q
{ }

في عصر العولمة والانفتاح الفضائي والافتراضي نسمع كثيرا عن صناعة الارهاب، الخوف، الطاغوت، الموت، وأيضا صناعة الوهم، ووسائل الاعلام المتمثلة بالقنوات الفضائية والاذاعات ومواقع الانترنت والصحف والمنشورات لها دور أساسي في صناعة الوهم، والمستهدف الاكبر في هذه الصناعة هو المرأة لأنها الحجر الاساس والركن الأول في بنيان المجتمع.

ونظرا لأهمية هذا الموضوع الشائك اقامت جمعية المودة والازدهار النسوية ورشة عمل بعنوان: صناعة الوهم في وسائل الاعلام.. المرأة انموذجا.

ولمعرفة أبعاد هذا الموضوع وتساؤلاته استضافت الجمعية؛ الدكتورة سهام الشجيري، من كلية الاعلام، جامعة بغداد. وقد حضرت الورشة ثلّة من الاعلاميات والمثقفات والمهتمات بشؤون المرأة والمجتمع، وقد عقدت بتاريخ 20/5/2017 في مقر الجمعية.

افتتحت احدى عضوات الجمعية الحديث بمقدمة عن المحاور الثلاث الرئيسية التي يدور الموضوع في فلكها وهي:

 1. صناعة الوهم: وهو فن يعتمد على دغدغة العواطف ومخاطبة العقل اللاواعي.

 2.وسائل الاعلام: وهي الماكينة التي صنعت هذا الفن.

3. المرأة: الحلقة الاضعف والاقوى في صناعة الوهم في الاعلام.

 ثمّ كانت الكلمة للدكتورة الشجيري؛ حيث بينت في البداية خطورة هذا الموضوع الذي عبث في المجتمع وخصوصا أن المستهدف هو العمود الفقري له، ألا وهو المرأة، فإن نجح في تحقيق أهدافه أُصيب المجتمع بالشلل.

وتناولت في حديثها عدة محاور وكان أهمها:

* الخطاب الاعلامي حول المرأة

حيث قدّم الاعلام صوراً غير حقيقية ومشوّهة عن شكل المرأة المثالية، وهي صورة متخلفة لاتحترم انسانيتها ودورها الاساس في المجتمع، استغلّ فيها الجسد الانثوي وقدّم المرأة الجميلة كنموذج ناجح ومتميز وروّج هذه الصورة عبر المسلسلات والافلام والاعلانات التي تبثها القنوات الفضائية.

ونلاحظ أن الاعلام يوجه رسالته الى 70% أو اكثر لفئة من النساء السطحيات، وبالتالي بدلاً من ان يوجه النساء للاهتمام بقضاياهم المدنية، ومشاركتهم الفعالة في التنمية والاعمار والبناء، بل نجد الاعلام العربي لا يطرح موضوعاته للمرأة كعقلية بل يعزز وجود المرأة السطحية، وترسيخ نظرة عنصرية وندية لدى المرأة تجاه الرجل، وهو خطاب في مجمله طائفي عنصري، بمعنى أنه خطاب يتحدث عن مطلق المرأة/الانثى، ويضعها في علاقة مقارنة مع مطلق الرجل/الذكر، وانها علاقة بين طرفين متقابلين أو متعارضين، وليس من الصعب أن نجد ذلك في نبرة "المساواة" و "المشاركة" وغيرها.

وبذلك فإن على المرأة دوراً كبيراً في تغيير تلك الصورة والقضاء على صناعة الوهم والكف عن مناقشة حقوقها السطحية، والبحث عن أنسنة حضور المرأة في الاعلام، سواء أكانت عاملة بالأعلام أم ضيفة على برامجه المختلفة.

* صورة المرأة في الاعلام

تعتمد وسائل الاعلام على توظيف المرأة من اجل الاثارة الحسية والجنسية، وذلك من خلال الاغاني والفيديوهات الهابطة، او الصور التي تعرض على الشاشات للمذيعات اللاتي يتسابقن في عرض أجسادهن، في مشاهد تكرّس حالة الاغراء، فوسائل الاعلام العربية تقدم المرأة، كمستهلكة غير منتجة وغير مشاركة في عملية التنمية، والمهتمة بالطبخ والازياء والتجميل والمظاهر فقط، وغائبة عن ميادين الانتاج والخدمات والنشاط الاقتصادي والاجتماعي، ولاتركز على دورها في بناء الاسرة والمساهمة في مختلف جوانب الحياة.

* هندمة الحضور الاعلامي للمرأة

حيث ان الدور المعرفي والمعلوماتي للإعلام نحو نقل واقع المرأة وتجريده وعرض سلبيات هذا الواقع قبل ايجابياته، هو بالتأكيد الاهم قبل اية عملية تزويق أو دفاع عن واقع ملتهب، إذ ان التخلي عن نقل صورة واقع المرأة الحقيقي والقصور عنها قد يؤدي بشكل مباشر أو غير مباشر إلى تجاهل سلبيات هذا الواقع أو التعاطي معها كظواهر سيكون الوقت كفيلا بتجاوزها، وكثيرا ما هوجمت وكالات الاعلان بسبب الطريقة التي من خلالها تصور المرأة في الاعلانات المطبوعة والتجارية.

وقد بدأت قضايا المرأة في بداية القرن الماضي تأخذ مكانها في وسائل الاعلام العربية، ومع تطور هذه الوسائل تطورت معالجة قضايا المرأة بأشكال وصور مختلفة، ولكن وسط هذا الكم الكبير من وسائل الاعلام التي تبدي اهتمامها بطرح ومعالجة قضايا المرأة العربية، نطرح على أنفسنا سؤالا، هل تقوم هذه الوسائل بطرح القضايا التي تعانيها المرأة العربية في الواقع؟ أم أن هنالك نوعا من الانتقائية في المعالجة الاعلامية لمجمل المشكلات والعقبات التي تواجهها المرأة العربية في حياتها؟.

وقد تخلل الورشة مشاركات ومداخلات من الحضور، ومن الآراء كانت:

* اهمية تشجيع واتاحة الفرصة للمرأة في العراق للتعريف بدورها وحقوقها وواجباتها.

* توعية المرأة ورفع مستوى تفكيرها وتحصينها وتسليحها فكريا وثقافيا ودينيا.

 * دور الرجل في الايمان بدور المرأة وأهمية مشاركتها في الكثير من مناحي الحياة.

 * مسؤولية وسائل الاعلام المحلي وضرورة تقديمه لصور ونماذج عن نساء ناجحات في كافة المجالات بعيدا عن الجمال والاناقة.

وفي الختام تم تقديم شهادات المشاركة بالورشة من قبل ادارة الجمعية للمشتركات.

جدير بالذكر أن جمعية المودة والازدهار النسوية تهدف الى توعية وتحصين المرأة ثقافياً لمواجهة تحديات العصر والعمل على مواجهة المشاكل التي تواجهها واعداد العلاقات التربوية الواعية التي تُعنى بشؤون الاسرة وكذلك دعم ورعاية الطفولة بما يضمن خلق جيل واع، وتسعى الجمعية لتحقيق اهدافها عبر اقامة المؤتمرات والندوات والدورات واصدار الكراسات واعداد البحوث والدراسات المختصة بقضايا المرأة والطفل.

اضف تعليق