q

شهدت الفترة الاخيرة تصاعد صراع التصريحات النارية بين تركيا وبعض الدول الاوربية على خلفية عدم موافقة سلطات الاخيرة في مدينة هامبورج تنظيم فعالية ضمن حملة الدعاية للموافقة على تحول النظام التركي الى نظام رئاسي الذي كان من المفترض أن يحضرها وزير تركي، فقد ادعت السلطات في هامبورج عدم كفاية إجراءات الوقاية من الحرائق!.

ولم يكتفي النظام التركي بذلك، فمع تطورات سريعة للصدام بين تركيا وهولندا بعد سحب الأخيرة الإذن لطائرة وزير الخارجية التركي الذي كان ينوي لقاء مواطني بلده في روتردام لغرض الاستفتاء الذي ينوي اقامته النظام التركي أن يقام الأحد 16 أبريل/ نيسان القادم لتحول النظام الى رئاسي.

استغلال الأزمة انتخابيا

وفقا لما نشرته مجلة دير شبيغل الألمانية، فإن كلا من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ورئيس الوزراء الهولندي مارك روته، والمرشح في الانتخابات البرلمانية الهولندية خيرت فيلدرز، قد يكونون من أكبر المستفيدين من الأزمة التي اندلعت مؤخرا، حيث يستعد كل منهما لخوض معارك انتخابية.

وأشارت المجلة إلى أن كل شخص فيهم سيعمل بكل جهد على تحقيق مكسب أكبر خلال هذه الأزمة عن طريق الخطاب التصعيدي لحصد الدعم الشعبي.

شهدت هولندا يوم الأربعاء 15مارس/ آذار الحالي انتخابات برلمانية وسط أجواء مشحونة ضد المهاجرين والمسلمين، فيما تستعد تركيا لإقامة استفتاء يوم الأحد 16 أبريل/ نيسان القادم حول التعديلات الدستورية وسط علاقة متوترة مع أوروبا، وقررت الحكومة الألمانية اجراء الانتخابات التشريعية في 24 سبتمبر/ ايلول القادم في اقتراع حاسم مع تصاعد الشعبوية في ألمانيا وفي العالم، وهي كلها أمور تعني أن كل طرف من الأطراف سيحاول استغلال الحدث لصالحه.

استيعاب الخلاف مع ألمانيا

لم يقتنع قادة الحزب الحاكم في تركيا القلقين من استضافة ألمانيا لمعارضين منتمين لجماعة فتح الله كولن المتهمة بالوقوف خلف عملية الانقلاب الفاشلة، وكذلك من حزب العمال الكردستاني (PKK) الذي يشن عمليات إرهابية ضد الدولة التركية.

وجاء منع السلطات الالمانية تنظيم فعالية لتحول النظام التركي الى نظام رئاسي، صعد من حدة التوتر بين البلدين مؤخرا، والذي وصل لحد تشبيه أردوغان للقرار الألماني بالتصرفات النازية، لكن الأمر توقف عند هذا الحد قبل أن تخفف من حدته المستشارة أنجيلا ميركل في كلمتها أمام البرلمان (البوندستاغ) التي جاء فيها:

ثمة أسباب عديدة تجعل من الخلاف التركي الألماني غير مرشح للتصاعد، منها وجود جالية تركية كبيرة تزيد عن ثلاثة ملايين عبرت عن قلقها من تأثير الخلافات بين البلدين، وأيضا بسبب الاتفاقات المبرمة بينهما بشأن اللاجئين، وهي القضية الأولى على ساحة النقاش السياسي الألماني قبل الانتخابات البرلمانية سبتمبر/ أيلول القادم.

الأزمة تتسع بين تركيا وهولندا ودعوة فرنسية للتهدئة

التوتر التالي جاء مع هولندا التي اجريت انتخاباتها البرلمانية يوم الأربعاء 15 مارس/ آذار الجاري، واتسعت الأزمة بين تركيا وهولندا على خلفية منع الأخيرة وزيرين تركيين من دخول أراضيها، وتوعد القادة الأتراك هولندا بإجراءات عقابية، واتهموا ساستها بالفاشية، في حين دعت فرنسا إلى التهدئة مع دخول دول أوروبية أخرى على خط المواجهة في الخلاف بشأن عقد تجمعات سياسية لحشد تأييد الجاليات التركية للتحول نحو النظام الرئاسي في إطار الاستفتاء المقرر.

وقال الرئيس التركي اردوغان إن هولندا ستدفع ثمنا باهظا لإضرارها بالعلاقات مع تركيا، وطالب المنظمات الدولية بفرض عقوبات عليها، كما انتقد عدم اتخاذ الاتحاد الاوروبي موقفا من منع طائرة وزير الخارجية مولود جاويش اوغلو من الهبوط في مطار روتردام، ومنع وزيرة شؤون المرأة فاطمة بتول من دخول قنصلية بلادها في المدينة ذاتها، ثم إبعادها إلى ألمانيا.

وفي خطاب اردوغان يوم الاحد 12 اذار في إقليم قوجه إيلي قرب اسطنبول، قال: إن هولندا تتصرف وكأنها "جمهورية موز"، مؤكدا أنه كان مخطئا حين اعتقد أن الممارسات النازية ولت وانتهت في الغرب.

من جهته، هاجم وزير الخارجية التركي هولندا ووصفها بأنها عاصمة للفاشية، وحث الأوروبيين على الدفاع عن القيم المشتركة، وقال في كلمة ألقاها يوم الاثنين 13/ اذار خلال تجمع ضم مئات الأتراك في مدينة ميتز الفرنسية إن بلاده بدأت تخطط لإجراءات عقابية ضد هولندا سواء اعتذرت أم لم تعتذر عن سلوكها إزاء أعضاء من الحكومة التركية.

في المقابل طالب رئيس الوزراء الهولندي ماركي روتي أنقرة بالاعتذار عن اتهام القادة الأتراك بلاده بالنازية والفاشية، وقال إن بلاده سترد في حال تمادت تركيا في نهجها الحالي، كما حملت بلاده السلطات التركية مسؤولية سلامة دبلوماسييها، وذلك بعد مظاهرات جرت مساء السبت 11 اذار أمام القنصلية الهولندية في إسطنبول.

احتجاج القنصليات

من جهة أخرى، استخدمت الشرطة الهولندية القوة لتفريق مواطنين أتراك تجمعوا في مدينة روتردام، للتعبير عن رفضهم لمنع الوزيرة التركية من الوصول إلى مقر قنصلية بلادها.

كما تظاهر أتراك أمام سفارة هولندا في أنقرة، وقنصليتها في اسطنبول، للتعبير عن رفضهم للممارسات الهولندية.

وأغلقت السلطات التركية مساء السبت مداخل ومخارج سفارة هولندا بالعاصمة أنقرة، وقنصليتها في مدينة اسطنبول "لدواع أمنية" على خلفية التوتر بين البلدين، وسط تصاعد الخلاف بين البلدين العضوين في حلف شمال الاطلسي (الناتو) أغلقت تركيا أيضا مقرات إقامة السفير الهولندي والقائم بالأعمال والقنصل العام.

وأعلنت وزارة الخارجية التركية مساء السبت أنها استدعت القائم بالأعمال الهولندي في انقرة وأبلغته أن "على سفير هولندا الموجود حاليا خارج تركيا أن يمتنع عن العودة لبعض الوقت".

وقال بيان الوزارة إنه ستكون هناك "عواقب وخيمة على الأصعدة الدبلوماسية والسياسية والاقتصادية وغيرها".

أما نائب رئيس الوزراء التركي نعمان قورتولموش فقال مساء السبت إن بلاده "لن تقف متفرجة على هذه الممارسات. وستتخذ من خلال الوسائل الدبلوماسية حملات مضادة للرد على المعاملة التي تعرض لها مسؤولوها. وسنقلب تلك المعوقات والتصرفات على أعقابه".

وأضاف "ما جرى يعد وقاحة وإساءة أدب بكل ما تحمل الكلمة من معنى، ولا يمكن لتركيا قبول هذه المعاملة". واستطرد "ننتظر من الأصدقاء الأوروبيين أن يظهروا موقفا ضد هذا السلوك القبيح والموقف غير المقبول، ونأمل أن ينجحوا في ذلك".

الخاتمة

بعد أن فتح الجانب التركي وابل التصريحات شديدة اللهجة والتي وصلت إلى حد الاتهامات بالنازية وارتكاب جرائم ضد الإنسانية، هل تقف دول أوروبا مكتوفة الأيدي أمام سيف أردوغان؟

ورغم هذا التصعيد الذي حتما سوف يصب في صالح أردوغان، لأن غضبه سيترجم إلى أصوات لصالحه في الاستفتاء، بحسب متخصصين الشأن التركي والهولندي، هل تحاول هولندا امتصاص الغضب التركي من منطلق لا غنى لأوروبا عن تركيا؟!.

* مركز المستقبل للدراسات الستراتيجية / 2001 – 2017 Ⓒ

اضف تعليق