q

حظي الرئيس الاميركي باراك اوباما أول رئيس من أصول أفريقية، ومع بداية العد التنازلي لمغادرتة البيت الابيض في كانون الثاني/يناير 2017، باهتمام اعلامي واسع داخل وخارج الولايات المتحدة الامريكية التي تعيش حرب انتخابية شرسة من اجل الوصول الى كرسي الرئاسة، ففي العام الاخير من فترة رئاسته وكما يقول بعض المراقبين سيسعى الرئيس أوباما الى تطبيق بعض الخطط والوعود و المبادرات التي تعهد بها سابقا، ومنها إغلاق سجن غوانتنامو، وقانون حيازة الاسلحة وباقي الاصلاحات الاخرى هذا بالاضافة الى الامور المتعلقة بالسياسة الخارجية، التي قد يعجز عن تنفيذها بسبب ضغوط ومقامة الخصوم الساعين الى عرقلة تلك الخطط والمبادرات.

ويرى البعض كما تنقل بعض المصادر، أن دخول الرئيس الأمريكي باراك أوباما التاريخ سيكون عبر بوابة إيران وكوبا. في حين يتساءل البعض إن كان سيحقق إنجازات على المستوى الدولي بقدر التي حققها على المستوى المحلي. وتعتبر مبادرات إدارة أوباما حول قضيتا إيران وكوبا ليست فقط لتحسين مظهر البلاد على المسرح العالمي، ولكن أيضا لاختبار المفاهيم الأساسية لسياسته الخارجية، والتي تقوم على أن الحوار هو الطريق الأمثل للتغيير وليس استخدام القوة. جدير بالذكر أن باراك أوباما انتصر على المستوى المحلي في قضايا تتعلق بالرعاية الصحية وبمحاربة البطالة. في حين يبقى الهدف في قضية النووي الإيراني هو تجميد برنامج إيران النووي لمدة معينة، وفي مقابل ذلك تبدأ القوى العالمية بتخفيض العقوبات التي قد ضيقت على الاقتصاد الإيراني.

أما في قضية الانفتاح على كوبا، فقد بدأ تخفيف حظر التجارة والسفر مع بقاء قرار الرفع الكامل للحظر المالي والاقتصادي بيد الكونغرس الأمريكي. وقد دفعت هذه التطورات دافيد روثكوف، المدير التنفيذي ومحرر مجلة "فورين بوليسي غروب" الواسعة الانتشار للقول: "عندما نقترب من نهاية الفترة الرئاسية ننظر إلى الوراء ونجد أنه كان ناجحا محليا أكثر منه دوليا." ويرى مؤيدو أوباما أنه قام بعمل جيد على المستوى الدولي إذا أُخذ بعين الاعتبار الوضعية الصعبة التي خلفها الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش. قال براين كاتوليس من مركز التقدم الأمريكي: "عندما تقيسها (أي إنجازات أوباما الدولية) بالفوضى التي خُلفت...مشاكل العالم بالتأكيد لم تختف ولكن أظن أننا رأينا تقدما مهما."

وغالبا ما يشير منتقدو أوباما إلى تحدي روسيا لتحذيرات بلاده من خلال أخذ جزيرة القرم من أوكرانيا وازدياد قوة كوريا الشمالية خلال فترة رئاسته والقرصنة والخروقات التي مرت بها حكومته. ويقول منتقدوه إنه أيضا مهد الطريق لتنظيم داعش، بعد خروج القوات الأمريكية من العراق.

وقال مستشارون سابقون وحاليون للبيت الأبيض إن أوباما تجنب في 2015 الانزلاق إلى وضع "البطة العرجاء" الذي يحدث للرئيس الأمريكي في نهاية فترته الرئاسية الثانية باتخاذه قرارات سياسية كبيرة في ذلك العام بينها إبرام الاتفاق النووي الإيراني واتفاق مكافحة تغير المناخ. وقالوا أيضا إن أوباما سيواصل رغم اقتراب نهاية رئاسته قيادة النقاش العام في البلاد في ضوء الارتباك الشديد في الحملة الانتخابية للحزب الجمهوري المنافس التي يتصدرها دونالد ترامب.

وقال دان فايفر وهو مستشار سابق للبيت الأبيض "أتوقع أن تكون 2016 مثل 2015 إلى حد بعيد .. سيواصل الرئيس وفريقه طرح نقاط مهمة لها قيمة كبيرة في وقت يتركز فيه السيرك السياسي على ترامب والباقين." وبرغم أنه لا توجد أحاديث علنية في البيت الأبيض بشأن اتخاذ إجراء تنفيذي لإغلاق جوانتانامو قال مساعدون إن هذا أمر سيبحثه الرئيس بلا شك قبل نهاية العام. وقال ديفيد أكسلرود المستشار السابق لحملتي أوباما في 2008 و2012 "الرؤساء مؤثرون دائما.. وهذا الرئيس يبدو عازما على استغلال كل ما يتمتع به من سلطات قانونية للتغلب على التحديات الكبيرة التي يراها".

بين الدفاع و مواصلة الضغط

في هذا الشأن وعد الرئيس الاميركي باراك اوباما بتكثيف مكافحة تنظيم داعش مشددا في الوقت نفسه على النجاحات التي تحققت في 2015 من الاتفاق الدولي مع ايران الى الاتفاق حول المناخ. وبينما يواجه اوباما صعوبة في اقناع الاميركيين بفاعلية استراتيجيته في مواجهة الجهاديين ويرى كثيرون منهم ان الرد العسكري لم يكن بالدرجة المطلوبة من القوة، قال الرئيس الاميركي "لن نسمح لداعش بان تتنفس".

وعدد اوباما نقاط التقدم التي سجلت في العراق وسوريا، ووعد بالتقدم "بجرأة" على الجبهتين العسكرية والدبلوماسية. لكنه اطلق تحذيرا الى الاميركيين القلقين بعد اعتداءات باريس وسان بيرناردينو في كاليفورنيا، وقال "نطاردهم بلا توقف لكن للقضاء عليهم بالكامل علينا ازالة مناطق اللاقانون التي ينشطون انطلاقا منها"، مؤكدا من جديد انه لن يكون هناك سلام في سوريا التي يدمرها نزاع منذ نحو خمس سنوات "بدون حكومة شرعية".

وصرح الرئيس الاميركي "اعتقد ان على (الرئيس السوري بشار) الاسد ان يتنحى لوضع حد لاراقة الدماء في البلاد وليتمكن كل الاطراف المعنيين من المضي الى الامام". لكنه لم يحدد في اي مرحلة من الانتقال السياسي يتوجب على الاسد ان يغادر منصبه. واضاف ان "الاسد فقد كل شرعية في نظر بلاده (...) ولا يمكن وضع حد للحرب الاهلية ما دام ليس هناك حكومة تعتبرها غالبية هذا البلد شرعية".

وواجه وزير الخارجية الاميركي جون كيري في الاسابيع الاخيرة انتقادات لتقربه من موسكو وامتناعه عن الاصرار على رحيل الاسد حليف روسيا. وقبل ان يرد على اسئلة الصحافيين شدد اوباما على النتائج "الملموسة" التي سجلت في الاشهر ال12 الاخيرة في عدد من القضايا العالقة منذ وصوله الى السلطة قبل ست سنوات. واشار خصوصا الى التقارب مع كوبا قبل عام تماما الذي لقي ترحيبا دوليا.

وشكل ابرام اتفاق تاريخي حول البرنامج النووي الايراني في 14 تموز/يوليو انتصارا دبلوماسيا كبيرا لاوباما وترجمة ملموسة لاحد المبادىء الاساسية لسياسته الخارجية يقضي باعطاء فرصة للحوار حتى مع اعداء الولايات المتحدة. وبعد قطيعة دامت 35 عاما منذ انتصار الثورة الاسلامية، وقعت طهران وواشنطن والدول الاربع اخرى في مجموعة 5+1 اتفاقا يهدف الى منع طهران من امتلاك سلاح نووي مقابل رفع العقوبات التي تخنق اقتصادها.

ومطلع تشرين الاول/اكتوبر وبعد خمس سنوات من المفاوضات الشاقة ابرم اتفاق التبادل الحر لآسيا المحيط الهادئ بين 12 دولة محققا بذلك احد وعوده الاساسية وهو تعزيز وجود الولايات المتحدة في القارة التي تضم اكبر عدد من السكان. ويشكل الاتفاق العالمي حول المناخ ايضا الذي ابرم في باريس انجازا لاوباما الذي كان شهد خيبة الامل في ختام مؤتمر كوبنهاغن في 2009. وقال اوباما ان "ابرام الاتفاق التاريخي بين نحو مئتي دولة في باريس اصبح ممكنا بفضل القيادة الاميركية".

وحول 2016، اكد الرئيس الاميركي من جديد انه يعتزم العمل مع الكونغرس لاغلاق سجن غوانتانامو وهو واحد من ابرز الوعود التي اطلقها في حملته الاولى للانتخابات الرئاسية. وقال اوباما ان "غوانتانامو لا يزال احد ابرز نقاط الجذب لتجنيد جهاديين" تاركا احتمالا لاغلاق المعتقل بقرار رئاسي. واضاف "نراقب الانترنت. نرى ان غوانتانامو استخدم لاختلاق اسطورة مفادها ان اميركا في حرب مع الاسلام". واحجم اوباما في نهاية تشرين الثاني/نوفمبر عن توقيع قانون الدفاع للعام 2016 كونه يمدد خصوصا حظر اغلاق غوانتانامو. بحسب فرانس برس.

لكن البيت الابيض لا يزال يعمل على خطة جديدة اعلنها منذ وقت طويل لاغلاق السجن الذي انشئ قبل 13 عاما في جزيرة كوبا اثر اعتداءات 11 ايلول/سبتمبر 2001. وتابع اوباما "لن انطلق من مبدأ ان الكونغرس سيقول لا تلقائيا"، وخصوصا ان الجمهوريين يتمتعون بالغالبية في مجلسي النواب والشيوخ. واضاف "من وقت الى اخر، فان (اعضاء الكونغرس) قد يفاجئوننا". وتاتي هذه التصريحات بعدما اعلن وزير الدفاع اشتون كارتر نقل 17 معتقلا في غوانتانامو وافقت دول عدة على استقبالهم.

أوباما الشيعي

على صعيد متصل أثار تناول صحيفة "واشنطن بوست" الساخر لمقابلة نائب عراقي، قال إن ما يجعل الرئيس الأمريكي باراك أوباما متعاطفا مع إيران هي جذوره الشيعية، جدلا بين عدد من النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي. وكان النائب طه اللهيبي قد قال في مقابلة تلفزيونية (شاهد الفيديو أدناه) إن أوباما "يتعاون أكثر مع شيعة إيران"، مضيفا أن أمريكا قد تريد للسنة أن يكون لهم اقليما، ولكن ليس في عهد أوباما.

وتقول الصحيفة إن القراء الأمريكيين قد يشعروا بالدهشة عندما يقرأون أن أوباما الذي يعتنق المسيحية لديه أجندة إسلامية سرية. وتلفت - بطريقة ساخرة - إلى أنه حتى قبل انتخابه، سرت شائعات بأن أوباما، الذي وُصف والده بأنه مسلم فقد إيمانه، تلقى تعليمه في مدرسة إسلامية متطرفة عندما كان طفلا في أندونيسيا.

كذلك تطرقت الصحيفة الى ما أدلى به الكاتب السوري محيي الدين اللاذقاني بأن أوباما هو ابن رجل كيني شيعي. كما تشير الصحيفة الى أنه رغم نفي هذه الإشاعات كلها، إلا أن استطلاعا أجري العام الماضي، أظهر أن نسبة 54% من الجمهوريين يعتقدون أن أوباما في داخله مسلم. وعلى تويتر، برز أكثر من تعليق من قبل المغردين حول الموضوع. بحسب CNN.

فقد قال @MohammedAAzzam: "مقالة واشنطن بوست لا تؤيد كون اوباما شيعي والغرض منها ان نظرية كونه مسلما تطورت إلى تحديد المذهب." كما علق @Ameeni قائلا: "الأمريكان مسكوا في اوباما اذا مسلم و لا مسيحي، نحن بنمسك فيه شيعي و لا سني.. اظنه بيلحد طيب يمكن اباضي؟!".

روح الفكاهة

من جانب اخر وفي أحدث حلقة من حلقات برنامج (كوميديانز إن كارز جتينج كوفي) جلس الرئيس الأمريكي باراك أوباما إلى جوار الممثل الكوميدي والإعلامي جيري ساينفيلد داخل سيارة من مقعدين انطلق بها ساينفيلد. اعتاد ساينفيلد أن يستضيف في كل حلقة من حلقاته التي تمتد 20 دقيقة نجما مختلفا من نجوم الكوميديا حيث يتبادلان الحديث ببساطة وبلا تكليف بعد أن ينطلقا بالسيارة ويجلسان في مكان لاحتساء القهوة.

وفي حلقة أوباما التي ظهرت على مواقع الإنترنت قال ساينفيلد إن الرئيس "يتمتع بالقدر الكافي من روح الفكاهة التي تؤهله للظهور في هذا البرنامج." واختار الممثل الكوميدي سيارة زرقاء سماوية اللون من طراز كورفيت ستينجراي 1963 في حلقته مع أوباما. ولدواع أمنية اضطر أن يتحرك بالسيارة وإلى جواره الرئيس الأمريكي في ملفات بطيئة حول ساحة البيت الأبيض قبل أن يتناولا القهوة في قاعة طعام مخصصة للعاملين في مقر الرئاسة.

وعرف المشاهدون من خلال الحديث القصير الذي دار بين الاثنين أن أوباما ينطلق أحيانا في السباب حين يفقد أعصابه وأن ملابسه الداخلية كلها من نوع واحد ومن لون واحد وأنه يحلق ذقنه قبل أن ينطلق للعمل ويستمتع بتناول مقرمشات الناتشوز. وسأله ساينفيلد "كم عدد زعماء العالم الذين فقدوا عقلهم تماما في رأيك؟" فأجابه أوباما "نسبة كبيرة جدا". وأضاف "كلما بقي هؤلاء في مناصبهم زاد احتمال حدوث ذلك." وتحدث الاثنان أيضا عن مساوئ الشهرة وكيفية التعامل مع السخفاء وعن أكثر اللحظات إحراجا لأوباما خلال سنوات رئاسته. فمازحه الرئيس "ربما كانت هذه."

الى جانب ذلك وقف الرئيس الأمريكي باراك أوباما أمام جمهور من الطلاب واعترف بصراحة: انه لا يصبغ شعره مثل بعض القادة الذي يستطيع ذكر اسمائهم لكنه لن يفعل. وردا على طالب كمبودي في لقاء في كوالالمبور طلب منه نصيحة مخلصة باعتباره "يتقدم في العمر ليصبح أكثر خبرة" قال أوباما مازحا "أول ما أريده من الشباب هو التوقف عن وصفي بكبير السن. انتم تجرحون مشاعري."

وأضاف "عندما وصلت للمنصب لم يكن لدي أي شعر أبيض والآن أصبح هناك الكثير... أنا لا أصبغ شعري وكثير من زملائي القادة يفعلون. لن أقول من هم لكن الحلاقين الذين يقصون ويصففون شعورهم يعرفون." وكان شعر أوباما أسود دون أي أثر للشيب عندما تولي الرئاسة في يناير كانون الثاني 2009 . وكان اللون الحقيقي لشعر شخصية الرئيس موضع جدل في بعض الأحيان. بحسب رويترز.

وأحد الأسرار التي دفنت مع الرئيس الراحل رونالد ريجان في قبره هي ما اذا كان يصبغ شعره الأسود الفاحم. وكان ريجان ينفي دائما تغيير لون شعره كما أن المقابلات التي اجريت مع مصفف شعره لم تكشف شيئا. وقاضى المستشار الألماني السابق جيرهارد شرودر ذات مرة وكالة أنباء ألمانية لزعهما انه صبغ شعره البني الداكن. ودائما ما يظهر القادة الصينيون -بغض النظر عن أعمارهم- بشعر رأس أسود حالك.

المكتبة الرئاسية

على صعيد متصل قالت وسائل اعلام امريكية إن مكتبة باراك اوباما الرئاسية ستبنى في مسقط رأسه بمدينة شيكاجو لتتفوق على نيويورك وهاواي اللتين تقدمتا بعرضين لاستضافة المكتبة. وقالت شبكة تلفزيون (إن.بي.سي) إن عرضا من جامعة شيكاجو التي عمل بها اوباما استاذا للقانون والتي تقع بالقرب من منزل لاوباما في حي ساوث سايد بالمدينة من المتوقع ان تقبله مؤسسة انشأها مؤيده في يناير كانون الثاني للتخطيط لانشاء المكتبة. ونشأ اوباما في هاواي وتلقى تعليمه الجامعي في جامعة كولومبيا في نيويورك.

وكان مجلس مدينة شيكاجو قد وافق بالاجماع في مارس اذار على استخدام ارض في متنزهين قرب منزل اوباما. وتقع قطعة الارض قرب جامعة شيكاجو وستنقل ملكيتها اذا تم قبول عرض الجامعة لاستضافة المكتبة الرئاسية. وقبل انتخابه في مجلس الشيوخ الامريكي في 2004 عمل اوباما استاذا في الجامعة. وكانت جامعة ايلينوي قد قدمت ايضا عرضا لاستضافة المكتبة لن يحتاج الي نقل للملكية. بحسب رويترز.

ولم يتضح على الفور ما اذا كانت المؤسسة قد اختارت العرض الذي قدمته جامعة شيكاجو رغم ان قناة (دبليو.إل.اس.تي.في) المحلية التابعة لشبكة (إن.بي.سي) قالت إن المكتبة ستبنى في ساوث سايد قرب الجامعة. ومن المقرر ان يترك اوباما منصبه في يناير كانون الثاني 2017 بعد فترتين رئاسيتين. ولم يتسن الوصول إلى متحدثين باسم المؤسسة ورئيس بلدية شيكاجو رام ايمانويل للتعقيب.

اضف تعليق