q

شارفت مدة حكم الرئيس الامريكي باراك اوباما على الانتهاء، وبدأ الرئيس الجديد ترامب يهم بالنزول الى ساحة الاحداث، واذا ما اردنا ان نعطي تقييما اوليا لحياة اوباما السياسية طوال ثمان سنين من توليه للرئاسة الامريكية، فإننا سنجد بانه قد حكم الدولة الاكبر في العالم بهدوء، وهو منهج غالباً ما يطبقه رؤساء الولايات المتحدة من الحزب الديمقراطي، مرتكزاً على عدم الاندفاع (التوجد العسكري المباشر) بشكل كبير نحو القضايا العالمية، وبقدر تعلق الامر بالعالم العربي فان التكاليف التي تحملتها الولايات المتحدة جراء استخدامها الالة العسكرية لتغيير النظام السياسي في العراق عام 2003 قد دفعت الرئيس اوباما الى الابتعاد عن هذه الطريقة بالتغيير وتجنب استعمالها في مكان اخر.

وعلى هذا الاساس كانت طريقة التغيير في الدول العربية الاخرى تعتمد بشكل شبه كامل على تحريض مجموعة ناقمة من الجماهير وربما تمويلها (التواجد العسكري غير المباشر) بغية ان تمارس ضغط يفوق طاقة النظام الحاكم ومن ثم تجعله ينهار دون الحاجة للتدخل العسكري الامريكي المباشر في ذلك البلد.

اما فيما يخص سياسته تجاه العراق فهي الاخرى كانت تتم من خلال ادارة البلاد من بعيد دون التدخل المباشر فيها، فمنذ البداية كان اوباما لا يتوانى عن انتقاد سياسة سلفه بوش الابن في هذا البلد وفاز في الانتخابات من خلال طرحه مشروعا بديلا او مخالفا له، وهذا المشروع انما تمثل في الانسحاب من العراق وادارة الامور عن بعد ومن خلال الحلفاء المفترضين في البلد.

ان الفترة التي اعقبت خروج الولايات المتحدة الامريكية من العراق لم تجيء بمثل ما كان مخططا لها امريكيا، فحصول الولايات المتحدة على المكاسب دون عناء او دون جهد حقيقي من خلال حضور مباشر في العراق كان قد اثبت فشله واجبرها على اعادة النظر في سياساتها تجاه العراق، اذ ان الانهيار الامني السريع وسيطرة الارهاب على ثلث العراق كان قد القى بظلاله على صانع القرار الامريكي، حتى اوباما نفسه اصبح محط نقد وسخرية على اعتبار انه قد حطم ما بناه سلفه بوش الذي وضع القواعد والاسس العامة للنظام السياسي في العراق وفق الرؤية الامريكية للمنطقة وكان من المفترض ان يعمل اوباما على تطويره ورعايته لا ان ينسحب بسرعة ويتركه عرضة للإرهاب، وهنا اضطر اوباما الى ان يصغي لتلك الانتقادات وان يشكل تحالفا دوليا لمحاربة الارهاب، فسره البعض على انه بمثابة ندم وتراجع عن قراره بالانسحاب من العراق، وفسره اخرون على انه اعادة انتشار للقوات الامريكية وترسيخ للوجود العسكري الامريكي في هذا البلد عبر بناء قواعد عسكرية وربما اقامة بعض الترتيبات التي ينتظر من الرئيس الامريكي القادم اكمالها وتوضيح صورتها.

اذن، لقد كانت سياسات الرئيس الامريكي اوباما في اغلب صورها هي ردة فعل على سياسات سلفه بوش الابن، فهل ستكون سياسات الرئيس الامريكي الجديد هي ردة فعل على سياسات اوباما؟

السنين القادمة هي الكفيلة بالإجابة عن هذا التساؤل.

* باحث في مركز الدراسات الاستراتيجية/ قسم ادارة الازمات-جامعة كربلاء

...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

اضف تعليق