q
{ }

شكل الحضور المخابراتي هاجسا مهما في قاموس العديد من الدول بهدف ضرب مصالحها والتآمر عليها وخرق منظومتها السياسية والامنية وحتى الاقتصادية، ولأجل تسليط الضوء على هذا الموضوع وملامسته ملامسة واقعية، ناقش مركز المستقبل للدراسات الستراتيجية لمناقشة هذا الموضوع من خلال ورقة اعدها الباحث الدكتور قحطان الحسيني، تحت عنوان (دور المخابرات الغربية في إثارة الحروب الأهلية في الدول الشرق اوسطية)، بمشاركة عدد من مدراء المراكز البحثية وبعض الشخصيات الاكاديمية والاعلامية والصحفية في ملتقى النبأ الأسبوعي الذي يعقد كل سبت بمقر مؤسسة النبأ للثقافة والاعلام.

الدكتور الحسيني اورد في مستهل كلامه ان جهاز المخابرات هو مؤسسة من مؤسسات الدولة الأمنية والاستخباراتية تختص بجمع المعلومات خصوصا فيما يتعلق بالقضايا ذات المساس المباشر بالأمن الوطني للدول، ومن ثم تحليلها وتقديم رؤى وتوصيات للحكومة لاتخاذ قرارات مهمة وحساسة وخطيرة للحفاظ على الأمن الداخلي والخارجي للدولة، وعادة ما تعمل اجهزة المخابرات على تنفيذ سياسات الحكومات وفق آليات ووسائل محاطة بحجم كبير من السرية، وللمخابرات مهمتان أساسيتان أحدهما تعنى بجمع المعلومات عن البلدان والمؤسسات الأجنبية وتقييمها، والثاني يدافع عن الأمة ضد عمليات التجسس التي تقوم بها الدول المناوئة، والأعمال الأخرى التي تستهدف إضعاف البلاد.. وتشارك بعض وكالات المخابرات في عمليات سرية أي أنها تتولى بشكل سري أنشطة سياسية مصممة للتأثير في مجرى بلدان أجنبية. وهي تحتاج لقدرات فائقة وعالية على صعيد الأفراد والتجهيز. لذلك تعد أجهزة المخابرات من العوامل الفاعلة والمؤثرة في عملية صنع القرار السياسي على المستويين الداخلي والخارجي.

يشير موقع (ليست فيلا) الأمريكي المتخصص في ترتيب أقوى أجهزة المخابرات العالمية إلى إن اقوى عشرة اجهزة مخابرات في العالم لسنة 2016 جاءت وفق الترتيب الآتي:-

10- جهاز البحث والتحليل الهندي ( RAW).

9- مديرية الامن العام الفرنسية ( DGSE ).

8- جهاز الامن الفيدرالي الروسي FSB.

7- الاستخبارات الاتحادية الالمانية BND

6- وزارة امن الدولة الصينية MSS

5- وكالة المخابرات الباكستانية ISI

4- المديرية العامة للدراسات والمستندات المغربية DST

3- معهد المخابرات والمهمات الخاصة في اسرائيل (الموساد)

2- المخابرات العسكرية البريطانية MI6

1- المخابرات المركزية الامريكية CIA

وبشكل عام، تستخدم أجهزة المخابرات أساليب شرعية وغير شرعية في سبيل جمع بعض المعلومات أو تنفيذ المهمّات الخارجية حيث تعتمد على أشخاص يخضعون لتدريبات عالية ويتميزون بامتلاك مواهب وقدرات استثنائية تمكنهم من القيام بمهامهم الخطيرة.

لا شك بأن المخابرات الغربية وخصوصا البريطانية والأمريكية قد لعبت دورا بارزا في زعزعة امن الدول المعادية لها او تلك التي تنتهج سياسة لا تتماشى مع المصالح الغربية.

ويضيف الحسيني "وكثيرا ما تطرح العلاقة بين الحركات المتطرفة وبريطانيا جدلا كبيرا على مدى العقود الماضية التي فتحت فيها لندن ذراعيها لاستقبال المهاجرين والهاربين المتطرفين من الدول الشرق اوسطية تحت شعارات حقوقية. علاقة بدأت تكشف عن أسرارها وخباياها التي ظلت سرية لسنوات دون أن تبرح أدراج المخابرات البريطانية، مع عدد من المحاولات الاستقصائية التحليلية، كما هو شأن كتاب “التاريخ السري لتآمر بريطانيا مع الأصوليين” لمارك كورتيس، الذي عمد من خلاله إلى إزاحة اللثام عن مسؤولية الحكومات البريطانية المتعاقبة في صناعة التطرف الإسلامي في الشرق الأوسط.

ويكمل الحسيني: ونظرا إلى استناده في رصده وتحليله ونقاشه إلى وثائق رسمية بريطانية مسربة من وزارة الخارجية وجهاز المخابرات البريطانيين، كشف مارك كورتيس أنّ إسهام بريطانيا في صعود التهديد الإرهابي يتجاوز كثيرا تدخلاتها الحالية التي تعد كارثة في الشرق الأوسط، فالحكومات البريطانية، من العمال والمحافظين، على حدّ سواء، تواطأت في إطار سعيها لتحقيق ما يسمى بـ”المصلحة الوطنية” في الخارج على مدى عقود طويلة، مع القوى الإسلامية المتطرفة بما في ذلك التنظيمات الإرهابية، وقد تسترت عليها وعملت إلى جانبها وأحيانا دربتها ومولتها بغية الترويج لأهداف محددة. كما أقامت بريطانيا مع بعض هذه القوى الإسلامية المتطرفة تحالفا استراتيجيا دائما لضمان تحقيق أهداف سياستها الخارجية الأساسية طويلة المدى، ودخلت في زواج مصالح واتحاد وثيق بصورة مؤقتة مع قوى أخرى منها لتحقيق نتائج محددة قصيرة المدى.

ويرى كورتيس أن بروز الإسلام المتطرف مع نهاية عقد السبعينات من القرن الماضي شكل تهديدات وفرصا على حدّ سواء بالنسبة إلى السياسة الخارجية البريطانية، وتبين السجلات المسرّبة أنّ الفرص كانت عادة هي الأكبر.

وبين الحسيني: فعندما نستعرض نشأة "وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية CIA وفروعها ووسائل التجسس التي تستخدمها وتطور أساليبها في العمل، يتضح لنا حجم الدور الذي تقوم به هذه المؤسسة حول العالم، فطالما سمعنا عن هذا الجهاز الذي يجوب دول العالم شرقا وغربا شمالا وجنوبا ويتواجد في كل مكان على شكل هيئات ومؤسسات وواجهات رسمية مختلفة، تارة سياسيين وأخرى دبلوماسيين، هيأة من العلماء ومنظومة شركات ورجال أعمال ووفود رياضية وفنية، وخلايا نائمة وأشخاص وجواسيس مأجورين يملئون بقع الأرض كجنود في رقعة الشطرنج العالمية.

كما اكد الحسيني: إن الأساليب المستخدمة من قبل اجهزة المخابرات الغربية كالتجسس والتنصّت باستخدام الأجهزة الأكثر تطورا، والحرب النفسية واستخدام النساء في الجنس لابتزاز المسئولين في الدول المستهدفة لغرض تجنيدهم واستقاء المعلومات منهم، تأتي لأجل معرفة نقاط الضعف في دولهم ومن ثم مهاجمتها بوسائل استخباراتية لزعزعة الأمن فيها خدمة لمصالح الدول الغربية.

واوضح الحسيني: ففي كتاب.. من أطلق على نفسه مستر همفر Hamver يحدثنا كيف أن وزارة المستعمرات البريطانية قد كلفته مع تسعة جواسيس آخرين في منطقة ما يسمى بالشرق الأوسط وصولاً إلى تركيا وإيران. بإجراء مسح شامل للمنطقة (اجتماعي وسياسي) وذلك في أواخر عهد الدولة العثمانية (الرجل المريض) وكيف أن وزارة المستعمرات كانت تطمح برفع عدد جواسيسها إلى الألف، لتسريع عملية شق المجتمع وخلق الخلافات الطائفية والمذهبية فيه وتغذيتها بكافة الأشكال.

ويسترسل الحسيني: هذا وقد نشرت صحيفة الجارديان البريطانية تقريرا في حزيران 2015 أشارت فيه إلى أن السياسة الأمريكية والغربية في الحريق الهائل الذي اندلع في الشرق الأوسط الآن تصب في القالب التقليدي للسياسة الاستعمارية “فرق تسد”، حيث تقوم القوات الأمريكية بقصف جماعة معارضة، بينما تدعم أخرى في سوريا وتصعد العمليات العسكرية المشتركة ضد تنظيم داعش في العراق.

وترى الصحيفة أن التدخلات العسكرية الغربية المتواصلة في الشرق الأوسط لم تجلب سوى الدمار والانقسام، وأن شعوب المنطقة هم الذين يستطيعون علاج هذا المرض وليس أولئك الذين طوروا هذا الفيروس.

كما يؤكد الباحث: أمريكا لم تكتف بإعلان الحرب على داعش وقيامها بشكل منفرد بشن ضربات على الأراضي السورية إلى جانب ادعائها ضرورة تدريب مزيد من القوات الأرضية ليس فقط لإسقاط النظام السوري ولكن أيضا للقضاء على تنظيم داعش، ولكن على الرغم من هذه الجهود المعلنة لمحاربة داعش إلا أن الحكومة الأمريكية وقفت عاجزة عن إيقاف الأموال المتدفقة من الأراضي الأمريكية لتمويل داعش، كما أنه من المستحيل ألا تكون الحكومة الأمريكية أو المخابرات المركزية الأمريكية على علم بحقيقة هذه التمويلات المتدفقة من أراضيها صوب تنظيم داعش خاصة أن هذه التمويلات ضخمة ومستمرة، خاصة وأن برامج المراقبة والتجسس الإلكتروني التي تطبقها الوكالات الأمنية الأمريكية يمكن الولايات المتحدة من التحديد الدقيق لمصادر هذه الأموال ومن معرفة أيضا إلى أين تتجه.

ويختم الحسيني" وقد قال مايكل موريل، النائب السابق لرئيس الاستخبارات المركزية الأمريكية (سي آي إيه)، إن “الربيع العربي” كان “هدية” للإسلاميين المتشددين، واصفا إياه بأنه “ربيع للقاعدة”، ولا اعرف ماذا كان يقصد هل هو هدية الغرب لهم، فإذا كان كذلك فهو بالتأكيد يشير إلى خطة غربية لتمكين القاعدة والمتشددين من حكم هذه الدول الإسلامية من اجل تدميرها بالحروب الأهلية.

وللإحاطة الاكثر في هذا الموضوع طرح السؤال الآتي..

السؤال الاول: هل تعتقد ان ما يحصل في الدول المناوئة للسياسة الغربية في الشرق الاوسط من صراعات وحروب هو بتدبير المخابرات الغربية؟

- الدكتور خالد عليوي العرداوي مدير مركز الفرات للتنمية والدراسات الستراتيجية، يعتقد "بأن الموضوع من الموضوعات الحيوية التي تهم الواقع العراقي، حيث لا شك ومنذ اقدم الإمبراطوريات سوف تجد ان واحد من الاذرع المهمة، التي تعمل في كل دولة سابقا يسمونهم العيون والان يسمونهم اجهزة المخابرات، وبالتالي لن تجد دولة من الدول قوية ومعافاة من الداخل ولديها طموح ورؤية لمصالحها في الخارج".

ويضيف العرداوي "جهاز المخابرات وهو جهاز حيوي وكل الوسائل لديه مباحة ومشروعة في نظر جهاز المخابرات، وان عمل اجهزة المخابرات لا يعنى فقط بالدول الضعيفة بل حتى الدولة القوية من اجل تحقيق مصالحها، فما يحصل اليوم في البلدان العربية وفي بلدان الشرق الاوسط وحتى داخل روسيا والصين هو عبارة عن صراع مخابراتي، وهي محاولة للتأثير على الخصم من خلال وسائل معينة لتحقيق مصالح هذه او تلك الدولة".

يكمل العرداوي "المشكلة في بلدان الشرق الاوسط هي بلدان ضعيفة رغم انها تمتلك اهمية عالية في المصالح الدولية، فقطعا لا توجد دولة عظمى في العالم تستطيع ان تهمل تلك المنطقة، من اجل اولا اضعاف قوى الممانعة داخلها وتمهيد الارض لأجل تحقيق مصالحها في هذه المناطق، والمشكلة هنا ان تلك البلدان هي ضعيفة وبالتالي ضعفها يجعل قدرتها على الرد ضعيفة ايضا، ولكن لا يمكن ان نحمل اجهزة المخابرات الغربية فقط ما يحصل من تردي في هذه المناطق، لأننا عندما تملك الاجهزة المسؤولية سنرجع الى نظرية وعقلية المؤامرة، وهي لا تكفي لوحدها كي تعلل ما يجري عندنا".

- الاستاذ عدنان الصالحي مدير مركز المستقبل للدراسات الستراتيجية، يرى "ان وجود جهاز المخابرات في اي دولة هو جزء حساس ومهم في بناء الخارجية، فمهما تكون الدولة في غاية الديمقراطية لكن بالنتيجة هذا الجهاز مهم جدا في تحريك بوصلتها، فاليوم وعندما تريد الدول ان تعرف مع من تتعامل ومن تتجنب والى اين تتجه اقتصاديا وامنيا، فلابد ان يكون لديها جهاز مخابرات قوي".

ويضيف الصالحي، "لذا فالوضع في العراق هو ناتج عن غياب المعلومة الاستخباراتية والمخابراتية، وعلى هذا الاساس فما يجري في الدول الشرق اوسطية هو بسبب ضعف في اجهزة مخابرات هذه الدول وفي بنيتها التركيبية ومؤسساتها، بالنتيجة سيطرة اجهزة المخابرات الخارجية هو سائر بهذا الاتجاه وهي اصبحت مطمعا لتدخل كل الدول الخارجية، مقدار تأثير المخابرات الخارجية لاسيما وان غالبية الدولة المخابرات فيها انشطة مخابراتية، لكن بمقدار مساحة محددة فالدول العربية والشرق اوسطية بالخصوص مساحاتها مفتوحة جدا وقد تكون بموافقات نفس الدول".

يكمل الصالحي، "لكن من يضمن ان هذه المخابرات هي لا تغدر بهذه الحكومة، الى جانب ذلك فان تركيبة المجتمع العراقي والعربي بشكل عام، ومع وجود الطوائف والقوميات المتعددة تجد منها مسارات سهلة للتدخل، لكن هناك ثمة اشكالية في تركيبة النظام السياسي في هذه البلدان لتجعل منها الاساس في المشكلة التي تحدث، الا ان الجزء المخابراتي هو الذي يمكن ان يغذي او يحرك هذه اللعبة السياسية بطريقة اكثر عنفا، فهل هي الطريقة التي تبنى عليها المشاكل لا بل ان الاشكال السياسي الهجين هو المشكلة الاساسية".

- الدكتور حسين احمد باحث في مركز الفرات للتنمية والدراسات الستراتيجية، "يجيب بنعم لصالح الانشطة المخابراتية على اعتبارها من المسلمات، خاصة وان واحدة من أدوات تنفيذ السياسة الخارجية هي وجود اجهزة المخابرات، وفيها مرحلتين المرحلة الاولى رسم السياسة الخارجية اتجاه بلد او قضية معينة وايضا في مرحلة التنفيذ، اما فيما يخص الجماعات المتطرفة كداعش والقاعدة وغيرها، فأجهزة المخابرات استطاعت ان تستغل تلك الجماعات التي خلفيتها اسلامية من اجل تنفيذ مخططاتها ومشاريعها التي تستهدف المنطقة، بحكم ما تشكله تلك الاجندات من تلاعب صريح مع الانتماءات المذهبية والطائفية".

- الدكتور علاء الحسيني تدريسي وباحث في مركز ادم للدفاع عن الحقوق والحريات، "طرح بداية مجموعة تساؤلات تمثلت، هل ان استقرار منطقة الشرق الاوسط بصالح الدول الغربية ام ان بقاء تلك المنطقة في حالة صراع وازمة هو في صالحها، سؤال اخر هل ان نجاح الاحزاب القومية وعلى رأسها مثلا حزب البعث المنحل المحظور، والذي كان يدعو الى وحدة الدول العربية فلو قدر له ان ينجح هل كان هذا بصالح الدول الغربية ام بالضد من مصالحها، ايضا لو كللت دعوات الرئيس خاتمي في ايران بالنجاح خاصة فيما يتعلق بحوار الحضارات هل كان هذا بصالح الدول الغربية ام بالضد منها".

ويضيف الحسيني، "طبعا للاجابة عن هذه التساؤلات الثلاثة ستكون بالسلب، بالتأكيد فان بقاء تلك المنطقة منطقة صراع هو بصالحها تماما، ليسهل السيطرة على خيراتها واستنزاف مواردها ماديا وبشريا، وهذا ما يحصل الان فان اجهزة المخابرات الغربية لعبت ولا زالت تلعب اقذر الادوار في منطقة الشرق الاوسط، بدءا من تأجيج الصراعات وانتهاءا بتشكيل الجماعات المسلحة ومدها بالمال والسلاح، وحتى الافكار الأيدولوجية ومحاولة تطويرها في مركز ابحاث متخصصة في هذا الجانب، ولنا في التجربة الافغانية شاهدا حيا ومن ثم امتد الى تأسيس القاعدة وداعش وما ينتظرنا اسوء من تلك الاجهزة، التي لا يهمها الا تمزيق المنطقة والهيمنة على مواردها وبالتالي هي غير صادقة معنا في كل شيء، وحتى طلبة العلوم يزجون في جامعات وكليات نوع ردئ حتى تبقى في حالة ركود".

يكمل الحسيني، "لذلك اجهزة المخابرات اليوم تعبث بكل الدول وساعدها بذلك الانظمة الحاكمة في المنطقة ولاسيما الانظمة الحاكمة في الخليج، لأنها تعلم جيدا بانها انظمة شمولية ومتخلفة وليس لها سبيل للبقاء الا في التحالف مع الغرب، وتنفيذ مخططاته في المنطقة ومن باب السخرية ان النظام السعودي أو البحريني يطالب الرئيس الاسد بالتنحي لأنه يقمع شعبه وهم لا ينظرون الى اساليب القمع التي يتبعونها".

- حمد جاسم تدريسي وباحث في مركز الفرات للتنمية والدراسات الستراتيجية، "يصف ان المخابرات الدولية لها دور كبير وفاعل في التدخل بشؤون الدول، لاسيما وان التدخل الفرنسي اوجد حالة فصل بريطانيا عن امريكا، كذلك دور بريطانيا في الثورة الفرنسية وهذا يعني ان التداخلات لا تستثني حتى الدول الاوروبية، والامر لا يقف عند هذا الحد بل حتى الحلفاء انفسهم فاكثر من ذات مرة تناقلت الانباء تجسس اسرائيل على امريكا".

يضيف جاسم "الشيء الاخر ان المخابرات البريطانية تكاد ان تحتل المركز الاول في نشاطها المخابرات الذي يشمل غالبية الدول ان لم نقل كلها، بل وان جميع الحركات والثورات وحتى الجماعات الاسلامية المتطرفة كان للمخابرات البريطانية الاثر الاكبر في وجودها وديمومتها، لكن بطبيعة الحال ان التواجد المخابراتي لابد ان يكون له مسوغ وان تكون الارضية رخوة كي تنمو فيها".

- الدكتور حيدر ال طعمة تدريسي في كلية الادارة والاقتصاد وباحث في مركز الفرات، "لا يدعم حقيقة ان كافة الصراعات هي سببها تدخل مخابراتي، بعض الصراعات اكيد كان لها بعد طائفي او مصالح بين بلدان معينة في الشرق الاوسط، لكن دليل انه كان للمخابرات يد في بعض الصراعات هذا ما اكدته بعض الدراسات، التي ربطت بين الازمات الاقتصادية التي عانت منها مجموعة من البلدان المتقدمة، وبين الصراعات التي حدثت في الشرق الاوسط وفي بعض البلدان".

ويضيف ال طعمة "ركزت على تنشيط شركات بيع الاسلحة من خلال خلق صراعات في الشرق الاوسط وفي بلدان اخرى، فالكثير من الازمات حاولت البلدان الرأسمالية ان ترحلها الى العالم الثالث عن طريق توليد صراعات في هذه المناطق لذلك فالإجابة واضحة".

- الاستاذ حيدر الجراح مدير مركز الإمام الشيرازي للدراسات والبحوث، "تطرق الى ما يتعلق بترتيب اجهزة المخابرات الدولية التي عرضتها الورقة، فالأمر مشكوك فيه لان العمل المخابراتي لا يتم تقديمه للدول الاخرى، بل هناك ثمة معايير يتم الاحتكام اليها لم تفصح عنها الورقة".

يضيف الجراح، "ما يتعلق بالفن السابع فلطالما استعرض العديد من العمليات التجسسية والانشطة المخابراتية، وهنا نستنتج حالة الابهار التي رسمها مهندسو تلك الافلام وبالتالي تم تصديق تلك الصورة ومدى قدرتهم على اختراقنا وعمل ما يريدون".

- حامد عبد الحسين خضير باحث في مركز الفرات للتنمية والدراسات الستراتيجية، يؤكد على "ان العولمة والثورة الالكترونية عززت من دور تلك الاجهزة، لاسيما وان التقارير المتخصصة تتحدث عن ان جهاز الاستخباراتي الامريكي يحصي كل (14) ثانية، ما يعادل الكتب الموجودة في مكتبة الكونغرس الامريكي وهي اكبر مكتبة في العالم، وهو يجمع معلومات عن كل الاشخاص في العالم عن طريق الفيسبوك والهاتف والانترنيت وغيرها".

ويضيف خضير "ان جهاز الاستخبارات الامريكية يرصد تحركات جميع الناس بالاتجاه الذي يخدم مصالحه".

- الشيخ مرتضى معاش رئيس مجلس إدارة مؤسسة النبأ للثقافة والاعلام، يرى "ان المخابرات الغربية ودورها في دعم الجماعات المتطرفة هي ظاهرة استعمارية، وهي نشأت من الاستعمار وترتبط بظاهرة الاستشراق هذه العملية بداية منذ (خمسمائة) عام، وحينها اسس البريطانيون اول مركز دراسات للقضايا الاسلامية، فهم من خلال وجودهم على الارض العربية يقومون بتوثيق كل شيء، فعلى سبيل المثال توجد كتب تتحدث عن ازقة وشوارع المدن في بلادنا وعدد سكانها بالتفصيل الممل".

يضيف معاش "فالاستشراق كان هو ظاهرة مخابراتية وهناك العديد من الشخصيات الاستشراقية المهمة، من مثل الجاسوس لورانس العرب وهو عالم اثار وقاد عملية استعمارية كبرى في قضية سايكس بيكو، والحرب العالمية الاولى وايضا قضية وعد بلفور وانشاء اسرائيل والجاسوسة البريطانية مس بيل في العراق وهي ايضا عالمة اثار".

يكمل معاش "افضل مثال على قضية الاستشراق والاستعمار والمخابرات الغربية هو رواية الحشاشون، وكيف يمارس هؤلاء عمليات الاغتيال والعمليات الانتحارية هذه الظاهرة درسها الاستشراق، وهي تعتمد على ثلاثية العمليات الانتحارية وغسيل المخ والجنس وكأننا نقرأ عن داعش، وكأننا امام سيناريو ومخطط لدعم التقسيم والتشتت لمختلف الجماعات لان عقلية الانشطار هي عقلية غربية تختبأ في عمق الثقافة الاوربية".

يضيف ايضا "بالتالي ان الغرب سعى من خلال ما يملك من جهد استخباري الى تفعيل المدارس المتطرفة في بلجيكا وبريطانيا والمغرب العربي، بالنتيجة ان الاستشراق استطاع ان يستكشف نقاط ضعفنا والعمل عليها، الى جانب ذلك ان الصراع الأوروبي الاستعماري هو من غذى تلك التوجهات الداعشية خصوصا وان اول تشكيل لداعش كان في سوريا".

السؤال الثاني: كيف تتمكن الدول المستهدفة من المخابرات الغربية من الوقوف بوجه هذه المخططات وافشالها وبالتالي تحقيق المصلحة الوطنية بالأمن والاستقرار؟

- الدكتور خالد العرداوي، يوصي بضرورة امتلاك القوة من الداخل خصوصا وان الجسد الضعيف تلقائيا يكون مفتوح لكل الجراثيم حتى تؤثر فيه، لكن عندما تكون مناعته الذاتية قوية اكيد سوف يحد من الضرر الذي يحصل على الجسد، فمن خلال ذلك لابد ان تمتلك نظام حكم يحقق الثقة ما بينه وبين المجتمع ويحقق المصالحة ما بينه وبين هذا المجتمع، ما ممكن ان نتحدث عن قوة داخلية وان نبني الانسان فكل واحد هو عنصر امن للحفاظ على امن الاسرة والمنطقة التي يسكن فيها".

يضيف العرداوي، الشيء الاخر تمنح المجتمع رؤية وحتى يفهم المجتمع ما هو دوره، فالمجتمع الغربي حاول التصدي لازمة اللاجئين مخافة ان تتهدده اجتماعيا وثقافيا ووطنيا، فبالتالي عندما يغيب الانسان المدافع عن مصالحه الوطنية لا ولن تستطيع مواجهة اجهزة المخابرات، وهي ستتصاعد مع وجود شبكات التواصل الاجتماعي وان الامر يحتاج الى ذكاء اكثر وبنية داخلية متينة".

- عدنان الصالحي، يعتقد "ان من اهم الاسباب التي فسحت المجال ومن الممكن ان تسد الابواب امام المخابرات، هو الصراع على السلطة حتى جعل من كل جهة تستعين باي جهة تمنحها السلطة، فاليوم نحن في العراق وفي داخل البيت الشيعي هناك تنافس واضح من اجل المسك بزمام السلطة، وهذا الشيء ذاته موجود لدى الكتل السنية والكردية وعندها أصبح الصراع على السلطة هو الهدف الاسمى".

يضيف الصالحي، "وبالنتيجة من يصل الى السلطة عن طريق المخابرات يكون اسير اجندتها، دولة المؤسسات هي التي من الممكن ان تضع حد بنسبة كبيرة لتدخل المخابرات بقدر معينة من دون ان تنهي التدخل نهائيا".

- الدكتور احمد حسين، يتصور "ان عمل اجهزة الاستخبارات لا يتوقف عند الداخل وايضا عمل المخابرات ليس مشرطا هو الاخر على الانشطة الخارجية، بل ايضا من ضمن مهماته الاساسية في مراقبة الداخل وحماية الامني والسلم الوطني، خاصة والى وقت قريب قامت تلك الاجهزة بكشف ادوية فاسدة".

- الدكتور علاء الحسيني، ركز على مفهوم (استعادة الثقة بالذات) كون المؤسسات الغربية دائما ما تعتمد على اذكاء تخوين الاخر، ومحاولة اللاعب على فزاع الخطر الوهمي خصوصا وان الولايات المتحدة الامريكية طالما كرست هذا المفهوم، وذلك من خلال محاولة سرقة اموال الخليج خاصة وانها كانت دائما ما تحذر الخليج من صدام، والان تستخدم ذات الاسلوب وهي تحذرهم امراء الخليج من الخطر الايراني والقنبلة النووية، والامر ذاته يحصل مع كوريا الشمالية ومحاولة ارعاب الاخر منها، وكذلك قضية داعش وكيف انتقل الارهاب الى اوروبا وضرورة محاربته خاصة وان الارهاب صناعة امريكية بامتياز".

يضيف الحسيني، "لذا فالمخططات والاهداف الامريكية مرسومة وهي تحاول ان تضخيم الاعداء الوهمي بهدف النفاذ الى الدول، وان مواجهة تلك المخططات تأتي من خلال محاولة مسك الداخل من اي خرق اجنبي".

- حمد جاسم، يكاد يجزم بعدم امكانية التخلص نهائيا من تأثيرات تلك الانشطة، الا انه يعول على محاولة التخفيف او الحد من نشاطها او التعاون مع اجهزة المخابرات".

- حامد عبد الحسين خضير، يرى "ان هناك ثلاثة ركائز اساسية وهي المرجعية والسلطة والشعب وبالتالي سنتمكن من تامين الداخل امام التدخلات الخارجية".

- مرتضى معاش، يعترض على اسلوب التفكك والانشطار والصدام الطائفي والقومي والفئوي والحزبي، هذا هو احد اسباب تسلل المخابرات الى الداخل هذا اولا، النقطة الثانية مدخلات ومخرجات التعليم فالمدخلات والمخرجات السيئة سوف تؤدي الى ظهور كفاءات مشوهة، وبالتالي هي غير قادرة على ان تقود البلد فأما تكون فاسدة او غير مؤهلة او غير كفؤة ومتكافئة".

يضيف معاش، "فمثلا عندما تكون مخرجات العملية التعليمية كلها طب وصيدلة هندسة الا ان المخرجات التي تقود البلد في علم الاجتماع والاقتصاد والقانون قليلة جدا وغير مؤهلة التأهيل الكامل، النقطة الاخرى هي الاقتصاد وهو اهم عامل رئيسي الى جانب ذلك الاستبداد يجعل من الحكومة دائما ما تستعين بالمخابرات الغربية حتى تتقوى على شعبها".

التوصيات

- تحصين الواقع الثقافي والاجتماعي في الداخل

- العمل على بناء اجهزة امنية قوية

- السعي الى خلق افاق تعاون امني متبادل مع الدول الاخرى

- خلق منظومة مؤسسات واضحة المعالم

- توعية الشعب من مخاطر مخططات انشطة اجهزة المخابرات

- محاولة تعزيز المؤسسة الامنية بالكفاءات وبأجهزة الرصد المتطورة.

* مركز المستقبل للدراسات الستراتيجية/2001 – 2017

اضف تعليق