q

المشروع الأمريكي الخاص بفرض ضرائب على الحدود بين الولايات المتحدة وكندا، وقرارات ترامب القاضية بمنع المهاجرين واللاجئين وترحيل ملايين منهم من دخول الأراضي الأمريكية ،وغيرها من القرارات الاخرى التي وعد ترامب بتطبيقها أثناء حملته الانتخابية، يكمن ان تسهم وبحسب بعض المراقبين في خلق ازمة جديدة بين امريكا والعديد من البلدان ومنها كندا، التي تخشى كغيرها من الدول الاخرى من تضرر اقتصادها بسبب الرسوم والضرائب الباهظة التي تسعى الادارة الامريكية الجديدة الى فرضها، ووفى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كما نقلت بعض المصادر، بتعهد قطعه على نفسه خلال حملته الانتخابية بالانسحاب من اتفاقية الشراكة التجارية عبر المحيط الهادئ. وكانت الاتفاقية التجارية، وهي محور سياسة الرئيس السابق باراك أوباما، قد وقعت من جانب 12 دولة. وقال ترامب وهو ي الانسحاب من الاتفاقية "إن ما فعلناه الآن هو شئ عظيم للعامل الأمريكي".

كما أوقف ترامب تمويل مجموعات دولية تدعم الإجهاض فضلا عن تجميد الاستعانة ببعض العاملين الفيدراليين. وكان ترامب قد انتقد خلال حملته الانتخابية الاتفاقية ووصفها بأنها "كارثة محتملة لبلادنا"، مشيرا إلى كونها تضر بالصناعة الأمريكية. وخضعت الاتفاقية، التي تشمل نحو 40 في المئة من الاقتصاد العالمي، للتفاوض عام 2015 من جانب دول من بينها الولايات المتحدة واليابان وماليزيا واستراليا ونيوزيلندا وكندا والمكسيك.وكان الهدف المنصوص عليه في الاتفاقية هو تدعيم الروابط الاقتصادية وتعزيز النمو بما في ذلك خفض الرسوم الجمركية. كما شملت الاتقاقية تدابير تقضي بتعزيز العمل ومعايير البيئة وحقوق الملكية وبراءات الاختراع وتوفير الحمايات القانونية الأخرى.

ومن المتوقع أن يوقع الرئيس الأمريكي أمرا تنفيذيا يقضي بالتفاوض بشأن اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية "نافتا"، وهي اتفاقية تشمل الولايات المتحدة وكندا والمكسيك. وينتقد ترامب الاتفاقية لكونها تحرم العمال الأمريكيين من وظائفهم. وحدّد وزير التجارة الأميركي ويلبر روس السيناريو الخاص بعملية إعادة التفاوض في شأن اتفاق التجارة الحرة لأميركا الشمالية (نافتا)، فأشار الى أن هذه العملية ستبدأ في وقت لاحق من هذه السنة، وتمتد على مدى 12 شهراً، ويترقب أن تسفر عنها تغييرات مهمة، منها إضافة جوانب جديدة الى الاتفاق التجاري.

وقال في لقاء صحافي إن كندا والمكسيك تعلمان جيداً أنهما سوف تضطران إلى تقديم تنازلات في الاتفاق الذي جمعهما الى الولايات المتحدة منذ الأول من كانون الثاني 1994. ولكن بعد أسابيع من الغموض، أكّد روس أنه لا يتوقع أن تبدأ المحادثات في وقت قريب، مشيراً الى أنه ينوي التوجّه بهذه القضية إلى الكونغرس الذي سوف يستغرق 90 يوماً لتقييم الوضع، مما يعني أن المفاوضات الجدية لن تبدأ قبل نهاية السنة الجارية وهي قد تستمر لأكثر من عام كما أنها قد تشكل اتفاقات بين الأطراف الثلاثة وأخرى ثنائية. وبالإضافة إلى التغيّرات الجوهرية، يخطط روس لإضافة فصول جديدة الى النافتا، بحيث يتضمن الاتفاق بنوداً تتعلّق بالاقتصاد الرقمي.

ضرائب امريكية

وفي هذا الشأن اعتبر رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو أن المشروع الاميركي لفرض ضرائب على الحدود بين الولايات المتحدة وكندا سيكون "سيئا" للبلدين على حد سواء. وقال ترودو خلال مؤتمر لقطاع النفط في هيوستن بولاية تكساس الاميركية "من دون اي لبس (...) إن فرض ضريبة على الحدود سيكون سيئا ليس فقط لكندا وانما للولايات المتحدة ايضا". ويبحث الكونغرس الاميركي اصلاحا ضريبيا ينص في احد بنوده على فرض ضرائب على الواردات حصرا واعفاء الصادرات، وهو ما يعارضه الرئيس دونالد ترامب الذي يفضل نظاما ضريبيا آخر يقوم على فرض رسوم جمركية على واردات محددة، مثلا الواردات الصينية او المكسيكية.

واكد رئيس الوزراء الكندي ان مشروع فرض الضريبة على الصادرات الى الولايات المتحدة هو "ابعد من ان يتم اقراره على ما اعتقد ونحن ما زلنا لا نعلم بالضبط كيف سيكون شكله" او كيف ستتأثر به كندا. واضاف "مما سمعته من العديد من رؤساء الشركات او المسؤولين السياسيين" فان فرض ضريبة على الحدود او اعتماد اي نظام حمائي آخر مماثل "ستكون له تداعيات غير متوقعة لم يوضحها على الارجح مؤيدو هذه الضريبة".

وشدد رئيس الوزراء على ضرورة حماية "المنافع الهائلة" المتأتية من "اقتصاد اميركي-شمالي متكامل". وردا على سؤال عن اعلان وزير التجارة الاميركي وليبور روس ان "الاسابيع المقبلة" ستشهد اطلاق المفاوضات حول مراجعة اتفاقية التجارة الحرة في اميركا الشمالية "نافتا"، اكد ترودو ان هذه الاتفاقية "تم تعديلها وتحسينها على مدى السنوات العشرين الفائتة" وان "حوارا محترما" بين واشنطن واوتاوا هو الوحيد الكفيل بضمان خروج هذه المفاوضات بفوائد على كلا البلدين.

الى جانب ذلك قال وزير كندي إن كندا لن تشدد القيود على حدودها لمنع المهاجرين من العبور بشكل غير قانوني من الولايات المتحدة في أعقاب حملة الولايات المتحدة على الهجرة لأن الأعداد ليست كبيرة بشكل يسبب قلقا. وقال رالف جوديل وزير السلامة العامة إن هذه القضية لم تصل إلى مستوى يتطلب عرقلة تدفق السلع والناس عبر أطول حدود في العالم غير محصنة. وتحدى مئات الأشخاص لاسيما من أفريقيا والشرق الأوسط ظروف الشتاء وساروا عبر الحدود ساعين للجوء. وتقول وكالات للمهاجرين واللاجئين إنهم يفرون من حملة الرئيس دونالد ترامب على الهجرة. بحسب رويترز.

ويعد تدفق مثل هذا العدد الكبير من الأشخاص الساعين للهجرة في الولايات المتحدة والذين يبحثون عن ملاذ في كندا في مثل هذا الوقت القصير أمر غير عادي. ويشكل هذا التدفق خطرا سياسيا على رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو الذي يواجه ضغوطا من اليسار الذي يريده أن يسمح بدخول المزيد ومن اليمين الذي يخشى زيادة الخطر الأمني. ويعمل المسؤولون الكنديون والأمريكيون على خطة لتدبير أمر الساعين للجوء الذين يعبرون إلى كندا بشكل غير قانوني مع حرص المسؤولين الأمريكيين في المقام الأول على اكتشاف كيفية دخولهم الولايات المتحدة.

عبور غير قانوني

الى جانب ذلك كشف ممثل المفوضية السامية للاجئين التابعة للأمم المتحدة في كندا جان نيكولا بوز أنه من بين مئات الأشخاص الذين وصلوا في الأسابيع الأخيرة إلى كندا قادمين من الولايات المتحدة، فإن عدد اللاجئين يفوق عدد المهاجرين. وقامت المفوضية السامية للاجئين بمهمة على المركز الحدودي في لاكول على مسافة 70 كلم إلى جنوب مونتريال، وعلى مقربة منه عند طرف طريق روكسام، حيث تعبر عائلات كاملة تحمل حقائب وتجر عربات أطفال، بالتنسيق مع شرطة الحدود وجهاز الدرك الملكي الكندي.

وأوضح بوز "كان هناك على الدوام حركة عبور" غير قانونية، والسؤال المطروح الآن بدون ورود أرقام رسمية للفترة الأخيرة، يقضي بـ"معرفة ما إذا كانت هذه الظاهرة في تزايد بنسب كبيرة أو مقبولة". وتابع "ثمة لاجئون أكثر مما هناك مهاجرون بين هؤلاء الأشخاص (...) لأنهم لا يأتون إلى كندا طلبا لحياة أفضل بالضرورة، بل لأنهم ببساطة مهددون بالاضطهاد في بلادهم". والمعايير المطلوبة لتقديم طلب لجوء تكاد تكون متشابهة في الولايات المتحدة وكندا. وبموجب اتفاق بين البلدين يعرف بـ"التفاهم حول الدول الثالثة الآمنة"، فإن "طالبي اللجوء يجب أن يقدموا طلبا في أول بلد يدخلونه، إلا في حال عدم دخولهم من مركز حدودي نظامي".

وفي ظل الأجواء السياسية المعادية للاجئين التي انتشرت في الولايات المتحدة مع وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، بات العديدون يختارون العبور بصورة غير شرعية إلى كندا لتقديم طلبات اللجوء. وقال ممثل المفوضية العليا للاجئين في كندا إن "الناس يخشون أن يجدوا أنفسهم في المستقبل في وضع يحرمون فيه من نظام عادل". وأوضح أن الذين التقتهم المفوضية في الأيام الأخيرة "هم أشخاص من الطبقة الوسطى إلى الميسورة، ذوي مستوى تعليمي جيد، وعلى يقين بما يفعلون بعدما أعدوا لرحلتهم بشكل جيد". وتابع أن "معظمهم كانوا في الولايات المتحدة كمحطة عبور، وقد جاؤوا مباشرة من بلدانهم الأصل ويحملون لأسباب شتى تأشيرة دخول صالحة إلى الولايات المتحدة".

وهم سوريون ويمنيون وسودانيون وأتراك وسواهم، معظمهم عائلات و"كانت لديهم دوافع جيدة لمغادرة بلادهم مع فرص كبيرة بأن يتم الاعتراف بهم كلاجئين". وبين طالبي اللجوء هؤلاء على حد قوله "رجال تتراوح أعمارهم بين 18 و35 عاما يمكن أن يتم تجنيدهم في بلادهم الأصل، ولا يريدون الانضمام إلى جيش النظام أو مجموعة مسلحة معارضة". ولفت بوز إلى أن جميعهم تقريبا "تدبروا أمرهم بمفردهم" بفضل "المعلومات المتوافرة على الإنترنت، وبالتالي بدون الحاجة إلى المرور عبر مهربين بالضرورة". بحسب فرانس برس.

وبحسب تقديرات بوز الذي لا يستند إلى إفادات تم جمعها من لاجئين، فإن كلفة الدخول بصورة غير شرعية إلى كندا يمكن أن تصل إلى خمسة آلاف دولار. وترتفع أصوات في كندا للمطالبة بتشديد تدابير المراقبة على الحدود، وهذا لا يشكل مفاجأة حقيقية لإن "هذا الخطاب القائم على إغلاق الحدود يسمع في كل مكان تقريبا، في أوروبا وأميركا الشمالية وأماكن أخرى". وقال جان نيكولا بوز بهذا الصدد إن "حركة انتقال الأشخاص لطالما كانت جارية وستبقى جارية على الدوام"، مشيرا إلى أنها غالبا ما تكون الرد الوحيد "حين يكون الناس يائسين".

من جانبه قال رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو إن بلاده ستستمر في قبول طالبي اللجوء الذين يعبرون الحدود مع الولايات المتحدة بطريقة غير مشروعة لكنها ستتخذ التدابير الأمنية اللازمة للحفاظ على سلامة مواطنيها. ويريد المحافظون المعارضون أن تحد حكومة يسار الوسط التي يرأسها ترودو من تدفق طالبي اللجوء القادمين من الولايات المتحدة نظرا للمخاوف الأمنية ولعدم توافر الموارد اللازمة للتعامل معهم. وقال ترودو أمام البرلمان "أحد مقومات بقاء كندا بلدا مفتوحا هو ثقة الكنديين بنظام الهجرة وسلامة حدودنا والمساعدة التي نقدمها لأناس يتوقون للأمان." وتابع قائلا "سنستمر في الموازنة بين وجود نظام قوي وقبول أناس بحاجة للمساعدة."

وقالت الشرطة الكندية إنها عززت وجودها على حدود كيبيك وإن سلطات الحدود أنشأت مركزا مؤقتا للاجئين للتعامل مع الأعداد المتزايدة من طالبي اللجوء. وزاد عدد المتقدمين بطلبات لجوء عند المعابر الحدودية بين كيبيك والولايات المتحدة بأكثر من المثلين في 2015-2016. وفي

1200 عراقي

الى جانب ذلك أعلن وزير الهجرة الكندي أحمد حسين أن بلاده ستستقبل العام الحالي 1200 لاجئ أيزيدي من العراق تعرضوا للاضطهاد من قبل تنظيم داعش، مشيرا إلى أن 400 سبق ووصلوا إلى الأراضي الكندية. وقال حسين للصحافة إن "عمليتنا جارية، وخلال الأشهر الأخيرة بدأ لاجئون ممن نجوا من تنظيم داعش بالوصول إلى كندا". وأضاف أن "حكومتنا ستعيد توطين نحو 1200 ناج في كندا، ممن هم في حاجة، إضافة إلى أفراد عائلاتهم".

وهذه المبادرة تأتي بعد اعتماد البرلمان الكندي قانونا في الخريف الماضي ينص على استقبال، في غضون أربعة أشهر، أيزيديين فارين من اضطهاد تنظيم داعش في شمال العراق، واللذين تعرضوا إلى "إبادة" بحسب أوتاوا. وأوضح وزير الهجرة الكندي أن تركيز الحكومة منصب خصوصا على "النساء الأيزيديات والفتيات". وأضاف "لقد أظهرت جهودنا أن تنظيم داعش يستهدف عمدا الفتيان أيضا، هذا هو السبب في أننا نساعد على إعادة توطين جميع الأطفال الذين نجوا" من التنظيم الجهادي. بحسب فرانس برس.

وأكد حسين أن "الناجين يصلون إلى كندا على متن رحلات تجارية وبمعدل خاضع للسيطرة، بطريقة لا تصبح فيها أجهزة الاستقبال والدعم لدينا مضغوطة، على غرار ما تعلمناه في خطتنا لاستقبال لاجئين سوريين". وتقدر كلفة هذه المبادرة بـ28 مليون دولار كندي (20 مليون يورو). والايزيديون اقلية ليست مسلمة ولا عربية، تعد اكثر من نصف مليون شخص ويتركز وجودها خصوصا قرب الحدود السورية في شمال العراق ويناصب تنظيم داعش الارهابي هذه المجموعة الناطقة بالكردية عداء شديدا ويعتبر افرادها "كفارا".

على صعيد متصل افاد استطلاع نشرت نتائجه ان كنديا من اصل اربعة يدعم تقييد حركة الهجرة الى كندا، على غرار السياسة التي يعتمدها في هذا المجال الرئيس الاميركي دونالد ترامب. وجاء في بيان صادر عن مؤسسة "انغوس ريد" التي اجرت الاستطلاع ان وصول عدد من المهاجرين غير الشرعيين من الولايات المتحدة خلال الفترة الاخيرة، قد يكشف "عدد المهاجرين الذين يمكن ان يوافق عليهم الكنديون".

وخلال الاسابيع القليلة الماضية عبر عشرات طالبي اللجوء بشكل غير شرعي الحدود الاميركية الكندية وطلبوا حق اللجوء في كندا، ما اثار مخاوف من ارتفاع اعدادهم بشكل كبير مع تحسن الاحوال الجوية في الربيع والصيف المقبلين. واعتبرت غالبية الاشخاص الذين شملهم الاستطلاع (58%) ان الحكومة تستقبل ما يكفي من اللاجئين (حاليا نحو 40 الفا سنويا) او انهم يريدونها ان تستقبل اكثر. بالمقابل رأى اكثر من 40% ان "العدد مرتفع اصلا وعلى كندا الا تستقبل المزيد من اللاجئين".

حول مسألة اندماج اللاجئين السوريين في المجتمعات التي تستقبلهم اعتبر اكثر من نصف الكنديين ان اللاجئين السوريين "لا يبذلون ما يكفي من الجهود للاندماج في المجتمع الكندي". واجري الاستطلاع بين السادس والتاسع من شباط/فبراير وشمل 1508 كنديا مع هامش خطأ %2,5.

اضف تعليق