q

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين، ولعنة الله على أعدائهم أجمعين.

الوحدة الإسلامية

الوحدة الإسلامية كشعار، أو كبديل لعواطف غير نابعة عن القلب، شيء سهل.

أما إلباسها لباس الواقع المباشر، فهو بحاجة إلى طرح متكامل، يلف الأمة والدولة من ناحية، ويجمع مختلف الاتجاهات التقليدية والمراجع والعلماء من ناحية ثانية.

ولعل هذا الطرح الذي نذكره هنا يفي بالأمرين.

إن في العالم الإسلامي (الأعم مما يسمى بالبلاد الإسلامية، أو الذي يسمى بالبلاد غير الإسلامية) ألف مليون مسلم(1)، وزهاء نصفهم شيعة ونصفهم سنة، وهؤلاء منتشرون في البلاد، وإن كان الأكثر في بعض البلاد شيعة، وفي بعض البلاد سنة، كما إنهما يتساويان في البعض الآخر.

فإذا أريد جمع هؤلاء في وحدة حكومية واحدة فاللازم رعاية أمور:

1: جمع كل مراجع تقليد الشيعة في مجلس أعلى يحكمون فيه بأكثرية الآراء.

2: جمع كل مراجع السنة والعلماء الذين يتبعونهم في أخذ الأحكام، في مجلس أعلى يحكمون فيه بأكثرية الآراء.

3: ثم جمع هذين المجلسين في مجلس واحد.

فإذا أريد صدور حكم بالنسبة إلى إحدى الطائفتين فقط، كان لعلمائهم إصداره بأكثرية الآراء.

وإذا أريد صدور الحكم بالنسبة إلى الجميع ـ حيث إن الأمر يهم كل الألف مليون مسلم، من جهة سلم أو حرب أو ما أشبه ـ كان الحكم يتبع أكثرية آراء المجلسين معاً، لكن بمعنى أكثرية هذا المجلس وأكثرية ذاك المجلس، لا بمعنى الأكثرية المطلقة.

مثلاً: لنفرض أن في كل مجلس تسعة من العلماء مما يشكل المجموع ثمانية عشر، فإذا أريد الحكم على البلد الإسلامي العام ذي الألف مليون مسلم، كان اللازم (خمسة) من كل مجلس، لا عشرة مطلقة وإن كانت تسعة منهم من مجلس وواحد من مجلس، وذلك لأن الأكثرية المطلقة ليست محلاً لقبول الطائفة التي لا تحكم أكثرية علمائها.

ثم إن لكل طائفة من الطائفتين، حرية المناقشات الأصولية والفروعية، وسائر حرياتها المشروعة، وإنما لا يحق لطائفة أن تعتدي على الأخرى اعتداءً جسمياً أو مالياً أو ما أشبه، فإن حرية الرأي والكلام والنشر وغيرها من مفاخر الإسلام الذي جاء لإنقاذ الإنسان من الكبت، من كل أنواع الكبت.

قال تعالى: (وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ)(2).

4: ثم ينبع من المجلس الأعلى للمجلسين، و(شورى العلماء المراجع): أحزاب إسلامية حرة، كل حزب في نطاق طائفته، وتكون هذه الأحزاب مدارس سياسية، اقتصادية، اجتماعية، تربوية، لأجل تربية الكوادر الصالحين لإدارة البلاد في المجالات التأطيرية: (التشريعية) والقضائية والتنفيذية.

وينصب الولاة من جنس الأكثرية في القطر، بدون أن يحد ذلك من حريات الأقلية، وكذلك حال القضاة ومن إليهما.

وتكون مهمة هذا المجموع (العلماء والأحزاب): إرجاع الأمة الواحدة الرشيدة إلى الحياة، وإرجاع حكم الله سبحانه، فإن الدولة والأمة لا تخلوان من أحوال:

ألف: أن تكون القوانين دنيوية بحتة، كبلاد الوثنيين والشيوعيين.

ب: أن تكون القوانين دينية بحتة بدون ملاحظة الدنيا، كبلاد المسيحيين في القرون الوسطى.

ج: أن تكون القوانين الدينية بيد العلماء، والقوانين الدنيوية بيد الحكام، بأن يكون (ما لله لله وما لقيصر لقيصر)(3) على اصطلاحهم، كما في البلاد الغربية الآن، فلا يكون للعلماء رأي في الأمور السياسية.

د: أن تكون القوانين الدينية بيد العلماء، والقوانين الدنيوية بيد الحكام، ومنع العلماء من بيان الحكم الشرعي في المسائل السياسية، كما في بلاد الإسلام اليوم.

هـ: أن تكون القوانين الدينية والدنيوية بيد العلماء الذين هم الحكام، ويساعدهم على ذلك الأخصائيون من المثقفين.

والأول: إرهاب بحت وتأخر فظيع.

والثاني: خراب للدنيا.

والثالث: يوجب انقلاب الدنيا عن الروح مما يسبب الاستعمار في الخارج، والاستعمار والفساد في الداخل.

والرابع: يوجب التناقض بين الجهتين وولاء للناس في مكانين متضادين، وتدافع بين الحكام والأمة.

فلم يبق إلا الخامس، الذي هو عمارة للجسد والروح، وتلاؤم بين الدين والدنيا، وهذا هو الذي فعله الرسول الأعظم(صلى الله عليه وآله) وخلفائه الأئمة الأبرار (عليهم السلام) وأمر به الكتاب والسنة.

إذن، يلزم تشكيل شورى الفقهاء المراجع واستشارة الأخصائيين مع وجود الأحزاب الحرة، وهذه من مقومات جمع شمل المسلمين.

فضح التعذيب والحرمان والتجزؤ

من مقومات جمع شمل المسلمين وتشكيل حكومة ألف مليون مسلم فضح الأمور التالية:

1: التعذيب في السجون.

2: الحرمان الذي تعاني منه الأمة، في مختلف الأصعدة.

3: تجزؤ بلاد الإسلام بسبب الحواجز النفسية والحواجز الجغرافية وغيرهما.

كل ذلك بسبب عشرات الملايين من الكتب، وبمختلف وسائل الإعلام الممكنة.

التعذيب جريمة شنعاء

أولا: إن التعذيب الموجود في السجون ـ في كل سجون العالم الإسلامي، سواء في بلد يسمى بالإسلامي أو في غيره ـ جريمة شنعاء يندى لها جبين الإنسانية، يلزم فضحها والقضاء عليها.

بالإضافة إلى أن التعذيب يسبب تثبيط عزائم الجماهير بالتحرك لما هو ضروري في سعادة الأمة من لزوم إسقاط الدكتاتور، فإن السجن قد لا تكون له من الأهمية في لاوعي الإنسان مثل ما للتعذيب من أهمية، فإن الإنسان كثيراً ما لا يهتم بالسجن ـ بل ولا بالإعدام ـ بمثل ما يهتم ويخاف من التعذيب النفسي والجسدي.

وقد استغلت الحكومات الاستعمارية، أمثال بريطانيا وأمريكا وفرنسا وروسيا والصين، وما ومن يدور في فلكهم من العملاء، هذا التخوف والرعب للإبقاء على سلطانهم في بلاد الإسلام، فإذا تمكن المسلمون من فضحهم وفضح التعذيب، نجم عن ذلك تمهّد السبيل لإنقاذ المسلمين.

إن عبد الناصر(4) لما سقط، قام المسلمون في مصر بحملة متوسطة في فضحه بما كان يقترفه من التعذيب القاسي في سجونه، مما أثر في سقوط القومية في مصر، بل سقوط القومية العربية(5) في كافة البلاد، فصارت كالأموية التي أسقطها المسلمون منذ ثلاثة عشر قرناً فلم تقم لهم قائمة.

وهكذا يلزم إسقاط هذا السلاح الشائن من يد الدكتاتوريين في كل البلاد الإسلامية.

ومصر بعد وإن كانت تستعمل التعذيب، لكن بنسبة أقل بعد تلك الفضيحة التي مني بها عبد الناصر.

لا للحرمان

ثانياً: الحرمان، فالعالم الإسلامي كله، حتى البلاد التي يتفجر في أراضيها النفط كشلال السيول، تعاني من أشد أنواع الحرمان والتأخر في مختلف المجالات: في المجال الزراعي، والصناعي، والثقافي، والاقتصادي، والاجتماعي، والسياسي، وما أشبه، وقد بلغ الأمر إلى أن أكثرية الشباب لا يجدون سبيلاً إلى الزواج لفقرهم، بينما يمشون على أرض من الذهب، وتتدفق أموالهم إلى خزائن الغرب والشرق.

إن هذا الحرمان بحاجة إلى الفضح، حتى يسبب ذلك تحرك الأمة لأجل الإنقاذ.

ومن الطبيعي أن حكام هذه البلاد يمارسون سياسة التجهيل للأمة، حتى ترضى بما تحصل عليه من كسرة خبز للعيش، فإذا وعت الأمة إمكانياتها الكبيرة جداً، لابد وأن تتحرك لأجل إنقاذ حقها، وهي خطوة في طريق جمع شمل المسلمين وتشكيل حكومة ألف مليون مسلم التي توفر للأمة الرفاه والتقدم والرخاء بإذن الله تعالى.

وهذا الفضح أيضاً بحاجة إلى عشرات الملايين من الكتب في مختلف المستويات واللغات.

سياسة التجزئة

ثالثاً: وأخيراً يأتي فضح الدور الذي قام به المستعمرون وعملاؤهم، في تجزئة البلاد الإسلامية جغرافياً، وفضح السدود والحواجز التي خلقوها بين أنفس المسلمين، حتى صار مسلم كل قطر ينظر إلى مسلم القطر الآخر بنظر أنه أجنبي، بما تبع هذين العملين (تجزئة البلاد والحواجز) من تضعيف المسلمين وتشتيتهم والسيطرة عليهم.

فاللازم فضح الاستعمار وقوانينه أولاً.

وفضح التجزئة والحواجز النفسية ثانياً.

فهل من الأخوة الإسلامية، أن يرى المسلم العربي أخاه المسلم العجمي، والتركي أخاه الهندي، والإندونيسي أخاه الفليبيني، وهكذا، أجنبياً؟

أو هل من الأخوة الإسلامية أن يرفع الأخ في وجه أخيه الحواجز والموانع والقيود إذا أراد السفر إلى قطر إسلامي؟

وهكذا في سائر الشؤون المنافية لقانون الأمة الواحدة.

إسقاط الدكتاتور

من الضروري لجمع شمل المسلمين الاهتمام لفضح الدكتاتوريات الموجودة في العالم الإسلامي، فإن من سياسة الدكتاتور بث الفرقة بين الأمة، لكي لا تجتمع على إسقاطه.

فاللازم فضح الدكتاتور حتى لا يكون هناك مستبد يحكم حسب هواه، سواء حكم باسم القانون، أو باسم الدين، أو باسم الطبقة العاملة، أو باسم الطبقة المتعالية.

وتكون عملية الفضح بسبب ألوف العناوين من الكتب ونشرها في ملايين النسخ بمختلف المستويات وشتى اللغات.

ومهما تذرع الدكتاتور بالذرائع، يجب أن لا تقبل منه، فإن من الواضح أن العقول خير من العقل الواحد أو عقول أقل، ومن الواضح أيضاً أن الحق للناس، فبأي مبرر يسلبهم الدكتاتور حقهم.

ثم إن الدكتاتور لا يتنازل عن كرسيه، وإنما اللازم إنزاله، فإن الحق لا يُعطى وإنما يُؤخذ.

وقد اعتاد الدكتاتوريون كالحكومات العسكرية الانقلابية أن يقولوا: إننا قد صنعنا الثورة والانقلاب فلنا الحق، دون من سوانا.

والجواب: هل صنعتم الثورة والانقلاب لأجل أنفسكم أو لأجل الناس؟

فإن كان الأول فلا حق لكم في التكلم باسم الناس.

وإن كان الثاني فلماذا لا تشركون الناس في الحكم، بانتخابات حرة...

ومثل هؤلاء: الحكومات الوراثية، حيث لا شرعية لها.

من صفات الدكتاتور

ومن طبيعة الدكتاتور أن يجمع حول نفسه (أمّعات) باسم أنهم الناس، بينما عقلاء القوم والسياسيون والمحنكون والعلماء يعيشون في حالة العزلة، أو في السجون، أو المنفى، أو صار نصيبهم القبر.

إن الأمّعات (مادحي الدكتاتوريين) ليسوا إلا كالخشب المسندة، لا قيمة لهم، وإنما كل ما يملكون هو السلاح والدعاية والمال، كما رأينا ذلك في عهد:

(ناصر)(6).. و(قاسم) (7).. و(الشاه) (8)..

ومن إليهم، فبمجرد سقوطهم ظهر هراء أقوالهم، وأنهم لايملكون حب الشعب ولو بمقدار قيراط لهم، وظهرت فضائحهم.

من علائم الدكتاتور

وقد ذكرنا في بعض الكتب أن من أهم علائم الدكتاتور:

1: عدم الأحزاب الحرة، فإذا كان البلد إسلامياً يلزم أن تكون فيه أحزاب إسلامية حرة، وإذا كان غير إسلامي فحرية أحزابهم، إما إذا لم تكن هناك أحزاب حرة فإنه علامة الدكتاتورية.

2: وعدم تبدل السلطة كل فترة وفترة، والتبدل يكون من الرئيس الأعلى إلى سائر السلطات.

وربما يقال: هل في الإسلام مثل هذين التبدلين؟

الجواب: نعم، فإن الحكومة الإسلامية قوامها:

ألف: شورى المراجع الذين يرجع الناس إليهم في مسألة التقليد والحكم الشرعي.

ب: الأحزاب الحرة الإسلامية.

وكلاهما يتعاونان في إدارة البلاد والعباد، حسب القوانين الإسلامية.

أما شورى المراجع فلأنهم نواب الأئمة المعصومين (عليهم السلام) الذين نصبوهم حكاماً وخلفاء على الأمة، بقوله (صلى الله عليه وآله): «اللهم ارحم خلفائي» (9) وقوله(عليه السلام): «فإني قد جعلته عليكم حاكماً»(10).

ولا وجه لأن يكون بعض الفقهاء المراجع في الحكم دون بعض؛ لأنه عزل لخليفة الرسول (صلى الله عليه وآله) والحاكم المنصوب من قبل الإمام (عليه السلام).

ولا حق لأن يقول أحدهم: إن المرجع الفلاني ليس بالمستوى المطلوب من الثقافة أو ما أشبه من الاتهامات، إذ ما دام قبلته جملة من الأمة ملء إرادتها، فاللازم أن يكون شريكاً في الحكم، وإلا فلو انفتح باب الإقصاء بهذه الذرائع لأمكن لجماعة كل مرجع أن تتهم الآخرين.

كما لا حق لحزب واحد (وإن كان إسلامياً) إقصاء الآخرين أو اتهامهم بالعمالة أو ما أشبه ذلك، وإلا كان للأحزاب الأخرى أن يتهموا ذلك الحزب الواحد الذي أخذ بزمام البلاد، بنفس الاتهام.

فإن الاجتهادات الفقهية، والاجتهادات السياسية مختلفة، فلا أولوية لإحداها على غيرها، وحيث إن الأمة تختار الفقهاء المجتهدين والأحزاب الإسلامية، فاللازم أن يكون الكل في مسرح السياسة والحكم، بأكثرية الآراء.

وحيث إن هذا هو الإطار الإسلامي الصحيح المستفاد من الكتاب والسنة والعقل ـ كما فصلناه في بعض الكتب الفقهية(11) ـ فالجواب عن سؤال هل في الإسلام تبدل (شورى المرجعية) و(السلطة)؟ هو: نعم إن فيه تبدلهما، أما تبدل السلطة فلا إشكال فيه، وأما تبدل شورى المرجعية، فإنه عادة لا يقع تلقائياً، وإن جاز شرعاً بشروطه.

والسبب في عدم تبدل شورى المرجعية عادة، إن الأمة بعد التحقيق والتدقيق، تعين وتختار مراجع تقليدها، ويكونون هم أعلى سلطة في البلاد، يديرون دفة الحكم بأكثرية الآراء ومساعدة الأخصائيين، والأمة لا تقوم بتبديل الفقهاء المراجع عادة وذلك بملء إرادتها؛ لأنهم مراجع تقليدها، كما نشاهد الآن أن الأمة تقلد المرجع طيلة حياة المرجع، بدون أن يكون للمرجع قهر وغلبة أو سلاح أو دعاية، من أسباب الدكتاتورية.

نعم، إذا سقط مرجع التقليد عن المؤهلات، كما لو غلب النسيان عليه أو ما أشبه، لا يكون من الحكام حينذاك(12).

كيفية الجمع

وربما يقال: كيف يمكن جمع مراجع التقليد في مجلس واحد، وهم منتشرون في مختلف البلاد؟

والجواب: يمكن ذلك عبر الممثلين، فالممثلون في مجلس واحد، وهم يوصلون آراء كل واحد واحد منهم إلى المجلس، ويرفعون التقارير إليهم، فإذا حصلت الأكثرية كان ذلك الرأي مورد التنفيذ بسبب السلطات التأطيرية: (التشريعية) والقضائية، والتنفيذية.

لا دكتاتورية في الإسلام

وعلى أي حال فلا دكتاتورية في الإسلام لا من حيث المرجعية، ولا من حيث الحزبية، بل الإسلام دين الحريات والعدالة الاجتماعية، ولذا فإذا رأينا حكومة تحكم باسم الإسلام وفيها شيء من الدكتاتورية، فاللازم أن نعلم أن الإسلام لا يقر ولا يعترف بمثل هذه الحكومة.

لا يقال: الحاكم الإسلامي الدكتاتور يدعي ويقول: أنا استشاري، ولست بدكتاتور.

لأنه يقال: إذا صدق أنه ليس بدكتاتور، فليفسح المجال للبحث الحرّ مع المعارضة في مختلف وسائل الإعلام، فهل هو أفضل من رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأمير المؤمنين علي (عليه السلام)، حيث كان المسلمون وغير المسلمين يفتحون معهما المناقشات الحرة بمسمع من الناس وبمنظر منهم؟

كما يدل على ذلك كتاب (احتجاج البحار) (13)، و(احتجاج الطبرسي)(14) وغيرهما.

أما أن يبتعد الحاكم عن الناس، ويقتنع بحضور البعض منهم عنده للتهنئة والتصفيق والتأييد بالشعارات، بدون مناقشة واحتجاج، ثم يحرك عماله وجلاوزته لتنفيذ أوامره بالقهر والاستبداد، ويفتح باب السجون على الأبرياء، وينصب المشانق، ويرسل الجلاوزة لمصادرة الأموال، ثم تكييل وسائل إعلامه وعملائه التهم لكل من يريد قولاً معارضاً فإن ذلك من لوازم الدكتاتورية.

وعلى الأمة أن تعي حتى لا تُستغل باسم الديمقراطية، أو الانقلاب والثورة على الفساد، أو الاستشارية، أو الإسلام، أو ما أشبه ذلك.

إزالة الدكتاتور

وإذا تسلط الدكتاتور على الأمة بألف أسم وأسم، وتحت ألف ستار وستار، فاللازم على المصلحين جمع الشمل والتمسك والعمل لإزالة كابوس الاستبداد بالقوة الشعبية، فإن هناك قوتين:

1: قوة السلاح حيث تقع بيد الحكومة.

2: وقوة الشعب التي تتمكن أن تقاوم قوة السلاح.

فإذا تمكن المصلحون أن يتمسكوا بهذه القوة بتعقل وروية أزالوا تلك القوة الاستبدادية، فإن قوة الشعب هي القوة الفائقة التي تتمكن أن تسحب قوة السلاح عن الباطل إلى الحق.

والطريق الطبيعي لسحب القوة عن يد الحكومة الدكتاتورية، توعية الشعب بملايين الكتب، ثم تكتيل الشعب تحت ألوية النهضة والثورة، والتحرك لأجل إزعاج الدكتاتور بالإضرابات والمظاهرات السلمية، وكلما توسعت هذه القوة، تقلصت قوة السلاح، إلى أن تسقط قوة السلاح عن يد الدكتاتور.

ومن المهم جداً تحييد السلاح ومن بيده ذلك أولاً، حتى لايدخل الميدان لصالح الدكتاتور، وغالباً يمكن تحييد السلاح بعدم أخذ الشعب السلاح في إضراباته ومظاهراته، بل يلزم أن تكون حركته سلمية، تتجنب العنف والشدة، كما ذكرناه في بعض المباحث(15).

الانقلابات العسكرية مرفوضة

أما الانقلابات العسكرية فهي مرفوضة جملة وتفصيلاً؛ فإن الانقلاب ولو تذرع له بألف ذريعة ليس إلا سبباً لتدهور أحوال الشعب إلى الأسوء، وليس ذنب الشعب في حوادث الانقلابات العسكرية بأقل من الانقلابيين، حيث إن جماعة من العسكر لا يتمكنون من الاستيلاء على الشعب إذا لم يصفق لهم الشعب.

فإذا استولى جماعة من العسكريين على الحكم كان اللازم أن يرفضهم الشعب، ويعاملهم معاملة اللصوص ويقدمهم للمحاكمة العادلة.

وكلما رأينا من الانقلابات في أفريقيا وآسيا وغيرهما، وجدنا أنها لم تزد الأمة إلا سوءً، وصار حال الناس أسوء مما كان قبل الانقلاب.

والمنطق ضد تصفيق الشعب لهم، إن الإنسان إذا أراد أن يستخدم خادماً لداره، لابد وأن يحقق عن أحواله؟ فكيف يصفق الإنسان لمن لا يعرفهم وهم يريدون السيطرة على نفسه وماله وعرضه؟

وقد رأينا أن الانقلابات العسكرية التي قامت باسم إنقاذ فلسطين ـ كانقلابات العراق ومصر وغيرهما ـ لم تسبب لفلسطين وللأمة إلا ضياعاً أكثر، وللشعب إلا تردياً أسوء، والغالب أن الانقلاب العسكري يسبب انقلابات أخرى، فهو يولد الانقلابات المتتالية مما تدمر الشعب تدميراً كاملاً.

وغالب ما رأينا من انقلاب، كان غربياً أو شرقياً، فكانت أمريكا أو روسيا أو الصين أو بريطانيا أو فرنسا، تصافق جماعة من الأحزاب التي هي من صنائعها، أو من العسكريين الذين هم من عملائها للانقلاب، وذلك لأجل المزيد من امتصاص دماء الشعب، ونهب ثرواتهم، وتخريب بلادهم، وقتل وسجن وتعذيب وإذلال كبرائهم وشبابهم، وبالنتيجة تحكيم قبضة الاستعمار على البلاد أكثر فأكثر.

ولذا فمن الضروري تأليف مئات الكتب ونشرها بالملايين، لفضح الانقلابات العسكرية، والحيلولة دون حدوث انقلاب عسكري في بلاد الإسلام ـ بل في كل بلد ـ في المستقبل.

ثم إن كان الانقلاب العسكري حسناً فلماذا لا تدع الدول الغربية أن يحدث الانقلاب في بلادها؟

وإذا كان سيئاً فلماذا تسارع إلى الاعتراف بالحكومة الانقلابية في بلادنا، بحجة أنه حدث داخلي؟

أليس ذلك لأجل أنهم هم الذين يأتون بالانقلاب، لتحكيم قبضتهم، ثم يسارعون في الاعتراف به، ثم يحفظون القافزين إلى الحكم بالإعلام والسلاح والتخطيط وغيرها؟

إنه من غير شك أن كثيراً من الحكومات التي قام الانقلاب ضدها، كانت حكومات سيئة، لكن من غير الشك أيضاً، أن حكومة الانقلاب هي أسوء من تلك الحكومات...

وعلاج سوء الحكومة ليس بالانقلاب، بل يلزم أن يعي الشعب حتى يرفض الحكومة السيئة ويأتي بالحكومة الصحيحة، لا أن يقوم جماعة بالانقلاب وذلك بتخطيط من المستعمر، ليهلكوا الضرع والزرع، والذين يستجيرون من سوء الحكومة إلى الانقلاب العسكري، مثلهم كما قال الشاعر:

المستجير بعمرو عند كربته

كالمستجير من الرمضاء بالنار

من أسباب الانقلاب العسكري

أما أسباب الانقلابات العسكرية، فهي:

1: الفراغ السياسي في البلاد وجهل الأمة بواقعها، حيث إن الجاهل دائماً يكون ألعوبة بيد الدجالين وطلاب الشهوات.

2: السخط العام على الحكومة، حيث أنه يهيئ لجماعة ولو صغيرة أن تتمكن ـ وتصفيق الناس لهم ـ من القفز على الحكم.

3: الهزيمة الحربية للحكومة، سواء كانت هزيمة في حرب أهلية كما حدث لقاسم، حيث انهزم أمام الأكراد بعد أن وقعت حرب أهلية في شمال العراق، أو هزيمة في حرب غير أهلية، كالهزيمة في البلاد العربية أمام الكيان الصهيوني(16).

4: الحروب الأهلية وانقسام البلاد وضعف الحكومة عن إنهاء الحرب وإن لم تنهزم الحكومة، فإن الناس في أمثال هذه الحالة ينتظرون المنقذ، فإذا قفز جماعة على الحكم، باركوهم ـ عن لا وعي ـ زاعمين أنهم المنقذون.

5: ارتطام البلاد في مشاكل سياسية، أو اقتصادية، أو اجتماعية، بسبب سوء تصرف الحكومة.

6: المحافظة على النظام السابق، حيث إن أعضاء الحكومة حينما يعرفون اهتزاز كراسيهم، وأن التذمر بلغ مداه، يقومون بانقلاب عسكري صوري من الموالين لهم لإنقاذ عروشهم، ولو بقدر، كما حدث في السودان والباكستان.

7: ضعف الاستعمار السابق، وقوة الاستعمار الجديد، حيث إن القوي يطيح بعملاء الضعيف، كما أطاحت بريطانيا بـ (داود خان)(17) الأمريكي في أفغانستان.. لتأتي مكانه بـ (طرقي) (18). ثم أطاحت روسيا بترقي لتأتي مكانه بـ (ببرك) (19).

بالنتيجة لا فرق بين أن يكون ضعف الاستعمار السابق ناجماً عن ضعف في حكومته، أو ضعف في إدارته لتلك البلاد المستعمرة، فإن بريطانيا ربّت (طرقي) في الهند منذ عشرين سنة، وكونت له كياناً ليوم انقلابه على (داود) الأمريكي.

8: ضرب الأمة الإسلامية في بلاد الإسلام، حيث إن المستعمر يرى أنه لو ترك الأمر وشأنه، قويت القوة الإسلامية المترعرعة، وضربت مصالحه، فيأتي بجملة عملاء إلى الحكم في انقلاب عسكري، لينوب عنه في ضرب الحركة الإسلامية، كما حدث في العراق حيث قويت الحركة الإسلامية، فجاء البريطانيون بعبد الكريم قاسم، ثم بحزب البعث لما يئسوا من قدرة قاسم على ضرب الحركة الإسلامية، وهؤلاء العملاء لم يألوا في ضرب وتبديد الحركة الإسلامية.

9: إرادة الاستعمار ضرب القوى الوطنية في بلاد غير إسلامية كما حدث في بعض بلاد أفريقيا.

10: حب السلطة والغلبة، كما يحدث نتيجة للصراعات العسكرية، فإن العسكر إذا تولى الحكم لا يقدر على حفظه، ولذا ينقلب عليه آخرون حباً للاستئثار بالسلطة...

ولا يخفى أن كل ذلك نابع عن جهل الشعب وعدم وعيهم، ولذا لا يحدث انقلاب في بريطانيا أو فرنسا، أو حتى في إسرائيل الغاصبة، حيث إن شعوب تلك البلاد لهم من وعي الحياة قدر لا يسمح للانقلاب.

ثورات شعبية خاطئة

ثم إن هناك ثورات شعبية تفعل نفس فعل العسكريين من التدمير والتخريب، وتستغل تلك الثورة من قبل البعض، ويسيطر عليها الدكتاتوريون مثل:

هتلر(20).. وموسليني(21).. ولينين(22).. وماو(23).. وهوشي(24).. وكاسترو(25)..

وأمثالهم، مما لم يكن عملهم إلا القتل والتدمير والتخريب وإدخال البلاد في حمامات من الدم، وتعميم الإرهاب في البلاد مما هو معروف.

وإنما تحدث مثل هذه الثورات إذا هاج الشعب من الفساد والخراب، ولم يكن لهم وعي كاف في كيفية الحكم. فيشترك الشعب جميعاً في الهدم، بدون خريطة مسبقة ومؤهلات لكيفية البناء، فيستغل جماعة من طلاب السلطة، جهل الشعب للاستيلاء عليه بالإرهاب سجناً وتعذيباً وإعداماً ومصادرة أموال وخنقاً وكبتاً.

وعلامة هذا النوع من الحكومات (وحدة الحزب) مما يتبع وحدة الخط السياسي في البلاد، إعلاماً وشخصيات في كل السلطات، فإذا لم يكن في البلاد أحزاب سياسية متعددة (واللازم في بلاد الإسلام أن تكون هناك أحزاب سياسية إسلامية تحت إشراف شورى العلماء المراجع) فهو دليل على أن الثورة الشعبية الواسعة تحولت إلى قفز جماعة مستبدة إلى الحكم، وإقصاء الآخرين بمختلف المعاذير والتهم، وتكون عندئذ مأساة البلاد.

وإلا فإن صدق الحاكم في مثل هذه الحكومات، فلماذا لا يسمح للبحث الحرّ مع من يدعيه خصوماً للبلاد؟ والحال أن الحاكم القافز على الحكم (باسم الشعب) هو العدو للبلاد.

فعلى الأمة أن تعي حتى لا يقع انقلاب عسكري، ولا ثورة شعبية تنتهي إلى سرقة جماعة لتلك الثورة، وإلا كان المصير الدمار والهلاك.

والله المستعان.

* قم المقدسة-محمد بن المهدي الحسيني الشيرازي-15/ ربيع الأول/ 1403

................................
تهميش: مؤسسة المجتبى للتحقيق والنشر
(1) بلغت نفوس المسلمين حسب آخر الإحصاءات ملياري مسلم.
(2) سورة الأعراف: 157.
(3) قول مشهور منسوب للسيد المسيح (عليه السلام) في قصة سؤال الفرنسيين له عن جواز إعطاء الجزية لقيصر، بمكيدة منهم، وقد تمسك دعاة العلمانية وفصل الدين عن السياسة وقيادة الأمة بهذا القول، الذي لم يكن معناه والمراد منه ما فسروه، بل كان في حقيقته تهرباً من مكائد أعداء المسيح (عليه السلام)، انظر العهد القديم والجديد: الإصحاح 22 تحت الرقم 15.
(4) هو جمال الدين عبد الناصر حسين (1918ـ 1970م) عسكري وسياسي مصري، رئيس جمهورية مصر العربية منذ عام (1956م)، ولد في سنة (1918م) أكمل دراسته الابتدائية عام (1931م) وبعد حصوله على شهادة الثانوية القسم الأدبي عام (1936م) التحق بمدرسة الحقوق وانتقل منها إلى الكلية الحربية التي تخرج منها عام (1938م) برتبة ملازم ثان، وتدرج بالرتب إلى أن بلغ رتبة مقدم وعين مدرسا بكلية الأركان الحربية عام (1951م) وفي أثناء ذلك كان يقوم بتنظيم الجهاز السري لمنظمة الضباط الأحرار، ووضع التدابير لانقلاب عام (1952م) على حكم الملك فاروق، استلم وزارة الداخلية ثم رئاسة الوزراء، ثم رئيساً لمصر في (1956م)، من أشهر دعاة القومية العربية في العصر الحديث، أعلن قيام الجمهورية العربية المتحدة عام (1958م) مع سوريا، ثم قام اتحاد فدرالي بين الجمهورية المتحدة واليمن، ثم الانفصال عام (1962م)، وفي عام (1963م) وقع ميثاق الوحدة بين العراق وسورية ومصر. هاجم التيار الإسلامي في مصر بضراوة، وفي سنة (1967م) تم العدوان الإسرائيلي ما عرف وقتها بنكسة حزيران، فتنحى عبد الناصر عن الحكم بسبب الهزيمة، عدل عن قراره وبقي في منصبة. سنة 1968: إعادة بناء وهيكلة القوات المسلحة. سنة 1970: انعقاد مؤتمر القمة العربية بالقاهرة لوقف نزيف الدماء بين الفلسطينيين والأردنيين وكان مع ختام هذا المؤتمر وعقب توديع جمال عبد الناصر لأمير الكويت صباح السالم سقط جمال عبد الناصر من شدة الإعياء وتوفي في 28 سبتمبر 1970م.
(5) القومية: في الاصطلاح السياسي يقصد بها جملة العوامل المعنوية التي تربط جماعة إنسانية وتضمها في إطار وحدة تعرف بالوحدة القومية، وتعرف هذه الجماعة باسم: الأمة، فمن ثم كانت العلاقة بين القومية والأمة، وبين الأمة والدولة، التي هي تنظيم سياسي يمثل شعباً ذا وحدة قومية يعيش في إقليم معين.
وقد اجتاحت العالم منذ أوائل القرن التاسع عشر لاسيما في أوروبا وتحت تأثير الثورة الفرنسية والثورة الصناعية، حركات قومية كانت تهدف إلى استثارة الروح الوطنية عند عدد من الشعوب، التي كانت إما طامحة في الاستقلال، مثل دول البلقان، أو طامحة في الوحدة السياسية مثل ألمانيا وإيطاليا، باعتبار أن هذا الهدف السياسي لا يتحقق إلا بعد تثبيت أسس الوحدة القومية؛ لهذا كان من وسائلها نشر اللغة القومية وتراثها الفكري، فنشأ حينذاك ما عرف باسم حرب الثقافات وإحياء التقاليد الموروثة والفنون الشعبية، والإشادة بأحداث التاريخ حلوها ومرها، ورفع الشعارات والتغني بالأمجاد الوطنية، وقد مر العالم العربي بهذه المراحل في طريق الدعوة إلى الوحدة القومية بعد أن تحقق لأكثر هذه الدول استقلالها السياسي. انظر القاموس السياسي: ص942 «القومية».
أما القومية العربية فهي حركة سياسية فكرية متعصبة، تدعو إلى إقامة دولة موحدة للعرب، على أساس رابطة الدم والقربى واللغة والتاريخ، في مقابل رابطة الدين التي تجمع بين المسلمين كافة، وقد تولدت هذه الحركة من خلال دعاة الفكر القومي الذين ظهروا في أوروبا، ولا يخفى أن أكثر رعاة القومية هم من المستشرقين وتلاميذهم، أمثال ميشيل عفلق وأضرابه. وكانت بدايات الفكر القومي الوطن العربي أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين تمثلت ببعض الحركات السرية أنشأت من أجلها الجمعيات والخلايا في استانبول عاصمة الخلافة العثمانية، ثم أصبحت حركات علنية عبر جمعيات أدبية اتخذت دمشق وبيروت مقراً لها، ثم ظهرت في المؤتمر العربي الأول الذي عُقد في باريس سنة (1912م) كحركة سياسية واضحة الأهداف والمعالم.
وكانت دعوة القومية العربية محصورة في بداياتها في نطاق الأقليات الدينية غير المسلمة، وعدد محدود من المسلمين الذين تأثروا بها، وأصبحت تياراً شعبياً عاماً حين تبنى الدعوة إليها ميشيل عفلق وجمال عبد الناصر وغيرهم، حيث سخروا لها أجهزة الإعلام الواسعة، وإمكانيات الدولة.
كما يعد (ساطع الحصري المتوفى 1968م) داعية القومية العربية وأهم مفكريها وأشهر دعاتها، وله مؤلفات كثيرة تعد الأساس الذي تقوم عليه فكرة القومية العربية، ويأتي بعده في الأهمية النصراني (ميشيل عفلق) أحد مؤسسي (حزب البعث).
ومن أهم مقومات القومية العربية هي: اللغة العربية، والدم، والتاريخ المشترك، والأرض، والآلام والآمال المشتركة، أما الدين فإنه مستبعد من مقومات القومية العربية، وربما يحارب بشراسة؛ لأنه بزعمهم يُفرّق العرب ولا يوحدهم، وفي هذا يقول شاعرهم:
هبوني عيداً يجعل العرب أمة
وسيروا بجثماني على دين بَرهم
سلامٌ على كفر يوحد بيننا
وأهلاً وسهلاً بعده بجهنم
ومن المعروف عن القوميين وأهدافهم ودعواتهم أن غرض الكثيرين منهم الدعوة إلى فصل الدين عن الدولة، وإقصاء أحكام الإسلام عن المجتمع، والاستعاضة عنها بقوانين وضعية ملفقة من قوانين غربية وشرقية، ولا يخفى أن الاستعمار يساعد على وجود هذه الدعوات وذلك لإبعاد المسلمين والعرب منهم خاصة عن دينهم، وتشجيعاً لهم على الاشتغال بقوميتهم، والدعوة إليها.
للتفصيل راجع (موسوعة الفقه: ج105 كتاب السياسة) و(القوميات في خمسين سنة) و(تلك الأيام) للإمام الشيرازي الراحل (قدس سره).
(6) مرت ترجمته.
(7) عبد الكريم قاسم محمد بكر الزبيدي ولد في بغداد عام 1914م. التحق بالكلية العسكرية في 1932م وتدرَّج في الرتب العسكرية، انتمى لتنظيم الضباط الأحرار عام 1956م. قام بانقلاب عسكري عام 1377ه‍ (الرابع عشر من تموز عام 1958م) وأطاح بالحكم الملكي، بعد أن قتل أغلب أفراد العائلة الملكية بما فيهم الملك فيصل الثاني، وأعلن الحكم الجمهوري وشكل مجلس السيادة وترأس مجلس الوزراء إضافة إلى وزارة الدفاع بالوكالة لثلاث دورات، ألغى المظاهر الديمقراطية كالبرلمان والتعددية الحزبية ما عدا الحزب الشيوعي الذي أضحى الحزب المحبب للسلطة، وألغى الحكم المدني وأضحت البلاد خالية من الدستور، تعرض خلال حكمه إلى عدة محاولات انقلابية، تعرض لانقلاب عسكري دبره عبد السلام عارف مع مجموعة من الضبّـاط البعثيين أمثال أحمـد حسن البكر وصالح مهدي عمّاش وغيرهم وذلك عام 1963م، أعدم رميا بالرصاص مع بعض رفاقه في دار الإذاعة.
(8) محمد رضا بهلوي (1919-1980م) شاه إيران (1941م) خلفاً لأبيه (رضا خان) ومستمراً في نهجه الظالم، ثار عليه الشعب، ترك البلاد (1979م) توفي في مصر.
(9) من لا يحضره الفقيه: ج4 ص420 باب النوادر ح5919.
(10) تهذيب الأحكام: ج6 ص218 ب87 ح6.
(11) انظر موسوعة الفقه كتاب الدولة: ج101 و102.
(12) انظر موسوعة الفقه كتاب الاجتهاد والتقليد: ج1.
(13) انظر بحار الأنوار: ج9 وج10 وفيهما أبواب عديدة، منها باب1 احتجاج الله تعالى على أرباب الملل المختلفة في القرآن الكريم، وأبواب احتجاجات الرسول (صلى الله عليه وآله) وتتضمن ثلاثة أبواب، وأبواب احتجاجات أمير المؤمنين(عليه السلام) وتتضمن ستة وعشرين باباً.
(14) (الاحتجاج على أهل اللجاج) لمؤلفه أحمد بن علي بن أبي طالب أبي منصور الطبرسي، فقيه إمامي من علماء القرن السادس الهجري ومن مشايخ ابن شهر آشوب، توفي سنة 588 للهجرة. وقد قال الشيخ آغا بزرك الطهراني عن كتاب الاحتجاج:
فيه احتجاجات النبي (صلى الله عليه وآله) والأئمة (عليهم السلام) وبعض الصحابة وبعض العلماء وبعض الذرية الطاهرة، وأكثر أحاديثه مرسل إلا ما رواه عن تفسير العسكري (عليه السلام) كما صرح به في أوله بعد الخطبة التي أولها: الحمد لله المتعالي عن صفات المخلوقين المنزه عن نعوت الناعتين ـ إلى قوله ـ ولا نأتي في أكثر ما نورده من الأخبار بأسناده؛ إما لوجود الإجماع عليه أو موافقته لما دلت العقول عليه أو لاشتهاره في السير والكتب من المخالف والمؤالف، إلا ما أوردته عن أبي محمد الحسن بن علي العسكري (عليه السلام) فإنه ليس في الاشتهار على حد ما سواه. إلى آخر كلامه الصريح في أن كل ما أرسله فيه هو من المستفيض المشهور المجمع عليه بين المخالف والمؤالف، فهو من الكتب المعتبرة التي اعتمد عليها العلماء الأعلام كالعلامة المجلسي والمحدث الحر وأضرابهما، وقد طبع بإيران مكرراً في سنة (1268هـ) وفي سنة (1300هـ) وفي النجف سنة (1354هـ)، وكتبت له فهرسا على ظهر نسختي لتسهيل التناول منه.
انظر الذريعة إلى تصانيف الشيعة: ج1 ص281 الرقم 1472 الاحتجاج.
(15) راجع كتاب (اللاعنف في الإسلام) و(السبيل إلى إنهاض المسلمين) و(ممارسة التغيير) و(الصياغة الجديدة).
(16) وذلك إبان ما عرف بنكسة حزيران عام 1967م حين احتلت دويلة اسرائيل الغاصبة أراضي أربع دول عربية هي لبنان وسوريا والأردن ومصر وقد نتج عن هذه الهزيمة تغييرات كبيرة في المنطقة. كما حدث في العراق ومجيء البعثيين عام 1968م.
(17) داود خان: محمد داود (1909 ـ 1978م) عسكري ورجل دولة أفغاني، استولى على السلطة إثر انقلاب عسكري قام به في عام (1973م) فأسقط الملكية وأعلن الحكم الجمهوري، ثم سقط وقتل في انقلاب (1978م).
ينتمي إلى الأسرة الملكية التي كانت حاكمة آنذاك. تقلد مناصب مختلفة في القيادة العسكرية وعدة مناصب دبلوماسية، فقد عين سفيراً لبلاده في باريس لعدة سنوات، وفي عام (1950م) استدعي وعين وزيراً للدفاع، ثم رئيساً للوزراء، في عام (1973م) قاد انقلاباً على الملكية ـ على ابن عمه الملك محمد ظاهر شاه ـ وتولى رئاسة الحكومة، ارتبط بعلاقات وثيقة مع الغرب ووطد اتصالاته مع شاه إيران.
اشتره بولائه للسياسة الغربية، وفي عام (1978م) قامت مجموعة من الضباط الصغار الشيوعيين بانقلاب على حكم داود وقد تميز بدمويته، واعتبر الانقلاب حينها حركة موالية للاتحاد السوفيتي لإقامة حكم شيوعي في أفغانستان، وعين (نور محمد طرقي) من قبل الانقلابيين رئيساً للبلاد وكان زعيماً لحزب خلق (الشعب) الأفغاني اليساري الماركسي.
(18) نور محمد طرقي (1917ـ1979م) سياسي ورجل دولة وشاعر أفغاني، من أبرز زعماء الحزب الشيوعي الأفغاني، عمل محرراً في إحدى الصحف اليسارية ثم نائباً لرئيس وكالة الأنباء الأفغانية، وفي عام (1953م) عمل ملحقاً في السفارة الأفغانية في واشنطن، وفي عام (1964م) أسس حزب الشعب (خلق) الأفغاني، وفي عام (1972م) انشقت مجموعة داخل الحزب أطلقت على نفسها اسم (البرشم) أي الراية تزعمها بابراك كارمل، وفي عام (1977م) أعيد توحيد الحزب مما سهل أمام الشيوعيين الاستيلاء على السلطة إثر انقلاب عام (1978م)، وبعد أشهر من الانقلاب أصبح طرقي رئيساً للجمهورية، قتل عام (1979م) على يد (حفيظ الله أمين) الذي كان عينه طرقي نفسه وأعطاه صلاحيات واسعة. وبعد هذا الانقلاب تدخل الجيش السوفيتي في أفغانستان وفرض نظاماً موالياً للسوفيت وضع على رأسه بابراك كارمل عام (1979م).
(19) بابراك كارمال رئيس دولة أفغانستان عام (1979م) ينحدر من أسرة ارستقراطية، درس الحقوق والتحق بوزارة التخطيط. اعتنق الماركسية ودعا لإقامة حكم اشتراكي في بلاده، انتخب عضواً في البرلمان عام (1965م)، كان من مؤسسي حزب (برشم) وهو حزب شيوعي أفغاني. في عام (1977م) اندمج مع حزب خلق (الشعب)، ونقلا نشاطهما إلى السرية في العمل. بعد انقلاب (1978م) عين كرمل نائباً لرئيس مجلس قيادة الثورة ونائباً لرئيس الحكومة من قبل (طرقي). وبعد خلافات مع طرقي أبعد عن أفغانستان. عاد رئيساً للبلاد بفضل التدخل العسكري السوفيتي عام (1979م) وتخلى عن السلطة عام (1986م).
(20) أدولف هتلر (1889-1945م) سياسي ألماني ولد في النمسا، دخل الحزب العمالي الألماني (1919م) وأصبح زعيمه وسماه الحزب الوطني الاشتراكي أي النازي (1921م) حاول القيام بعصيان مسلح في ميونخ عام (1923م) ففشل وسجن، وفي السجن وضع كتابه (كفاحي) عرض فيه مذهبه العنصري العرقي الذي أصبح شعار النازية، أصبح مستشاراً عام (1933م) ثم رئيس الدولة المطلق (1934م)، أقام نظاماً ديكتاتورياً بوليسياً احتل فيه البوليس السري مركز القيادة الإرهابية، أدت به سياسته التوسعية إلى احتلال رينانيا (1936م) والنمسا وتشيكوسلوفاكيا وبولونيا، أشعل الحرب العالمية الثانية عام (1939م) فهزم من قبل قوات الحلفاء وانتحر في برلين عام (1945م).
(21) بنيتو موسليني (1883-1945م) من رجالات الدولة في إيطاليا، أسس الحزب الفاشي واستولى على الحكم عام (1922م)، تحالف مع هتلر ودخلا الحرب معاً، أقصي من الحكم عام (1943م) فأعاده الألمان عام (1944) فقتله الشعب.
(22) فلاديمير إليتش لينين (1870ـ1924م): قائد الثورة السوفيتية النظري والعملي، مؤسس الاتحاد السوفيتي، أضاف إلى النظرية الماركسية دراسات عديدة حتى أصبحت النظرية الماركسية من بعده تسمى: النظرية الماركسية ـ اللينينية. مؤسس الحزب الشيوعي في روسيا السوفياتية، أعاد تنظيم الحزب البلشفي بمساعدة ستالين عام (1917م)، له مؤلفات.
(23) ماوتسه تونغ (1893 ـ 1976م) رجل دولة صيني، من مؤسسي الحزب الشيوعي في الصين، أعلن الجمهورية الصينية الشعبية (1949م)، ثم رئيس الحزب الشيوعي، خالف السوفيت، له عدة مؤلفات منها كتاب الأحمر الصغير.
(24) هوشي منه (1895ـ1969م) سياسي ثوري ورجل دولة فيتنامي، مؤسس ورئيس حزب العمال الفيتنامي ورئيس جمهورية فيتنام الديمقراطي، اسمه الأصلي نغوين ثات ثان، ساهم في بناء الحزب الشيوعي الفرنسي وحضر مؤتمره الأول عام (1922م)، سافر إلى موسكو والتحق بالجامعة الشيوعية، أسس الحزب الشيوعي للهند الصينية عام (1930م)، فشلت محاولته للثورة على الفرنسيين عام (1940م)، قاتل ضد الاحتلال الياباني لبلاده، أعلن جمهورية فيتنام الديمقراطية عام (1946م)، اعترف به الاتحاد السوفيتي والصين عام (1950م)، قاد بلاده في الحرب ضد الولايات المتحدة. رئيس فيتنام الشمالية عام (1954م).
(25) فيدل كاسترو، سياسي كوبي، ولد في (1917م) درس القانون ومارس المحاماة حتى عام (1952م)، بدأ حركة مسلحة ضد حاكم كوبا باتيستا عام (1953م)، ألقي القبض عليه وحكم بالسجن 15عاماً، أفرج عنه بعفو عام سنة (1956م). عاد إلى نشاطه المسلح فعاد إلى العاصمة عام (1959م) وأصبح رئيساً للوزراء. حاولت الولايات المتحدة الإطاحة به عبر وسائل عدة فشلت جميعها بفضل تحالفه مع الاتحاد السوفيتي. ترأس الحركة المتحدة للثورة الاشتراكية عام (1963ـ1965م) وتزعم الحزب الشيوعي الكوبي بعد اتحاده مع حركة كاسترو عام (1965م) وأصبح رئيساً للدولة وقائداً عاماً للقوات المسلحة عام (1976م).

اضف تعليق