q
قد تأتي الفرصة الأهم للإنسان مرة واحدة في بعض الأحيان، وربما تتعلق بالتعيين والاختيار المناسب والأفضل للشاب، خاصة إذا كان من خريجي الجامعات، ونرى البعض يتجه نحو توزيع الطموحات الوظيفية للشباب العراقيين إلى القطاع العام (أي الوظيفة الحكومية)، أما البعض الآخر فقد يفضل العمل في القطاع الخاص، أي العمل في مؤسسات متنوعة إنتاجيا أو خدماتيا ولا تتبع للحكومة او الدولة

قد تأتي الفرصة الأهم للإنسان مرة واحدة في بعض الأحيان، وربما تتعلق بالتعيين والاختيار المناسب والأفضل للشاب، خاصة إذا كان من خريجي الجامعات، ونرى البعض يتجه نحو توزيع الطموحات الوظيفية للشباب العراقيين إلى القطاع العام (أي الوظيفة الحكومية)، أما البعض الآخر فقد يفضل العمل في القطاع الخاص، أي العمل في مؤسسات متنوعة إنتاجيا أو خدماتيا ولا تتبع للحكومة او الدولة، كل وفق تخصصاتهم واعتقاداتهم، لكن كيف يرى الشباب القطاع الأنسب لمستقبلهم الوظيفي؟ لذا بات علينا أن نفهم ما هو الاختلاف بين القطاعين المذكورين وما هي أسباب الإنتماء الوظيفي إليها.

الفرق بين القطاعين العام والخاص

يمتلك القطاع العام مجموعة من الميزات والاختلافات عن القطاع الخاص ومنها، يكون أكثر استقرارا بالنسبة للأمان الوظيفي، حيث لا يحدث أن يتم تسريح الموظفين مثل القطاع الخاص وكذلك تكون ساعات العمل قليلة من 6 إلي 7 ساعات يوميا، والاجازات الرسمية أكثر من القطاع الخاص، هناك تنظيم في السلم الوظيفي يتم من خلال قوانين تم تشريعها في قانون الاداري، أما فيما يخص القطاع الخاص وما يتميز به، لا يشترط أن تعمل بشهادتك الجامعية أو من أي معهد، فتستطيع أن تعمل في أي قسم آخر ليس بنفس مجال الشهادة، تكون الأجور اكبر مما عليه في القطاع العام، يمكننا من إظهار خبراتنا، والعمل على التطوير بشكل دائم.

ولأهمية الموضوع أعلاه لدى شريحة الشباب التي تعتبر بمثابة العنصر الرئيسي بالمجتمع وتطويره، قامت (شبكة النبأ المعلوماتية) باستطلاع للرأي وطرحنا سؤالنا على بعض الشباب ومن يهمه الأمر والمختصين في هذا المجال:

ايهما أفضل ولماذا؟

توجهنا بالسؤال إلى الاستاذ (مهدي نعمه علي)، كاتب ومدرس تاريخ في احدى المدارس في كربلاء، فأجابنا قائلا:

من المعروف أن لكل زمن عوامله وادواته التي تدفع الفرد صوب القرارات التي يتخذها، ولا ننسى بالطبع المحفزات الداخلية وتأثيرها في هذا الجانب، ولكن التحفيز الخارجي يكون أكثر قوة في حتمية القرار، العمل جزء أساسي في تكوين الشخصية لأي إنسان، وبذلك نراه يقبل على العمل بغض النظر عن بعض الظروف، وتراه يتشبث بدافع منها أحيانا أخرى، اليوم شبابنا العراقي يعيش صراع البحث عن عمل، مهما كانت ظروف العمل نفسه، والصراع قائم أيضا ما بين أن يكون العمل حكومي أم قطاع خاص، وحسب المصطلحات الاقتصادية نجد أن الفرص المتاحة في الجانبين هي المثبت للاستقرار في أحدهما، فالشهادة الدراسية تمثل أساس العمل في أي قطاع اقتصادي، والخبرة المتراكمة أيضا، والمحاكاة لمهنة الأسرة أو أحد الأبوين، وهناك التطلع صوب المغامرة في العمل والتخصص، ويمكن أن يلعب دور في الموضوع التيار الاجتماعي المحلي والإقليمي والعالمي، ومناهج العولمة غالبا ما تفرض على الإنسان الأخذ بتيارها الجارف أيضا، لذلك نعتقد ان عالم اليوم كما هو عالم الأمس يموج بتغيرات متسارعة صوب التركيز حول الابتكار والمخترعات التي تمنح السلع صفة الوفرة اقتصاديا، وبالتالي يكون الفرد مشدودا نحون الخلق الإبداعي من أجل حيازة الشهرة والثروة على وفق المنهج الرأسمالي في الاقتصاد، خاصة بعد انحسار التجربة الاشتراكية وتنحيها عن ساحة المنافسة العالمية صوب تجارب محلية بعض الشيء، الشباب في العراق يطمح من البعض الحصول على وظيفة دائمية تضمن لهم الحصول على تقاعد مجزي بعد سنوات الخدمة، رغم ان اجور الخدمة الحكومية غير مجزية نوعا ما، والبعض الآخر منهم يبحث عن فرص مثمرة تحقق له مكاسب كبيرة في زمن وجيز، والبعض يرتضي بأي عمل قد يتوفر، وربما هو غير متوفر اصلا، تبق الكثير من فرص البناء للموارد البشرية والشبابية تحديدا ضائعة بسبب التخلف القانوني في المنظومة التشريعية العراقية، وعدم مواكبتها لطبيعة سير العالم اليوم ومنحنيات طريقه الكثيرة، وبعد التغيير الحاصل في نظام البلاد السياسي عام 2003م وجدنا أن الميل صوب العمل الحكومي أكبر بسبب التخوف من المجهول وضعف الأداء المدرسي للشباب الذكور حصرا، ولد لديهم غياب الثقة بالمستقبل وبأنفسهم قبل كل شيء، مما دفع بانحسار فرص النجاح في العمل الخاص نتيجة التقلبات الاقتصادية الحادة في وضع البلد المتعثر، وختاما يلوح شيء من الانفراج في الأفق، قد يعادل الكفة بعض الشيء، وحتما ان الطموح والشهادة هما سيدى الموقف ولو بنسبة.

أسباب الاختيار بين القطاعين

والتقينا الاستاذ (حامد الجبوري)، ماجستير اقتصاد، فأجابنا بالقول:

لإن الشباب يفضل العمل في القطاع العام وذلك لعدة أسباب، فالشاب يفكر بمسألة الضمان الاجتماعي وهذا حق مشروع، وبما أن القطاع الخاص لا يوفر هذا الضمان لم يقدم الشباب على العمل في القطاع الخاص، فيلجئون للعمل في القطاع العام رغبة بالضمان الاجتماعي، أضف إلى ذلك ان العمل في القطاع العام في الغالب يكون أكثر مرونة وأقل صلابة من القطاع الخاص، لأنه لا يفكر بالربح والتنافسية، فالموظف في القطاع العام من الممكن وبسهولة أن يحصل على الاجازة والدوام بشكل متأخر وعدم مطالبة المسؤول لمرؤوسيه بالإنتاجية وغيرها، كما أن القطاع الخاص قد لا يستوعب الايدي العاملة غير الماهرة، خصوصا في ظل احتدام المنافسة في السوق، وعندما يكون الشباب لا يمتلكون المهارات التي تكون جاذبة للقطاع الخاص، فلا يذهب الشباب للعمل في القطاع الخاص كونهم يعلمون سلفا أن مهاراتهم لا تؤهلهم لتلبية متطلبات حاجة السوق، والسبب هو انخفاض مخرجات كفاءة التعليم.

وكذلك التقينا الشاب ( محمد حميد الطائي)، يعمل بإحدى الشركات الخاصة، فأجابنا بالقول:

يفضل البعض من الشباب القطاع الحكومي وذلك لضمان الراتب التقاعد بعد اكمال الخدمة المقررة، لكن لم يفكر الشباب بوضع العراق الحالي، وقد يسن قوانين جديدة تلغي مميزات القطاع العام، أما في خصوص القطاع الخاص فهو اكثر نفعا مما يتوفر به تنمية للخبرات والكفاءات، واحترام الأشخاص حسب المعلومات التي يمتلكها ووضع منهج للترقية، واجور تناسب الوظيفة التي يعمل بها، لكن سيصبح القطاع الخاص افضل لو امتلك مجموعة تشريعات وقوانين تحمي الموظف وتنظم امورهم.

ثم أجابنا الاستاذ (طالب الظاهر)، اعلامي وكاتب، عن السؤال نفسه قائلا:

من البديهي القول بان أغلب الشباب يفضل الانخراط والعمل ضمن القطاع العام (حكومي) لما يوفره، مثل هذا القطاع من استقرار وظيفي، وبالتالي يوفر استقرارا ماليا للفرد والأسرة وهو مطلب رئيسي للشباب، خاصة وإنهم في مقتبل العمر وأمامهم تكاليف باهظة من زواج وبناء أسرة واستقرار سكني في بيت مستقل وغيرها، من متطلبات عديدة ولا أدل على مثل هذا التوجه في مسعى الشباب من تفضيل الطلبة، مثلاً وتهافتهم على بعض الاختصاصات العلمية تحديداً في دراستهم الجامعية كالطبية وغيرها، كون هذا الاختصاص الدراسي مستقر ومضمون ومطلوب في التعيينات الحكومية، أما القطاع الخاص فالكثير يتجنب العمل به لما يتضارب البلد من عدم استقرار اقتصادي، وأمني، وسياسي الخ، ولفوضى السياسات الزراعية والاقتصادية التي تحكم البلد.. بل قل شبه غيابها، وغياب الحلول الحكومية تقريباً لمعالجة مثل هذا الخلل الواضح، كل هذا وغيره أدى الى أن يستورد البلد حتى الخضروات والفاكهة بل والماء، ناهيك عن السلع الصناعية التي يتم استيرادها بالكامل، إذ توقفت عجلة الصناعة تقريبا معتمدة على الاستيراد بشكل كلي وهو ما يعد ضعفا مؤسفا للبلد، وضعفا واضحا في السياسات الاقتصادية والزراعية، وهو ما يوقف عجلة التطور الإنمائي في البلد، وكذا يعمل على منع حدوث نهضة اقتصادية وعمرانية في البلد على المدى المنظور على الأقل.

اضف تعليق