q

قال تقرير نشرته صحيفة «لوس أنجلوس تايمز» الأمريكية: إن الكثير من النساء الإيرانيات يحجمن عن الزواج بالرجال، ونقلت الصحيفة الأمريكية عن عدد من النساء في إيران قولهن إنهن يناضلن من أجل العثور على أزواج يحتضن النساء الأكثر تحررًا.

التقرير رصد عددًا من قصص النساء الإيرانيات اللاتي اخترن العيش بشكل مستقل، وكان من بينهن «فهيمة آزادي» التي انتقلت في أواخر العشرينات من عمرها للسكن بمفردها في شقة جنوب طهران، بعد مرورها بعلاقات لم يكتب لها النجاح مع الرجال.

انضمت «آزادي» إلى عدد متزايد من النساء في إيران ممن اخترن البقاء بمفردهن، متحديات توقعات آبائهن، والقواعد الصارمة للجمهورية الإسلامية.

ومع ذلك، كان على «آزادي» تحقيق التوازن في استقلالها بحياتها بحذر. تصعد الدرج فقط عندما يكون خاليًا من الجيران، ونبهت على الأصدقاء المشي على أطراف أصابعهن لدى زيارتها؛ لتجنب لفت الانتباه، ولكن الرجال في المبنى لا يزالون يتساءلون حول امرأة شابة بمفردها في الطابق العلوي، «هل هي مطلقة؟» هكذا تساءل أحد الجيران، انتقلت «آزادي» إلى جزء آخر أكثر رقيًا من المدينة، ولكنها ما زالت تعيش وحدها.

3 مليون غير متزوجات

بحسب ما نقل التقرير عن وكالة «ميزان»، وكالة الأنباء الرسمية للسلطة القضائية في إيران، فإن أكثر من 3 ملايين من النساء الإيرانيات المتعلمات ممن يبلغن من العمر أكثر من 30 عامًا، هن غير متزوجات.

تتزايد أعداد هؤلاء النساء في الوقت الذي بات فيه الطلاق أكثر شيوعًا، بالإضافة إلى الإقبال الشديد من النساء على الجامعات؛ ما يمهد الطريق أمامهن للحصول على وظائف، والاستقلال عن الرجال الذين ـ بحكم القانون والعرف ـ من المفترض أن يكونوا أولياء أمورهن.

وقال التقرير «هذا تحول في الأجيال في المجتمع الثيوقراطي، الذي يبلغ تعداد سكانه 80 مليون نسمة، والذي ينادي بأن يكون الغرض الرئيس للمرأة في الحياة، أن تكون زوجة وأم. رجال الدين يشجعون على الزواج بلا هوادة في إيران».

ولكن- بحسب التقرير – بينما عززت إيران من التعليم العالي بالبلاد، فقد أجابت حشود من النساء الدعوة، في جزء منه لتحسين فرصهن في سوق العمل، الذي يشهد ركودًا في ظل العقوبات الاقتصادية الدولية. أكثر من 60٪ من طلاب الجامعات في إيران هم من النساء، وفقًا للإحصاءات الرسمية.

غير أنه بمجرد الحصول على الدرجة الجامعية، تناضل العديد من النساء من أجل العثور على الرجال ممن هم على استعداد لاحتضان المرأة الأكثر تحررًا.

التقرير نقل عن «آزادي» قولها «بسبب التعليم العالي، فإن النساء لديهن توقعات أعلى». وأضافت الخريجة الجامعية، التي تعمل مرشدة سياحية، ولديها طلاقة في اللغة الإنجليزية والروسية «لا يمكنك الزواج من رجل إيراني عادي؛ سوف يقول: لا تعملي. لا تخرجي. في هذه الأيام من الصعب أن تجدي رجلًا إيرانيًا منفتحًا حقًا».

وصفت «آزادي» الرجل الذي عاشت معه لمدة عامين. وقالت إنه جاء من عائلة ميسورة، وإنه درس في أرمينيا. وقالت إنها انفصلت عنه العام الماضي؛ بعد أن رفض السماح لها بالخروج في المساء بمفردها.

والدها الراحل، «صائغ»، ووالدتها دعما قرارها بالبقاء بمفردها، خاصة أن شقيقتها الأكبر سنًا، وهي محامية ناجحة ولديها ابنها البالغ من العمر 10 أعوام، انفصلت عن زوجها الذي عارض ذهابها في رحلات عمل.

وقالت «آزادي» «لقد كونت صداقات على نحو متقطع مع رجال على مر السنين، ولكن لم يكن أي منهم مسؤولًا بما فيه الكفاية بالنسبة لي للتفكير في الزواج من أحدهم»، وتابعت «كبار السن من الرجال يفضلون النساء الذين هم أصغر منهم، والشبان يريدون فقط الحصول على الجنس؛ لأنهم يعتقدون أنني لا أتوقع الزواج من أحدهم».

ارتفاع حالات الطلاق

تحدث عدد من النساء اللاتي تمت مقابلتهن من قبل الصحيفة الأمريكية بصراحة غير عادية حول الجنس والعلاقات التي قد تشكل صدمة لملالي إيران. يعكس هذا وحده مدى نجاح النساء في إثبات وجودهن، ولا سيما في أوساط الطبقة الوسطى الحضرية، حيث يوسع الإنترنت والقنوات الفضائية الغربية ببطء حدود ما هو مقبول اجتماعياً.

يتضمن ذلك الأشخاص غير المتزوجين، الذين يعيشون معًا – ما يعرف باسم «الزواج الأبيض» – والمزيد من حالات الطلاق. في الأشهر التسعة الأخيرة من عام 2015، انخفضت أعداد حالات الزواج المسجلة في البلاد بنسبة 3.4٪، في حين ارتفعت حالات الطلاق بنسبة 4.2٪ عن العام السابق، حسبما ذكرت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية.

التقرير أوضح أن الزواج يبقى قاعدة قوية في إيران، والتي لا تزال تعامل فيها العديد من القوانين المرأة على أنها مملوكة لرجل. المرأة المتزوجة تحتاج إذن زوجها من أجل السفر إلى خارج البلاد، في عام 2013، حاول البرلمان تمرير التشريعات التي من شأنها أن تطلب من النساء من جميع الفئات العمرية الحصول على موافقة آبائهن للسفر إلى الخارج. وسعت جماعات حقوق المرأة لإفشال الاقتراح.

ونقل التقرير عن «سارة مهتابي» وهي غير متزوجة وتبلغ من العمر 33 عامًا، قولها «بفضل تأكيد النساء على قوتهن، تتغير المواقف ببطء، ويتقبل المجتمع الاستقلال الاقتصادي للمرأة»، مرت «مهتابي» بقصة حب، بينما كانت تبلغ من العمر 20 عامًا، ولكن صديقها لم يكن على استعداد لتقديمها لوالديه المتدينين. وثمة علاقة أكثر حداثة مع خبير كمبيوتر، ولكنها لم تنجح؛ عندما قال لها إنه لن يتزوج إلا بكرًا.

نساء متحررات

ولكن مع تركيز الكثير من الحياة الإيرانية على الأسرة، يكافح العديد من النساء مع الوحدة. «مهتابي» تتساءل: عما إذا كان عليها أن تقلل من مستوى توقعاتها مع الرجل التالي الذي قد تقابله؟ وفقًا لما أورده التقرير.

«مهتابي» قالت «أشعر أن أولادنا الإيرانيين لم يتم تثقيفهم بما فيه الكفاية من قبل آبائنا لتحمل العيش مع امرأة متحررة»، «أبيدار دادمان»، موظفة البنك البالغة من العمر 37 عامًا، والتي تدرس للحصول على الماجستير في إدارة الأعمال الدولية، كانت قد واعدت في الآونة الأخيرة رجلًا لم يتقبل حقيقة أنها تكسب حوالي 300 دولار في الشهر؛ وذلك أكثر مما يفعل، وفي حين بات الطلاق أكثر شيوعًا، فقد بات من الصعب إرضاء بعض النساء حول ما إذا كان بامكانهن الزواج مرة أخرى.

«هاجر الحسني»، طبيبة شرعية تبلغ من العمر 32 عامًا، طلقها زوجها الجراح قبل عامين؛ بعد أن أثرت ساعات عمله الطويلة سلبًا على زواجهما. لم يعد مهتمًا بعلاقاتهما الجنسية، حسبما قالت، على الرغم من أنها في وقت لاحق وجدت رسائل حميمية على هاتفه من الممرضات وزميلات العمل، وقالت «أحاول أن أتعلم من علاقاتي الفاشلة وأختار زوجي بعناية أكبر». ومؤخرًا، رفضت بالفعل عرضين للزواج.

وجهة نظر رجعية عن المرأة

تعتقد «الحسني»- وفقًا للتقرير – أنه حتى الكثير من الرجال الإيرانيين المتعلمين تعليمًا عاليًا يحملون وجهات نظر رجعية عن المرأة.

التقرير ذكر أنه في كثير من المناطق الريفية، لا تزال المواقف تقليدية بشدة، ونقل التقرير عن ممثلة المسرح البالغة من العمر 33 عامًا من المنطقة الكردية في شمال غرب إيران، قولها إن احتمالات الزواج في مسقط رأسها اقتصرت على سائقي الشاحنات.

الممثلة، التي طلبت عدم نشر اسمها، انتقلت إلى طهران لدراسة «الدراما». وقالت إنها أجلت أفكار الزواج حتى حين، وقالت «أي زوج لي عليه أن يقبلني كما أنا…أريد أن أبدأ عائلة، ويكون لدي طفل أو طفلان، ولكن ليس بأي ثمن».

وقال التقرير: إنها لا تزال متفائلة؛ بسبب الأعداد المتزايدة من النساء غير المتزوجات مثلها. وقالت: إن «أعداد النساء المتعلمات سوف يغيرن نوعية الرجال في يوم من الأيام، وحتى ذلك الحين، سوف نستمر في القتال مع التقاليد».

...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

اضف تعليق


التعليقات

هادي الفتلاوي
العراق
لا يمكن بحال من الاحوال النظر الى مسألة تغيير النظرة الاجتماعية في مجتمع من المجتمعات البشرية إلى المرأة من دون الأخذ بعين الاعتبار إلى جملة من العوامل الدينية والإجتماعية والاقتصادية والسياسية فهذه العوامل بمجموعها تكون ما يطلق عليه عادة بالعادات والأعراف والتقاليد الإجتماعية والتي تولدت نتيجة لاجتماع هذه العناصر المتباينة فيما بينها وإذا نظرنا نظرة سريعة إلى محاولات في مجتمعات أخرى شبيهة بهذه المحاولة الرامية إلى تغيير نظرة المجتمع إلى النساء سنجد أنها بمجموعها باءت بالفشل الذريع فإذا افترضنا أن مجتمع من المجتمعات الإسلامية قام بمحاولة تجاوز العادات والتقاليد والأعراف الإجتماعية والموروثات التاريخية والقبلية فكيف يمكنه تجاوز الدين هل أن ذلك ممكن ؟2017-01-26