q

بسبب الفراغ والفاقة وكثرة البطالة وقلة فرص العمل ومن خلال وجود آلاف من العاطلين عن العمل والكثير منهم يجلس على دكات المساطر بانتظار فرصة عمل متحملين الصعاب بكل الظروف وهم يحلمون بكسرة خبز وبحياة جديد من اجل بناء مستقبلهم, فأذا بهم يجدون انفسهم أمام ظاهرة غريبة وهي كثرة العمالة الأجنبية وخاصة الأسيوية من خلال لجوء الكثير من أصحاب المحلات والفنادق لجذب العمالة الأجنبية وعدم الالتفات الى العامل العراقي الذي يمتلك الحق الكامل في الحصول على فرصة عمل في بلده.

الشاب مصطفى عبد الحسين 26 عام وتبدد الحلم الكبير هذا ما استهل به كلامه حيث قال حينما تخرجت كان اكبر احلامي ان اعمل بشهادتي التي حصلت عليها بعد عناء طويل, لكني اليوم اجدها بين اشيائي في الخزانة كانها قطعة من ذكرياتي فبعد تخرجي حاولت جاهدا الحصول على عمل يناسبني لكن دون جدوى حتى تسرب اليأس الي فلجأت الى المطاعم والفنادق والأسواق التجارية لكن دون فائدة وفي نهاية المطاف قال لي صاحب فندق بأنه احضر طاقما لبنانيا للعمل ولا يقبل بتشغيل اي عامل عراقي بسبب عدم التزام العمال العراقيين اضافة الى البعض منهم يسببون له مشاكل اخلاقية, عدت فاقد الأمل وقد انقضى أكثر من عام وانا أواصل البحث دون فائدة من إيجاد فرصة عمل حتى تأزمت نفسيا، وأصبحت حالتي يرثى لها وذلك بسبب الكثير من الشباب الذين لا يقدسون العمل الذي أدى الى عدول الكثير من أصحاب الفنادق والمحال في عدم تشغيلنا.

وفي السياق نفسه قال حسن رضوي وقد غطى الشيب رأسه وبانت على محياه علامات التعب والحزن الذي يواكبه منذ سنوات خلت بسبب الوضع الاقتصادي وخصوصا بعد الازمة المالية التي تمر بها البلد حيث قال بألم نابع من قلبه الموجوع قائلا: اني اعمل موظف اجر يومي ولم اتقاضى راتبي منذ شهور , لدي عائلة تتكون من ستة أفراد وما كنت أتقاضاه لا يسد رمق الحياة ومتطلباتها فحاولت البحث عن عمل إضافي فوجدت نفسي في دوامة لا أمل فيها لان ظاهرة العمالة الأجنبية في العراق أصبحت آفة تفتك بالمجتمع وتسبب فقدان الكثير من فرص العمل للمواطن العراقي وخاصة الشباب الخريجون الذين يجلسون على قارعة الطريق وعيونهم تنظر للأفق من اجل الحصول على فرصة عمل.

اما اليوم قد ازداد الامر سوءا حيث لم يصرف لي راتبي منذ شهور اضطررت على تقديم اجازة بدون راتب لاجد نفسي اعمل في اعمال البناء المضنية في حرارة الصيف اللاهبة وخصوصا ان عمري تجاوز الاربعين وحتى هذا العمل لا يتوفر بكثره بسبب الازمة المالية التي ادت بتوقف البيع والشراء وحتى البناء , ولا اعلم هل سيبقى الامر كما هو؟، والى متى؟، وكيف لي ان استمر بعملي الجديد وانا بهذا العمر ومريض بالسكري .

ختم حديثه بأمل مرتقب اتمنى من الحكومة سن القوانين والتشريعات والتوجيهات للجهات المعنية من اجل منع هذه العمالة في السوق العراقية وعلى الحكومة المحلية رصد وتشخيص ومعالجة هذه الحالة ومراقبتها لأنها أخذت تستفحل في الآونة الأخيرة مستغلة ضعف الرقابة والاجراءات القانونية.

فيما قال الحاج ابو كرار صاحب مجمع للمواد الغذائية مضى اكثر من خمسة اعوام على افتتاحي المجمع وانا المسؤول عن ادارته حيث نعمل به انا وابنائي الثالثة وحينما ازداد الزبائن وكثرة مبيعاتنا اضررت لزيادة العمال فعمدت على تشغيل عامل عراقي لكني عانيت كثيرا اما من تأخره للوصول بالوقت المحدد او مجادلتي حينما اوجهه على عمل خاص وكل مرة يترك العمل دون ان يخبرني وابقى في حيرة من امري لما يسببه لي من ارباك في تركه للعمل فجأة دون ان يخبرني , ثم اشار لي بعض الاصدقاء بأحظار عامل اجنبي لانه سيكون اكثر التزام حيث ترك بلده وتغرب لاجل العمل لا غير وهذا ما حصل بالفعل احضرت عامل من باكستان ووفرت له مأؤى في الطابق العلوي وخصصة راتب له قدرة 400 الف دينار عراقي وقد مضى على مكوثه اكثر من عام ونصف وهو يعمل معي وبوجده انتهت معاناتي من البحث عن عامل يكون امين ومحب للعمل بين فترتا واخرى.

من جهته اضاف المحامي عماد ناصر 48 سنة بأسف ملحوظ حيث قال: ان العمالة الأجنبية بدأت تتدفق الى السوق العراقية وأخذت تزاحم أبناء البلد واغلب أصحاب المحال التجارية والمجمعات يلجؤون الى تشغيلهم مما ازداد في أعدادهم, وأكثر هذه العمالة منحدرة من بنجلادش وإندونيسيا وماليزيا وباكستان حتى أخذوا بالانتشار بشكل فوضوي من حيث تركز نشاطهم في بغداد وكربلاء والنجف واكثرهم يعملون في الفنادق والمطاعم، مما يقلل من فرص العمل لأبنائنا الذين هم أولى بالعمل في بلدهم من غيرهم, وهذا ما يأسفني حينما ادخل الى احد الاسواق لاجد ان البائع الذي يتعامل معي ليس ابن بلدي خصوصا بما نمر به من وضع اقتصادي راهن يحثنا جميعا على تشغيل ابنائنا دون سواهم.

الرؤية القانونية

 الحقوقي حاكم المرشدي استل حديثه قائلا: ان نقابة العمال هي الممثل الشرعي للعمال ويجب مطالبة العمال للنقابة برفع دعوى ضد كل من يقوم بالتعاقد مع الشركات العراقية او الاجنبية عند مخالفته لقانون الاستثمار الذي فيه ضمان العمالة العراقية وكذلك عند مخالفة قانون العمل الذي يضمن حق العمالة العراقية, والمفهوم القانوني للعامل الاجنبي ينص على ان يحق للمستثمر توظيف واستخدام عاملين من غير العراقيين في حالة عدم امكانية استخدام عراقي يملك المؤهلات اللازمة وقادر على القيام بنفس المهمة وفق ضوابط تصدرها الهيئة, وفي نفس السياق هناك من يقول ان حرية التعاقد على العمل من قبل صاحب المشروع او بعبارة ادق منقبل صاحب العمل والعامل هو امر مستقر عليه يدخل ضمن الحريات الاساسية لكل فرد, فلا يجوز الزام صاحب المشروع بقبول عامل لديه رغما عنه ولا الحاق عامل بخدمة صاحب عمل رغما عنه, ولكن هذه الحرية كسائر الحريات تخضع في ممارستها لضوابط قصد بها التوفيق بين ممارسة كل فرد للحريات المكفولة له وحقوق وحريات الاخرين من اشخاص المجتمع, ومن ناحية اخرى يقضي الصالح الوطني بفرض القيود على عمل الاجانب حماية للعمال الوطنيين من البطالة او من تدني الاجور بسبب مزاحمة الايدي العاملة الاجنبية التي غالبا ما تقبل باجور اقل حيث جرى العرف الدولي والوطني على ان العمل في الوطن هو عادة من حق المواطنين وحدهم وانه يجوز الاشتغال ايضا للاجانب المستوطنين وغيرهم في البلاد بالطرق المشروعة عند الاقتضاء وعلى الاخص في المجالات التي تنعدم او تقل فيها الايدي العاملة الوطنية.

وانطلاقا مما تقدم يمكن الاستدلال الغاية المتقدمة وهي تنمية الموارد البشرية حسب متطلبات السوق وتوفير فرص عمل للعراقيين, وهناك الكثير من القوانين والضوابط التي يطول ذكرها, لكننا نسعى على تطبيق ما تطوله ايدينا.

الرؤية الاقتصادية

من جهته أوضح لنا الخبير الاقتصادي شاكر الجنابي ان ظاهرة العمالة الأجنبية الآسيوية لم تكن مألوفة في العراق قبل عام 2003 الا انها اخذت تتسع بشكل مباغت في الآونة الاخيرة وذلك بقيام بعض مكاتب التوظيف الاهلية المتخصصة باستقدام اعداد كبيرة من العمال الاسيويين الى العراق نتيجة افتقار العامل العراقي الى المهارات والكفاءة, وتعود اسباب انتشار العمالة الاجنبية الى تدني اجور العمالة الاجنبية مقارنة بالعمالة العراقية, واضاف الجنابي بخصوص الاطار القانوني لدخول العمالة الأجنبية فيعتمد العراق حاليا في تعليمات دخول العمالة الاجنبية على قانون العمل رقم 71 لسنة 1987، والذي لا يسمح بتشغيل اي عامل اجنبي الا بعد الحصول على رخصة، كما أوجب مراعاة شرطين رئيسين، الاول هو الحاجة الفعلية وموافقة الجهات الامنية.

كما ان القانون أوجب ان يقوم العامل الاجنبي بتدريب عامل عراقي او اكثر بقصد نقل الخبرات، على أن تكون مدة الاجازة سنة واحدة قابلة للتجديد، ولا تلغى الا في حال اعطاء العامل معلومات خاطئة او تسبب وجوده بضرر أمني .

واصل حديثه مؤكدا بوجد تناقض كبير ما بين مكاتب العمل الأهلية والجهات الحكومية حول قانونية دخول العمالة الأجنبية اذ يوضح أصحاب مكاتب العمل الأهلية أنهم يقومون بجلب العمالة الأجنبية من دولهم وفق ضوابط رسمية مدرجة في بيانات اصولية وأوراق ثبوتية لهؤلاء العمال وسمات دخول مصدقة من وزارة الخارجية العراقية.

واغلب هذه العمالة تنتشر بشكل كبير في محافظتي النجف وكربلاء اللذان تعدان في مقدمة المحافظات التي تشهد ارتفاعا كبيرا في اعداد تلك العمالة الى جانب بغداد، في حين تنتشر البعض منها في المحافظات الجنوبية وخصوصا البصرة وميسان, حيث يصل عدد العمالة الاجنبية المسجلة والداخلة الى البلاد من خلال تعاقد الشركات الاجنبية مع القطاع الحكومي بلغت 140 الف عامل اجنبي من خلال 1022 شركة فيما لم يتجاوز عدد العمالة الوافدة عن طريق القطاع الخاص 400 مدبرة منزل، وهناك الآلاف منهم دخلوا بطرق غير شرعية ولا يعرف عددهم , مما سبب اثار اقتصادية فيما اوضح ميزان المدفوعات في الحساب الجاري ان قيمة التحويلات والتي تقارب المليار دولار اغلبها حوالات العاملين الاجانب الى خارج العراق في حين ان العمالة العراقية خارج البلد لا تقوم بالتحويلات المالية الى العراق، ويزيد ارتفاع أعداد العمالة الأجنبية الى زيادة الضغط على السلع والخدمات.

وهناك اثار اجتماعية لاستقدام هذه العمالة حيث يعد خرق للدستور كونه يهضم حقوق العامل العراقي بالحصول على فرصة عمل, و قد يأتي بعقائد قد لا تتناسب مع المجتمع، وقد يكون بعضهم مصابا بامراض معدية قد تؤثر سلبا على صحة المواطنين , وهناك صعوبة متابعة العمالة الأجنبية من قبل الاجهزة الأمنية مما يجعلهم عبئا على الوضع الأمني والاجتماعي و تحسبا من انخراطهم مع بعض المجاميع الارهابية.

حوراء عبد الله عباس مدير اتحاد الصناعات العراقي فرع كربلاء كان لها وجهة نظر مختلفة حيث قالت ان ظاهرة تدفق العمالة الأجنبية أخذت تزداد مؤخرا حيث لجأ الكثير من أصحاب المجمعات والمطاعم والفنادق بتشغيلهم وهناك رأي عند بعض أرباب العمل مفاده ان العامل الأجنبي يعمل اكثر من العراقي ويعمل ليلا ونهارا حتى انه يعمل لساعات طويلة مقابل اجر العامل العراقي وكذلك تفرغ العامل الاجنبي للعمل بشكل كامل ودون اي التزامات اخرى مجتمعية تعرقل او تأثر على عمله والساعات التي يقضيها في العمل يفضلها صاحب المشروع قياسا بالعامل العراقي, حيث يكون ملتزما اكثر ومطيعا لرب العمل, عكس العامل العراقي الذي لا يستقر في عمل معين وبعض الاحيان يتهرب من العمل او انه يمل ويسأم وبالتالي يترك العمل حسب مزاجه وهذا ما جعل بعض اصحاب العمل يفضلون العامل الاجنبي على العراقي بالرغم من وجود المئات من الشباب العاطلين عن العمل وخاصة الخريجين.

القانوني حامد حيدر بنيان مدير قسم العمل والتدريب المهني اجاب بخصوص العمالة الأجنبية ازداد عدد العاطلين في الوقت الحاضر لتواجد العمالة الأجنبية في أنشطتنا وأسواقنا الاقتصادية علما ان كافة الموجودين من العمال الأجانب حاليا يعملون خارج الضوابط وليس لديهم إجازات او تصاريح عمل, علما ان الإجازة تصدر من وزير العمل حصرا وبالتالي فان كافة الموجودين من العمال الأجانب وأصحاب العمل هم مخالفين للقانون ولا شرعية لهم حيث ان دخولهم يكون دخول فيزة سياحية وليس فيزة عمل, واعرب عن استبعاد فكرة ان البعض منهم حاصل على اجازة عمل, حيث ان قانون الاستثمار يجيز للمستثمرين جلب 50% عمالة اجنبية و 50% عمالة وطنية ليحصل على اجازة عمل, ختم حديثه بان هذه العمالة اثرت تأثيرا مباشرا على الواقع الصناعي في العراق وهو يتمنى من جميع المسؤولين في الجهات المعنية متابعة هذه الظاهرة وإعطاؤها أهمية كبيرة.

الحقوقي حاكم المرشدي

اضف تعليق


التعليقات

حسين الخزعلي
العراق
السلام عليك ورحمة آلله وبركاته2017-08-21