبر هذه التغريدة- إلى سلوكه الاستعراضي وهاجم بشكل مباشرة ثلاث منظمات جمهورية متشددة ونافذة، وكشف التجاذبات التي ستواجهه مستقبلاً بمجرد أن يبدأ بالإيفاء بوعود أخرى قد اطلقها قبل توليه الرئاسة أبرزها الإصلاحات الضريبية والإنفاق على البنية التحتية.

ويدور الحديث خلف الكواليس عن منظمة "كلوب فور غروث" او "النادي من اجل النمو" أنها مولت بنصف مليار دولار حملة إعلانية لحث النواب الجمهوريين على معارضة القانون الصحي، وأنها وصفت في وقت سابق ترامب بـ "أسوأ أنواع السياسيين الذي يقول أي شيء من أجل أن ينتخبه الناس".

ترامب يعترف: تعلمنا كثيراً

وأظهرت هذه الهزيمة ضعف ترامب في معرفة داهليز الحكم والسياسة "وسط شعبية متدنية بشكل تاريخي بالنسبة لرئيس اميركي في هذه المرحلة من ولايته"، حسبما أفادت به وكالة فرانس برس.

وسجل ترامب هذا الاعتراف بالقول: "لقد تعلمنا اشياء حول القواعد المبهمة جدا في مجلس الشيوخ وفي مجلس النواب".. ما دافع معارضوه إلى التقاط هذه الاعتراف بفرح غامر.

لكن صحيفة نيويورك تايمز ترى أن "صورة السياسي القليل الخبرة، ليست بالضرورة نقطة سلبية في اعين الناخبين"، على حد قولها.

أما السياسي الجمهوري البارز وأحد منتقدي ترامب شارلي سايكس فيقول عبر تويتر: "هذا أكثر يوم شهد نتائج وتبعات في رئاسة ترامب. لم يكن فشلا وحسب.. بل فشلا مدويا".

لكن ترامب حاول جاهداً ان يمتص صدمة الفشل وقال للصحفيين في البيت الأبيض: " تعلمنا الكثير عن الولاء وتعلمنا الكثير عن عملية كسب الأصوات، وسنمضي قدما في أولويات أخرى".

سعي جديد ولكن..

بعد هذه الصدمة.. من المقرر أن يوقع دونالد ترامب مرسوماً رئاسياً لإلغاء خطة سلفه أوباما للحد من غازات منبعثة من مصانع الفحم.

ويسعى ترامب عبر هذا المرسوم تحقيق وعوده للشعب الأمريكي بخلق وظائف بعد أن كان لدى الإدارة السابقة موقف مناهض من الطاقة العضوية.

ووفقاً للمدير الجديد لوكالة حماية البيئة، سكوت برويت، فإن "الغاء خطة اوباما للطاقة النظيفة التي اقرت في العام 2015 سيعيد خلق وظائف في قطاع الفحم وإنه سيخفض كلفة الكهرباء للأمريكيين.

وكان تعيين سكوت برويت (48 عاماً) مديراً لوكالة حماية البيئة قد أثار جدلاً كبيراً سيما وأنه كان يقاضي الوكالة كثيراً عندما كان نائباً عاماً وقدم أكثر من عشر دعاوى قضائية ضدها.

أبرع مبرم للصفقات متهم!

يأتي ذلك بموازاة تهمة لاحقت وزير الخارجية الأمريكي، ريكس تيلرسون، الذي عينه ترامب وقال إنه "أبرع مبرمي الصفقات في العالم".

وبحسب رويترز، فإن المدعي العام في نيويورك، إريك شنايدرمان، قال "إن وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون المدير التنفيذي السابق لشركة إكسون موبيل استخدم بريدا الكترونيا باسم مستعار خلال عمله في الشركة النفطية لإرسال واستقبال معلومات تتعلق بتغير المناخ وأمور أخرى".

وأحيلت القضية إلى قاض في ولاية نيويورك لتحقق فيما إذا كانت إكسون قد ضللت المساهمين والرأي العام فيما يتعلق بتغير المناخ.

وعيّن ترامب منذ توليه رئاسة الولايات الأمريكية المتحدة العديد من رجال الأعمال في مناصب حساسة ما أظهر أسلوباً مغايرا تماما لنهج إدارة أوباما لحل مشاكل البلاد.

مجلس الشيوخ سيستجوب صهر ترامب

جارد كونشر، صهر ترامب، ومستشاره في حملته الإنتخابية، يواجه هو الآخر طلب استجواب من قبل مسؤول في مجلس الشيوخ الأمريكي، في إطار التحقيق في العلاقة بين مساعدي ترامب والمسؤولين الروس.

وتعتزم لجنة مختصة في التحقيق توجيه اسئلة إلى صهر ترامب بخصوص اجتماعين مع السفير الروسي في برج ترامب بنيويورك، وآخر مع مدير بنك التنمية الحكومي الروسي.

وتحقق أربع لجان على الأقل في الكونجرس في محاولات روسية محتملة للتأثير في مسار عملية التصويت وعلاقات بين مساعدي ترامب ومسؤولين روس.

و من المقرر أن يتحول كونشر زوج "إيفانكا" إبنة ترامب إلى رئيس مكتب الابتكار الأمريكي الجديد التابع للبيت الأبيض.

ويبدو أن كونشر لا يختلف كثيراً عن ترامب في رؤيته الخاصة بإدارة البيت الأبيض، إذ قال في مقابلة له مع صحيفة واشنطن بوست: "يجب أن تدار الحكومة كشركة أمريكية كبيرة".

وكان ترامب قد خصص مكتباً في البيت الأبيض لابنته "إيفانكا" مع السماح لها بالإطلاع على معلومات سرية وحصولها على هاتف حكومي.

فيما يصر مستشارون في البيت الأبيض أن الاخيرة لن تقوم بأي دور هناك.

ربما يفهم ترامب في الأشهر القادمة بعد تعرضه لصدمات أخرى لن تتحول إلى تجارب للتعلم، أن إطلاق الوعود في الحملات الإنتخابية شيء، وتنفيذها على أرض الواقع والسعي لتشريعها شيء آخر تماماً.

اضف تعليق


التعليقات

سعدية عبد الكريم
كويت
طالما انه يعترف بالخطأ سوف يكون أفضل، هؤلاء يتعلمون سريعا، أفضل من حكامنا بعقولهم المغلقة2017-03-29